الأسد يُسيل لعاب الصين.. ما المقابل الذي ستدفعه بكين؟

الأسد يُسيل لعاب الصين.. ما المقابل الذي ستدفعه بكين؟
تدخل الصين على الملف السوري بطريقة هادئة ودون ضجيج سياسي يؤدي بها إلى مواجهات خصوصا مع حلفاء الأسد المتمثلين بإيران وروسيا، وكذلك الدول الإقليمية ومنها تركيا التي باتت اليوم ركيزة أساسية في الحل السياسي في سوريا، وعلى ما يبدو أنه بعد سنوات من الحرب الشرسة التي استخدم الأسد فيها كل الأوراق السياسية والعسكرية، بات اليوم أمام مأزق جديد لخلط الأوراق وإضافة تعقيدات تمنع الحل السوري، ما دفعه لإثارة شهية الصين هذه المرة للاستثمار في سوريا التي تثير لعاب من يسعى لإعادة الإعمار تارةً، أو اللعب في الأرض التي باتت مرتعاً لكل من يريد المقايضة على ملفات اقتصادية وسياسية. وفي هذا الإطار ترجم موقع أورينت نت من) جريدة جنوب الصين الصباحية - south china morning post) الصينية ما تسعى بكين إليه في سوريا.

"لا تأتي غدا، تعال هذه الليلة"

بعد جولة (الرابطة العربية-الصينية) الرابعة إلى سوريا هذا العام، تستعد بيجين لاستثمار ملايين الدولارات في البلد التي مزقتها الحرب، ويأتي هذا التدخل متزامناً مع تردد القوى الغربية في المساعدة على إعادة إعمار سوريا، حيث تقدر التكلفة بربع ترليون دولار لا ترغب روسيا وإيران بدفعها، وهنا يأتي دور التدخل الصيني. 

نائب رئيس جمعية الصين للصرافة العربية (تشين يونغ)، والذي يسعى إلى القيام برحلته الرابعة إلى سوريا هذا العام، يرى أن هناك اهتماما متزايدا للاستثمار في سوريا بين الشركات الصينية "تأتينا استفسارات على الهاتف كل يوم، الشركات ترى مكانات تجارية ضخمة هناك، لأن البلاد بأسرها تحتاج إلى إعادة بناء"، ويوضح أن الحماس أكثر من جانب النظام السوري الذي يقول لسان حاله " لا تأتي غدا، تعال هذه الليلة."

"النوايا الحسنة" عند بوتين

مع انتهاء الحرب التي استمرت ستة أعوام ونصف العام، وبقاء الأسد في الحكم، تحولت معركة النفوذ في سوريا إلى الساحة الدبلوماسية، إن إعادة الإعمار، التي تقول الأمم المتحدة أنها يمكن أن تكلف 250 مليار دولار أمريكي، تشكل جزءا أساسياً منه.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن فوزه في العملية العسكرية التي استمرت عامين لدعم نظام الأسد، وهو يناشد الأن المجتمع الدولي للحصول على أموال إعادة الإعمار، وقال بوتين في مؤتمره الصحفي السنوي يوم 14 كانون الأول - ديسمبر إن سوريا التي تسببت الحرب فيها بأسوأ ازمه للاجئين في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية ستبقى أرضا خصبة للجماعات المتطرفة مثل الدولة الإسلامية إذا لم تتحسن مستويات المعيشة، وأضاف "يجب على جميع الأشخاص ذوي النوايا الحسنة في جميع أنحاء العالم أن يفهموا انه إذا لم نحل هذه المشكلة معاً فإن الأمر سيكون كذلك".

بطاقة للمفاوضات

الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون والخليجيون العرب، الذين دعموا الثوار السوريين، يقولون إن المشكلة هي إلى حد كبير في بوتين والأسد، حيث خففت هذه الدول الدعوات الموجهة لبشار الأسد لمغادرة الحكم فوراً، لكن روسيا لا تزال تصر على أنه لن يتم تحقيق الاستقرار في البلاد إذا غادر الأسد وأنه بكل الأحوال ليس له مستقبل طويل الأجل في البلاد، وهنا يأتي دور حجب أموال إعادة الإعمار، حيث إن المال، هو أحد البطاقات القليلة التي يمكن التفاوض عليها في محادثات السلام. 

وخلافا للعراق الذي يضخ نحو مليوني برميل من النفط يوميا، حتى في سنوات الأزمة، مباشرة بعد الغزو الأمريكي عام 2003، فإن سوريا لديها قدرة ضئيلة على توليد النقد داخلياً لدفع ثمن إعادة إعمارها بنفسها.

دبلوماسيون في موسكو قالوا إن روسيا ضغطت مرارا على حكومات الاتحاد الأوروبي للمساعدة في دفع تكاليف إعادة الإعمار، إلا أنه في الوقت نفسه، رفضت روسيا دعوات الاتحاد الأوربي لتنحي الأسد في نهاية المطاف، ولم تظهر حكومة الأسد سوى علامات قليلة على الرغبة في تقاسم السلطة.

أوروبا بانتظار استقرار الأمور

خصص كل من الاتحاد الأوروبي والدول العربية والولايات المتحدة 9.7 مليار دولار أمريكي في نيسان - أبريل للمساعدة الإنسانية وإعادة الإعمار في سوريا، لكن وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون قال في أيلول - سبتمبر الماضي أن التحالف المناهض للأسد لن يدعم إعادة الأعمار دون انتقال عملية سياسي.

ألكسندر شويلين رئيس مركز تحليل نزاعات الشرق الأوسط في موسكو قال إن "الأمور قد وصلت إلى طريق مسدود"، وأضاف "أن انتصار روسيا العسكري في سوريا لم يخلق أي تسوية سياسية على المدى القريب".

ويقول فيليب أندري، مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في جمعية الغرف التجارية والصناعية الألمانية، إن هذا ما يبقي الشركات الألمانية بعيدة "لديها القدرة والمنتجات والحافز لإعادة إعمار سوريا" ولكن هذا "لا يمكن أن يحدث بدون اتفاق سلام معترف به دولياً".

أما تيم برول-جيروي المتحدث باسم مجموعة (تيسين كروب - Thyssenkrupp) التجارية، وهي من أكبر شركات إنتاج الصلب في العالم، فيرى أن الشركة ستعود فقط إلى السوق بعد استقرار سوريا.

وتترقب تركيا، التي تنشط صناعة البناء فيها في جميع أنحاء المنطقة، بدء الإعمال، وكان عبد الرحمن عبد الله الزامل رئيس مجلس الغرف التجارية السعودية قال لصحيفة صباح التركية في شباط / فبراير الماضي "تركيا والمملكة العربية السعودية ستعيدان إعادة إعمار سوريا"، غير أن كلا البلدين يدعم المعارضة في سوريا، والنظام يصر على عدم حصول هذه الدول على أي دور في إعادة الإعمار، حتى لو ارادوا ذلك.

عقود لروسيا وإيران

وتنقل الصحيفة عن عبد القادر عزوز، مستشار لنظام الأسد، قوله بانه يمكن العثور على الأموال من السوريين الأثرياء، ومجموعة (بريكس - BRICS) هي من الاقتصادات الناشئة، والمقرضين متعددي الأطراف، لا يسيطر عليهم الغرب. 

وكان نظام الأسد أعلن في العام الماضي عن موافقته على عقود بقيمة 850 مليون يورو لروسيا لإعادة بناء البنية التحتية، ووقعت إيران في أيلول / سبتمبر الماضي اتفاقات بقيمة "مئات الملايين من الدولارات" لإصلاح شبكات الكهرباء. نقلاً عن تلفزيون (Press TV - بريس تي في) الإيراني.

وتقول روسيا أنها وُعدت بعقود أخرى لإعادة بناء منشآت الطاقة السورية، حيث قال ألكسندر لإفرنجيي، مبعوث بوتين إلى سوريا، في مقابلة معه في أنقرة "هناك روسيا وإيران والصين والهند والعديد من الدول الأخرى"، ومع ذلك، اعترف بأن احتياجات سوريا المالية بعد الحرب هي "هائلة".

طريق الحرير القديمhttps://orient-news.net/news_images/17_12/1514043246.jpg'>

وبحسب تقديرات جمعية الصين للصرافة العربية فهناك حوالي 2 مليار دولار من الاستثمارات في هذه المرحلة، وتقول الجمعية إن الشركات التي ترافقها إلى دمشق وحمص وطرطوس بما في ذلك شركة الشاحنات الوطنية الصينية الثقيلة تبحث عن مشروعات لبناء الطرق والجسور والمطارات والمستشفيات واستعادة الكهرباء والاتصالات.

وتقول الصحيفة الصينية بأن هذه العقود ربما تكون مجرد بداية، لأن سوريا تتناسب مع الاستراتيجية الصينية، فسوريا كانت حلقة وصل رئيسية على طريق الحرير القديم، وخطة الرئيس الصيني (شي جين بينغ) الأكثر طموحا تنطوي على بناء طريق حرير جديد. وتهدف مبادرة "الحزام والطريق"، والتي تقدر بمليارات الدولارات، إلى نسج شبكة من الروابط التجارية والنقل الصينية عبر أوراسيا وأفريقيا. 

وكان وزير الخارجية الصيني (وانغ يجي) قال في أيلول – سبتمبر الماضي "ستكون هناك فرصة مهمة للتعاون الثنائي في المستقبل" وذلك أثناء لقائه بوزير خاجية نظام الأسد وليد المعلم.

ويضيف (تشين يونغ)، رئيس جمعية الصرافة العربية، إنه بالنسبة لجميع هذه الرؤى الكبرى، هناك عقبة مباشرة أمام الأعمال الصينية للبدء في سوريا، حيث تم حظر التسويات بالدولار واليورو بسبب العقوبات الأمريكية وعقوبات الاتحاد الأوروبي التي تهدف إلى عزل نظام الأسد عن الاقتصاد العالمي، وهذا مؤشر على أنه من دون التوصل إلى حل وسط بشأن مستقبل الأسد، من المرجح أن تظل سوريا مدمرة جزئيا لسنوات قادمة. 

وتستشهد الصحيفة عن ضخامة الاستثمارات القادمة في سوريا بما قاله روبرت فورد، السفير السابق للولايات المتحدة في دمشق، بإن الصفقات التي طرحت حتى الآن هي مجرد قطرة في المحيط، وعن صفقات إعادة الإعمار الحالية أضاف "نحن نتحدث عن مئات الملايين من الدولارات" فسوريا بحاجة إلى مليارات "والموجود حالياً أقل بكثير مما هو مطلوب لإعادة بناء البلاد، وهو ما يعني أن البلاد لن يتم بناؤها بسرعة كبيرة ".

*عنوان المادة الأصلي: China seeks to take its business to Syria in post-war rebuilding effort

التعليقات (1)

    محمد

    ·منذ 6 سنوات 4 أشهر
    لماذا بشار ال***ر متولي امور الدولة السورية من حين تولا ابوه الواطي خربت سوريا وحافظ الجبان باع الجولان لاسرايل
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات