مظاهرات كردستان.. "ربيع كردي" مرتقب أم تصفية حسابات سياسية؟

مظاهرات كردستان.. "ربيع كردي" مرتقب أم تصفية حسابات سياسية؟
بعد فترة هدوء نسبي شهدها إقليم كردستان العراق امتصّ من خلالها "صدمة" سيطرة قوات بغداد مدعومة بميليشيا الحشد الشعبي على مدينة كركوك الغنية بالنفط والمتنازع عليها مع كردستان العراق، عادت مدن الإقليم لتشهد اضطرابات جديدة، في ظل الانسداد السياسي الراهن، ورفض طرفي الخلاف (بغداد وأربيل) حل مشاكلهما إثر استفتاء الانفصال عن العراق أيلول/ سبتمبر الماضي.

تظاهرات الرواتب

وعمت تظاهرات غاضبة محافظتي السليمانية وحلبجة شمال العراق وأطرافهما لعدة أيام، والتي يسيطر عليها حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، احتجاجاً على عدم صرف رواتب الموظفين والبيشمركة وتدهور الأوضاع المعيشية، وسط مطالبات بإقالة حكومة الإقليم (يهيمن عليها الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني)، والتي اتهموها بالفساد وسوء الإدارة، فيما لم تشهد محافظتا أربيل ودهوك اللتان يديرهما حزب مسعود بارزاني تظاهرات بسبب الانتشار الأمني الكثيف.

تعكس التظاهرات حجم معاناة الأكراد من الأزمة الاقتصادية التي يعيشها الإقليم منذ نحو سنتين جراء قطع رواتب الموظفين وإيقاف الخدمات، رغم وعود حكومة الإقليم بحل هذه الأزمة.

وأقدم المتظاهرون على اقتحام وحرق مقرات الأحزاب الكردية الخمسة وبعض الدوائر الحكومية، كما نظم موظفو بعض الدوائر إضرابات عن العمل، وقام متظاهرون آخرون بغلق الطرق الرئيسية بين السليمانية وكركوك وأربيل. وأعلنت السلطات الأمنية في مدن جمجمال وكفري، حظر التجوال مساءً داخل القضائين بعد وقوع حوادث عنف متبادل أسفر عن سقوط قتلى وجرحى بين المتظاهرين ورجال الأمن.

بغداد تتدخل!

لم تقتصر شعارات المحتجين على الدعوة لصرف الرواتب ورفض تخفيضها، بل امتدت إلى مطالبة رئيس الوزراء حيدر العبادي والبرلمان الاتحادي بالتدخل لحل أزمة الإقليم. 

ورفع بعض المتظاهرين سقف مطالبهم عندما طالبوا برحيل حكومة الإقليم وتشكيل حكومة طوارئ لحل الأزمات التي يعاني منها الإقليم، متهمين الأحزاب الكردية بالفساد والتخلي عن كركوك. بينما أقدم بعض المتظاهرين على حرق العلم العراقي وتمزيقه متهمين بغداد بالمسؤولية مع حكومة الإقليم عن تدهور الأوضاع.

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي حذر الإقليم أن حكومته "لن تقف متفرجة إزاء ما يحدث في كردستان، وأن واجب الحكومة الاتحادية هو حماية المواطنين في جميع محافظات العراق وحماية ممتلكاتهم وممتلكات الدولة". فيما اعتبر تلميحاً إلى إمكانية تدخل قوات بغداد لفرض الاستقرار في الإقليم إذا تدهورت الأوضاع الأمنية فيه. 

وحمّل العبادي مسؤولية ما يجري في الإقليم، للسياسة الخاطئة وقرار الاستفتاء والتفرد به والذي أصر مسؤولو الإقليم على إجرائه، داعياً «"السلطات الأمنية في كردستان إلى احترام حق التظاهر السلمي وحرية التعبير" على حد قوله. أما رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، فأكد أن ما يجري في إقليم كردستان يجب ألا يخرج عن إطار التظاهر السلمي الذي كفله الدستور، داعياً إلى التهدئة والمباشرة بالحوار.

مخارج الحل

الانقسام السياسي والاحتقان الذي تلا سيطرة بغداد على كركوك ونفطها، لا يزال ينعكس على العلاقة بين الحزبين الرئيسيين في الإقليم (الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي) بعد اتهام حزب البارازني غريمه بخيانته والتعاون مع قوات بغداد على تسليم المدينة، خوفاً من إيران التي يرتبط حزب الاتحاد الوطني (حزب الطالباني) بعلاقات جيدة معها بحكم القرب الجغرافي.

وفيما يطالب الاتحاد الوطني الكردستاني بالتفاوض مع بغداد لإيجاد حل لأزمة الإقليم، يعتبر حزب البارزاني أن ما يجري مؤامرة جديدة لزيادة الضغوط عليه وإجباره على تقديم التنازلات لصالح حكومة العبادي.

ويرى الحزب المهمين على السليمانية نفسها (الاتحاد الوطني) ضرورة الموافقة على مقترح قدمته هيئة رئاسة الجمهورية (فؤاد معصوم ونوابه)، ويعتبرها "طرفاً ثالثاً" بين بغداد والإقليم، وضامناً لحل الخلافات.

بغداد تضغط مالياً

قدمت حكومة العبادي قبل أيام مشروع الميزانية الاتحادية لعام 2018 إلى مجلس النواب، والتي جرى فيها تخفيض حصة محافظات إقليم كردستان من 17 إلى 12,6% الأمر الذي اعتبره الأكراد إجراءً عقابياً من بغداد جراء الاستفتاء على الانفصال.

وكانت الأزمة بين أربيل وبغداد قد اندلعت قبل عامين، عندما أوقفت الأخيرة صرف حصة الإقليم من الميزانية، وقامت أربيل بتصدير نفط كركوك والشمال عبر تركيا دون العودة إلى الحكومة الاتحادية، إلا أنها تزايدت بعد الاستفتاء على الانفصال، وقيام قوات بغداد منتصف شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بالسيطرة على كركوك.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات