اليونانيون يرحبون باللاجئين وفي نيتهم رد الجميل للسوريين!

اليونانيون يرحبون باللاجئين وفي نيتهم رد الجميل للسوريين!
رغم الظروف الاقتصادية الصعبة والأزمة المالية، يلقى اللاجئون الترحيب من اليونانيين. وتعد اليونان محطة مؤقتة للاجئين في رحلتهم إلى غربي أوروبا والدول الإسكندنافية. لكن التدفق الكبير للاجئين على البلد الذي يعاني من أزمة اقتصادية ومالية ونسبة بطالة مرتفعة مقارنة بدول الاتحاد الأوروبي الأخرى، أثار مخاوف فئة من اليونانيين رغم ترحيب الأغلبية العظمى منهم باللاجئين وتفهم ظروفهم.

فيليبوس فيليوس، مدير مركز إيواء اللاجئين بمدينة يوانينا شمال غربي اليونان، يعتبر واحداً من المسؤولين اليونانيين الأكثر ترحيباً باللاجئين وتعاطفا معهم. 

ويشعر المسؤول اليوناني بالتزام خاص تجاه اللاجئين عامة والسوريين خاصة. ولدى سؤاله عن سبب ذلك قال لموقع مهاجر نيوز: "لجأ أهلي إلى سوريا وبالتحديد إلى مدينة حلب مع آلاف اللاجئين اليونانيين أثناء الاحتلال النازي بين عامي 1942- 1944 خلال الحرب العالمية الثانية".

ويتابع فيليوس الذي كان يعمل طبيباً وعمدة المدينة سابقاً، سارداً قصة لجوء عائلته "عقد والدي قرانهما في الخامسة مساء وبعد ساعة فقط كان عليهما صعود السفينة والهرب إلى تركيا عبر البحر، ومن هناك إلى حلب حيث أقاموا في مخيم اللاجئين".

لكن إقامة أهله لم تطل في حلب، فبعد أن عرف الحلفاء أن والده طبيب تم نقله مع زوجته إلى مدينة بور سعيد المصرية ليقيم هناك في فندق ويعمل طبيباً، حيث كانت هناك حاجة كبيرة للأطباء والممرضين.

وعلاوة على الجانب الإنساني، يرى فيليبوس أن اللاجئين مفيدون اقتصادياً أيضا للمنطقة، فقد "تم توفير 400 فرصة عمل لدينا من خلال اللاجئين ورعايتهم". 

أما عن العلاقة بين اللاجئين وسكان المدينة فيقول "لا توجد مشاكل بينهم ولم تقع حوادث أو مشاكل تذكر"، ويضيف بأن الأهالي "يعاملون اللاجئين بشكل جيد ويرحبون بهم، وكل ذلك يساعد على اندماجهم في المجتمع".

أهلا باللاجئين ولكن!

ولمعرفة رأي الأهالي وموقفهم من اللاجئين، يمكنك لقاء بعض اليونانيين وسؤالهم عن رأيهم بتدفق اللاجئين، يقول رجل يوناني مسن (82 عاما)، رفض الكشف عن اسمه: "المجتمع يقبل ويرحب باللاجئين رغم صعوبة الوضع في اليونان التي لا تستطيع أن تستقبل اللاجئين وتتحمل أعباءهم وحدها". 

ليس كبار السن وحدهم، ولكن الشباب أيضا مثل معظم أفراد المجتمع ينظرون بشكل إيجابي إلى اللاجئين. وقد أكدت ذلك شابة (22 عاما) بقولها إن اليونان "ترحب باللاجئين وتستقبلهم وهي تبذل قصارى جهدها من أجل ذلك. لكن الوضع ليس جيدا بسبب الأزمة التي تعاني منها البلاد".

وأضافت أن مواقف ومشاعر الناس تجاه اللاجئين هنا مختلفة، وعلى ذلك علق شاب في أواسط العشرينات من العمر بأن "كثيرا من اليونانيين يخافون من اللاجئين بسبب الهجمات الإرهابية. ولكن هؤلاء الخائفون أقلية بسيطة. وهذه الأقلية تخشى على هوية اليونان من اللاجئين الذين يشكلون خطراً على هوية البلاد حسب رأيهم".

تعرفت على يوناني وتزوجته

في بلدة كونيتسا القريبة من الحدود الألبانية، يشرح مدير مركز إيواء اللاجئين، أندرياس ديفوس، العلاقة بين اللاجئين وسكان البلدة بأنه لا توجد مشاكل بينهم وإن اللاجئين "يريدون الحصول على حق اللجوء والعمل". 

وللدلالة على حسن العلاقة بين السكان واللاجئين والترحيب بهم، ذكر لنا قصة امرأة سورية لجأت إلى البلدة مع طفلتها وتعرفت على رجل يوناني ثم تزوجت منه وهي تعيش الآن معه في البلدة.

اللاجئون بدورهم أكدوا حسن معاملة السكان لهم والترحيب بهم، ويقول حازم الحسين من مدينة دير الزور: "الناس في كونيتسا طيبون جدا ويرحبون بنا ويعاملوننا كأننا من أهل المنطقة، أذهب إلى البلدة وأتمشى فيها مع أولادي بكل ارتياح".

في الجهة الأخرى من البلاد، وتحديداً مدينة كافالا شمال شرقي البلاد، يوضح الصحفي جورج كارنيكاس العلاقة بين اللاجئين وسكان المدينة، التي تم تحويل جزء من ثكنة عسكرية سابقة بالقرب منها إلى مخيم يأوي أكثر من 300 لاجئ. 

يؤكد كارانيكاس أن السكان يرحبون باللاجئين، وهم "مسالمون ويحترمون السكان والنظام العام. ومن يثيرون مشاكل، معروفون وهم مجموعة صغيرة جدا تتألف من عدة أشخاص"، مشيرا إلى أن الجزء الأكبر من سكان مدينة كافالا نفسها لاجئون أصلاً أتوا بعد معاهدة لوزان وتبادل السكان بين تركيا واليونان في بداية عشرينيات القرن الماضي".

لكن ليس كل سكان كافالا كما باقي المدن يرحبون باللاجئين، فمنهم من ينظر بشكل سلبي إليهم ويتعامل معهم "بعنصرية" حسب رأي الشاب عبد الرحمن الظفيري (17 عاما) في مخيم كافالا، الذي قال لمهاجر نيوز: "صحيح أنه ليست هناك مشاكل مع اليونانيين، ولكن حين نذهب إلى المدينة نواجه من البعض بنظرات غريبة تنم عن كراهية تجاهنا".

ثمن التعاطف مع اللاجئين!

أثناء الحديث مع اللاجئين في مخيمات ومدن مختلفة عن علاقتهم وتواصلهم مع اليونانيين، أكدوا أنهم يريدون التواصل معهم وإقامة علاقات وصداقات معهم. 

لكن المشكلة تكمن في حاجز اللغة التي تحول دون ذلك، وفي هذا السياق يقول محمد أحمد (17 عاما) من الحسكة والذي يقيم في مخيم إليوناس في العاصمة أثينا، إنه يشعر بالتعب النفسي والملل الشديد ويتجول في الشوارع "ليمضي الوقت"، مضيفا أن اليونانيين "شعب طيب. لكن لا نستطيع التواصل معهم بسبب اللغة". 

في حين أن الشاب الأفغاني روح الله (22 عاما) ويقيم مع محمد في نفس المخيم، يمضي وقته بشكل مختلف ويقول: "أمارس الرياضة في أحد النوادي وألعب كرة القدم في المخيم، ولدي أصدقاء يونانيون في النادي".

ويضيف بأنه بدأ تعلم اليونانية ويريد أن يبقى في اليونان ولا يغادرها إلى بلد آخر مثلما يتمنى معظم اللاجئين الذين يريدون السفر إلى أحد البلدان الأوروبية الأخرى التي يحلمون بها وخاصة ألمانيا والدول الإسكندنافية.

ديميترا كيرانودي، المحررة في القسم اليوناني لدى DW، والتي كانت ضمن فريق مهاجر نيوز أثناء زيارة مخيمات اللاجئين، أكدت أن هناك بين اليونانيين من يكرهون اللاجئين ولا يرحبون بهم ويتخذون موقفا "عنصريا" منهم، ويقولون إن "على اليونان أن تستثمر الأموال وتنفقها على أبناء البلد وليس على اللاجئين".

وتقول كيرانودي، إن هؤلاء ينشطون على فيسبوك ويكتبون "تعليقات عنصرية معادية للمهاجرين بشكل عام وينظرون إليهم كأناس من الدرجة الثانية". 

وتضيف بأنهم "يشتمون ويهددون ويحرضون على العاملين في المنظمات الإنسانية والصحفيين الذين يكتبون عن اللاجئين وأوضاعهم ومعاناتهم". وتشير إلى أنها هي أيضاً كانت هدفا للكثير من "التعليقات المتضمنة تهديدات وشتائم" بعد كتابتها عن معاناة وقصص اللاجئين.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات