واشنطن بوست: هل يستطيع ترامب فعلاً الخروج من سوريا؟

واشنطن بوست: هل يستطيع ترامب فعلاً الخروج من سوريا؟
كتب (ايشان ثارور) محلل العلاقات الخارجية في صحيفة "واشنطن بوست" عن مصير الوجود الأمريكي في سوريا، بعد التصريحات الأخيرة المتضاربة للرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) بين الانسحاب أو تمديد عمل القوات الأمريكية.

وأشار (ثارور) إلى أنه وعلى الرغم من تراجع سيطرة تنظيم "داعش" عن معظم المناطق التي كان يسيطر عليها سابقاً، إلا أن المسؤولين العسكريين الأمريكيين يتحدثون عن الاستمرار في مسارهم الحالي، لدعم المناطق التي كانت تخضع لسيطرة التنظيم. حيث نشرت وكالة "الأناضول" قيام الولايات المتحدة ببناء قاعدتين عسكريتين جديدتين في شمال سوريا.

ولم يخف (ترامب) حرصه الشخصي على التقليل من الالتزامات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط. فخلال تجمع حاشد في ولاية أوهايو، قال متفاخراً "لقد هزمنا داعش بشدة " وأضاف قائلاً "سنخرج من سوريا، قريباً جداً". وفي مؤتمر عقد في البيت الأبيض، أعرب عن أسفه، لأن الولايات المتحدة "لم تحصل على شيء من أصل 7 تريليون دولار، أنفقوا في الشرق الأوسط على مدار الأعوام السبعة عشر الماضية".

هل هذا قرار لا عودة عنه؟

يرى (ثارور)، أن (ترامب) عرضة لأن يغير رأيه في أي وقت، فهو ببساطة لا يتابع تصريحاته. فمثلا، تحسر على ما يبدو أنه تورط أمريكي لا نهاية له وغير مثمر في أفغانستان، مع ذلك وجه بزيادة عدد القوات العسكرية هناك، في العام الماضي. حيث يميل (ترامب) إلى التعبير عن الأشياء التي تسيطر على تفكيره. كما كرر هذا الأسبوع أن الدول العربية مثل السعودية يجب أن تعوض الولايات المتحدة عن وجودها العسكري في المنطقة، كما لو أن الجنود الأمريكيين كانوا تقريباً مرتزقة للتأجير.

ومع ذلك، بدا (ترامب) يوم الأربعاء، بأنه اتخذ موقفاً واضحاً بعد الاجتماع مع كبار المسؤولين في إدارته. حيث أكد بيان للبيت الأبيض أن "المهمة العسكرية. في سوريا وصلت إلى نهاية قريبة، مع قرب تدمير داعش بالكامل تقريباً" وأضاف البيان أن الولايات المتحدة وحلفاءها "سيبقون ملتزمين بالقضاء على الوجود الصغير لداعش، في المناطق التي لم يتم استئصاله بها" لكن مع ذلك يضيف (ثارور)، لم يتطرق البيان إلى كيفية إحلال السلام في سوريا، تاركاً المسألة بيد اللاعبين الأخيرين: " نتوقع من دول في المنطقة وخارجها، بالإضافة إلى الأمم المتحدة، أن تعمل من أجل السلام وتضمن عدم عودة داعش إلى الظهور من جديد".

ويشير (ثارور) إلى الراي الذي نشرته (كارين دي يونج) في الصحيفة في وقت لاحق، حيث قالت في تعليقها على قرار (ترامب) "يمكن القول، غن ترامب يقوم بالفصل بين رغبته بالخروج السريع، والأخذ بعين الاعتبار عدم ترك فراغ في سوريا، من خلال الإيعاز برحيل مشروط، مرتبط بتدمير داعش، بدون تحديد توقيت لهذا الخروج، بحيث بترك مساحة للمناورة، لمناقشة ما يقصد بتدمير داعش".

مقدار الانسجام مع المسؤولين الكبار في الإدارة

 

وبحسب (ثارور) فإن الخطاب الذي ألقاه (ترامب) في البيت الأبيض لا يزال يتناقض مع تصريحات كبار المسؤولين الأمريكيين المنخرطين في القتال ضد "داعش"، والذين لا يظهرون أي دلالات على قرب موعد انسحابهم قريباً. 

وقال الجنرال (جوزيف فوتيل)، رئيس القيادة المركزية الأمريكية، أمام تجمع في المعهد الأمريكي للسلام في واشنطن إن "الجزء الصعب في سوريا أمامنا" وأشار إلى "تثبيت الاستقرار، في هذه المناطق، وتعزيز مكاسبنا، بالإضافة إلى إعادة الناس إلى منازلهم، ومعالجة قضايا إعادة الإعمار على المدى الطويل وغيرها من الأمور التي يجب القيام بها"، مضيفاً  "أن هناك دورا عسكريا في هذه المهام".

ووافق (بريت ماكغورك)، المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الأمريكية في التحالف ضد "داعش". قائلاً ضمن نفس الحدث: "لم ننته بعد وعلينا العمل على بعض القضايا الصعبة حتى في الوقت الذي نتحدث فيه".

وتشمل هذه القضايا الصعبة، يقول (ثارور)، التعقيد الشديد المتمثل في إنهاء الحرب الواسعة في سوريا. حيث التقى قادة كل من تركيا وروسيا وإيران في أنقرة، يوم الأربعاء في الجولة الأخيرة من المحادثات حول مستقبل سوريا. فتركيا، والتي تعد من أشد المعارضين لنظام (بشار الأسد)، ارتبطت بأحد أطراف الحرب على عكس مصالحها وتحاول إيجاد أرضية مشتركة مع رعاة (الأسد). فالأتراك أيضا غاضبون من الدعم الأمريكي المستمر للفصائل الكردية السورية التي تعمل على طول حدودها.

صدى قرار الانسحاب

 

بالنظر إلى الوقائع المعقدة للحرب في سوريا، يرى (ثارور) أنه لا يمكن لوم (ترامب) بسبب رغبته في إخراج الولايات المتحدة من سوريا حالما يتم الإعلان عن نهاية "داعش".

ويشير (ثارور) إلى الافتتاحية التي نشرتها هيئة التحرير في الصحيفة في وقت لاحق، حيث نوهت أن "سحب 2,000 جندي أمريكي قد يسمح لداعش، والذي يسيطر على 7% من الأراضي السورية بالعودة مجدداً، ومن المؤكد أنه سيسمح لإيران بالسيطرة على شرق سوريا، لإنشاء جسر بري من طهران إلى دمشق وبيروت من شأنه أن يزيد الخطر على إسرائيل".

 

وحتى الآراء التي وردت في برنامج "فوكس والأصدقاء" الذي يبث على شبكة "فوكس نيوز" والذي يحرص (ترامب) بحسب تقارير على متابعته، حثته على التحلي بالصبر والحزم، كما أن مؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن حذرت من الخروج من المعركة ضد "داعش" في وقت مبكر. 

وعبر المحلل (ايلي ليك) المحسوب على المحافظين الجدد في عموده الصحفي بـ "بلومبيرغ"، عن خشيته من منح المزيد من الأراضي لإيران، إلا أنه مع ذلك أكد أن "أفضل سبب" للبقاء في سوريا هو "السبب الإنساني".

حيث كتبت (ليك): “لقد قتل هذا الجزار – في إشارة منه للأسد -  بما فيه الكفاية. ويجب أن يدفع الثمن، لمنعه من قتل المزيد وكرسالة إلى الجزارين الآخرين الذين يراقبونه".

الاعتبارات الإنسانية

وبحسب (ثارور) فأنه من غير المحتمل أن يتأثر (ترامب) بمثل هذه الاعتبارات. حيث عمد في الأسبوع الماضي، على تجميد نحو 200 مليون دولار من أموال المخصصة لمساعدة سوريا، وهو المبلغ الذي تحتاجه الرقة بشدة، عاصمة دولة الخلافة السابقة، حيث دمر حوالي 80% من المدينة وتحول إلى ركام بفضل حملة قصف لا هوادة فيها أجازها البيت الأبيض.

ولم يعرف بعد حجم الخسائر البشرية في الأرواح، إلا أن عمال الإغاثة يتحدثون عن رائحة جثث متحللة تخرج من تحت الأنقاض. حيث سحبوا أكثر من 300 جثة بين شباط وأذار، مع تزايد المخاوف من انتشار المرض مع اقتراب الصيف.

ويختتم (ثارور) بالشهادة التي قدمها أحد عمال الإغاثة لموقع "سوريا دايركت" بقوله "بغض النظر عما نقدمه لهذه المدينة، سنبقى دائماً عاجزين، لأن البلد ممزق".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات