واشنطن بوست: خلافات داخل البيت الأمريكي حول الانسحاب من سوريا

واشنطن بوست: خلافات داخل البيت الأمريكي حول الانسحاب من سوريا
عبر نواب من أكبر حزبين في الولايات المتحدة عن قلقهم، بسبب الخطط التي يرسمها الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) لسحب القوات الأمريكية من سوريا، خاصة في ظل غياب ما يعتبرونه استراتيجية فعالة تحقق الأهداف الأمريكية هناك، وذلك وفقاً لتقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست".

وأصر النواب في الكونغرس (الخميس) على معرفة الاستراتيجية التي تحاول إدارة (ترامب) تنفيذها، وذلك خلال لقائهم كبار المسؤولين في وزارة الخارجية عن الشرق الأوسط وروسيا. حيث أشارت الصحيفة إلى إلحاح النواب للحصول على إجابة من المسؤولين، فيما بتعلق بأهداف الولايات المتحدة المعلنة عن هزيمة تنظيم "داعش"، وبناء سوريا مستقرة بدون (الأسد) وإبعاد رعاته الروس والإيرانيين عن سوريا.

وقال (إدوارد رويس) رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب "بما أننا قلنا كفى، وننوي الانسحاب والعودة إلى بلادنا، يجب أن نعود بذكاء، وبتركيز، العزم في الشرق الأوسط يجب أن يكون نهجنا" مضيفاً "نحن بحاجة إلى الحديث عن الاستراتيجية التي تعدها الإدارة".

وفي وقت سابق من يوم الأربعاء، قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ (بوب كوركر) إنه مقتنع بأن (ترامب) "يخطط لمغادرة" سوريا، على الرغم من النصائح العديدة التي تلقاها من كبار مساعديه في الأمن القومي.

"مع ذلك، لا أرى أن الإدارة الحالية، تحاول بأي حال من الأحوال، الربط بين ما يحدث على الأرض وصلة ذلك بالنظام" قال (كوركر) في تصريح آخر له.

وتأتي تعليقات النواب هذه، بعد أن أطلعوا على الملخص العسكري السري، خلال جلسة مغلق في ليلة الثلاثاء، بحسب ما نقلت الصحيفة عن السيناتور (ليندسي غراهام).

مع عدم وجود استراتيجية عسكرية أو دبلوماسية، قال (غراهام) للمراسلين، يعني ذلك أن الإدارة تنوي تسليم سوريا "للأسد وروسيا وإيران".

وقال السناتور (كريستوفر كونس) بعد نهاية الجلسة، إن "ما هو أسوء من الخطة السيئة، هو عدم وجود خطة تتعلق بسوريا من الأساس، لقد فشل الرئيس وإدارته في تقديم خطة متماسكة للمضي قدماً إلى الأمام".

تركة أوباما

وتأتي هذه التصريحات الغاضبة من الكونجرس، خصوصاً بين صفوف النواب الجمهوريين البارزين، بعد حالة عدم الوضوح التي ظهرت في الأحداث الأخيرة والتي أدت إلى تفاقم المخاوف المتواجدة أساسا منذ فترة طويلة فيما يتعلق في سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا. 

وتشير الصحيفة، إلى أنه وإلى حد ما، بدأت هذه المخاوف تحت الإدارة السابقة، عندما أعلن (باراك أوباما) عن دعمه للثوار الذين يسعون للإطاحة بـ (الأسد)، وامتنع بالوقت نفسه عن تقديم مساعدة كبيرة لهم، ثم أخفق مجدداً في تنفيذ تهديده باتخاذ إجراء عسكري إذا ما قام (الأسد) باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد شعبه.

وكان (ترامب) قد وعد خلال حملته الانتخابية، بإنهاء مشاركة الولايات المتحدة في حروبها الخارجية، ومع ذلك فقد صعد بحسب الصحيفة الحملة العسكرية الموجهة ضد تنظيم "داعش" في العراق وسوريا، معطياً الجيش الأمريكي صلاحيات أوسع من (أوباما) لقتال التنظيم في البلدين.

وتضيف الصحيفة، بما أن (ترامب) أعلن أنه وخلافاً لـ (أوباما)، سيستخدم القوة العسكرية لمعاقبة وردع (الأسد) عن استخدام الأسلحة الكيماوية، كما فعل في العام الماضي وكذلك في وقت مبكر من هذا الشهر، فإنه يواجه نفس المعضلة التي واجها سلفه حول مستقبل سوريا ودور الولايات المتحدة.

وحتى في الوقت الذي استطاعت فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها تدمير تنظيم "داعش" إلا أن (الأسد) بحسب الصحيفة وبمساعدة كبيرة من روسيا وإيران - قد قضى على الثوار ويقترب من الفوز في الحرب السورية. 

وبحسب تأكيد مسؤولين كثر في الإدارة والكونغرس، فإن بقاء (الأسد) في السلطة يعني سوريا مقسمة وغير مستقرة وتواجه خطر اندلاع العنف في أي وقت، حيث يشعر حلفاء الولايات المتحدة، بما في ذلك إسرائيل ودول الخليج، بالقلق من سيطرة (الأسد) وموسكو وطهران على أمن المنطقة بأكملها.

استراتيجية ما بعد داعش

تشير الصحيفة إلى أنه وحتى وقت قريب، كانت خطة الإدارة لبناء مستقبل سوريا، تتألف من شقين. تحرير الشمال والشرق السوري بمساعدة مقاتلين محليين أكراد وعرب، ومن ثم تحويل هذه المناطق بعد تأمين استقرارها إلى حصن لمواجهة (الأسد) وحلفائه وتأمين نفوذ لها في أي مفاوضات. مع بقاء القوات الأمريكية هناك بهدف تأمين المناطق وإظهار جدية الولايات المتحدة.

وكان وزير الدفاع (جيم ماتيس) قد قال في تشرين الثاني "سنحرص على أن نهيئ الظروف المناسبة لإيجاد حل دبلوماسي" مضيفاً "لن نقوم بخوض الحرب العسكرية، ونقول حظ سعيد لكم فيما تبقى".

وبدا أن (ترامب) قام بالابتعاد عن هذا الهدف في الأسابيع الأخيرة، عندما قال مسبباً الدهشة حتى لعدد من المسؤولين في إدارته، أنه يخطط لسحب القوات الأمريكية بعد هزيمة الجيوب المتبقية لتنظيم "داعش". 

بالمقابل، طلب (ترامب) بحسب الصحيفة مساهمات عسكرية ومالية من شركاء الولايات المتحدة الإقليميين، وخاصة دول الخليج، حيث طالبهم بإرسال القوات العسكرية ودفع تكاليف عمليات الاستقرار.

وتشير الصحيفة إلى أن دول الخليج مستعدة لتقديم التمويل، إلا أنها مترددة في نشر قواتها العسكرية، بسبب التحديات التي يمكن أن تواجهها لإدارة مثل هذا النوع من العمليات العسكرية والتي ربما لا تتوفر لديها.

عبئ على الكونغرس

في غضون ذلك، بدا (ترامب) أنه مستعد للضغط على روسيا لمنع (الأسد) من استخدام الأسلحة الكيميائية وغيرها من الفظائع التي يرتكبها، إلا أن ذلك قد تغير كلياً عندما تم التراجع عن إعلان (نيكي هيلي)، السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة، بعد أن أعلنت عن نية الإدارة الأمريكية فرض عقوبات اقتصادية جديدة على موسكو. حيث تشير الصحيفة إلى أن (ترامب) تدخل شخصياً لكبح هذه الإجراءات والتي تهدف لمعاقبة روسيا وذلك لدعمها نظام (الأسد).

"بعد أن تجاوز الرئيس شخصياً خطة إدارته الخاصة لفرض عقوبات على روسيا بسبب دعمها للأسد" يحتاج الكونجرس إلى "الضغط باتجاه تشريع يفرض عقوبات جديدة على كل من روسيا وإيران" قال السيناتور (إليوت إنجل) العضو الديموقراطي البارز في لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس، خلال جلسة الاستماع التي عقدتها اللجنة يوم الأربعاء.

وأضاف (إنجل): "من الواضح جداً عدم التماسك" في إشارة منه لخطة (ترامب) تجاه سوريا، مضيفاً "لم احبس أنفاسي بعد، إلا أنني ما زلت آمل أن تجلب لنا الإدارة خطة من شأنها أن تدفع باتجاه إنهاء العنف، الأمر الذي من الممكن أن يسهل الانتقال السياسي، ويساعد على إرساء الأساس لسوريا في المستقبل بدون أن يكون لبشار الأسد أي دور على الإطلاق".

رغبات بدون خطط

وبينما تتوسط الأمم المتحدة للتوصل إلى حل في البلاد أبعدت الولايات المتحدة وحلفائها منذ العام الماضي عن محادثات السلام، حيث تسيطر روسيا حالياً على المفاوضات الوحيدة التي تجري حول مستقبل سوريا.

وفي شهادته أمام الكونغرس، قال (ويس ميتشيل)، مساعد وزير الخارجية الأمريكية لأوروبا "في الأيام والأسابيع المقبلة، ستقوم الولايات المتحدة وحلفاؤها بتفكيك ودحر داعش ودعم استقرار سوريا، والحد من انتشار نفوذ إيران الخبيث" ومع ذلك تشير الصحيفة، أنه لم يكن لدى (ميتشيل) أو (ديفيد ساترفيلد)، مسؤول الخارجية في الشرق الأوسط، والذي جلس إلى جانبه، أي تفصيل لتحقيق هذه الأهداف.

وقال (روس) إن المسؤولين في الشرق الأوسط يعبرون دائماً عن قلقهم من التوسع الإيراني في المنطقة عندما يلتقون بالنواب الأمريكيين، ما يردون معرفته هو "هل سنسمح لإيران، بتهديد الأردن وإسرائيل؟ هل يعني هذا نهاية لبنان كدولة مستقلة؟ ما الذي يعنيه كلامك لشركائنا وحلفائنا في المنطقة؟". 

"ما هي الاستراتيجية؟" سأل (رويس)، "ما هي استراتيجيتنا، وخاصة في سوريا؟".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات