هل العلاقات التركية الروسية في طريق التحول والمفاجآت؟

هل العلاقات التركية الروسية في طريق التحول والمفاجآت؟
شكلت "خارطة الطريق" التركية الأمريكية في مدينة منبج شمال سوريا وفقاً لمختصين "انعطافة" في العلاقات "المتعثرة" بين الجانبين والتي شهدت توتراً وصلت حد استدعاء سفراء البلدين، لا سيما في ظل الإصرار الأمريكي على الاستمرار في دعم ميليشيا "قسد" التي تشكل "الوحدات الكردية" عمودها الفقري، والتي تعتبرها تركيا "تنظيمات إرهابية".

آراء متباينة لمحللي ومختصي العلاقات الدولية حول ما شهدته علاقة البلدين مؤخراً، فيما إذا كان التطور بين الأخيرة محاولات أمريكية لإبعاد تركيا عن المعسكر الروسي الإيراني، أو أوراق ضغط وقوة بيد أنقرة أثمرت في اخضاع الشركاء في حلف (ناتو)، لا سيما ما يجري في سوريا، عدا عن الصفقات المعلقة بين الجانبين جراء السياسة الأمريكية المتبعة في البلد الذي مزقته الحرب.

تجميد التوتر

يؤكد المحلل السياسي والمختص بالعلاقات الدولية الدكتور (سمير صالحة) لأورينت نت، أن هناك محاولات لتخفيف هذا التوتر في العلاقات الحاصلة بين الطرفين، رافضاً تسمية التطورات الأخيرة بـ "التقارب" بل هو محاولة لـ"تجميد هذا التوتر" والسبب أن هناك ملفات وأزمات عدة عالقة بين الطرفين على المستوى الثنائي والإقليمي.

وشهدت العلاقات الثنائية بين البلدين أمس الأول تطوراً جديداً تمثل في تسليم طائرات (إف 35) المتطورة لتركيا، وهو ما رأى فيه المحلل السياسي التركي أنه لا يعدو سوى "تعهد قديم ومعروف" وقد شابه تعثرات كثيرة كقرار الكونغرس الأمريكي بتجميد هذه الصفقة، جراء مضي أنقرة في صفقة صواريخ (اس 400) الروسية، وهذا يعني أن المسألة لم تحسم بعد، وأن الكرة الآن في ملعب الرئيس الأمريكي فيما يتعلق تنفيذ هذه الصفقة، ويرى "الصالحة" أن العلاقات بين الطرفين ستبقى على حالها ولن تتأثر بقرار صفقة الطائرات.

وتحاول كل من موسكو وواشنطن جذب تركيا إلى صفها من خلال ملفات مرتبطة بكلا الجانبين، لا سيما فيما يتعلق بالوجود الأمريكي في سوريا والدعم المقدم للميليشيا التي تعتبرها أنقرة "تنظيمات إرهابية" عدا عن العلاقات الاقتصادية. بالمقابل يرتبط الاتراك بعدد من الاتفاقيات الموقعة مع الروس فيما يسمى "مناطق خفض التصعيد" داخل سوريا، وما هو معلق من تفاهمات بين الجانبين حول إدلب وتل رفعت وصفقة الصواريخ (إس 400).

نقاط القوة التركية

وفي الوقت الذي من المفترض أن يكون الجانب الأمريكي شريك وحليف لأنقرة، وفقاً لصالحة؛ إلا أن تعدد "الأزمات بين الجانبين" دفع روسيا لاستغلال هذا التوتر، وقد نجحت موسكو في هذا الأمر خلال العامين الأخيرين، على حد قوله، كما أن ما هو حاصل في العلاقات بين كل من الروس والأمريكان لا يعني أن أنقرة وضعت كل "البيض في السلة الروسية" والأهم من كل ذلك هو أن روسيا تعلم أن أنقرة لن تتخلى عن حليفها الأمريكي بهذه السهولة.

ويمتلك الأتراك كثيرا من نقاط القوة في حماية وتحصين علاقاتها مع كل من الروس والأمريكيين، أهمها الموقع "الجيواستراتيجي" الذي تتمتع به تركيا، ومركز لنقل الطاقة (البترول والغاز) عدا عن الملفات المشتركة بين الروس والأتراك، لا سيما في حوض البحر الأسود ودخول الروس إلى المياه الدافئة شرق المتوسط، وبالنسبة للعلاقة بالجانب الأمريكي، فالأخير لا يمكن أن ينسى أن تركيا القوة الثانية في حلف الشمال الأطلسي، والأهم من ذلك ما تمثله تركيا كلاعب إقليمي رئيسي في منطقة الشرق الأوسط.

علاقات آنية

وحول تأثر العلاقات الروسية التركية في سوريا على وجه الخصوص، يقول الصحفي السوري (أيمن محمد) لأورينت نت: "أعتقد أن العلاقات التركية الروسية آنية في سوريا وليست استراتيجية؛ فاتفاق أستانا هو الجامع الوحيد بين الروس والأتراك، وقد حقق فيه الطرفان جملة من التفاهمات حول تسليم المناطق للنظام وخاصة المحاصرة منها، مقابل السماح لتركيا لإطلاق عمليتي غصن الزيتون وقبلها درع الفرات".

و"كما أن الروس استفادوا من تفاهمات أستانا، استفادت كذلك تركيا لمنع تأسيس كيان لحزب الاتحاد الديمقراطي المدعوم أمريكياً عل طول حدودها الجنوبية مع سوريا" يقول (المحمد).

ويستطرد في حديثه لأورينت نت "حاليا وفي أي لحظة من المتوقع انتهاء تفاهمات أستانا، بعدما حققت تركيا ما تريد وكذلك بالنسبة لروسيا" ولا يستبعد أن ما حصل من تفاهمات بين الأتراك والأمريكيين إلا تأكيداً على وجهة نظره في تطور العلاقات المستقبلية "فأنقرة وبعد الانتهاء من عملية غصن الزيتون في عفرين، بدأت التواصل مع الجانب الأمريكي لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه مع واشنطن بعد عبور الوحدات الكردية التي تقود قوات سوريا الديمقراطية غرب نهر الفرات في مدينة منبج وبسط سيطرتهم عليها".

الخاسر الوحيد

ويرى (المحمد) أن "الخاسر الوحيد في جميع تفاهمات الروس والأتراك من جهة، والأمريكان والأتراك من جهة ثانية هو حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي سيخسر مزيداً من المناطق بموجب صفقات بين تركيا والدول الفاعلة في الملف السوري".

وينوه بالقول: "بدورها مازالت روسيا تتمسك بورقة تل رفعت في وجه تركيا والتي من المتوقع أن تبرم اتفاقا مماثلا لاتفاق تركيا في منبج مع الأمريكيين" حيث أن "لكل اتفاق بين الأطراف الفاعلة في الملف السوري مقابل ولن يكون دون ثدفع ثمن".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات