ما الشروط التي يفرضها نظام الأسد على المستأجرين في ضواحي دمشق؟

ما الشروط التي يفرضها نظام الأسد على المستأجرين في ضواحي دمشق؟
باتت الموافقات الأمنية تؤرّق حياة المدنيين القاطنين بمناطق سيطرة نظام الأسد وخاصة بالعاصمة السورية دمشق لتحكّمها بكل حقوق المواطن فيها، ومنها حقّ المسكن الذي بات مرهوناً بموافقة الفروع الأمنية للسماح لك بالسكن بهذا الحيّ أو ذاك، أو منعك من السكن مطلقاً كوْنك من بلدان المعارضة والإرهاب –كما يقولون.

وأكّد ناشطون أن قسم "الأمن السياسي" في منطقة قدسيا والهامة طالب جميع الغرباء –كما أسماهم- بمراجعة مقراته الأمنية للحصول على الموافقة الأمنية تحت طائلة الاعتقال لمن يثبت عدم حصوله عليها خلال عمليات التفتيش الدورية بالمنطقة.

الموافقة قديمة متجددة

وعن هذا الاجراء، قال القاضي المنشقّ "عبد الله حمادي" لأورينت نت، "الموافقات الأمنية هي روتين أمني منذ ثمانينات القرن الماضي على زمن حافظ الأسد، ولم تكن تقتصر على المُستأجرين فقط وإنما بحال التوظيف أو الدراسة أو فتح المحلات وبكل مفاصل الحياة الخاصة للمواطن، ولكن بعام 2005 قام بشار الأسد بإلغاء عشرات الموافقات الأمنية ولكن أغلب الفروع الأمنية لم تلغها ومنها الموافقة الأمنية للسكن والاستئجار".

وأضاف "حمادي" مؤكداً، "مع بداية الثورة بعامها 2011 نشطت الفروع والمكاتب الأمنية في المدن الحيوية ومنها العاصمة دمشق، للتشديد على الوافدين الجدد لأحياء هذه المدن، فتمّ إعادة تفعيل الموافقة الأمنية للمستأجرين مع بعض التضييقات الأمنية وخاصة إن كان الوافد من المناطق التي شهدت مظاهرات وخروجها عن سيطرة نظام الأسد".

تضييق بدواعي قانون "مكافحة الارهاب"

مع بداية أحداث الثورة السورية بعام 2011 ألغى "بشار الأسد" قانون الطوارئ الذي كان يُطوّق رقاب السوريين لدواعي أمنية واهية، وأصدر بعدها قانوناً تحت اسم "مكافحة الارهاب" خنق به السوريين تحت تسميات الارهاب والارهاب المتشدّد.

ويؤكّد القاضي "حمادي" لأورينت نت بقوله، "قانون مكافحة الارهاب جعل لكل قسم أو فرع أمن "دولته" الخاصة التي يتحكم بها برقاب الناس، والموافقات الأمنية هي إحدى ركائز دولة هذه الفروع الأمنية العاملة تحت قانون مكافحة الارهاب، والهدف منها التضييق أكثر على المواطنين، وخاصة المواطنين النازحين من محيط مدينة دمشق كالغوطتين ووادي بردى، لأنه تمّ التعامل معهم كإرهابيين خارجين عن القانون السوري القاضي بمكافحة الإرهاب".

وأما "محمد أمين أبو علاء" وهو صاحب أحد المكاتب العقارية جنوب دمشق، فيقول لأورينت نت، "الموافقات الأمنية منعت الكثير من المُستأجرين الوافدين من خارج دمشق من السكن لعدم حصولهم على تلك الموافقة أو لابتزاز السماسرة والأمنيين لهم، فضاقت بهم الأرض بما رحبت، وكل ذلك لأنهم أتوا من مناطق شهدت مظاهرات ضد النظام".

ويُوضّح "أبو علاء" أنّ العديد من العائلات مُنعت من السكن بسبب الموافقات الأمنية، حيث قال، "كان يأتينا المُستأجر ليسكن بأحيائنا وبعد أن يُعجبه المنزل يذهب لتوقيع عقد الإيجار فيُطلب منه ورقة لا حُكم عليه وموافقة أمنية من قسم الشرطة التابعين له، وبعد عدة أسابيع نتفاجأ بأن الموافقة جاءت بالرفض من أحد الفروع الأمنية كالفرع السياسي أو الجنائي أو أمن الدولة، لأن المُستأجر ينحدر من منطقة كذا أو كذا التي خرجت مظاهرات ضد النظام أو جرت فيها اشتباكات مع قوات النظام".

ابتزاز مالي

 ويُضيف "أبو علاء"، "كنّا نلجأ بعض الأحيان لسماسرة الفروع الأمنية وأقسام الشرطة لإخراج الموافقات الأمنية لمن رُفضت أوراقه أول مرة، وكذلك لمن كان يتخوّف من منعه من الاستئجار والسكن بعد أن ترك بيته الأساسي أو كان مضطراً للسكن عندنا لأسباب كثيرة كمكان عمله أو رخص أسعار الآجار، وكانت تكلفة هذه السمسرة للفروع الأمنية قد تكلّف عشرات الآلاف الليرات".

وبنفس السياق يؤكّد "ياسين الشيخ" وهو أحد أبناء مدينة زملكا بالغوطة الشرقية ومن الذين هُجّر إلى الشمال السوري وبقي بعض أخوته بمخيمات الإيواء قرب دمشق، حيث أكّد لأورينت نت عمليات الابتزاز المالي والرشاوي لأخوته أثناء خروجهم من مخيمات الإيواء للسكن داخل مدينة دمشق.

فقال "الشيخ" لأورينت نت، "بعد أن دفع أخوتي مبلغاً من المال تجاوز 300 ألف ليرة سورية للخروج من مخيم الإيواء والمغادرة للسكن داخل مدينة دمشق، تفاجأ أخوتي بطلب مبلغ مالي تجاوز 500 ألف ليرة سورية لحصولهم على الموافقات الأمنية لجميع أفراد عائلاتهم حتى الأطفال الصغار، والسماح لهم بالسكن والاستئجار في "جرمانا"، ولم ينتهِ الابتزاز هنا بل تعدّاه لابتزاز الدوريات الأمنية التي تجوب الأحياء بحثاً عن المستأجرين والتأكد من موافقاتهم الأمنية، ما يضطرهم لدفع رشاً لهم بشكل دوري، فقط لأنهم من الغوطة الشرقية".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات