كيف يسعى نظام الأسد إلى التخلص من ملف المعتقلين؟

كيف يسعى نظام الأسد إلى التخلص من ملف المعتقلين؟
يعتبر موضوع المعتقلين الملف الأكثر قلقاً لنظام الأسد، الذي يتخوّف من أي استحقاق قادم أو ضغط دولي للكشف عن مصيرهم، لذلك يلجأ النظام إلى أمور عديدة للتحايل على موضوع المعتقلين، الذين قضى الآلاف منهم تحت التعذيب، في وقت لجأ فيه إلى إعادة اعتقال أشخاص أكثر من مرة رغم عدم وجود إثباتات ضدهم أو انقضاء فترة حكمهم. 

ويروي (أبو عبد الرحمن) لأورينت ما جرى لابنه قائلاً: "اعتقل النظام ابني منذ 2011 خلال خروجه في إحدى المظاهرات السلمية، وتم اعتقاله لسنتين دون أن يتم طلبه للتحقيق أبداً، ومن ثم عُرض على محكمة الإرهاب، واتهمه قاضي النظام بتمويل المسلحين رغم أن المظاهرات حينها كانت سلمية فقط".

وأضاف "حكم القاضي على ابني بالسجن لست سنوات، وعقب انتهاء المدة تم إخلاء سبيله، لكنه فجأةً اختفى وهو في طريقه إلينا، وبعد دفع مبلغ يصل لــ 400 ألف ليرة سورية لأحد الشبيحة، علمنا أن أحد الأفرع الأمنية أعاد اعتقاله رغم أنه قضى كامل فترة حكمه". 

من جانبه، قال رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار (غزوان قرنفل) لأورينت، إنه "ليس هناك تنسيق بين أجهزة الأسد الأمنية، حيث إن كل فرع أمني عبارة عن إقطاعية لرئيس هذا الفرع، وليس لديه استعداد للتواصل مع الفرع الآخر للتأكد من عدم ثبوت أي تهم على الشخص الذي تم اعتقاله مجدداً، وهذه العقلية موجودة لدى الأفرع الأمنية منذ عقود".

 

شهادات وفاة مفبركة

في المقابل أفادت تقارير حقوقية في الفترة الماضية، أن آلاف العائلات تلقت شهادات وفاة من السجلات المدنية، عن وفاة أبنائها في المعتقلات بحالات وفاة طبيعية. 

وأشار (قرنفل) إلى أن "نظام الأسد يلجأ للتخلص من موضوع المعتقلين، عبر إرسال قوائم مع تقارير طبية إلى دوائر النفوس، التي لا تُسجّل أي واقعة وفاة إلا بموجب تقرير طبي يُحدد سبب الوفاة، لذلك يُصدر النظام تقارير طبية مفبركة بالتنسيق مع المشافي، ويُدوّن في التقرير الطبي أن المعتقل توفي بشكل طبيعي نتيجة أزمةٍ قلبيةٍ أو نوبة ربو، بينما هو في الحقيقة توفي لشدة التعذيب". 

وأضاف قرنفل "بعد ذلك يُرسل التقرير الطبي المفبرك إلى السجل المدني، فيقوم أمين السجل المدني بتأكيد حالة وفاة المعتقل، دون أن يكون له حق التحري عن صحة تلك التقارير"، مشيراً الى أن "قوائم المعتقلين المتوفين المرسلة إلى السجلات المدنية، هي شكل من أشكال الهروب من أي استحقاق قادم قد يدين الأسد". 

بدوره، قال منسق برامج وحدة العدالة في المركز السوري للإعلام وحرية التعبير (المعتصم الكيلاني) لأورينت، إن "النظام يلجأ لمنح شهادات وفاة لذوي المعتقلين، كي يتخلص من هذا الملف، فأي حل سياسي مرتقب في سوريا، سيكون الشرط الأساسي لتطبيقه هو تبييض السجون والإفراج عن جميع معتقلي الرأي والتظاهر في سوريا". 

وأضاف (الكيلاني) أن "نظام الأسد الذي ارتكب كل الانتهاكات بحق المعتقلين في السجون، سيكون أمام ضغط كبير في حال أوضح كم الجرائم المرتكبة دفعةً واحدةً، لذلك يقوم الآن بتمرير تلك القوائم بشكل دفعات على المناطق ليمتص غضب الشارع، مستغلاً سكوت المجتمع الدولي عن تلك الجرائم". 

المعتقلون القدامى خط أحمر

 ويرى الناشط (سالم العيد) أن المعتقلين من بداية الثورة يعتبرون خطاً أحمراً للأسد، حيث يحرص على عدم طلب الإفراج عنهم ضمن أي اتفاق، ويلجأ للإفراج عن المعتقلين الحديثين، كما فعل في اتفاق "كفريا والفوعة" الأخير، حيث كان أغلب المعتقلين المُفرج عنهم ممن أجروا "مصالحة" مؤخراً. 

من جهته، أوضح (غزوان قرنفل) أن "الجيل السلمي الذي نادى بالحرية في بداية الثورة، لا يريد النظام أن يُفرج عنه كي لا يعود إلى الساحات من جديد، إلى حين إنهاء موضوع التسوية السياسية التي تؤمن لبشار الأسد الاستمرار في الحكم، عندها يمكن أن يُطلق سراح من تبقى من أحياء منهم". 

يذكر أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان أفادت الشهر الماضي، أن قرابة 81652 مواطناً سورياً مختفٍ قسرياً لدى النظام وحده منذ آذار/ 2011 حتى حزيران 2018، في حين أنَّ عدد الضحايا الذين قُتلوا بسبب التعذيب في سجون النظام الرسمية والسرية بلغت قرابة 13066 في المدة ذاتها.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات