الغارديان: رقصة بوتين مع وزيرة خارجية النمسا ودلالاتها على أوروبا

الغارديان: رقصة بوتين مع وزيرة خارجية النمسا ودلالاتها على أوروبا
قالت (ناتالي نوغيريد) كاتبة العمود في صحيفة "الغارديان" إن الرقصة التي أداها الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) مع وزيرة خارجية النمسا (كارين كنيسل) في حفل زفافها الأسبوع الماضي، كانت بمثابة إشارة إلى أوروبا، والتي يرغب (بوتين) بالرقص معها، وهي بحسب (نوغيريد) ليست أوروبا التنوير التي تتجسد في كفاح الديمقراطيين الليبراليين في مواجهتهم للموجة الشعبوية، بل الجانب الأكثر ظلاماً وشراً في تاريخ أوروبا والذي يتجسد في سياسات اليوم.

كما شبهت (نوغيريد) الانحناءة التي قامت بها (كنيسل) في نهاية الرقصة، بالأرستقراطية الروسية القديمة التي كانت تحضر لمبايعة القيصر. تبقى تلك اللحظة هي الأسوأ، ضمن حفل الزفاف الذي حظي بانتقادات كثيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، لأنها تظهر رضوخ (كنيسل) أمام (بوتين).

وتشير (نوغيريد) إلى جزئية مهمة في تلك اللقطة، وهي أكثر شراً مما تبدو عليه في الصورة، فوزيرة خارجية النمسا، التي راقصها (بوتين) عينت العام الماضي بفضل دعم "حزب الحرية" اليميني المتطرف في النمسا، والذي يسيطر الآن على وزارة الدفاع والداخلية كجزء من الائتلاف الحاكم هناك.

وبحسب الكاتبة، يحاول (بوتين) التقرب من الغرب من خلال مشهد الرقص هذا، مع أنه بعيد كل البعد عن أسلوبه، والذي يتجسد في عدة مشاهد منها غطسه في بحيرة جليدية احتفالا بـ "عيد الغطاس"، ودفع أحد الأشخاص من على سجادة الجودو، أو استعراض أسلحة جديدة طورتها روسيا. لذلك يعتبر هذا المشهد، مفاجئاً إلا أنه ليس غريباً على (بوتين) الذي يفهم جيداً كيفية خلق صورة جديدة وتحويلها إلى حقيقة، فالدور الذي أداه في حلبة الرقص قد تم التفكير به بعناية.

دعم اليمين المتطرف

وبحسب (نوغيريد)، يتحول "حزب الحرية" اليميني المتطرف في النمسا بسرعة إلى "حصان طروادة بوتيني" في قلب أوروبا، مشيرة إلى تواجد المستشار النمساوي (سيباستيان كورز) في مشهد حفل الزفاف، الرجل الذي أكد لـ (إيمانويل ماكرون) في كانون الثاني أن سياسته ستكون "موالية لأوروبا" أما في الخلفية، فقد ظهر (هاينز كريستيان ستراش) نائب المستشار وزعيم حزب أقصى اليمين النمساوي، سياسي ماضيه النازي الجديد موثقاً بشكل جيد.

وتشير الكاتبة إلى أن روسيا أسست موقفها الساعي لدعم الجماعات اليمينية المتطرفة في جميع أنحاء أوروبا. مع ذلك شكل التجمع الذي جمع (بوتين) مع "اليمينيين المتطرفين الذين يشغلون مناصب رئيسية في حكومة أوروبية" سابقة هي الأولى من نوعها وعلى هذا الأساس تعتبر رقصة الفالس، أكثر بكثير من حملة علاقات عامة، حيث تظهر أن لدى (بوتين) أصدقاء في الغرب على الرغم من اتهام روسيا بعمليات تسمم. استخدم فيها عامل الأعصاب بالإضافة إلى تصرفات أخرى مشابهة.

وأسوأ جزء في رقصة الفالس النمساوية الصيفية - بحسب نوغريريد - أنها تعيد عرض دروس أوروبا القديمة التي عفا عنها الزمن. ولو أن أوروبا بعد 1945، تقف بجانب أي شيء كان، فمن المؤكد أنها لا تستطيع التغاضي عن الفظائع الجماعية، وسحق الكرامة الإنسانية، ناهيك عمن يتحمل مسؤولية مثل هذه الجرائم.

سوريا والروابط النازية

ليس من العادي، بحسب ما تراه الكاتبة، أن تنحني وزيرة خارجية النمسا، التي تتولى بلادها حالياً الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي لـ (بوتين)، في الوقت الذي يسعى فيه (بوتين) لتأييد سياسة روسيا في سوريا. روسيا التي ساهمت منذ عام 2011، بمقتل نصف مليون شخص هناك.

يضع (بوتين) استراتيجية جديدة، هدفها رؤية قوى سياسية محافظة للغاية، ومناهضة للهجرة، وغير ليبرالية تكتسح السياسة الأوروبية، لأن في ذلك فرصة لروسيا لإقامة نفوذ لها في أوروبا. 

ولرقصة (بوتين - كنيسل) أصداء مثيرة لقلق، منها أن لـ "حزب روسيا المتحدة" المرتبط بالكرملين اتفاق رسمي مع اليمين المتطرف في النمسا. كما أن النمسا وخلافاً لألمانيا بعد الحرب، لم تتصالح تماماً مع ماضيها المؤيد للنازية بعد عام 1945 "خرجت النمسا بخفة، بشكل مدهش للغاية" - كما قال المؤرخ (توني جدت). 

وهذا دليل بحسب الكاتبة على مدى تعرض القيم الأساسية، وليس أقلها شعار "لا لمرة أخرى" للهجوم. حتى أن (بوتين) نفسه، والذي برر ميثاق 1939، لديه الكثير من الشكوك التاريخية حول مساعدة المتعاطفين مع النازيين أو أتباعهم البعيدين، طالما أن ذلك يخدم تكتيكه الذي يهدف إلى تقسيم أوروبا.

ختاماً، تشير الكاتبة إلى أن الحفل الذي حظي بالرمزية الكافية، أثار الكثير من مشاعر الغضب، ليس أقلها المواقف الصادرة عن المعارضة النمساوية والتي رأت فيه "خنجراً طُعن في المصالح الأوروبية وفي المبادئ التي تأسست عليها أوروبا".

للاطلاع على المقال باللغة الإنكليزية (اضغط هنا)

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات