كيف يعتزم نظام الأسد محاربة ظاهرة التسول في مناطق سيطرته؟

كيف يعتزم نظام الأسد محاربة ظاهرة التسول في مناطق سيطرته؟
أصدرت وزارة "الشؤون الاجتماعية والعمل" في حكومة الأسد مؤخراً مسودة قرار جاء في تفاصيلها فرض عقوبات على المتسولين ورفع الغرامة المالية المفروضة عليهم، الأمر الذي لاقى انتقاداً واسعاً من المطلعين على القرار واصفين إياه بالاستغلالي لاحتياجات أفقر طبقات المجتمع.

وقضت مسودة القرار بتغريم أي متسوّل أو المسؤول عنه بمبلغ يقدر بـ 100 ألف ليرة سورية، إضافة للسجن بمدة تتراوح من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات.

وازدادت ظاهرة التسول في سوريا في السنوات الأخيرة، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية وقلة الوظائف وفرص العمل، إضافة إلى فقدان عشرات آلاف المدنيين منازلهم، جراء قصف نظام الأسد ونهب عناصره لممتلكاتها، حيث تأتي قرارات نظام الأسد الجديدة في وقت تؤكد إحصائيات عالمية ارتفاع معدل البطالة في سوريا إلى 15،2% عام 2017، بينما يتوقع أن تصل إلى 30% خلال السنوات القليلة القادمة.

تفاصيل القرار

وتعقيباً على صدور مسودة القرار، وقالت مديرة الخدمات الاجتماعية في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل التابعة لنظام أسد (ميساء ميداني) إن هناك مسودة قرار تزيد من العقوبة على المتسولين وسيتم تفعيل ثلاثة مكاتب في دمشق وريفها من أجل معالجة حالات التسول.

كما أكدت أن الوزارة ستشكل فرقاً تطوعية من أجل الإبلاغ عن أي حالة تسول لتأخذ الضابطة العدلية الحالة من الشارع، مؤكدة أنه سيتم تفعيل صندوق المعونة الاجتماعية لمنح إعانات للأشخاص الغير قادرين على العمل مثل المعاق واليتيم.

ورحبت وسائل إعلام مقربة من نظام أسد بمسودة القرار، واعتبرت إحداها أن ظاهرة التسول باتت مصدر استغلال لكسب التعاطف وتحصيل الأموال وهناك أناس يحصلون على 300 ألف ليرة شهرياً.

بينما، انتقد الآلاف من السوريين طريقة التعاطي مع ملف المتسولين في سوريا، حيث قال أحد المواطنين: "قبل معاقبة المتسولين عاقبوا المتسولين الكبار. أقصد لصوص ومافيات الدولة والحكومة والمسؤولين والسماسرة، انظروا في حجم مسروقاتهم من خزينة الشعب، هؤلاء هم سبب أزمة سوريا".

وعلق آخر بالقول: "على الأقل المتسولين لا يأخذون مالنا رغماً عنا مثل موظفي دوائر النظام الذين يفرضون علينا المال، مستغلين حاجتنا لتحصيل أوراق رسمية أو إنجاز معاملة ما، هؤلاء نعطيهم مالاً من طيب خاطر وبالنهاية لسنا مطلعين على ظروفهم، فعلى الدولة أن تعالج فسادها قبل معالجة قضية المتسولين".

وكتب آخرون بسخرية منتقدين سياسة الوزارة في التعامل مع ملف المتسولين، وقال أحدهم: "معهم حق فالشعب السوري شبعان ويقضي معظمهم أوقات فراغه بلعب التنس وجمع الطوابع".

بطالة تنذر بكارثة

يؤكد مختصون بالاقتصاد، أن سياسة نظام أسد الاقتصادية أودت لالبلاد إلى ازدياد الفجوة بين طبقات المجتمع، إضافة لازدياد معدلات التضخم ونسب البطالة في مختلف أنحاء سوريا.

وفي دراسة صدرت عن موقع "جسور للدراسات" حول المعيشة في سوريا، العام الحالي، جاء فيها أن معدل البطالة ارتفاع إلى 70% عام 2017، وبات أكثر من 12 مليون سوري بدون عمل بعد أن فقدوا مصدر دخلهم الرئيسي.

ويأتي ذلك مقابل 200 ألف ليرة سورية أي ما يعادل نحو 400 دولار كتكاليف غذاء شهرياً لأسرة مكونة من خمسة أشخاص، حيث باتت العائلات السورية تنفق 90% من دخلها على الغذاء.

وفي تصنيف متوسط الراتب الشهري لعام 2017 الصادر حسب مؤشر Numbeo العالمي، فقد حلت سوريا بالمرتبة الأخيرة بين الدول العربية بمتوسط راتب لم يتجاوز 99 دولاراً أمريكياً.

ويعاني عشرات آلاف السوريين في مناطق النظام من مشكلة إيجاد وظائف وفرص عمل تناسب اختصاصاتهم وبأجور جيدة تغطي تكاليفهم المعيشية، في الوقت الذي بات استئجار منزل قد يكلف 100 دولار كحد وسطي.

يقول (علاء الأحمد) من حلب: "الأوضاع المعيشية سيئة للغاية، إن فكر أحد المواطنين بشراء منزل فهذا يعني أن يكتنز راتبه لأكثر من 100 سنة، دون أن يصرف منه ليرة واحدة، فكيف للناس ألا تضجر من هذه الحالة".

ويتابع: "حكومة النظام لا تقدر إمكانيات السوريين وهذا ليس بجديد علينا، نرى الشباب يفنون عمرهم بالدراسة حتى يحصلون على وظيفة بالكاد تغطي لهم مصاريفهم المعيشية هذا إن كان لديهم واسطة، سياسة حكومة النظام والمسؤولين هي السبب بهذه الأزمة".

تدهور اقتصادي

أدى التدهور الاقتصادي في سوريا خلال السنوات السبع الفائتة بفعل تعنت نظام الأسد وتركيز مدخرات البلاد على الجانب العسكري إلى إحداث أزمة اقتصادية وثقتها سجلات البنك الدولي في آخر تقاريرها بنحو 226 مليار دولار كخسائر إجمالية.

وأكدت التقارير، أن نحو 27% من الوحدات السكنية قد دمرت بشكل كامل أو جزئي، أما الجانب الصناعي ففقدت سوريا ما يعادل 67% من القدرة الصناعية، هذا عدا خسائر القطاع الصحي المقدرة بنحو 12 مليار دولار وخسائر القطاع الزراعي بنحو 25 مليار دولار.

في المقابل، أكد مسؤولون في الأمم المتحدة، نزوح ثمانية ملايين سوري داخل البلاد نسبة الأطفال منهم 45% أي ما يعادل 3،6 مليون طفل نازح. وتوقعت الأمم المتحدة أن يزداد عدد النازحين داخلياً في العام الحالي بـ 1،5 مليون نازح سوري إضافي.

ومن بين هذه الأرقام، خسر مئات آلاف السوريين وظائفهم وأعمالهم الأمر الذي جعلهم يضطرون إلى البحث عن عمل من جديد بمجالات أخرى في المناطق الجديدة التي استقروا فيها، بينما يسعى نظام أسد إلى جمع أموال بمختلف الطرق مستعيناً بالقوانين التي يتم تعديلها كل فترة ويزيد من قيمة الغرامات والضرائب والعقوبات المالية.

الحقوقي (عقيل الجاسم) علق على الموضوع بالقول: "النظام يسعى إلى تدارك الخسائر عبر سن القوانين والقرارات ورفع الرسوم والغرامات، وهذا ليس بالغريب فهو يسعى لتعويض خسائره على ما أعتقد" منوهاً في حديثه لأورينت نت إلى أن "الغرامة المفروضة على المتسولين ليست بمفاجئة أو غريبة، فهي موجودة أصلاً من قبل في قانون العقوبات؛ لكنها زادت أضعافاً رغم أنها غير منطقية في هذه الظروف".

كما رفعت حكومة الأسد من الغرامات المفروضة على الكثير من العقوبات والإجراءات مؤخراً مثل زواج القاصرات وجرائم المعلوماتية والمخالفات المرورية وتحصيل البطاقة الشخصية ورسوم إجراءات المحاكم وغيرها الكثير من القرارات والقوانين المحدثة والمعدلة والناسخة للقديمة، حسب (الجاسم).

وكان نظام الأسد عبر وزاراته عدل مئات القوانين والقرارات ورفع من الغرامات بشكل ملحوظ بشكل لا يقارن بمستوى انخفاض الليرة السورية التي خسرت عشرة أضعاف قيمتها؛ لكن قيمة الغرامات والمخالفات ارتفعت أكثر من 10 أضعاف في العديد من القوانين والقرارات.

يشار إلى أن الدراسات والتقارير الدولية والأممية تؤكد أن السبب في الأزمة الاقتصادية هو نظام الأسد الذي منح خيرات سوريا إلى إيران وروسيا مقابل الدفاع عن وجوده في المحافل الدولية، بالإضافة لتصدير مواد سوريا إلى دول أخرى رغم أنها لا تسد الحاجة المحلية، عدا عن صرف المليارات في سبيل تجنيد المرتزقة وشراء الأسلحة.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات