لماذا لم تطلق تركيا معركة شرق الفرات حتى اللحظة؟

لماذا لم تطلق تركيا معركة شرق الفرات حتى اللحظة؟
رغم إعلان الرئيس التركي (رجب طيب أردوغان) منذ أسابيع عدة، أنّ بلاده أكملت كل الاستعدادات للعملية العسكرية الكبرى ضد ميليشيا "الوحدات الكردية" المتمركزة في مناطق شرق الفرات شمال شرق سوريا؛ إلا أن هذه العملية لم تبدأ بعد، واقتصرت الأحداث على بعض الرمايات المدفعية فقط.

وذكرت مصادر مطّلعة لأورينت نت، أن القوات العسكرية التركية حشدت وحداتها بالقرب من الحدود التركية منذ أكثر من شهر، كما شكّلت غرفة عمليات مشتركة مع الجيش السوري الحر؛ إلا أن ساعة الصفر لبدء المعركة لم تحددها تركيا حتى اللحظة وتؤجل المعركة في كلّ مرة.

حشد سياسي

وعن أسباب عدم بدء "معركة شرق الفرات" رغم الجاهزية العسكرية التركية، قال الخبير التركي (رضوان سيد أوغلو) لأورينت نت، إن "الحكومة التركية تسعى للحشد سياسياً لمعركة شرق الفرات أكثر من الحشد العسكري، كوْن أن هذه المعركة ليست كباقي المعارك مثل درع الفرات أو غصن الزيتون، وذلك لوجود القوات الأمريكية في المنطقة وكذلك قوات النظام ومن خلفها روسيا وإيران الطامعة بالمنطقة".

وأوضح (أوغلو) أن "أرودغان عمل بكل قدرته لوضع بند محاربة الكيانات والوحدات الداعية للانفصال عن سوريا الأم خلال اجتماعه الرباعي الذي حصل بإسطنبول مع بعض زعماء العالم، وهذا البند سيساعد أردوغان على محاربة الميليشيات الكردية الانفصالية شرق الفرات، وكذلك كسبت تركيا ورقةً سياسية أخرى من الجانب الأمريكي عندما وضعت أمريكا مكافأة مالية ضخمة مقابل الادلاء بمعلومات عن ثلاثة من الشخصيات القيادية الكردية".

كذلك رجّح القائد العسكري في عملية غصن الزيتون العقيد (زياد حاج عبيد) خلال حديثه لأورينت نت، أنّ "سبب تأخر العملية العسكرية التركية على شرق الفرات، يعود لعدم اكتمال المواقف الدولية الداعمة لهذه العملية حتى اللحظة، وتعثّر الاتفاق التركي الأمريكي حول المنطقة رغم قبول (قسد) بتسليم بعض المناطق للقوات التركية بعد الضغط الأمريكي عليها".

توافق أمريكي تركي

تسعى تركيا للحصول على الموافقة الأمريكية الكاملة للعمل العسكري ضد "الوحدات الكردية" التي تدعمها أمريكا شرق الفرات، على غرار الموافقة التي حصلت عليها تركيا من الجانب الروسي قبل معركتيّ درع الفرات وغصن الزيتون غرب الفرات.

وفي هذا السياق، يقول الكاتب والمحلل السياسي (مؤمن محمد نديم كويفاتية) لأورينت نت، إن "تأخر معركة شرق الفرات يعود لتأخر التوافق الأمريكي التركي حول تقاسم النفوذ بتلك المنطقة، رغم انفراج العلاقات بين البلدين وتقديم الضمانات كحسن نيّة بينهما".

ويُشير (كويفاتية) في سياق حديثه إلى أن "تركيا لا يعنيها بمعركة شرق الفرات إلا حماية حدودها الجنوبية وليس السيطرة الكاملة على المنطقة، ولذلك من خلال التوافق الأمريكي التركي ربما لن تحدث تلك المعركة الضخمة مع الوحدات الكردية، وإنما عملية انسحاب لعدة كيلو مترات من شمال سوريا، ومحاربة مَن يرفض الانسحاب من تلك الوحدات".

أما الخبير العسكري (عبد الرزاق قاجو) فقد رأى أن سبب عدم البدء بالمعركة حتى اللحظة، يعود للمناورات السياسية (الأمريكية التركية) لتحقيق أكبر قدر من المكاسب على الأرض، حيث أوضح (قاجو) لأورينت نت أن "التأخير بالعملية العسكرية شرق الفرات هي عملية مناورة أمريكية للتأخير، وكسب أعلى سقف من المصالح الاقتصادية والنفوذ في المنطقة. كذلك تركيا تناور بسبب تلميح روسيا بانهيار اتفاق سوتشي والبدء بالعمل العسكري ضد إدلب، وهذا ما أخذته تركيا على محمل الجدّ وغيّرت حساباتها حول شرق الفرات واستقرار إدلب".

عملية محدودة

من جانبه، يرى المحلل العسكري والخبير الاستراتيجي العميد (أحمد رحال) أنه لن يكون هناك عمل عسكريّ كبير كدرع الفرات أو غصن الزيتون، موضحاً بالقول: "معركة شرق الفرات لن تكون معركة عادية؛ وإنما هي عملية عسكرية محدودة رغم التصريحات التركية القوية" ويضيف: "لا أعتقد أنه سيكون هناك معركة قوية وبكامل المعدات العسكرية كمعركة درع الفرات أو غصن الزيتون، وإنما هي عمليات عسكرية محدودة وسريعة على الحدود السورية التركية، وخاصة عند بلدات عين العرب وتل أبيض من أجل إبعاد الوحدات الكردية عن الحدود التركية وخلق حزام آمن بعيداً عن الحدود التركية".

كما ربط العميد (رحال) في حديثه لأورينت نت بدء العملية العسكرية بالموافقة الأمريكية والسماح بمحدوديتها، قائلاً: "لن تتم العمليات التركية شرق الفرات دون الموافقة الأمريكية، وإن وافقت أمريكا عليها فلن تسمح بعمل عسكري ضخم، وإنما عمليات عسكرية محدودة، وكذلك ضغوطات على الوحدات الكردية للانسحاب من بعض النقاط الحدودية دون قتال، وهذا ما ترضاه تركيا أكثر".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات