"مجزرة حماة".. الجريمة مستمرة

"مجزرة حماة".. الجريمة مستمرة
في مثل هذا اليوم قبل 37 عاماً، ارتكب نظام حافظ الأسد "مجزرة حماة" التي راح ضحيتها حوالي 40 ألفاً، بينهم عدد كبير من العائلات قضت بأكملها في إعدامات ميدانية رمياً بالرصاص، وفقاً لتقارير صحفية ومنظمات حقوقية.

ففي الثاني من شهر شباط 1982، شنّت ميليشيا أسد الطائفية بقيادة (رفعت الأسد) شقيق (حافظ) حملة عسكرية على مدينة حماة، استمرت 27 يوميا، بحجة القضاء على ما اسماه النظام أنذاك "عصيان الإخوان المسلمين". 

آلاف الضحايا

بدأت الحملة بتطويق المدينة وقصفها بالمدفعية والدبابات من مطار حماة العسكري وجبل زين العابدين المطل على المدينة. وبحسب تقرير للسفارة الأمريكية في دمشق، تم قصف الأجزاء القديمة للمدينة من الجو، لتسهيل عملية دخول الدبابات، واجتياحها برياً من قبل ميليشيات أسد وفي مقدمتها "سرايا الدفاع".

وعلى الرغم من عدم وجود إحصائية دقيقة لعدد الأشخاص الذين قُتلوا خلال "مجزرة حماة"، بسبب التعتيم الإعلامي نتيجة قطع الاتصالات عن المدينة بالكامل، وعدم السماح بالدخول والخروج منها، إلا أن "اللجنة السورية لحقوق الإنسان" أكدت أن عدد الضحايا يتراوح بين 30 إلى 40 ألف نسمة.

ووفقا لبعض التقارير يتراوح عدد المفقودين في "مجزرة حماة" ما بين 10 و15 ألفا، حيث لم يتم العثور على أثارهم بسبب دفن الضحايا في مقابر جماعية، في حين بلغ عدد المهجرين أكثر من 100 ألف مدني.

وذكر تقرير لمنظمة العفو الدولية "امنستي"، أن نظام الأسد نفذ عملية إعدام جماعي لأهالي حي الحاضر، مشيرة إلى أن النظام استخدم غاز "السيانيد" السام، حيث تم توجيهه إلى بيوت اختبأ فيها بعض المشاركين في التصدي للقوات المهاجمة، ما أدى إلى مقتل جميع سكان تلك المنازل.

وأسفرت الحملة العسكرية أيضا، عن هدم كلي لأحياء "العصيدة، الشمالية، الزنبقي والكيلانية" أما حيي "بين الحيرين والسخانة" فقد بلغت نسبة الهدم فيهما قرابة الثمانين في المئة، فيما بلغت نسبة الدمار في الأحياء الواقعة على أطراف المدينة مثل حي "طريق حلب" نحو ثلاثين في المئة، وتم هدم وتدمير حوالي 63 مسجدا و3 كنائس، والكثير من المناطق التاريخية والأثرية.

شهود على المجزرة

ونقلت "منظمة العفو الدولية" شهادات عدد من الأشخاص عاصروا المجزرة وكانوا شاهدين على عمليات القتل الجماعي والتعذيب.

وروت (مها موسى) البالغة 50 عاماً من العمر والمقيمة في لندن "أن عناصر ميليشيا أسد احتلت منزل أسرتها، حيث تمركز القناصة على السطح"، مشيرة إلى أن "عائلتها لم تستطع وضع جثة جدتها في الخارج كي لا تنهشها الكلاب".

وعقب هجوم عام 1982، اعتُقل عم مها عقب اتهامه بالانتساب لعضوية "جماعة الإخوان المسلمون"، وعلى الرغم من نفيه للتهم الموجهة إليه، فقد عُذب وقُتل في الحجز، وعندما أُعيد إلى أهله جثة هامدة، كانتا عيناه قد اقتلعتا ونُزعت أظافر يديه حسب وصفها.

واستذكرت (مها) كيف قُتل حوالي 60 شخصاً خلال إحدى الهجمات التي استهدفت مسجد مسعود في المدينة قبل أن تقوم قوات الأمن ببتر أصابع أيديهم ورصفها على طول جدار المسجد.

وقالت مها "وعقب مضي ما يقرب من سنتين على المذبحة، لم يتجرأ أحد على إزالة الأصابع المقطوعة من مكانها؛ فلقد كان الجميع مرعوباً إلى درجة لا توصف".

وأما (عبد الهادي الراواني) الذي كان موجودا في حماة عند ارتكاب المجزرة، ويقيم في الخارج، قال: "في اليوم العاشر، غادرت المنزل مرة أخرى، غير أنني صُدمت مما رأيته من جثث، فما كان مني إلا أن قفلت راجعاً إلى البيت".

وأضاف "في الأسبوع الثالث من الهجوم على حماه، دعا الجيشُ السكان إلى التوافد على مهرجان جماهيري حاشد تأييداً للنظام، مشيرا إلى أن قوات الأمن التابعة لميليشيا أسد قامت بقتل أعداد كبيرة ممن آثروا البقاء داخل منازلهم بدلاً من المشاركة في تلك التظاهرة.

وتابع عبد الهادي "يشبه ما يحدث في سوريا هذه الأيام أحداث حماه عام 1982؛ حيث يطالب الشعب بالحرية، ولكنه يُجابه بقمع النظام".

وأكدت "اللجنة السورية لحقوق الإنسان" أن جريمة مجزرة حماه، مثلها مثل بقية المجازر والانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، لا يُمكن أن تسقط بالتقادم، ولا يمكن للجناة أن يفلتوا من العقاب. 

يشار إلى أن جرائم نظام بشار الأسد التي يمارسها ضد الشعب السوري منذ عام 2011 لا تقل بشاعة عن "مجزرة حماة" بل تفوقت عليها.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات