أورينت تسلط الضوء على طبيعة القوّة العسكرية لروسيا وإيران في سوريا.. لمن الغلبة؟

أورينت تسلط الضوء على طبيعة القوّة العسكرية لروسيا وإيران في سوريا.. لمن الغلبة؟
تتسابق كل من روسيا وإيران لترسيخ وجودهما في سوريا عبر عدة وسائل في مقدمتها الشكل العسكري. ولاحقاً بدأ كل منهما بزج أوراقه الاقتصادية عبر إبرام اتفاقيات طويلة الأمد مع نظام الأسد في جوانب عدة.

ولكن الجانب العسكري يبقى الأداة الوحيدة التي تطمئن بها القوى المستعمرة كما جرت العادة. فهي القوّة التي من خلالها يتم التموضع وتثبيت الأقدام في دول أخرى سعياً لاحتلالها.

وبالنظر إلى شكل التواجد العسكري لكلا الطرفين (روسيا وإيران) في سوريا، يظهر للمراقب بشكل جلي الفارق الكبير بينهما والذي يرجّح بوضوح كفّة موسكو على طهران. لكن كيف؟

الترسانة الروسية في سوريا:

نهاية عام 2017 نشر موقع (روسيا اليوم) تقريراً مفصلاً عن حجم وثقل روسيا العسكري في سوريا، وعدد التقرير طبيعة الأسلحة والمعدات في شكل من عرض العضلات الروسية وإبراز تفوقها على حساب حليفتها في سوريا (إيران) التي حاولت بعد أن حكمت ميليشياتها السيطرة على ديرالزور -تزامن تقرير روسيا اليوم مع سقوط ديرالزور- الترويج إلى أن هذا الانتصار يحسب لها.

الطائرات: زجت روسيا بأحدث طائراتها في المعارك ضد الفصائل المقاتلة في سوريا ما رجح كفتها في معظم المعارك وجعلها تستولي على معظم المناطق المحررة.

في مقدمة تلك الطائرات الحربية، تأتي المقاتلة سوخوي 30، التي قالت عنها وزارة الدفاع الروسية "إنّها من أحدث نماذج السلاح الجوي الروسي، وقادرة على حمل أسلحة وصواريخ فتاكة من شأنها إحداث تدمير هائل في المناطق المستهدفة فضلاً عن قدرتها على جمع معطيات استخباراتية واستطلاعية"، وهو ما تحدث عنه ناشطون سوريون رصدوا حجم الدمار الكبير الذي خلّفته الطائرات الروسية خلال قصفها للمناطق المحررة.

المقاتلة سوخوي 34، استخدمتها روسيا في سوريا، وهي شديدة التدمير وتشترك مع المقاتلة سوخوي 27 بذلك إلا أن الأخيرة استخدمت في سوريا للمرة الأولى لغايات قتالية.

المقاتلتان سوخوي24 – سوخوي25، تعتبران من أهم أسلحة القوات الروسية، بحسب التصريحات الروسية.

ميغ31: قامت روسيا بنشر 6 طائرات من هذا النوع في سوريا. وصواريخ هذه الطائرة يصل مداها لحوالي 120 كيلومترا، وتحمل مدفعاً رشاشاً من عيار 23 مم.

طائرة أي إن 124، والمروحية مي 24، وهما للنقل العسكري.

أسلحة أخرى، يضاف إلى ترسانة موسكو في سوريا قنبلة كاب، المزودة برأس يوجه بالليزر أو عن طريق نظام الملاحة الفضائية، ويصل وزنها إلى 250 كيلوغراماً.

صواريخ أي إس 22، وهي أحد أنواع صواريخ أرض جو. تم نشرها في سوريا من أجل تأمين الدفاع الجوي قاعدة حميميم الروسية في اللاذقية.

منظومة الدفاع بانتسير إس 1،وهي عبارة عن شاحنات مضادة للطائرات موجهة بالرادار، مهمتها الدفاع عن قاعدة الطيران الروسية.

الصاروخ إكس 29، وهو صاروخ يتم توجيهه بواسطة الليزر ويحمل رأساً حربية.

سفن حربية: تمتلك روسيا مجموعة منها في المتوسط، بعضها مزود بصواريخ "أرض – جو" لضرب الأهداف بعيدة المدى، بحسب وزارة الدفاع الروسية. كما أنّه تم إدخال كتيبة دبابات من نوع T90 المطورة إلى سوريا، وتعد الدبابة الأكثر تطوراً في روسيا.

بالإضافة إلى قوات مشاة وشرطة عسكرية لم يعرف عددها لكنها متواجدة في عدة محافظات.

قواعد عسكرية: تحتل روسيا مطار حميميم بريف اللاذقية وميناء طرطوس، الأمر الذي ضمن لها السيطرة على كامل السواحل السورية، إلى جانب امتلاكها الأجواء السورية، كونها تشرف على معظم المطارات والقواعد الجوّيّة العسكريّة للنظام ، وذلك بعد القبض على مفاصل التحكّم لدى قوات الأسد.

الوجود العسكري الإيراني في سوريا

يختلف شكل التموضع الإيراني في سوريا عن نظيره الروسي، فإيران تعتمد على القوة البشرية في ترسيخ وجودها في سوريا، ولديها مئات الميليشيات الشيعية التي تقاتل لصالحها.

في نهاية عام 2015 أفادت قناة (فوكس نيوز) الأميركية بأن طائرات روسية نقلت أسلحة إيرانية إلى سوريا لدعم النظام، ونقلت القناة عن مصادر استخباراتية غربية أن تنسيق عملية نقل الأسلحة يقوم بها قائد "فيلق القدس" التابع لميلشيا "الحرس الثوري" الإيراني (قاسم سليماني)، ووزير الدفاع الروسي (سيرغي شويغو).

لا يُعلم شيء عن طبيعة وشكل ونوع الأسلحة التي تمتلكها إيران في سوريا إلا أن إسرائيل تقول بشكل مستمر إنها تستهدف أماكن تخزين الأسلحة الإيرانية (المستودعات) في قواعدها المنتشرة في سوريا دون تحديد شكل ونوعية هذه الأسلحة.

الميليشيات

دخلت إيران بكامل قوتها في سوريا أواسط عام 2011، مع تعاظم خسائر النظام، وأطلقت برنامجها الشامل لرفد قوة نظام الأسد وإعادة التوازن له.

ولاحقاً، تضخم البرنامج وتوسع حتى اقترب من بناء "جيش شيعي" عابر للجنسيات، يحتل مناطق واسعة من لبنان والعراق وسوريا، عماد قوته الأساسي من الميليشيات العراقية أبرزها "كتائب الإمام علي"، وتضم نحو ألف مسلح. و"كتائب حزب الله النجباء" و"كتائب سيد الشهداء" و"حركة الأبدال"، ويبلغ عدد مسلحي كل منها ما بين ألف و1500 عنصر ينشطون بشكل خاص في البادية. يضاف إليها "حزب الله العراقي" مع "عصائب أهل الحق العراقية" و"لواء أبو الفضل العباس".

وتتركز مقرات الميليشيات العراقية في السيدة زينب، وبلدة العيس جنوب حلب، وكذلك في مقرات الفرقة الثامنة عشرة بريف حمص الشرقي. ويعد (أبو مهدي المهندس) القوة المحركة وراء ميليشيات "الحشد الشعبي" في العراق وسوريا. 

لبنانية: بحسب تقرير سابق لصحيفة (الشرق الأوسط) تقاتل ميليشيات  "سرايا التوحيد" و"حزب الله" اللبنانيتان في سوريا، بواقع 500 مسلح للأولى، وأكثر من 8 آلاف للثانية.

كما انضم مسلحون من "الحزب القومي السوري الاجتماعي" في لبنان، إلى ميليشيات "نسور الزوبعة" المشكّلة من مسلحين سوريين وفلسطينيين ولبنانيين، وتتجاوز أعدادهم 5 آلاف.

غير عربية: إضافة إلى هؤلاء، يوجد لواءان، أحدهما وفد إلى سوريا من أفغانستان هو "الفاطميون" والآخر من باكستان، هو "الزينبيون"، الأول منهما أكثر شهرة من الثاني، ويقدر عدد مسلحيه بنحو ألف مقاتل، قاتلوا في درعا، وتدمر، وحلب ويعمل عناصره بمثابة رأس حربة في المعارك.

محلية: هناك عشرات من الميليشيات المحلية التي تقاتل بقيادة إيرانية، وتأسست في الساحل السوري خلال عامي 2015 و2016 ميليشيات شيعية مشابهة لـ"حزب الله"، تحت اسم "الغالبون" ويتجاوز عدد هذه الميليشيات الألف مسلح. كما تأسست ميليشيات في كل المناطق الشيعية بسوريا مثل بصرى الشام بدرعا، ونبل والزهراء بريف حلب الشمالي الغربي، والفوعة وكفريا بإدلب، والسيدة زينب والسيدة رقية وحي الجورة بدمشق وريفها، وأخيراً في الشومرية ومناطقها بريف حمص الغربي.

كما نجحت إيران في تشييع مسلحي "لواء الباقر" المؤلف مع عشيرة بري الحلبية، ويضم نحو 500 مسلح، وأيضاً في تشييع مسلحين عشائريين من قبيلة "البكارة" في ريف ديرالزور، ويتجاوز عدد هؤلاء المسلحين 1700.

وفي السويداء، أسست إيران ميليشيات "لبيك يا سلمان"، و"سريا التوحيد" و"جيش التوحيد"، و"لواء الجبل"، و"قوات الفهد"، و"لبوات الجبل" و"كتائب حماة الديار" ويقدر عددهم بنحو 3000 مسلح درزي. 

كما شكلت من الأتراك العلويين ميليشيات "المقاومة السورية" في ريف إدلب الغربي، ويتجاوز عدد أفرادها الألف مسلح.

وعملت إيران أيضاً على دعم نظام الأسد في تشكيل ميليشيات فلسطينية من أبناء الفلسطينيين في المخيمات، بينها "لواء القدس" الذي تأسس عام 2013.

قواعد

يعد مطار دمشق الدولي بمثابة القلب للوجود الإيراني والميليشيات متعددة الجنسيات التي يقودها "فيلق القدس" الإيراني في سوريا.

كما تحتل مدينة السيدة زينب مكانة خاصة في الاستراتيجية الإيرانية، كما تشكل المدينة نقطة ارتكاز للميليشيات متعددة الجنسيات التي تقودها إيران حول دمشق.

الكفّة الراجحة

عسكرياً: يقول المحلل العسكري العقيد (حاتم الراوي) إن روسيا ومن خلال قاعدتي طرطوس وحميميم تملك الثقل العسكري فهي تسيطر على الجو، ولها بطاريات صواريخ مضادة للطيران وصواريخ بالستية، أما قواتها كجيش مقاتل على الأرض فهو ليس بالعدد الكافي قياساً بميليشيات إيران التي سخرتها لمسك الأرض. 

وبالحديث عن المقارنة والتنافس الإيراني الروسي العسكري في سوريا قال (الراوي) "لايمكن مقارنة إيران التي تعتمد على الأفراد بكل تشكيلاتهم كقوة ضاربة، بالترسانة الروسية في سورية".

وأوضح أن السلاح الروسي في سوريا يصلح لمهام التدمير للأهداف الحصينة ولتغطية القوات الصديقة بالنسبة لها، أما مليشيات إيران فقد زجتها إيران بسخاء لكنها تفتقر إلى التغطية الجوية إلا بالاعتماد على روسيا والنظام، كما تفتقر إلى سلاح الدرع، وبالتالي لم نشهد لها أي انتصار منفردة (الميليشيات الإيرانية)، وفق تعبيره.

واستبعد أن يكون هناك سباق تسليح وفرض للنفوذ بين روسيا وإيران في سوريا، معتبراً أن الأمر يسير بشكل عكسي وقال "إيران بدأت تلمس جدية أمريكا وإسرائيل وروسيا بانتهاء الحاجة لها وأنها ذاهبة على الأرجح لتقليصها في سوريا والعراق ، مما جعل ميزان القوى ليس بصالحها (أي إيران)".

وعن إحجام إيران عن إرسال معدات عسكرية ثقيلة إلى سوريا، أكد (الراوي) لأورينت أن لا شيء يمنع طهران من القيام بذلك، لكنه رأى أن كل هذه القوى التي غزت سوريا هي عبارة عن "ورشات عمل" حددت أمريكا لكل ورشة حجمها ومهمتها وأنواع عدّتها ومناطق عملها، وهذا ينطبق على جميع هذه الورشات بدءاً بروسيا وانتهاءً بداعش"، على حد تعبيره.

وأضاف قائلاً "الورشة الإيرانية تحاول أن تخرج عن الإطار المحدد لها، وتعلم أنها ستُضرب لكنها تغامر لعلها تمرر بعض أسلحتها على أمل تقوية نفسها وتقوية حزب الله، ويظهر مما يحدث أن مهمة الحفاظ على حجمها المسموح قد أوكلت إلى إسرائيل وبرضا روسي، والضربات تدمّر أسلحة متطورة وهي في أغلبها موجعة ليس كما يتصور البعض".

سياسياً: يرى المحلل السياسي (حسن النيفي) أن الوجود الروسي الإيراني العسكري على الأرض السورية كان نتيجة لحاجة النظام إلى من يدعمه ويسانده ضدّ ثورة السوريين، ولكن لا شك أيضاً أن ما يريده الروس هو غير ما تريده إيران.

وقال لأورينت نت "روسيا تبحث عن مصالح جيوسياسية واقتصادية، وإن هي تمسكت برأس النظام فلأن ذلك يساعدها على تحقيق مصالحها، وحين تدرك أن مصالحها يمكن أن تتحقق بدون الأسد فهي سوف تتخلى عنه. بينما إيران تنظر إلى سوريا كامتداد حيوي لمشروعها القومي ذي البعد الإيديولوجي الشيعي، وبالتالي تمسكها بالأسد هو غاية بحد ذاتها، ولا شك أن هذا التناقض في المصالح بين الروس وإيران كان قائماً منذ البداية، ولكن روسيا كانت وما زالت تؤجل انفجار هذا الصراع". 

واعتبر (النيفي) أن الوجود العسكري لروسيا وإيران، وإن كان قائماً على التوافق النسبي، إلّا أن المصالح الاستراتيجية لكلا الطرفين، لا شك أنها مختلفة، وقال "لا نتوقع انفجاراً أو صداماً مباشراً بين الروس وإيران في الواقع القريب".

وأشار إلى أن الصراع بين روسيا وإيران داخل سوريا ليس قائماً على التسابق في زيادة السلاح أو العتاد العسكري، وإنما هو قائم على أماكن النفوذ من حيث الجغرافيا أولاً، وكذلك قائم على الاستحواذ على المنابع الاقتصادية، وعلى ابتزاز نظام الأسد في إبرام صفقات طويلة الأمد في الاستثمار الاقتصادي والتجاري، وفق قوله.

وتوقع في ختام حديثه لأورينت أن يشهد المستقبل القريب تغيرات كبيرة في نواظم العلاقات بين موسكو وطهران على الأرض السورية لأنها من وجهة نظره ليست ثابتة، ولأن تأييد أمريكا وأوربا لأي حل سياسي ترعاه روسيا هو مشروط بإخراج إيران من سوريا، الأمر الذي يجبر الروس على السعي غير المباشر لتقويض النفوذ الإيراني في سوريا.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات