ماذا يعني إعلان واشنطن تشكيل "قوة متعددة الجنسيات" في سوريا؟

ماذا يعني إعلان واشنطن تشكيل "قوة متعددة الجنسيات" في سوريا؟
خرجت وزارة الخارجية الأمريكية بتصريحين أحدهما يتحدث عن بقاء جزء من الجيش الأمريكي في سوريا للعمل مع "قوة متعددة الجنسيات" والآخر لوّح بزيادة الضغط على تركيا بشأن علاقتها مع روسيا وجاء من بوابة شراء تركيا لمنظومة إس 400 الروسية. ويرى محللون أن هذين التصريحين يحملان عدة رسائل منها ما يوضّح بعض الشيء مستقبل المناطق التي كان تنظيم "داعش" يسيطر عليها ومنها ما يكشف النقاب عن ما تخطط له أمريكا في سوريا.

"قوة متعددة الجنسيات" 

تستمر واشنطن بالكشف عن الشكل الذي ستبقى عليه في سوريا بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نهاية العام الماضي سحب قواته من هناك، ولعل تأكيد المتحدث باسم الخارجية روبرت بالادينو يوم أمس الثلاثاء أن عدداً -لم يحدده- من قوات بلاده سيبقى في شمال شرق سوريا ينسجم مع تصريحات أمريكية سابقة خرجت للغرض عينه.

لكن اللافت في إعلان الوزارة الأمريكية هو الكشف عن أن القوات الأمريكية ستكون جزءاً من "قوة متعددة الجنسيات" تهدف لـ "منع عودة تنظيم داعش"، ولم تحدد الوزارة شكل وعدد وجنسية تلك القوات، لكنها أوضحت أن من مهامها أيضاً "تنظيف المناطق المحررة وتنفيذ عمليات محددة لمكافحة الإرهاب ودعم جهود إعادة الاستقرار".

وحول هذه القوة، قال الدكتور عمر عبد الستار ، أستاذ  في العلاقات الدولية، إنها ستمثل مشروعاً استراتيجياً في المناطق المحررة من "داعش" وتوقع أن تبدأ عملها في شرق الفرات بسوريا وتنتقل إلى غرب العراق. 

ولفت في حديث مع أورينت نت، إلى أن هذه القوة تعدّ واحدة من الأهداف الجيوسياسية المرتبطة بقرار اترامب الانسحاب من سوريا. 

وأضاف "قرار الانسحاب الأمريكي بالإضافة إلى تحقيقه لهذا الهدف -قوة متعددة الجنسيات- قد يُشكلان لاحقاً منطقة حظر جوي في المناطق التي كانت يسيطر عليها تنظيم داعش".

ضغوطات أمريكية على تركيا

وعن دور تركيا المتوقع في "القوة متعددة الجنسيات"، قال عبدالستار "أعتقد أن هذه القوة وقرار الانسحاب الأمريكي قد يراد منها دق أسفين في محور أستانا وإبعاد تركيا عن روسيا وإبعاد روسيا عن إيران، كما أنها تمثل رسالة لتركيا كي تدير ظهرها لروسيا وتقترب من الولايات المتحدة في منطقة شرق الفرات".

وأشار  إلى أن التهديدات الأمريكية لتركيا بشأن منظومة إس 400 الروسية بالإضافة إلى نية واشنطن إزالة تركيا من قائمة التفضيل -خاصة بشؤون التجارة- تشكّل أوراق ضغط على أنقرة كي تتخذ قراراها في اختيار المحور الذي ستقف معه، وفق تعبيره.

الناتو حاضر

ويرى المحلل السياسي ومدير قسم المكتب الدولي في جامعة ابن خلدون بإسطنبول،  أنس يلمان، أن تركيا ستقبل بأي قوات مشاركة بالقوة متعددة الجنسيات في حال لم تشارك بها  ميليشيا الوحدات الكردية.

 

وذكر في حديثه لأورينت نت أن "تركيا ومنذ إعلان الانسحاب الأمريكي من سوريا تقول مراراً إنها ترحب بهذه الخطوة ولكن يجب أن يكون هذا الانسحاب تنسيقي مع تركيا".

 

ويعتقد يلمان، أن تركيا ستكون لاعباً أسياسياً في هذه القوات لأن لديها دعم كبير من أبناء تلك المناطق كما في منبج وتل رفعت -إذا دخلت القوة متعددة الجنسيات- إلى هناك.

من جانبه، قال الدكتور عبدالستار،  إن تركيا تنتمي لدول حلف شمال الأطلسي الناتو، ووجودها مع روسيا يمثل خطاً أحمراً للناتو، ولفت إلى أنه ليس من الضروري أن تكون تركيا مشاركة بالقوة متعددة الجنسيات. 

وأوضح أن حدود تركيا تمثل حدود الناتو. وتابع قائلا: "ستكون القوة الجديدة من دول الناتو وستمتد بين حدود العراق وسوريا، ووجود تركيا من عدمه لا يضر. كما أن عدم مشاركة تركيا لا يمنع من إقامة منطقة آمنة تحت الحماية التركية، وخارج عمل القوة متعددة الجنسيات، وقد نشهد فيها مشاركة قوات روج آفا قوات -البيشمركة السورية- التي هي على توافق مع تركيا وعلى تنسيق مع كردستان العراق".

 

غايات أمريكية

وفي هذا الإطار يرى المحلل السياسي (يلمان) أن الانسحاب الأمريكي لن يكون كاملاً من سوريا لأن واشنطن تريد على المدى البعيد تقسيم سوريا وقد وعدت الأكراد بذلك، وفق قوله.

وأضاف أن هدف أمريكا من استجلاب قوات غربية إلى سوريا هو إضعاف الدور التركي في المنطقة، وذلك لعكس صورة كبيرة للأمم المتحدة تقول إن المشاكل في هذه الأراضي لن تحل عبر الحال السياسي ولذلك من الأفضل تقسيمها، مشيراً  أن أمريكا دائماً ما تخلق مشاكل في المنطقة لتؤكد على وجودها كما تفعل الآن بشأن صفقة إس 400 بين تركيا وروسيا.

في حين يقول عبد الستار إن أمريكا كانت تعتبر مرحلة محاربة "داعش" تكتيك والمرحلة ما بعد "داعش" استراتيجية لذلك جلبت الأطراف المتخاصمة لمرحلة ما بعد "داعش" وإذا انتهى التنظيم فإن هذه الأطراف ستتخاصم.

واعتبر أن الهدف من "القوة متعددة الجنسيات" ليس فقط منع ظهور "داعش" بل إعادة تشكيل المناطق التي خسرها التنظيم بشكل جديد ضمن مشروع الشرق الأوسط الجديد، وفق قوله.

 

وتابع قائلاً: "هنا يبرز السؤال وهو كيف سيعاد تشكيل هذه المناطق بجسم سياسي سني من أهل هذه المناطق؟ هل عبر تخييرهم بالذهاب إلى الفدرالية داخل حدود الدولة أو الانفصال خارج الحدود أو جمع سنة العراق وسنة سوريا من تلك المناطق في دولة واحدة".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات