هآرتس تكشف تفاصيل مفاوضات نظام أسد والإسرائيليين على الجولان

هآرتس تكشف تفاصيل مفاوضات نظام أسد والإسرائيليين على الجولان
تمكنت صحيفة "هآرتس" من الوصول إلى مصادر كانت على صلة مباشرة بالمفاوضات التي حصلت بين رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وبشار الأسد، بما في ذلك خرائط وسيناريوهات لانسحاب إسرائيل من مرتفعات الجولان مقابل طرد إيران و"حزب الله" من سوريا.

وبحسب الصحيفة، عقدت جميع الحكومات الإسرائيلية وخلال فترة عشرين عاماً مفاوضات سرية مع النظام بهدف التوصل لاتفاق سلام يتضمن الوصول إلى تسوية إقليمية. كانت الجولة الأخيرة بقيادة حكومة نتنياهو، والتي انتهت بشكل مفاجئ في أذار 2011، بسبب انطلاق الثورة في سوريا.

وتحول موقف إسرائيل بشكل تدريجي خلال فترة الثورة، حيث أنتهى ما أسمته الصحيفة "الخيار السوري" وتحولت إسرائيل للمطالبة بالاعتراف بسيادتها على الجولان.

كما تحولت فكرة الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان من الدوائر الإسرائيلية اليمينية إلى مجلس الشيوخ الأمريكي، ووصلت إلى إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، حيث اتخذت الفكرة زخماً ضمن الدوائر السياسية الوسطية كذلك.

وفي الانتخابات الإسرائيلية الحالية، يؤيد جميع المرشحين السيادة الإسرائيلية على الجولان، البداية كانت مع، يائير لابيد، الذي طرح القضية ضمن حملته الانتخابية، ومن ثم شريكه، بيني غانتس، الذي أعلن عن قيامة برحلة إلى شمال إسرائيل، قال فيها "لن يضيع الجولان. بل على العكس، سنتوجه نحوه بشكل مكثف".

وتحولت إسرائيل من المحاولة للوصول إلى اتفاق عبر قنوات سرية إلى حملة للحصول على إجماع أحادي الجانب للاعتراف بالاحتلال. وصلت الحملة إلى ذروتها بعد الإعلان الأخير للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، والذي يمثل هدية لإسرائيل.

على خطى السادات

تمكنت الصحيفة خلال الأشهر السابقة من الحديث مع عدة شخصيات كانت على صلة بالجولة الأخيرة والجولات السابقة من المفاوضات للحصول على آخر التفاهمات ومعرفة مدى جديتها والأثار المترتبة عليها دبلوماسياً.

وتتفق معظم المصادر على أن كل الحكومات الإسرائيلية، بما في ذلك حكومة نتنياهو، كانت جادة بمسار المفاوضات. وإن الجولة الأخيرة التي عقدت مع بشار الأسد، كانت جدية ومتقدمة وتضمنت خرائط وسناريوهات متفق عليها شملت الانسحاب الإسرائيلي من مرتفعات الجولان على أساس ما قبل خطوط 1967.

وتجمع الشخصيات على أن الاعتراف الأمريكي الأحادي الجانب في هذا الوقت لن يفيد إسرائيل، بل قد يؤدي إلى إشعال فتيل جديد. في المقابل، يرى العديد في إسرائيل، أن هذه فرصة سانحة ويجب استغلالها.

أخبر نتنياهو شركاءه الروس مؤخراً، أن إسرائيل ستعود إلى اتفاق الفصل الموقع عام 1974، والذي انسحبت منه إسرائيل وأنشأت منطقة عازلة.

صادقت إسرائيل في 1981 على قانون لضم مرتفعات الجولان، وانخرطت في 1991 بمفاوضات في مؤتمر مدريد، إلا أن المحادثات لم تكن جدية إلا في 1992، خلال فترة ولاية، اسحق رابين. 

وقال حينها وزير الخارجية الأمريكي، جيمس بيكر، لـرابين، وذلك بعد زيارة قام بها إلى دمشق، إن حافظ الأسد مستعد لصنع السلام مثل السادات.

وديعة رابين

وقال، إيتامار رابينوفيتش، رئيس الوفد الإسرائيلي في المحادثات مع سوريا خلال فترة رابين والسفير الإسرائيلي السابق إلى واشنطن "حدثت المفاوضات في الطابق السادس من مبنى وزارة الخارجية الأمريكية من الساعة التاسعة صباحاً إلى منتصف الظهر.. أنتظر الصحفيون أثناء دخولنا وخروجنا. كانت المسجلات موضوعة على الطاولة. بدا لنا واضحاً أن هذه المرة لم تكن لإجراء مفاوضات".

وأضاف "استمر الحال على هذا النحو من أيلول 1992 إلى آب 1993. حققنا بعض التقدم، يمكن أن نقول عنه خطوات صغيرة. كنا نلتقي كل شهر تقريباً".

وسعى شمعون بيريز منافس رابين السياسي منذ البداية لفصل المسار السوري عن الفلسطيني، ووفقا لـرابينوفيتش لم يكن رابين من أنصار فكرة التنازل عن الجولان، وأعتقد أن حافظ أكثر جدية من الزعيم الفلسطيني، ياسر عرفات، للتوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل.

وأقترح رابين، الانسحاب الكامل من مرتفعات الجولان إلى خطوط ما قبل عام 1967 في غضون خمس سنوات مقابل التطبيع الكامل مع إسرائيل، وتحول هذا الأمر لما يعرف باسم "وديعة رابين".

في 1994 بدأت المحادثات بين الضباط العسكريين من كلا الجانبين. وفقًا لـرابينوفيتش، أصاب حافظ الأسد المحادثات بالشلل، واستمرت المفاوضات ولكنها لم تكن مثمرة.

غرفة نوم الأسد والحرمون

مع بداية ولاية نتنياهو الأولى، أكد الأمريكيون أن إسرائيل غير ملزمة بـ"وديعة رابين"، وفي 1998، بدأ نتنياهو جولة جديدة من المفاوضات السرية عبر شريك نتنياهو المقرب، رجل الأعمال رون لاودر.

وبحسب الصحيفة، كانت المفاوضات تتركز حول استعداد إسرائيل للموافقة على الانسحاب بشكل كبير من الجولان على أساس ما قبل خطوط 1967.

طلب حافظ من لاودر العودة بخريطة إلى دمشق أو "عدم العودة على الإطلاق"، عارض وزير الخارجية الإسرائيلي في ذلك الوقت أرييل شارون، ووزير الدفاع يتسحاق مردخاي طرح النظام، وكانت ذلك نهاية تلك الجولة من المحادثات.

وطالبت إسرائيل الاحتفاظ بوجود لها على جبل الحرمون، حيث أعتبر النظام ذلك "خط للتجسس" على سوريا. رد لاودر على حافظ "لماذا يزعجك أي شخص يرى ما تفعله بغرفة نومك؟ هذا لا يزعجني". أندهش الوفد الإسرائيلي، حيث غير النظام وجهة نظره وقبل بالطرح الإسرائيلي.

وبحسب هآرتس، تم التوصل لحل وسط "نقل يهود أمريكيين" إلى تلك النقطة، وكانت الخطة تقضي بنقل إسرائيليين والتظاهر على أنهم أمريكيون، في ترتيب مشابه للوضع في سيناء.

الجولة الأخيرة

توقفت المفاوضات في عهد شارون، ومن ثم عادت في عهد إيهود أولمرت بوساطة تركية، كان لدى إسرائيل خطة من ستة نقاط أعيد فيها رسم الخرائط بطريقة عالية الدقة، انهارت المفاوضات في 2008 بسبب حرب غزة.

وبدأت الجولة الأخيرة من المحادثات بوساطة أمريكية بين نتنياهو وبشار في أيلول 2010، أيدت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية فكرة التفاوض.

وتم إجراء المحادثات عن طريق المبعوثين الأمريكيين، فريد هوف ودينيس روس. كان نتنياهو مستعداً للانسحاب الكامل إلى ما قبل 1967، أي إلى بحيرة طبرية، بشرط فك ارتباط سوريا بالكامل عن إيران و"حزب الله".

بحسب المصادر، كان من المفترض أن يتم التوصل لتسوية نهائية في عضون عام ونصف، حيث تم العمل على إعلان مبادئ وتبادل المسودات الأمريكية؛ إلا إن المفاوضات انتهت في أذار 2011 عندما أدرك نتنياهو أن بشار قد فقد شرعيته.

وصرح مكتب نتنياهو رداً على التقرير "لم يكن رئيس الوزراء نتنياهو ابدأً على استعداد للتخلي عن مرتفعات الجولان وعمل بشكل دائم، وعلى مر السنين.. لتشجيع الاعتراف الدولي بالسيطرة الإسرائيلية على الجولان، الأمر الذي بدأت تأتي ثماره الليلة، والذي نرحب به وتشكر عليه إدارة ترامب".

لقراءة التقرير باللغة الإنكليزية (اضغط هنا)

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات