ما دور مكتب "الأمن الوطني" بقتل وتهجير السوريين والتغيير الديموغرافي؟

ما دور مكتب "الأمن الوطني" بقتل وتهجير السوريين والتغيير الديموغرافي؟
تُعتبر المؤسسة الأمنية التي أنشأها نظام الأسد خلال العقود الأخيرة من أهم ركائز بقاء بشار الأسد في الحكم حتى اللحظة، وساهمت هذه المؤسسة بعمليات القتل والتهجير والتعذيب للسوريين، ويُعتبر مكتب "الأمن الوطني" المُشرف الأساسي على هذه المؤسسة والراعي لها.

ما هو مكتب الأمن الوطني؟

مكتب الأمن الوطني  هو نفسه مكتب "الأمن القومي" التابع لحزب البعث الحاكم في سوريا، ولكن بعد التفجير الذي طال أهم قيادات الحكم في سوريا عام 2012 بمقر الأمن القومي، قام بشار الأسد بإصدار عدة قرارات منها تشكيل مكتب الأمن الوطني بدلاً من مكتب الأمن القومي، وتعيين اللواء "علي مملوك" رئيساً له والذي يُعتبر ذراع بشار الأسد اليمنى، ومكتبه مرتبط مباشرة برئاسة الجمهورية.

يُشرف مكتب الأمن الوطني على أجهزة المخابرات الأربعة الرئيسية وهي (المخابرات الجويّة، إدارة الأمن العسكري، وأمن الدولة والأمن السياسي) ويتفرّع عن هذه الأجهزة أكثر من 50 فرعاً جميعها تخضع لإشراف مكتب الأمن الوطني برئاسة اللواء علي مملوك.

مصادر حقوقية عدّة، أكّدت لأورينت نت تورّط مكتب الأمن الوطني بعمليات القتل والتعذيب والتهجير القسريّ منذ بداية الثورة حتى اللحظة، ولذلك قامت عدة جهات دولية بفرض عقوبات على رئيس هذا المكتب المتمثّل باللواء علي مملوك، منذ بداية الثورة وآخرها كان قبل عدة شهور، والتّهم الموجهة له وصلت لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وأما رئيس مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك يعتبره البعض كاسر عزلة بشار الأسد، لكثرة زياراته إلى بعض الدول في المنطقة كالسعودية ومصر ولبنان وعُمان، بالإضافة للقاءاته مع بعض المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين لمناقشة الوضع في سوريا، حتى بات اسمه يُطرح أحياناً ليكون بديلاً عن بشار الأسد يرتضي به كافة الأطراف الدولية، رغم جرائمه التي ارتكبها بحق السوريين قبل الثورة السورية وخلالها.

جرائم حرب

وعن دور مكتب الأمن الوطني بجرائم الحرب التي حصلت في سوريا خلال السنوات الماضية، يقول قاضي الفرد العسكري المنشقّ "حسين علّولو" لأورينت نت، "تسلّم مكتب الأمن القومي خلية إدارة  الأزمة -كما أسماها نظام الأسد- منذ بداية الحراك الثوري السلمي بعام 2011، فأوغل بقتل المتظاهرين عبر أوامره وقراراته التي وجهها لوحدات الجيش والأمن، وبعد عملية اغتيال أفراد هذه الخلية وتحوّل الاسم لمكتب الأمن الوطني زاد إجرامه أكثر باستلام اللواء علي مملوك، والذي يُعرف عنه إجرامه منذ ثمانينيات القرن الماضي".

وأضاف علّولو موضحاً، "خلال العامين الأولين للثورة السورية كانت جميع عمليات المداهمة والاقتحام توقّع من مكتب الأمن الوطني أو بتوجيه منه لباقي أجهزة الأمن الأخرى والقطع العسكرية، وشهدت تلك الفترة جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب بارتكاب مجازر جماعية في درعا وحمص وبانياس وادلب وحماة، عدا عن اعتقال الآلاف من المدنيين".

وعن الأعوام الأخيرة، يقول القاضي علولو، "في السنوات الأخيرة أشرف مكتب الأمن الوطني على العمليات التي قادتها ميليشيا العميد سهيل الحسن، وكذلك الميليشيات الطائفية التي ساهم هذا المكتب باستجلابها إلى سوريا، وشهدنا بسبب هذه العمليات قتل الآلاف من الأبرياء بسبب استخدامهم كل أساليب العنف والقصف والقتل التي رعاها المكتب ووقّع عليها".

تغيير ديموغرافي

خلال السنوات الثلاث الأخيرة قامت ميليشيا أسد الطائفية بتهجير أكثر من مليونيّ مدني قسرياّ، عدا عن ملايين السوريين الذين نزحوا أو هاجروا بسبب العمليات العسكرية، ولكن عودة هؤلاء المهجّرين مرهونة بقبول مكتب الأمن الوطني والسماح لهم.

وبهذا الإطار، يقول الناشط حمزة القلموني لأورينت نت، "عمليات التهجير القسرية التي جرت في القلمون الغربي ووادي بردى والعديد من المناطق السورية، كانت عبر جهات عدة من بينها مكتب الأمن الوطني، والذي يُشرف حالياً على قبول عودة اللاجئين السوريين والمهجّرين قسرياً".

ويُبيّن القلموني أكثر بقوله، "في الأشهر الأخيرة وبسبب سوء المعاملة في دولة لبنان مع الوعود التي قدمتها روسيا ونظام الأسد، قررت مئات العائلات السورية المُهجّرة للعودة إلى قراها في القلمون ووادي بردى، ولكنهم تفاجؤوا بشروط المكتب الأمن الوطني للحصول على الموافقة، وبذلك تمّ السماح للعشرات مقابل التزامهم بالخدمة العسكرية والباقي تمّ رفض عودته".

وأشار القلموني إلى أن، "مكتب الأمن الوطني يسعى لتسليم بعض المناطق لميليشيا حزب الله وبعض الميليشيات الطائفية، عبر تسليمه بيوت المهجّرين لهم ورفض عودة أصحابها، وعدم السماح بالحركة دون الموافقات الأمنية الصادرة عنه والرجوع له، وهذا ما حصل في وادي بردى والزبداني والقلمون وبعض المناطق في الغوطة الغربية وجنوب دمشق، مما يؤكّد تورطه بعمليات التغيير الديموغرافي الحاصلة في سوريا".

تشبيح وعقوبات صارمة

وأما عن القرارات الصادرة عن مكتب الأمن الوطني والانتهاكات الحاصلة بسببه، يقول الناشط الإعلامي محمد العلي لأورينت نت، "لي تجربة شخصية مع مكتب الأمن الوطني، وذلك كوْني كنت مدرساً بمدارس تربية نظام الأسد، ولكن المكتب أصدر تعميماً بفصلي عن التدريس أنا ومئات المعلمين والمعلمات التابعين لتربية إدلب، دون أي سبب موجود في التعميم".

ويتابع العلي، "أغلب قرارات التعيين والفصل من أصغر موظف إلى أعلى مسؤول يجب أن تمرّ على مكتب الأمن الوطني، ولذلك زادت سطوته بإصدار بطاقات خاصة لتسهيل أمور بعض الموظفين أو المحسوبين على الميليشيات العسكرية، مقابل مبالغ مالية معينة أو انتسابهم لهذه الميليشيات، فتمّ استعمال هذه البطاقات بالتشبيح وانتهاك حقوق الناس وتعفيش بيوت المدنيين وابتزازهم، ومن يحمل بطاقات الأمن الوطني التشبيحيّة هو صاحب الصّولة والجولة في منطقته، ولذلك أصدرت قيادة النظام قراراً بإيقاف العمل بكافة البطاقات الأمنية عدا بطاقة مكتب الأمن الوطني".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات