أورينت تفتح ملف مدينة داريا بعد عامين ونصف من سيطرة ميليشيا أسد عليها

أورينت تفتح ملف مدينة داريا بعد عامين ونصف من سيطرة ميليشيا أسد عليها
بعد مرور حوالي عامين ونصف من سيطرة ميليشيا أسد الطائفية على مدينة داريا الواقعة قرب العاصمة دمشق ما تزال شبه خاوية، فرغم ادعاء نظام الأسد بأنه سمح بعودة الأهالي، إلا أن عدد العائدين لا يتجاوز 10 آلاف نسمة، في حين كان عدد سكان المدينة عام 2010 يبلغ نحو 250 ألف نسمة.

كما أن ميليشيا أسد حصرت السماح بعودة السكان إلى جزء محدد من داريا، في حين لم تخف نيتها اخضاع القسم الأكبر من المدينة لقانون سلب أملاك السوريين أو ما يعرف بالقانون رقم "10" تحت مسمى المخططات التنظيمية.

حصار وقصف

وشهدت دريا حصارا استمر 4 سنوات من قبل ميليشيات أسد وإيران، تعرضت خلالها لدمار كبير بسبب قصفها بعدد كبير من البراميل المتفجرة والغارات الجوية والصواريخ وقذائف المدفعية، وتضررت البنية التحتية ومنازل المدنيين.

وبعد سيطرة نظام على المدينة قام بتهجير من بقي من سكانها والبالغ عددهم نحو 4 ألاف مدني إلى مخيمات الإيواء في بلدة الحرجلة جنوب محافظة ريف دمشق، لتصبح المدينة خاوية من السكان بشكل شبه كامل باستثناء أقصى الأطراف الشرقية للمدينة والتي لم يسيطر عليها مقاتلو المعارضة أصلاً.

وقال الناشط الإعلامي محمد الشربجي من مدينة داريا لـ "أورينت نت" إن نسبة الدمار كبيرة في المناطق التي سيطرت عليها فصائل المعارضة بسبب استهدافها من قبل النظام بمختلف أنواع الأسلحة في حين بقيت بعض الأحياء من الجهة الشرقية للمدينة أو ما يعرف محلياً بالشراقة، صالحة للسكن وسيطر عليها النظام نهاية عام 2012 وحافظ سكانها على وجودهم بالرغم من التضيق الأمني الكبير من قبل الأفرع الأمنية لمليشيا أسد.

وأضاف "الشربجي" أن نظام الأسد جرّف الجهة الشمالية من المدينة والممتدة من مطار المزة العسكري وصولاً إلى مدخل مدينة داريا من جهة المحلق الجنوبي أو ما يعرف بدوار الباسل، مؤكدا أن النظام أزال جميع منازل المدنيين بحجة أن المنطقة حرم مطار بالكامل.

عودة محدودة

وأعلنت محافظة ريف دمشق التابعة لحكومة الأسد في شهر أب من العام الماضي السماح لسكان داريا بالعودة إلى منازلهم، ولكن العودة لم تكن متاحة لجميع السكان ولجميع الأماكن في المدينة.

 وقسمت المحافظة المدينة لثلاثة أجزاء رئيسية، ويضم الجزء الأول المنطقة التي كانت تحت سيطرة النظام، ولم تتعرض لدمار كبير وهي الحي الشرقي ومنطقة المزارع الملاصقة لمدينة صحنايا ومنطقة مساكن جيش التحرير الفلسطيني من الجهة الغربية للمدينة، وجميع هذه المناطق تتوفر فيها الخدمات بالحد الأدنى ويحتاج السكان للعودة إليها الحصول على بطاقة شهرية للسكن من مكتب "الأمن الوطني" وهو أحد أفرع مخابرات مليشيا أسد.

أما الجزء الثاني من المدينة فيشمل المنطقة الممتدة من دوار الباسل حتى ساحة شريدى ويضم فقط الأحياء الغربية من الطريق وهي النكاشات والشاميات، ويجب تسجيل السكان الراغبين بالعودة لأسمائهم في المجلس المحلي للمدينة مع تقديم الأوراق الثبوتية التي تتضمن سند الملكية يرفعها المجلس المحلي للمكتب الوطني الذي يدرس ملف كل عائلة ليتم بموجبه السماح أو الرفض بدخول المدينة.

وقال أبو عدنان من مدينة داريا لـ "أورينت نت" إن اسمه ورد ضمن القوائم الأولى للعائلات المسموح لها بالعودة للمدينة، واستطاع الدخول لكن مليشيا أسد بعد تصويرها لدخول السكان لم تسمح لهم بالمبيت وطردتهم خارج المدينة.

وأضاف أنه حصل على بطاقة الدخول من مكتب الأمن الوطني مطلع هذا العام، وزار منزله في حي النكاشات لكنه لم يستطع السكان فيه لتعرضه للدمار الجزئي وغياب الخدمات بشكل كامل عن المنطقة. 

لا خدمات في المدى المنظور

ووضعت محافظ ريف دمشق خطة إعادة تأهيل المدينة بعد حصولها على الموافقة من ميليشيا الفرقة الرابعة والمخابرات الجوية، وبدأت منتصف العام الماضي بالترويج بشكل كبير لعودة السكان وتقديم الخدمات الأساسية.

وأوضح محافظ ريف دمشق علاء ابراهيم أن تأهيل المدينة يشمل تأهيل مدخل المدينة "دوار الباسل" والذي نفذ مباشرة وبلغت تكلفته مليار ليرة سورية، إضافة إلى تأهيل البنية التحتية المتضررة بكلفة 50 مليار ليرة، ومن ثم ترميم المنازل، وتنحصر الخطة في القطاع "أ" فقط الممتد من مدخل المدينة حتى ساحة شريدى.

وقال أحمد الديراني من سكان مدينة داريا لـ "أورينت نت" والذي استخدم اسماً مستعاراً خشية تعرضه للاعتقال، إن جميع ما تروج لها المحافظة والمجلس المحلي لمدينة داريا عن تأهيل البنية التحتية وتقديم الخدمات غير صحيح؟

وأضاف أن المدينة تفتقد لخدمات المياه والكهرباء والصرف الصحي وحتى ركام الأبنية ما يزال يغلق أغلب الطرقات، واكتفى المجلس المحلي بإزاحة الركام من بعض الطرقات الرئيسية وليس ترحيله.

وأشار إلى أن جميع المنازل تعرضت للنهب والسرقة من مليشيا أسد ويحتاج أي منزل للسكن فيه ثلاثة ملايين ليرة في الحد الأدنى، في حين تفتقر المدينة لمركز طبي أو مدرسة أو مخبز، لافتا إلى أن المدينة حتى الآن غير مأهولة وأغلب العائلات التي سمح لها بالسكن في المدينة لم تستطع العيش فيها لغياب الخدمات وصعوبة تأمين المستلزمات الأساسية.

تقسيم داريا

ووضعت محافظة ريف دمشق مخططاً تنظيماً جديداً لمدينة داريا، لإخضاع المدينة لقانون رقم "10".

وقال محافظ ريف دمشق في تصريحات نقلتها صحيفة الوطن الموالية إن 932 هكتاراً من المدينة ستخضع للقانون، وتم تقسيم المدينة لأربع مناطق، وتشمل المنطقة الأولى مركز المدينة وسيتم هدمها بالكامل بعد أن بلغت نسبة الدمار فيها85%، والمنطقة الثانية تمتد جنوب الطريق الرئيسي إلى طريق درعا وسكة القطار، أما المنطقة الثالثة وهي جنوب المدينة وسيغلب عليها الطابع الترفيهي عبر تجهيزها بملاعب وحدائق، في حين ستكون المنطقة الرابعة (حي الخليج) سكنية بامتياز وهي القريبة من مطار المزة العسكري والتي تم تجريفها بحجة حرم المطار.

من جهته، قال "عامر أبو أحمد" عضو لجنة مهجري داريا بالشمال السوري لـ "أورينت نت" إن ما يسمى بالمخطط التنظيمي لمدينة داريا يهدف لسلب أملاك السكان وتغيير ديمغرافية المدينة كما يحصل الآن شرق دمشق في أحياء القابون وجوبر.

وأضاف أن مليشيا أسد تعمل ضمن مخطط كامل في محيط العاصمة دمشق يهدف لعزل المدينة عن الريف بأحياء يكون سكانها موالون للنظام.

الميليشيات الإيرانية

وشاركت مليشيات إيران الطائفية بشكل كبير في معارك السيطرة على مدينة داريا إلى جانب نظام الأسد بحجة وجود مقام السيدة سكينة والذي لم يكن معروفاً قبل عام 2003.

وتعرض المقام لدمار كبير بسبب المعارك وقصف نظام الأسد وبعد السيطرة على المدينة بدأت الوفود الشيعية بزيارة المقام لإعادة ترميميه، لكن حتى الأن لم تجرِ أي إعادة تأهيل للمقام، في حين تستمر الزيارات.

وقال الناشط الإعلامي "محمد الشربجي" لـ "أورينت نت" إن المليشيات الطائفية تتقصد عدم ترميم المقام لاستغلال الدمار الذي تعرض له في التجييش الطائفي لاستقدام المقاتلين بحجة الدفاع عن المقدسات.

يشار إلى أن مدينة داريا تعرضت لحصار مليشيا أسد لنحو أربع سنوات بدأت أواخر عام 2012 وانتهت في شهر آب عام 2016 بسيطرة نظام الأسد والميليشيات الإيرانية عليها وتهجير نحو ألفي شخص من مقاتلي فصائل المعارضة وعائلاتهم نحو الشمال السوري.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات