لماذا يناهض أهالي الشمال السوري تشكيل "مجلس شورى" تابعٍ لـ"حكومة الإنقاذ"؟

لماذا يناهض أهالي الشمال السوري تشكيل "مجلس شورى" تابعٍ لـ"حكومة الإنقاذ"؟
عقد الأسبوع الفائت في قاعة المؤتمرات داخل معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا أولى جلسات ما يسمى "مجلس شورى المناطق المحررة" الذي شكلته مؤخراً "حكومة الإنقاذ" التابعة لـ "هيئة تحرير الشام".

ويرى المؤيدون له بأنه "خطوة تمهيدية أولى تمهد إلى حالة تنظيمية أوسع"، ومنهم باسل خطيب، وهو مسؤول في "منظمة إنسانية" قائلاً: "يتولى مجلس الشورى إبداء الرأي والمشورة في المواضيع الهامة والأساسية، وأيضاً يساعد المنطقة على رسم استراتيجيتها، كما يعتبر الركن الأساسي في المناطق المحررة حيث يؤدي بدوره الفعال إلى تفعيل دور المؤسسات ومراكز الدولة" على حد وصفه.

بالمقابل يؤكد غالبية المثقفين والوجهاء والناشطين السوريين في الشمال السوري، لا سيما المناهضين لـ"هيئة تحرير الشام" وهم الشريحة الأوسع، أن تأسيس مثل هذه المجالس ما هي إلا خطى لاستعطاف الشارع وغير مثمرة أصلاً.

استعطاف الشارع

وعن إصرار هذه المؤسسات على تأسيس مثل هذه "المجالس" يرى الناشط السياسي من ريف حلب، مصطفى سليمان، أن "طرح مصطلح مجلس الشورى هدفه استعطاف الشارع الإسلامي في سوريا، كون هذا المصطلح له جذور فقهية، وهو غير مصطلح البرلمان أو مجلس الشعب" 

ويضيف سليمان بحديثه لأورينت نت: "حتى نتحدث عن تأسيس مجلس شورى، لا بد أن يكون لدينا دولة حقيقية لها دستور ونظام سياسي ولها سيادة على الأرض؛ إلا أن الواقع أننا لم نستطع بعد أن نسقط النظام في دمشق حتى نتحدث عن دولة في الشمال، ناهيك عن الرفض الشعبي الواسع لحكومة الإنقاذ المدعومة من فصيل هيئة تحرير الشام بعد سلسلة من التضييق على الشعب في فرض ضرائب ورسوم أثقلت كاهل المواطن".

لا شرعية له

من جانبه، يقول الأستاذ يحيى خطاب، وهو عضو "مجلس الشورى في حركة زمام السورية": "خضنا هذا التجربة مراراً وتكراراً، لكنها غير منتجة وغير مثمرة. لأنه لا يوجد جسم حقيقي شرعي جامع لهذه المسميات، حتى ولو كان وجودها ضرورياً. فمجلس الشورى تابع لحكومة الإنقاذ والأخيرة غير جامعة لجميع مكونات الثورة السورية؛ بل هي محسوبة على فصيل تحرير الشام، وهنا لا بد من تشكيل جسم ثوري جامع لنتكلم بعدها عن مجلس الشورى والتفاصيل الأخرى".

أسباب رفضه

وكانت الآونة الأخيرة شهدت صدور قرابة 20 بياناً رافضاَ لتشكيل هذا "المجلس" ومناهضاً "حكومة الإنقاذ"، موقعة من وجهاء وثوريين في العديد من مدن وبلدات الشمال السوري المحرر من بينها مدينة معرة النعمان وحارم وأريحا في إدلب، ومدينة الأتارب في ريف حلب الغربي، حيث أكد السوريون في هذه المناطق رفضهم لمثل هذا المجلس لعدة أسباب، أبرزها، أن "لا يخدم الثورة في هذا الوقت، ويُبعد السوريين عن أبرز ثابت من ثوابت الثورة المتمثل بإسقاط النظام بكافة أركانه ورموزه، علاوة على أنه يعمل على سلب الاعتراف بشرعية حكومة الإنقاذ التي أوغلت بجمع الضرائب والمكوس من أرزاق الناس".

كما أصدر مهجرو الغوطة الشرقية بياناً بينوا فيه رفضهم لتشكيل هذا "المجلس" وأنهم ما خرجوا للشمال السوري إلا مكرهين، وتضمن البيان أيضاَ رفضهم العيش في ظل حكومات لا صلاحية لها، مطالبين بالعمل على إعادتهم إلى أرضهم من خلال استمرار الثورة.

وأكد "أبو الفاروق عبد" وهو أحد الموقعين على البيان، أن "تشكيل أي مؤسسة كانت سياسية أو تعليمية أو أمنية أو غير ذلك من الأمور التي ينحصر بناءها على يد دولة قائمة، هو عبارة عن حرف لبوصلة الثورة، وتأخير لتحقيق هدفها، لأن العمل الأساسي والأهم في خضم الثورات والذي يجب على الشعب أن يضعه على رأس أولوياته هو إسقاط النظام بجميع أركانه ورموزه، ومن ثم تكون بناء تلك المؤسسات وظيفة النظام الجديد القائم".

وأعاد "عبد" إلى الأذهان في حديثه لأورينت أمر مشابه، بقوله: "هذا ما حصل عندنا في الغوطة. ظنت الفصائل أنها ستعمل على إدارة شؤون الغوطة وتشكيل نوع من الدويلة الصغيرة، وقتلت الروح الثورية عند الناس، حتى استطاع النظام قضم الغوطة تدريجياً، وفي نهاية المطاف بسط سيطرته عليها وأجبرنا جميعاً على الرحيل".

نصر للنظام!

من جانبه، حذر الناشط مصطفى سليمان من أنه "وحسب اتفاق سوتشي الأخير، يجري العمل على فتح الطرقات الدولية التي تمر في المناطق المحررة، وسيتم الموافقة على فتحها من قبل مجلس الشورى الجديد ضمن تشكيلة حكومة الإنقاذ، مما يجعل هيئة تحرير الشام تتنصل من مسؤولياتها في منع هذه السيناريو الذي يعد نصراً سياسياً كبيراً للنظام وإعادة للشرعية له". 

يشار إلى أن "حكومة الإنقاذ" تعتمد في كثير من مواردها على المنظمات الإنسانية، التي تدعم كبرى المشاريع الخدمية في إدلب وحلب، إضافة للرسوم والضرائب التي تفرضها على الشعب السوري.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات