كيف ساهمت أجهزة مخابرات الأسد بانتشار مراكز "الدعارة" وحمايتها؟

كيف ساهمت أجهزة مخابرات الأسد بانتشار مراكز "الدعارة" وحمايتها؟
شاركت أجهزة أمن نظام أسد بحماية مراكز "الدعارة" المنتشرة في سوريا خلال العقود الأخيرة، وساهم ضباط هذه الأجهزة بفتح هذه المراكز والإشراف عليها، أو التغاضي عنها مقابل بعض الرشاوى وكذلك الاستفادة منها في بعض الأمور الأمنية داخل البلد وخارجه.

وكشفت تقارير عدّة من داخل مناطق سيطرة نظام أسد إلى أن مراكز الدعارة المُرخّصة والعشوائية زادت بنسبة تجاوزت الضعف عمّا كانت عليه قبل عام 2011، وبنفس الوقت كشفت مصادر خاصة لأورينت نت عن تورّط أجهزة أمن النظام والميليشيات التابعة لها بزيادة هذه النسبة عبر عدة إجراءات وطرق استخدمتها وبأهداف مختلفة.

بيوت دعارة برعاية أجهزة الأمن

وفي هذا الخصوص، أوضح المساعد أول أنس الأحمد والذي تمّ تسريحه من سلك الشرطة (فرع الأمن الجنائي بدمشق) لاكتشافه بعض بيوت الدعارة التي يُديرها ويُشرف عليها ضباط وعناصر أجهزة أمن مختلفة، حيث أوضح لأورينت نت بقوله "تم فصلي من سلك الشرطة عندما كنت مُشرفا على إحدى مجموعات المتابعة بقسم الآداب التابع للأمن الجنائي قبل بداية الثورة بشهور، وذلك على خلفية اكتشافي لبعض بيوت الدعارة التي يُشرف عليها شخصياً ضباط وعناصر من أجهزة أمن مختلفة، ومن بين هؤلاء الضباط كان العقيد محمد جحجاج العامل بالأمن السياسي، والمقدم يعرب حسون العامل بجهاز المخابرات الجوية، والمقدم يونس الحسن العامل بجهاز الأمن العسكري، بالإضافة للعديد من صف الضباط المساعدين لهم، ولذلك تمّ تلفيق لي تهمة النيل من هيبة الدولة وسجني لمدة 6 شهور في سجن عدرا وبعدها خضوعي لمحكمة القضاء العسكري بدلاً من المدني وتسريحي مباشرة".

وأضاف الأحمد مبيّناً دور أجهزة أمن نظام الأسد بمراكز الدعارة المنتشرة في سوريا خلال العقود الأخيرة وحتى اللحظة، بقوله "تُشرف أجهزة أمن نظام الأسد الكثيرة على القسم الأكبر من بيوت ومراكز الدعارة المرخّصة وغير المرخصة، وعمل قسم الآداب التابع للأمن الجنائي ما هو إلا ورقة ضغط على مَن يشذّ من مدراء أو عناصر هذه المراكز لمحاسبتهم أو ابتزازهم فيما بعد، وأكثر أجهزة الأمن الراعية لهذا العمل هي جهاز المخابرات الجوية والأمن العسكري والسياسي والجنائي، ولديهم ملفات ضخمة عن كل من يرتاد هذه المراكز أو يُشرف عليها".

وأشار المساعد خلال حديثه لأورينت نت إلى أن، "هناك مئات بيوت الدعارة التي يُديرها مسؤولو نظام الأسد وضباطه وعناصره دون علم إداراتهم العسكرية والأمنية، والغاية منها الاتجار بالبشر وكسب المال عبر تجارة الدعارة التي زادت خلال السنوات الأخيرة بسبب ظروف الحرب، ودعم وتغافل نظام الأسد عن هذه الأعمال لأن أغلب متورطيها من حاشيته ومواليه".

بينما كشف الناشط في حقوق الانسان،  المحامي أسعد تركاوي لأورينت نت بعض مراكز الدعارة التي تُشرف عليها أجهزة أمن نظام الأسد وذكر منها، "تنتشر في دمشق آلاف بيوت الدعارة التي تُشرف عليها أجهزة أمن نظام الأسد، وهي منتشرة في الأحياء الأساسية وفي العشوائيات، ومنها بيوت برعاية المخابرات الجوية موجودة في أحياء المزة ومزة 86 وكذلك في أحياء المهاجرين والعدوي و مدينةجرمانا وجنوب دمشق، وهناك مراكز تابعة للأمن العسكري متواجدة في أحياء الزاهرة والدويلعة والسيدة زينب وأحياء تشرين وبرزة وعش الورور".

حماية وتسهيل مراكز الدعارة

وأما عن دور أجهزة أمن نظام أسد الطائفي بحماية مراكز الدعارة، يقول المساعد أنس الأحمد، "لو نظرنا إلى رقعة انتشار أغلب مراكز وبيوت الدعارة في دمشق مثلاً، للاحظنا أنها تتواجد على أسوار أجهزة الأمن أو الوزارات المسؤولة عن منعها من المفترض، فمثلاً فنادق "المرجة" المخصصة للدعارة تتواجد على بُعد 30 متراً من وزارة الداخلية وتحميها دوريّتان من شرطة النجدة".

وتابع الأحمد، "وأما عن بيوت الدعارة المنتشرة في جرمانا والدويلعة والزاهرة فتقع تحت مرأى جهازيّ المخابرات الجوية والعسكرية وعلى بعد عشرات الامتار عنها، ومثلها كذلك مراكز الدعارة في السيدة زينب والحجّيرة  والمزّة والأحياء الراقية وسط دمشق وعشوائيات برزة وعشّ الورور وتشرين وضاحية الأسد، وجميعها تعمل تحت حماية أجهزة أمن النظام وبتسهيل منه وعدم التدقيق عليها".

وبنفس السياق، أوضح الحقوقي تركاوي دور أجهزة أمن نظام الأسد بتسهيل عمل مراكز الدعارة بقوله، "تم اكتشاف العديد من بيوت الدعارة التي تعمل تحت رعاية وتسهيل مسؤولي أجهزة الأمن لدى نظام الأسد، وبعضها مرتبط بضباط رفيعي المستوى وفنانين محسوبين على هذه الاجهزة، عدا عن آلاف بيوت الدعارة في دمشق وحدها، ومثلها بحلب واللاذقية وحمص، وأغلبها تعمل تحت حماية أجهزة الأمن أو بحماية ضباطها أقل ما يمكن، ولذلك بتنا نجد العاملات والعاملين بهذا العمل يقف على شوارع دمشق علناً ويعرضون عملهم لقاء مبلغ مادي، وكذلك تم توثيق عدة قضايا أُغلقت بعد تدخّل ضباط أمن من هذه الأجهزة، ولذلك تعتبر أجهزة الأمن هي الراعي الرسمي العلني أو السرّي لعمل مراكز الدعارة وتسهيل عملها دون الحدّ من انتشارها".

إفساح المجال للدعارة الدخيلة

ولكن بالمقابل، ظهرت دعارة دخيلة على المجتمع السوري بسبب ظروف الحرب التي فرضها نظام الأسد في سوريا، وهذا ما أكّده الناشط بلال منجّد لأورينت نت بقوله، "ظهر خلال السنوات الأخيرة وخاصة بعد دخول الميليشيات الشيعيّة والطائفية دارة التشارك مع أجهزة أمن النظام، فتمّ فتح مكاتب "زواج المتعة" والتي تُعتبر دعارة تحت مسميّات مذهبية، وكذلك دخول فكرة "المُساكنة" التي روّجت لها أجهزة الأمن والميليشيات الأجنبية المساندة لنظام الأسد".

وأكمل منجّد، "ومن الدعارة الدخيلة التي رعتها أجهزة أمن النظام ولم تستخدم قوتها المعهودة للحدّ منها، كان هناك ما يُسمى "المُبادلة" والتي يتمّ فيها تبادل الزوجات بين مجموعة أشخاص، بالإضافة لمكاتب تطويع الفتيات مع هذه الميليشيات وأجهزة الأمن تحت مسميات عدة منها "فتيات عطاء" والكثير من مكاتب الترفيه لعناصر الميليشيات، والتي جميعها تحت إشراف ورعاية أجهزة أمن النظام".

أسباب رعاية أجهزة الأمن لمراكز الدعارة

ومن جانب مختلف، نوّه المساعد أنس الأحمد أسباب حماية ورعاية أجهزة أمن نظام الأسد لعمل مراكز الدعارة بقوله، "اعتمدت أجهزة أمن النظام على تسهيل وحماية بيوت الدعارة لعدّة أسباب منها، أولاً اعتمادهم إياها بحجّة السياحة الجنسية والتي تدرّ لخزينة النظام ملايين الدولارات سنوياً".

وأردف الأحمد قائلاَ، "أما السبب الثاني فهو مراقبة وايقاع بعض المعارضين أو الغير محسوبين على نظام الأسد عبر شبكات الدعارة داخل وخارج سوريا، فيما السبب الثالث هو أخلاق ضباط ومسؤولي أجهزة أمن هذا النظام والمبنيّة على الاغتصاب والدعارة ومنها تمّ جني ثروات طائلة خاصة بهؤلاء المسؤولين".

وأشار سريعاً لباقي الأسباب بقوله، "وتستخدم أجهزة أمن نظام الأسد شبكات الدعارة لكسب عناصر الدفاع الوطني والعسكريين وعناصر الميليشيات الطائفية، وذلك بالسماح لهم بممارسة الدعارة دون معاقبتهم على فعلها وإنما بتسهيلها لهم، وهناك أسباب أخرى كمراقبة بعض الأشخاص والمسؤولين العرب عبرها، إضافةً لابتزاز كل من يشذّ عن حظيرة هذه الأجهزة ونظام الأسد".

وأضاف الحقوقي تركاوي أن نظام الأسد قام مؤخراً بـ "قوننة" عمل الدعارة عبر نقابة الفنانين وقسم الآداب التابع لوزارة الداخلية، وتغيير بعض القوانين والتشريعات التي بالأساس كانت تتهاون مع هذا الفعل، ولكن الآن باتت تُشرّعه وتتساهل معه لأبعد الحدود.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات