صحيفة أمريكية تفتح ملف الحرائق "الغامضة" في سوريا

صحيفة أمريكية تفتح ملف الحرائق "الغامضة" في سوريا
أشارت صحيفة واشنطن بوست إلى الحرائق المستمرة التي تلتهم المحاصيل في شرق سوريا والعراق وتقضي على الأراضي الأكثر خصوبة في المنطقة والمعروفة في القرون الماضية على أنها سلة خبز العالم الحديث.

وبحسب الصحيفة، كان من المفترض أن يكون هذا العام، عام الخير، حيث توقفت الحرب نسبياً عن هذه المنطقة التي لم يضر بها الجفاف هذا العام، وكانت تَعِد بحصاد وفير إلى أن جاءت الحرائق الغامضة لتلتهم الحقول الذهبية الشاسعة.

في البداية ألقي باللوم على تنظيم داعش ولكن سلسلة الحوادث هذه تشي بأكثر من ذلك. مع بداية أيار، تم حرق عشرات الآلاف من الفدادين الممتدة من الحدود الإيرانية في الشرق إلى قرب ساحل البحر المتوسط في الغرب.  أما الأضرار فهي فوق التصورات حيث من الممكن أن تشاهد الأراضي المحروقة عبر الأقمار الاصطناعية.

وتعد هذه الحقول الدخل الأساسي للمزارعين الذين شهدوا ولايات الحرب وسنوات من الحرمان والبؤس حيث من المفترض أنها الأمل الوحيد لهذه المجتمعات التي تتطلع للتعافي من الحرب.

حقول من السواد

وقال محمد عباس جقجق، المزارع البالغ من العمر 75 عاماً والذي يعيش في قرية تل الأبطخ بالقرب من ناحية تل حميس "عائلتي كلها، وهي 24 شخص، كانت تنظر الحصاد الذي انتهى الآن". احترقت محاصيله الزراعية بالكامل التي وعند النظر إليها ترى حقولاً من السواد في كل اتجاه. وأضاف "هذه أول مرة نرى فيها حصاداً جيداً مثل هذا من عشر سنوات ولكننا لم نحصل منه على شيء".

أكد داعش مسؤوليته عن الحرائق بل وحث اتباعه على إشعال المزيد "نقول لجنود الخلافة: أماكم ملايين الدونمات من الأراضي المزروعة بالقمح والشعير التي يملكها المرتدين".

في سوريا، تم حرق 20,000 فدان من القمح والشعير، وتم حرق 134,000 فدان في العراق، وتضرر 20,000 فدان من المحاصيل هناك.

يرى بيتر شوارتزشتاين، الزميل في مركز المناخ والأمن، أن الحرائق تتماشى مع عمل داعش وهدفه "إبقاء الريف غير مستقر وغير ناضج.. ومنطقه يقول: إذا لم نتمكن من امتلاك الأرض فلا يمكن لأي شخص آخر امتلاكها".

مع ذلك، يرى آخرون أن داعش ليس المسؤول الوحيد حيث تشهد هذه الأراضي نزاعات على مليكتها التي تغيرت نتيجة سنوات من الحرب مع اتهامات بين العرب والأكراد بأحقية امتلاك هذه المحاصيل. مع وجود نزاعات أخرى عربية بين أولئك الذين دعموا التنظيم وآخرين وقفوا بوجهه.

تعدد الاتهامات

تبنى داعش مسؤولية الحرائق هذه إلا أنه وفر في الوقت نفسه غطاء لعدد كبير من الجهات الساعية للانتقام من الأراضي الخصبة التي يمتلكها خصومها خصوصاً بعد هزيمة التنظيم، حيث لم تستطع جهة واحدة تقديم حل منطقي للمناطق المتنازع عليها.

الأراضي التي اُحترقت في العراق، هي مناطق متنازع عليها بين العرب والأكراد ويقول البعض إن إيران هي وراء هذه الحرائق لإجبار العراق على شراء القمح الإيراني.

في سوريا، ترى الإدارة الكردية المُعلنة في الشمال الشرقي، بدعم من الولايات المتحدة، إن النظام وراء هذه الحرائق بسبب امتناع الإدارة عن بيع القمح للنظام. وقال سلمان بارودو، رئيس لجنة الزراعة هناك "لا يمكننا القول إن النظام وداعش يعملان معاً. ولكنهما يشتركان في نفس المصالح".

وقال تقرير للأمم المتحدة إن الحملة العسكرية على إدلب هي التي تسببت بحرق المحاصيل. كما أظهرت مقاطع فيديو نشرها نشطاء احتراق المحاصيل بعد أن استهدفها النظام بقنابل الفسفور.

وتلقي شخصيات سورية معارضة باللوم على الأكراد الذين يسعون لمعاقبة العرب في مناطق سيطرة داعش سابقاً. ومن الممكن أن تكون درجات الحرارة المرتفعة هي السبب وراء الحرائق على الرغم من نفي الخبراء لذلك.

مأساة تضرب الفلاحين

وقال نيكولاس هيرس، الباحث في مركز الأمن الأمريكي الجديد إن الجاني المرجح هو داعش في سوريا ولكن جميع التفسيرات ممكنة "في هذه المرحلة الزمنية، الجانب المنطقي، والذي لديه الدفاع لحرق حقول القمح هو داعش الذي يستخدم الحرائق كتكتيك لمعاقبة أعدائه".

بالنسبة للعوائل المتضررة، القصة تتعدى وجود حرائق في المنطقة. تبكي نساء عائلة جقجق أثناء استقبالهم للصحفيين أواخر الشهر الماضي. تحيط بهم الحقول المحروقة، بل ما يزال البعض منها مشتعلاً. دمر الحريق 2,500 فدان من المحاصيل بما في ذلك 75 فدانا قاموا بزراعته.

قالت مها باكية "خسرنا كل شيء" في الداخل، جلس مزارع العائلة بهدوء محاطاً بأحفاده، وزاور عائلته الكبيرة وقال "بالنسبة لنا الأمر بمثابة جنازة".

وأضاف "رأينا الحريق يأتي من مسافة خمسة كيلومترات ولم نتمكن من فعل شيء. أخذنا أطفالنا وحيواناتنا وهربنا". تردد في لوم الجهة المسؤولة، الجميع في منطقته يفرض نفوذه. خلال السنوات الأربع الماضية، تغيرت الجهات الحاكمة من النظام إلى داعش وصولاً على قسد.

وقال في حيرة من أمره "لا يمكنني القول من يقوم ذلك. هل هم العرب؟ هل هم الأكراد؟ هل هي الحكومة؟ هل هي تركيا؟ هل هم الأجانب؟ لا يمكنني القول. لدينا العديد من الأعداء وليس بحوزتي أي دليل".

 للاطلاع على التقرير من المصدر

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات