فورن بولسي: الأسد لم ينتصر بأي شيء

فورن بولسي: الأسد لم ينتصر بأي شيء
قال الباحث السياسي في معهد الشرق الأوسط تشارلز ليستر إن سنوات الحرب الدامية في سوريا لم تنتج إلا دولة فاشلة وعنيفة وفوضوية يحكمها دكتاتور يروج له البعض بأنه انتصر في الحرب.

وقال ليستر في بحث مطول نشره بمجلة فورن بولسي، إن عبارات مثل "الأسد قد فاز" أو "الحرب تقترب من نهايتها" بدأت تتسرب بهدوء إلى بعض المراقبين وصناع القرار بعد أن كانت أجندة يروج لها مؤيدو النظام لدعمه على إعادة إعمار البلاد.

ومثال على ذلك، ندوة عقدها مركز كارتر، الذي أسسه الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر، في نيسان بلندن لمناقشة قضايا متعلقة بـ "استعادة السيادة الإقليمية" و"كيفية تأمين إزالة القوات المسلحة العاملة في سوريا بدون مشاركة الحكومة السورية". استضاف هذه اللقاء ما يعرف بـ "الجمعية البريطانية السورية"، وهي جميعة مرتبطة بالنظام، أسسها فواز الأخرس، صهر بشار الأسد.

قدم فواز الاخرس المشورة للأسد في 2012 بهدف مواجهة الأدلة التي تشير إلى تعرض المدنيين للتعذيب. ماعدا أن المدير التنفيذي للجمعية هو شقيق رئيس منظمة الأسلحة الكيميائية التابعة لنظام الأسد.

هذه الادعاءات وغيرها، فيها مشكلة واحدة فقط. نظام الأسد لم يربح أي شيء على الإطلاق، وهنالك العديد من الأدلة على ذلك.

معركة إدلب وإيران

يوجد في إدلب حوالي 60,000 مقاتل مصممون على مواصلة قتالهم ضد النظام ومؤيديه على اختلاف توجهاتهم. قرر النظام منذ ما يقرب من شهرين إلى الآن شن هجوم واسع النطاق ضد المنطقة، شاركت فيه قوات النخبة التابعة له بما فيها قوات النمر الشهيرة، والحرس الجمهوري، والفرقة الرابعة.

ولكن، بعد 10 أسابيع من الحرب، لم يتمكن النظام من استعادة أكثر من 1% من الأراضي في المنطقة بينما خسر مئات المقاتلين وعشرات الدبابات والعربات المدرعة وعدة طائرات.

وهذا أكبر دليل على ضعف نظام الأسد، وافتقاره للقوة البشرية الكافية لسيطرته على باقي البلاد. ودليل على تحكم إيران بالوضع، حيث رفضت نشر وكلائها في المعركة بسبب اجتماع استانا الذي عُقد في شباط. وتظهر المعارك الأخيرة في ريف اللاذقية إلى أن النظام قد يتراجع أمام ضربات الفصائل، إذا ما استمر الدعم التركي.

ويعني استمرار الوضع الراهن الفوضوي والعنيف، زيادة قوة الفصائل المتشددة مثل هيئة تحرير الشام، وحراس الدين الذي تقول المصادر إنهم يضعون خططاً طويلة الأمد لمهاجمة الغرب. ماعدا التهديد الصادر عن تنظيم داعش حيث شن بعد سقوطه في آذار أكثر من 370 هجوماً.

أوهام السيطرة

عقد النظام بدعم روسي مصالحات مع الفصائل المختلفة في معظم مناطق سوريا بهدف استعادتها بأقل التكاليف الممكنة إلا أن هذه المناطق تحولت إلى ثقوب سوداء، حيث يكثر القمع، والتجنيد القسري، وانخفاض الخدمات، مع وجود منافسة في هذه المناطق بين بين الجهات الأمنية المدعومة من روسيا وتلك المحسوبة على إيران.

نتيجة لذلك تحولت هذه المناطق إلى نقاط لعدم الاستقرار، خصوصاً في الجنوب حيث أعلن النظام حالة الطوارئ فيه وذلك بحسب عدة مصادر بهدف إيقاف العشرات من الهجمات التي تشنها الفصائل ضد النظام والمليشيات المتحالفة معه.

وفي حين أن النظام يسيطر على 62% من سوريا إلا أن 38% من الأراضي يسيطر عليها جهات مختلفة. تخضع شرق وشمال شرق سوريا لسيطرة الولايات المتحدة وحلفاؤها وذلك في نسبة تصل لـ 28% وتسيطر تركيا على 10% في الشمال والشمال الغربي.

وعلاوة على ذلك، يعاني البلد من النتائج الاقتصادية المترتبة على ثماني سنوات من الصراع المتوحش حيث تدمرت البنى التحتية الحيوية. وخرجت موارد الطاقة والزراعة من يد النظام حيث تسيطر عليها قسد بدعم امريكي. ومع تزايد العقوبات المفروضة على إيران يعاني النظام من شح شديد في الوقود.

انسداد الآفاق الاقتصادية

تواجه سوريا فوق كل ذلك تحدي إعادة الإعمار حيث قدر البنك الدولي عام 2016 تكلفته بـ 450 مليار دولار شريطة انتهاء الصراع في 2017. وبـ 780 مليار دولار في حال انتهى الصراع في 2021.

وحتى في حال وصول سوريا إلى مرحلة أفغانستان في تلقي أعلى مستوى من المساعدات في العالم لإعادة الإعمار فهي بحاجة لـ 50 عاماً لإعادة بناء ما هدمته الحرب، وذلك بشرط عدم وجود فساد ونفقات عالية، وهذه تحديات لا يمكن الوفاء بها حالياً.

وهنالك المزيد من التحديات. فمثلاً لو أرادات سوريا إعادة بناء 2 مليون منزل سكني، فهي بحاجة إلى 25 مليون طن من الأسمنت و5 ملايين طن من الحديد كل عام لمدة 10 سنوات. وهذا لا يمكن توفره، ليس لدى سوريا البنية التحتية مثل الطرق والموانئ ومرافق النقل للقيام بذلك، ماعدا التحدي المالي الذي تواجهه. كما أن عملية خلط الاسمنت نفسها تطلب كمية كبيرة من المياه ربما تكون سوريا غير قادرة على تلبيتها.

ومع استمرار النظام بالحكم على الرغم من جرائم الحرب والفظائع التي ارتكبها منذ 2011 ومعارضته المستمرة لأي جهود ووساطة دولية لا يبدو أن المجتمع الدولي سيخفف من قيوده الاقتصادية على سوريا في أي وقت قريب.

للاطلاع على التقرير من المصدر

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات