عشت لأروي لكم: طفولتي وعينا أبي ومجزرة حماه!

عشت لأروي لكم: طفولتي وعينا أبي ومجزرة حماه!

شهادة خالد الخاني الفنان التشكيلي السوري عن مدينته حماه الذي شهد بعينيه مجزرة عام 1982 الرهيبة فيها عندما كان طفلاً، هي واحدة من أصدق النصوص والشهادات الشخصية التي كتبت عن المجزرة الأقسى في التاريخ السوري المعاصر. يقدمها (اورينت نت) لقرائه في الذكرى الحادية والثلاثين للمجرزة، بشيء من التشذيب والاختصار.

المحطة الأولى: ملامح حملة إبادة جماعية!

في شباط 1982 كان عمري 6 سنوات وكنت في الصف الأول ابتدائي وقد انتهينا من الفصل الأول وكانت عطلة الربيع، ويا لها من عطلة.

ليلاً ونحن نيام نسمع أصوات مدوية تكسر صمت المكان وتحول الطمأنينة إلى هلع قاتل، فيما ارتباك كبير يبدو على عمتي التي ربتني وأنا أنام بقربها لأملأ فراغ الأمومة لأنها لم تتزوج ابداً.. كانت تعيش معنا في بيتنا الجميل المؤلف من طابقين كبيت عربي تقليدي. باقي أسرتي وأبي وأمي ينامون في الطابق الثاني، بعد هذا بلحظات أسمع أصوات أخوتي وأبي وأمي تعلو وهم ينزلون الدرج ويدخلون غرفة عمتي، فيما يتصاعد إطلاق الرصاص. أمي تقول لأبي: (ألم اقل لك أن نبقى في المزرعة)، هذه الجملة لم تفارقني لسنين طويلة، وأنا أفكر بها وتؤلمني فكرة أن أبي لم يبق في المزرعة، بقي الأمر حتى كبرت وسامحته وقلت إنه القدر.

صوت الرصاص بدأ يملأ الحياة، كنت أسمع أزيزه للمرة الأولى، الصوت يرتفع أكثر، ثم بدأ صوت الانفجارات ومرت الساعات وبعدها بدأنا نتعود على هذه الأصوات، يمر الوقت ويبدأ بعض الجيران بالتوافد إلى بيتنا. فوضى عارمة في كل مكان، أطفال يبكون، ونساء تقرأ القران وقلق كبير، هذا الوضع استمر ثلاثة أيام، وبعدها سمعنا صوت انفجار كبير، قال أبي إن قذيفة أصابت الطابق العلوي، واهتز البيت كما ملأ الغبار رئتي مثل ما ملأ المكان، وتعالى صوت النساء يقرأن سورة ياسين، فيما ارتفعت وموجة بكاء حاد.

قال أبي: (يجب أن نغادر المنزل بأقصى سرعة). خرجنا وبدأ الناس بالتجمع والصراخ. كان الذعر يسيطر على كل شي، دخلنا إلى بيت أحد الجيران ومن ثم إلى قبو مظلم اعتقد رجال الحي أنه أكثر امناً من غير أماكن.. وكان العدد أكبر من المكان. وبقينا ثلاثة أيام والرصاص لا يتوقف أبداً؛ بعدها تندفع قذيفة مدفعية تهز كل شيء، وسورة ياسين ترتفع حتى السماء، وقذيفة ثانية وثالثة المكان في اهتزاز دائم، فيما لم يصب أحد من الذين كانوا في القبو، ولكن كثيرين من أهل الحي ماتوا وأصيب الكثيرون، والطبيب الذي يسكن الحي أنقذ من استطاع إنقاذه.

بقينا في القبو حتى هدوء القصف والرصاص، أخرجونا وقالوا يجب المغادرة باتجاه احياء اكثر أمناً، لم يعرفوا حتى هذه الساعة انهم كانوا مخطئين ولم يخطر ببالهم أنها كانت حملة ابادة جماعية.

خرجنا مسرعين باتجاه سوق الحاضر لنعبر الى (الأميرية) وصلنا الى شوارع كان علينا ان نعبرها زحفاً لوجود قناصة في كل مكان، بعد وقت صعب وصلنا الى حي الاميرية عندما قطعنا الشارع الأخير زحفاً كان ابي يساعد عمتي المرأة الكبيرة وانا ملتصق بها تماماً، عبرت امي واخواتي مع الجميع وبقينا نحن الثلاثة، حينها طلب مني ابي ان الحق بالجميع، فرفضت لاني كنت اريد ان اظل مع عمتي التي ربتني، ولكنه اجبرني على اللحاق بأمي والآخرين وبقي هو مع عمتي وهذه كانت آخر مرة أرى فيها ابي حياً.

في حي (الأميرية) تابعنا البحث عن ملجأ يحمينا، وجدنا قبوا مكتظا بالناس، لم يستطيعوا إدخالنا لأن عددنا كان كبيراً جداً (معظم سكان حي البارودية)، ولكنهم ادخلو ابي وعمتي، فهم اثنان فقط. في ذلك الملجأ في (الأميرية) اعتقل ابي وبقيت عمتي التي رأت وأخبرتنا بما حدث.

تابعت مجموعتنا الطريق باتجاه شمال الأميرية ووجدنا هناك ملجأ كبير يتسع للجميع وبقينا داخله يومين قبل وصول الجيش العربي السوري. عندها تحول الملجأ الى معتقل، حيث اخرجو جميع الرجال والشباب من المكان، واعدموا بعضهم مباشرة عند الباب، واعتقلوا الشيوخ كبار السن. بقي في المكان النساء والأطفال، البعض يبكي والأكثرية يرددون بعد مجبرين تحت التهديد ("بالروح بالدم نفديك ياحافظ"، "يا الله حلك حلك يقعد حافظ محلك") للإمعان في مهانتنا.

ثلاثة أيام سجنونا - أقسم بالله من دون طعام- وقتلوا من شاؤوا. رائحة المكان أتذكرها جيداً، كانت لاتطاق ودائما ما كنا نسمع أصواتا.. صراخ خارج القبو، اغتصاب نساء وتعذيب لايمكن لي اليوم أن أصفه أو أتذكره إلا ويؤثر بي.

لقد كان مع بعض النساء سكاكر وشوكولا، وقبل أن يأخذوا الرجال أحضر أحدهم خبزا وزيتوناً، تقاسمنا كل شي كميات لاتكفي لرجل واحد؛ في هذا الوقت كانت النساء تقرأ القرأن من دون توقف ولكن بصوت منخفض. وبعدها فتح الباب وطلبوا منا الخروج لأنهم قالوا سوف نقتلكم وبدأنا نهتف بالروح بالدم نفديك....الخ، عندها قالوا يجب أن نذهب باتجاه طريق حلب والاتجاه خارج المدينة. سرنا نرفع أيدينا ونحن نردد ما طلب منا، منظر لا يعقل. المكان مليء الجثث، وهي منتفخة، والدماء سوداء، ونحن من شارع الى آخر، الجثث والدمار في كل مكان. تقدمنا حتى وصلنا الى جامع عمر ابن الخطاب (الذي تسمعون عنه اليوم والذي بدأت فيه الآن التظاهرة للمطالبة بالحرية). كان الجامع مدمراً، لم يبق فيه الا الموضأ، كان فيه بعض عناصر الجيش اخافونا بتوجيه اسلحتم علينا، فانبطح الجميع أرضاً، وبعدها ادخلونا الى الموضأ واغلقوا الباب بإحكام، بعض النساء قلن لعناصر الجيش اقتلونا ودعوا الجميع يخرجون من المدينة ولكنهم رفضوا. عند دخولنا الى الموضأ وجدنا خبزاً عفناً هجمنا عليه وبدأنا بالأكل.. وهناك وجدنا ايضاً تمثالين صغيرين من حمام الزينة الأبيض، لا أعرف لماذا كانا هناك، ولكنهما بديا لي على أنهما مؤشران لبداية الخلاص من حمام الدم. بقي الباب موصداً لمدة يوم ونصف بعدها القيت خطبة من أحد الضباط قال فيها "التي لها زوج أو أخ او ابن أو أب وتنتظره، فلا تنتظره لأنه لن يخرج حياً أبداً ولن يعود".

أطلقونا باتجاه حلب، مشينا أكثر من عشرة كيلومترات نسابق الزمن ونحن حفاة نبكي، والنساء تقرأ القرآن، وإذا سمعنا اطلاق رصاص مباشرة كنا ننبطح جميعاً حتى وصلنا الى النقطة التي سمحوا فيها لأهالي القرى الوصول اليها لمساعدة الناجين.

 المحطة الثانية: قصص الهروب الكبير!

بعد وصولنا إلى الأطراف الشمالية لمدينة حماه وكنا حفاة وملابسنا متسخة ورائحة البول تطغى على المشهد، استقبلنا أهالي الريف وركبنا سيارة شحن كبيرة وتوجهنا إلى القرى.. وتركنا هناك وراءنا في مدينتنا صوراً و قصصاً مؤلمة. . كان بحينا بالبارودية إحدى جاراتنا لديها شابان أحدهما من ذوي الاحتياجات الخاصة والآخر سليم،. وعند هروبنا الكبير والحي يقذف من مدفعية الجيش السوري (لا أعرف إذا كانت "سرايا الدفاع" أم "الوحدات الخاصة"، أم الاثنان معا) أصيب الشاب ذو الاحتياجات الخاصة بحالة هلع ورهاب وفزع، لم يستطع معها رجال الحي إخراجه من المنزل، حتى تستطيع عائلته الرحيل معنا.

وقفت أمه أمام بيتها وطلبت من الجميع وهي تلوح بيدها الاسراع بالرحيل، وهي تقول "لنا الله، لنا الله" وكررتها كثيراً، حاول أحد رجال الحي اقناعها وطلب منها ترك ابنها والذهاب معنا هي وابنها السليم فرفضت ذلك، وقالت "أسرعوا ارجوكم، فهذا قطعة من قلبي ولن أتركه".

بقيت الأم مع ولديها وبعض الشباب الشجعان من اللجان الشعبية.. الأم التي تحولت إلى شاهد في ذاكرتنا أخبرتنا لاحقاً إنه وبعد انتهاء المجزرة دخل عناصر الجيش بكل عتادهم الى حينا وفتشوا جميع المنازل وبدأت قوات الجيش بجني غنائم الحرب. دخلوا الى بيتنا الجميل وكل بيوت الحي وسرقوا كل شي يهمهم. قالت المرأة إن سيارات الجيش بدأت تحمل الاغراض وبالذات التحف الغالية الثمن، وجميعنا نعرف ان رفعت الأسد يهتم بالتحف الفنية ومارس هوايته بأبشع الطرق. وتروي السيدة بأنها اخبرت الجيش عن سبب بقائها مع ابنها المريض وسألها الضابط عن مكانه وكان الشاب المريض مختبئاً ومن الصعب التفاهم معه،. اوعز الضابط الى جنوده بالبحث عنه حتى وجدوه وسحلوه أمام أمه هو وأخاه المعافى، وقالوا لها وهم يضحكون اختاري احد ابنائك فهو لك وسوف نقتل الآخر... أبت الام الاختيار بين ابنائها وهي تبكي وتقبل قدمي الضابط وتترجاه، وتقول "اقتلوني أنا ودعوا اولادي".

"شهامة" الضابط كانت سريعة، حيث سحب مسدسه وأطلق النار على ابنها المعافى، فوقع على الارض شهيداً من اجل اخيه من ذي الاحتياجات الخاصة. وقفت الأم تبكي فوق ابنها فسحلوها مع ابنها المريض ووضعوها بسيارة عسكرية وأخبروها انهم سيفجرون الحي بكامله، وهذا ما حصل. عندما عاد بعض الرجال بعد انتهاء المجزرة لم يجدوا حي البارودية كان قد دمر تماماً، عن بكرة أبيه.

دُمِّر الحي تماماً هذا، ما قاله لنا خالي لاحقاً بعد أن تسلل إلى المنطقة بحثاً عن بيتنا. ذهب ليبحث عن صندوق الحديد الخاص بأبي. وبعد ساعات، وبمساعدة الجرافات، وجد قطعة حديد صغيرة. لقد سرقوه بعد تفجيره وهذه صورة عن إصرارهم على سرقة كل شيء،. عاد خالي لأمي بسجادة كان الجنود أطلقوا عليها الرصاص وثقبت، وهذه السجادة مازالت موجودة عند أمي الى اليوم، ذكرى لنا ولها من بيتنا الجميل الذي يحمل في ضميرنا صورة والدي.

القصص التي رويت لنا من الناجين عند هروبنا الكبير من مجزرة حماة كثيرة. منها قصة عائلة مؤلفة من أب طاعن بالسن ومريض وله ابن شاب صغير كان عمره يومها (١٥) سنة، وهو الذكر الوحيد لهذه العائلة بعد ثلاث بنات. روت الام بعد المجزرة أنه بعد مغادرة أهل الحي أمطرت مدفعية جيش الأسد الحي بالقذائف بشكل مكثف حتى تأكد الجيش من عدم وجود أحياء في البارودية. دخل الجيش ووجد هذه العائلة مع الأب المريض. الضابط سأل الأب عن سبب عدم هروبهم مع من رحلوا من المدينة، وقال له هل تريد أن تقاوم؟ فأجابه الأب أنا لا علاقة لي بالمشاكل ومريض ولا أستطيع حتى المشي، وهذه عائلتي بقيت لترعاني.

في ذلك المنزل ضحك العسكر من كلام الأب العاجز، فيما الضابط طلب من الفتيات أن يخلعن حجابهن ليتأكد انهن نساء ولسن رجالاً. رفضت الفتيات القيام بذلك، وبدأن بترجي الضابط بعدم إجبارهن على ذلك، ولكن الضابط اصر على ذلك كنوع من الاذلال للعائلة. بعدها بدأ الضابط بمفاوضة الأب بكل سفالة أن يتركه حياً شرط أن يوافق على اغتصاب إحدى بناته. بكى الأب وثار في وجه الوحشية وتبعه ابنه الشاب فقتلوهم وامعنو ا بتشويه جثتيهما أمام الجميع، وقاموا باغتصاب واحدة من الفتيات وبعدها اخرجوهم بسيارة من الحي.. والفتيات الثلاث تزوجن وعندهن اليوم اولاد، وهن لا يتكلمن عن ذلك اليوم الأسود.

في حماه كان الألم كبيراً لنا جميعاً من كل الفئات والانتماءات، كل الألم تقاسمه أهل المدينة سواسية من دون تفرقة، عشنا مرحلة سوداء من دون أن نعرف أن هذا الأمر سيظل كالسكين يقطع في ذاكرتنا، يخفي دموعنا ويمحوها أحياناً.

نعود الى الصور التي رأيتها عند هروبنا من القبو إلى جامع عمر بن الخطاب. كنا نسير في الطرق وكانت الجثث ملقاة في كل مكان، واخص صورة انطبعت بذاكرتي لم أعد أعرف ان كانت رويت لي في طفولتي أم رأيتها بعيني، ولكن ما أعرفه أنه لا يمكن محوها أبداً، في الساحة المقابلة للجامع رجل ربطت احدى قدميه بسيارة وكأنه ربط بالمقابل بشيء ثابت وتم شقه الى نصفين حتى الصدر.

وصورة أخرى رأيتها هذه المرة بأم عيني، جسد مرمي على الاسفلت في نفس الساحة، الجسد سليم ولم يتضرر ابدا، ولم ينتفخ وكأنه مات قبل مرورنا بقليل، حيث دهس رأسه بدبابة وظهرت علامات المجنزرات وشكات اثلاماً في الأرض.

وصورة أخرى لإمرأة قطعت يداها من المعصم، وأنا كطفل لم أستطع تفسير السبب. ولكن الجميع فسّر المشهد بأن العسكر أرادوا سرقة أساورها الذهبية التي علقت بيديها.

نعود إلى الهجرة الى الريف، ركبنا سيارة شحن. أمي بجانب السائق، ومعها باقي أخوتي وأنا وأحد أخوتي في الخلف. كانت هناك هدية من السماء حيث وجدنا علبة "تونا" ونحن نتضور جوعاً لا يحتمل. بدأنا ضرب العلبة محاولين فتحها بكل الطرق، ولم نستطع ذلك حتى وصولنا إلى القرية. خرج الناس من بيوتهم جميعها وجلبوا لنا الطعام لنأكل، وبقينا أنا وأخي كطفلين مصرين على فتح هدية السماء. هذه الحادثة تطفو بذاكرتي كلما سمعت بكلمة "تونا" أو رأيت أو شممت رائحتها!

 المحطة الثالثة: العثور على عمتي!

بعد هروبنا الكبير من مذبحة حماه التي لا تشبه إلا مذبحة حماه بتاريخ البشرية, والصور والأصوات ورائحة الدم وطعم الخبز العفن وأصوات النساء وهي تغتصب وأصوات الرجال والاطفال وهي تصارع الموت بعد رميهم بالرصاص ودمار مدينتنا وكأن زلزال قد اصابها.. وصلنا الى نقطة اللا عودة, واتجهنا الى الريف حفاة ونصف عراة لقد هجرونا من منازلنا الدافئة وقتلو من قتلو وبدأت الرحلة الاكثر إيلاماً من الذي سبق. تم استضافتنا بقرية بمنتهى الحفاوة والتكريم وهذا إذا دل فانه يدل أن كل الشعب السوري يعرف بكذب النظام الفاسد، وبقينا مهجرين في هذه القرية وأكملنا الفصل الثاني بمدرسة القرية ولن نعود الى المدينة أبدا؛ فقد استشهد أبي ودمرت وسرقت جميع ممتلكاته وبقينا حتى بداية عام دراسي جديد. عدنا إلى حماه وسكنا في بيت لإحدى خالاتي كنوع من الاحتضان وتقاسم الألم، وعندها استطاع أحد أقربائنا إيجاد عمتي التائهة بالقرى ولا نعرف عنها شيئاً. وأتذكر عندما رأيها لم أتوقع أن أرها بهذا الشكل كانت كالملكة وتغير كل شيء. احتضنتها لساعات أنا وأخوتي وأمي وجميعنا نبكي كموجة من هستيريا الواقع. روت عمتي عندها كيف اعتقل أبي في الملجىء الذي مررنا عليه ولم تره أبدا بعدها وعلمت من بعض الناس عن استشهاد أخيها, بكينا وبكينا وأصبحت عادة في حماه الناس عندما يزورون بعض يبدأون بالبكاء قبل السلام عندما تلتقي وجوههم. البيت الذي نسكن به كان يضم كل من ليس لديه بيت لسنوات فقد دمرت أحياء كاملة كالبارودية والكيلانية والزنبقي والشمالية و..الخ ولم يبقَ بيت في حماه ليس لديه شهيدا أومعتقلا على الأقل.

ذهبنا إلى مدارسنا بعد معاناة كبيرة وقهر وذل وجوع..الخ، وأقسم لكم أن الصف الذي كنت فيه (الثاني الابتدائي) لايوجد سوى طفلين ليسا أيتاما.. فتخيلوا ماذا فعلوا من أجل مستقبلنا وكم عانينا لنتجاوز أزماتنا الداخلية ولم نتجاوزها حتى الآن!

بعدها كرس النظام وهو لايستحق كلمة نظام عذابات جديدة لم يتوقف عن الاعتقال الجيل الذي اكبر مني اذا كبر قليلا اعتقل وغيب الى الان والاسماء معروفة عند جميع اهالي حماه. ولتزيد العصابة من عذابات أهالي حماه ولتثبت أننا مهانون ومدعوسون. بدأت هذه العصابة بإطلاق بعض السجناء الذي لم يتم تصفيتهم في سجن تدمر، في المناسبات الوطنية التي تعنيهم ولاتمت بصلة الى أفعالهم كالحركة التصحيحية وميلاد الحزب...الخ

وتعود أهالي حماه على ذلك عبر السنوات. ففي كل مناسبة من هذه المناسبات يخرج أهالي حماه الى المدخل الجنوبي للمدينة أي طريق حمص والمشهد هناك كالتالي: نساء وأطفال ورجال وكل اهالي المدينة يوقفون الباصات والسيارات القادمة من حمص ويبحثون ويصرخون كل بأسماء مفقوديه وبكاء لا يتوقف ويستمر هذا المشهد طوال اليوم حالة من الفوضى والقهر والبحث عن مفقودين بطريقة لا تمت للعقل بمنطق واحيانا يجد بعض الناس مفقوديهم ربما ثلاث او أربعة وتعود المدينة بأكملها مكسورة الخاطر من دون اي صوت ليعبروا عن الالم الذي بداخلهم والذي يجدون سجنائهم لن يكونوا اكثر حظا من الاخرين فمعظم الناجين من السجناء لا حول ولا قوة لهم واقسم انهم يكسرون القلب اكثر ممن ماتوا, ولنا معرفة برجل خرج من السجن وذهبنا لاستقباله والحمد للله أنه كان بحالة جيدة، ذهنيا لانهم اخرجوه من سجن تدمر وانعشوه بسجن صيدنايا لمدة ستة اشهر قبل اطلاق سراحه واقسم ان هيكله العظمي كان ظاهرا تماما ولونه الابيض لا يشبه لون البشر ابدا فإنه لم يرَ الشمس لسنوات, وروى لي كل شيء عن سجنهم بتدمر واحداها واغربها ان سجين من الذين بمهجعه بداءت علامات الزائدة الدودية تظهر عليه وعانى من الالم لأيام وهم يعرفون انهم لا يستطعون طلب المساعدة من السجان الذي يطل عليهم من فتحة بسقف المهجع واذا طلبوا واعلموه بآلام صديقهم فحلهم الوحيد هو تصفيته بمنتهى البساطة بعدها قرروا أن يجروا له العملية داخل المهجع وبصمت تام فتخيلوا ...!!!

فتحت بطن السجين بقطعة معدنية من التنك وأمسك الآخرين المريض حتى لا يتحرك ابدا، وبعضهم أغلق فمه بقطعة قماش والذي أجرى العملية كان طبيباً، صنع إبرة من ذات التنك ولست متأكدا من نوع الخيوط التي خاط بها الجرح تمت العملية ولم يخرج صوت واحد. هذه صورة من الخوف والقهر ووضوح المصير داخل سجون النظام الفاسد

 المحطة الرابعة: أم إبراهيم وحكايات الفتيات المغتصبات!

ونحن بداخل جامع عمر ابن الخطاب بالموضىء فتح الباب علينا وادخلت خمسة أو ستة فتيات, وياله من منظر ... النصف السفلي من ملابسهم مليء بالدماء نحن الاطفال لم نعيره اهتماما لان هذه الاشارة اكبر من مداركنا ولكن بدأ بعض النساء يسقطون صرعا من هذا ولم نفهم لماذا تصاعدت سورة ياسين والتكبيرات وتصاعد البكاء ونحن الأطفال اتحدنا مع الجميع ببكاء لم اشهد له شبيه بحياتي كلها لان هذا لايحصل الا هناك وان شاء الله لن يحصل ثانية. أدخلت الفتيات الى جزء خلفي صغير من الموضىء بعد ملأت دماؤهم قلوبنا وتساعد النساء على إيقاف النزيف الذي لطخ المكان (كم انتم سفلة وتريدون تأكيد همجيتكم أيها التتر) بعدها بدأت بعض النساء بخلع ثيابهم الداخلية واعطاءها الى الفتيات ياله من اضطراب في روحي الى الان هذا المشهد من تقاسم الالم المريع كسر الطمأنينة إلى الأبد.. وكنا نحن الأطفال بحالة ذهول. لم نستطيع فهم مايجري أمامنا؟ ماذا تفعل النساء ولم يخلعون ثيابهم الداخلية ليستروا عوراتنا المستباحة؟! تكاتفت النساء حتى استطاعت ان يوقفوا النزيف المريع,في البداية طلب بعض النساء المساعدة من الجنود ولكنهم رفضووضحكوواستهزؤا... وسباب لاينتهي وكأنهم لم تلدهم امهات بل نبتو من الحجارة ولم يروا الله ورأو فقط التجبر, وحاولت النساء احتضان الفتيات الجريحات لتخفيف من هلعهم ويالها من ساعات طويلة بعدها وصلت أدمغتنا إلى الرضا لتهدأ نفوسنا التعبة كنوع من غريزة البقاء، وبدأنا نحن الأطفال الاقتراب من الفتيات الجريحات بنوع من المداعبة لتخفيف من آلامهن، وأتذكر كيف كانت وجوههن.. وكأنهن خرجن من حظيرة ذئاب مسعورة!

روت الفتيات ماحصل معهم الى النساء. رفضت الفتيات الاستجابة لمطالب الذئاب فانهالوا عليهم كما أكثر مما تعتقدون.. ضرب وسباب وهمجية واقتلاع ثياب وفض بكارة بطرق غير إنسانية لم يكن الجنس دافعهم فقط, إنهم مرضى بسادية لانهاية لها. لقد أدخلوا كل شي إلى روح الفتيات يالهم من وحوش تسلطت على رقابنا.

وفي هذا المكان روت إحدى النساء عن جدتها الطاعنة بالسن وهي لاتستطيع المشي، أرسلتهم الى البحث عن الخلاص علهم ينجو من حمام الدم الأسود, وبقيت هي وكرسيها الغير مدولب الذي تستند إليه.

كانوا في حي العصيدا بعد قصف الحي بالمدفعية ودخول القتلة إليه. أعدموا مباشرة، أكوام من الرجال مثلوا بأجسادهم الطاهرة أبشع تمثيل ولن يتدردوا بقتل الاطفال واعتقلوا من بقي حياً. أقسم انني اعرف رجلا كان طفلا هناك, ورأيته وتكلمت معه منذ أسابيع، وروى لي كيف كانت جثث أخواله وعند خروجهم لم يستطيعوا المغادرة إلا من فوق الجثث. ودعوا جثث أحبابهم بهذه الطريقة ياله من موت، حملوا هذا الألم إلى اليوم.. قال لي: أنا خائف من بطشهم ولا أستطيع أن أقاوم خوفي؛ لقد اغتصبو الطمأنية إلى الأبد. وسألني بكل سذاجة هل سننتصر عليهم؟ وضحكت وأنا الذي لم أضحك منذ شهور، واكدت انتصارنا فابتسم مترددا.. ولكني أعلم أنه سيكون هناك يحتفل بنصرنا القريب.

قررت الجدة (أم ابراهيم) إخراج الجميع من الحي وهذا الجميع فقط من الأطفال والنساء وتنقلت معهم بكرسيها (العكاز)تحت الاطلاق من رصاص ومدفعية وقناصة إلى أن وصلو صعودا إلى بداية حي الحاضر, تعبت أم ابراهيم ولم تعد تستطيع السير أكثر وبقيت هناك في بيت احدى عماتي وزوجها واطلقتهم الى المجهول كسرب من السنونو بين الوحوش ولم تملك أم ابراهيم إلا خيارها هذا, وكانت تعي الجدة أن القتلة ليس بشر وعلى الجميع الهروب من حمام الدم الذي يهددهم كل ثانية وعندما تكلم النساء عن ام ابراهيم كيف صرخت بهم وأطلقتهم الى الخلاص

في الموضىء قرأت الفاتحة من الجميع على روحها الطاهرة اعتقادا منهم أنها ستباد من الهمجية التي قررت مواجهتها, ولكن أم ابراهيم كانت أقوى من المدافع, وحيث أن عمتي وزوجها قرروا الهروب من القتل الذي يتصاعد اأكثر فاكثر ومرة أخرى, الجدة تطلقهم نحو الخلاص وتبقى في بيتهم وتعلن المواجهة.

بقيت أم إبراهيم في بيت عمتي والأبواب مشرعة لمدة أسبوع، والجنود يدخلون المنزل ويخرجون ويسرقون ويسكرون... وأم إبراهيم تصرخ في وجوهم ويخافون منها.. وهي تغتال شجاعتهم الزائفة. لم تنحنِ أمام القتلة، بل دافعت عن المنزل بكل إباء كنوع من رمزية المقاومة المحقة عن كامل المدينة المستباحة. صمودها أذلهم وأذل قادتهم، حتى بدأوا يستجيبون لما تمليه عليهم، ليكتشفوا أنها المنتصر هي وكرسيها غير المدولب... فقرروا إخراجها أمام المنزل، وتفجير منازل الحي كاملة ولتشاهد كم هم ليسوا بشراً, بقيت على كرسي في وسط الشارع المدمى. ثلاثة أيام وأم إبراهيم في هذا الخلاء، لم تناور ولم تفاوض، أعلنت وجودها هناك كنخلة وسارية وراية وعلم. لم تطلب المساعدة من أحد، ولكن كان من بين الجنود من تبنى شموخها وتحول إلى مجيب لكل ما تحتاجه جسدياً.. وأقسمت أم ابراهيم انها لم تخف منهم، ولم ترهم.. فكانوا أصغر من مدى بصرها... وتقول أم ابراهيم أن الله أرسل لها كل ما تحتاجه. بقيت أم إبراهيم لتخبرهم أننا سنعود ونقتص، ونكرم شهداءنا، ونرفع لكل منهم شاهدة، ولن نتركهم بقبرهم الجماعي، ولم ولن تنتصروا كما تعتقدون.. وأرسل الله بعض الباحثين عن الخلاص فحملوها، وهي التي أبت أن تحمل. خرجت ام ابراهيم الى القرى مع التائهين.

 المحطة الخامسة: اعذروني لأنه أبي!

عندما صفعني أبي وأرسلني لألحق بامي واخوتي وباقي سكان (البارودية) كأنه كان يعلم انني لن أنسَ تفاصيل المأساة ما حييت. واقسم أنني أروي مقتل أبي وكأنني أراه اليوم في كل شهيد أومعتقل ربما يكون هناك ازدياد في ارتباكي في كتاباتي في هذه الجزئية من الشهادة الآن فاعذروني لأنه (أبي).

آه يا أبي.. كيف استطعت أن ترسلنا إلى المجهول؟! يا له من ألم.. كيف كان قلبك وعقلك آنَ ذاك؟! من هنا بدأت عذاباتك تكبر.

في الملجأ الذي دخله هو عمتي تم اعتقاله إلى الأبد, عند وصول الجيش إلى الملجأ بعد أن تم تأخيرهم من قبل بعض الشبان الشجعان الذي أعرف أحدهم معرفة اليقين، وأخبرني كم عانوا من القصف، وكيف استطاعوا تأخير دخول (التتار) لعدة أيام. اعتقل أبي وجميع الرجال، واقتيدوا إلى معمل البورسلان. وهذه الرواية وصلتني ممن كانوا معه هناك. بعد أيام وهم تحت المطر بدون طعام، كانت السماء تروي عطشهم. وربما مرة أو مرتين يأتي الجنود ببعض الخبز، ويبدوؤن برميه ويطلبون تحت تهديد السلاح ان يتراكض الناس إليه للإمعان بمهانتنا. كان هناك هنكارات وأقبية، وكانوا يتقاسمون الألم كعادتهم.. فالقبو أكثر دفئأ من الهنكارات التي تحميهم من الرياح، والساحة خارج الكون القتل والتشويه والسحل وخلع الأسنان وقص الاذان واللسان وقلع العيون وكسر الأطراف، ومع ذلك الناس كانو يتبادلون الأدوار ويتقاسمون الألم! بعد أيام من وجوده هناك كان الناس ينادونه يا دكتور كنوع من الاحترام وتخفيف الألم، وهو الذي خفف الامهم من قبل, وكان دائما يقول للجميع: لا تنادوني بدكتور.لأنه يعلم أنهم لن يتركوا مثقفا حييا في مدينته، وهوالذي وقع على بيان مثقفي حماه والذي أرسل الى النظام لإحلال الديمقراطية وإطلاق الحريات والى آخره من حقوق اليوم ننادي بها وسننالها بإذن الله. ويروي لي أحد الشهود ان أبي رآه يحمص قطعة خبر صغيرة، على أحد الافران، هناك فقال له: كلها كما هي. وإلى الآن لم أستطع أن افسر ذلك أكان قصده من أجل الفائدة الغذائية، أو من أجل رائحتها مراعاة لجوع جميع المعتقلين!

تسرّب خبر إلى الضباط بوجود طبيب بين جموع المعتقلين وكانوا أكثر من خمسة آلاف في هذا المعتقل فقط. فجمع المعتقلين في الساحة وبعدها قال الضابط الكبير نريد طبيبا، وأوحى للجميع أن هناك حالة إسعاف مستعجلة.. فخرج أبي ولبى النداء وهو الذي اقسم قسم (أبقراط)، وكان هناك طبيبا آخر لبى نداء الواجب، ولكن لم يعلموا بالمكيدة. سُحل أبي والطبيب الآخر وعُذبا من دون رحمة.

اقتلعوا إحدى عينيه وهو يصارع الألم، وروى لي أحد الذين كانوا هناك أن أبي كان على الأرض يتلوى من الألم، وانهالوا عليه بالأسلحة وكأنهم يلعبون.. وقبل أن يموت تكالب الجنود عليه وكأنهم ذئاب, لساعات دامت آلامه.. كيف كنت تشعر يا أبي؟ وبعده رمي جسده الذي يشبه جسدي، ووجه الذي يشبه وجهي وروحه التي تشبه روح شهدائنا اليوم في الساحة، ثم سلم جسده الطاهر للمستشفى الوطني، وبقي مرميا مع الشهداء على باب المستشفى. لم تنتهِ عذابات أبي إلى الآن، فقلعت عينه الثانية هناك، وأخرجت بطاقته الشخصية وخرزت في ملابسه. استطاع أحد من اقربائنا أن يأخذ الجثمان وتم دفنه من غير عيون . وأنا اليوم أقسم أنني لم أتوقف عن المطالبة بحقوقنا كاملة، وأن ينال القتلة القصاص العادل، ولم ولن أهدأ حتى تعيدوا لي عيون أبي لأدفنهم هناك حيث يكون!

على باب المستشفى الوطني هناك بقيت جثة أبي مرمية بين الجثث. وروت لي الممرضة التي رافقته عندما كان مديرا للمستشفى (بعد استجابة النظام لبيان مثقفي حماه وعينوه أيضا نقيب للأطباء وهو لم يكن بعثيا كنوع من البدء بتحقيق المطالب والخضوع إلى الحوار واختياره هو وشخصيات من المجتمع المدني, وهذه هي المكيدة التي يستخدمها النظام اليوم) الجرحى ينقلون الى المستشفى بتسارع لا ينخفض ,وهذه الحادثة حصلت عند وصول جريح الى الإسعاف والذي جلبوه كانوا يعتقدون ما نعتقد جميعا ادخل وهو يصرخ من الامه حتى سمع كل من بالمستشفى بصوته الذي لم يكن وحيدا ولكنه طغى على جميع الأصوات ,وصوته هذا كان إشارة للجنود الذين رابطو بالمستشفى للإجهاز على الجرحى لتأكيد ابادتنا, والم الجرحى يتناسب طردا ليس مع الاستجابة لتخفيف آلامهم, بل مع شدة العذاب الذي ينتظرهم, التي روت: ان الجنود بموجة من الجنون وممرضة تبنت القتل معهم, شقوا صدره وهو يصرخ ويتلوى وأخرجوا قلبه ودماؤه غطت وجوههم وبذاتهم العسكرية حتى أسكتوه إلى الآن كما اعتقدوا. والله أنا صوته وألمه وجسده حتى نكرمه كما يليق به كبشر, قتلوه وهم يحتفلون وهم ينتصرون على الإنسانية. أقسمت الراوية أن الممرضة المتحدة معهم أخرجت كبده وأخذت تلوكه وتبصقه وهي تعتقد أن الله تغيّب عن المكان.. سنوات والراوية لهذه القصة صامتة، بقيت هناك بنفس المكان ونفس الحضور، والمشهد يتكرر عبر ذاكرتها. لم تتغيب عن هذا المشهد إلى الآن.. وأخبرتنا أيضا أنهم لم يسألوه عن اسمه وهم لا يتبعون الأسماء ولا يعرفون لغة الأطفال ولا لغة النساء أو بالأحرى لا يعرفون لغتنا أبدا بل يعرفون لغة القتل فقط.

في المستشفى شوهت الأجساد وغيروا ملامحه. كانوا يرسمون بالدماء ويكتبون عباراتهم على الجدران كـ (لا إله إلا الوطن ولا رسول إلا البعث) شوهوا الأجساد، وقطعوا الرؤوس ليعبروا عن خوفهم من عقولنا (أو ربما حتى يبقى الناس في دائرة الشك ولا يستطيعون تأكيد موت مفقوديهم أو وجودهم مع المعتقلين في سجون العصابة) كانت هذه صورة عن إيلامنا النفسي الذي عملوا على أن يكون مزمنا حتى الآن.. فإلى الآن مازال الشك والرغبة أن يعود من ذهب إلى هناك.. وكأنهم يجردون الإنسان على لوحة طغى عليها اللون الأحمر، ويضعون من اسوّد قلوبهم ليوازنوا فنونهم اللا بشرية!

بكيت حتى السقوط!

إن شهادتي هذه, كتبت تحت القلق والخوف من كل شيء... كانت الحروف تتخلى عني، ولغتي لا تسعفني، وأحيانا أبحث عن حرف أو جملة وأحاول كتابتها فتفر هاربة خوفا من هذا النظام المستبد. لا تعرفون كم جملة حذفت خوفا على أشخاص، وكم مرة ترددت.. وكم مرة تلعثمت.. وكم مرة بكيت حتى السقوط... وأقسم ان بكائي لا يتوقف أبداً وأنا أكتب، وأيضا الذي كتب أخرجته قسراً من ذاكرتي وهو يحاول الهروب الى زوايا دماغي!

* ينشر (أورينت نت) هذا الملف بإذن خاص من الكاتب.

التعليقات (15)

    منى إم شام

    ·منذ 11 سنة 3 أشهر
    لم أتمالك دموعي أمام هذه الرواية المفجعة وعادت بي ذاكرتي لذلك الأمد كنت حينها في السابعة من عمري مرت جنازة مغطاة بعلم أمام في بيتي في بلدتي الصغيرة والناس يرددون والشهيد حبيب الله ولكنهم يتهامسون بكلام آخر غير مفهوم ....خفت يومها وكانت أول جنازة ربما تمرعلى ذاكرتي الصغيرة حينها ...كنت وأخي التوأم يومها هرعنا إلى البيت وسألت أمي من هذا الشهيد وأين استشهد الشهيد فقط يموت في الحرب ولا حرب في بلادنا فنحن نعيش في أمن أمام ....واكتفى من كان في البيت يومها بالعض على شفاههم أن اصمتي ولا تتكلمي بهذا أمام أحد ....ومضت الايام واتسعت ذاكرتي بعد حوالي 5 أو ست سنوات ليخبرنا أخي الاكبر عما حدث في حماة ....وجاءتني الإجابة على السؤال الذي طرحته من سنوات ...ذاك الشهيد المزعوم ابن البلد كان كلباً من كلاب الأسد حينها وساهم في المجزرة وقتل بعد أن عاد بمصوغات ذهبية أخذها من أيدي النساء هناك ومن ثم مات فكان شهيدهم ....شهيد زائف لمعبود حقير

    منى إم شام

    ·منذ 11 سنة 3 أشهر
    يمكن لأنو خذلنا حماة بهداك الوقت ....سورية كلها عم تدفع الثمن ....ياربي

    عربي مقهور

    ·منذ 11 سنة 3 أشهر
    الجريمة التي حدثت في حماة يجب ان تجعل كل سوري يلعن حافظ لعنة ابدية الى قيام الساعة ويلعن معه كل من شارك معه بتلك الجريمة.. بعد اذن اورينت نت... هناك موقع اسمه اللجنة السورية لحقوق الانسان... يحكي العجب العجاب عن جريمة حماة وعن شهود عيان وكتب كتبها مؤرخون كانوا في المدينة وبعضهم قبع في سجون النظام الاجرامي لفترات طويلة.. الله يرحم شهداء حماة وكل شهداء سوريا ولعنة الله على حافظ وعلى روحه النجسة...

    أبو عمر

    ·منذ 11 سنة 3 أشهر
    هذه الشهادة هي بالفعل أثمن ما حملته لنا ذاكرة تأبى أن تموت. شكرا لأورينت نت، وللكاتب الذي كتب بهذا الإحساس وعاش يقاوم كل هذه الآلام كي لا يقول التاريخ إنه لا توجد أي شهادة موثقة عما جرى في حماه.

    جمال - فلسطين

    ·منذ 11 سنة 3 أشهر
    شكرا خالد الخاني وكذلك الشكر موصول الى اورينت ... لدي اقتراح ارجوا منك (الكاتب الموقع) : 1- الاخ خالد الرجاء منك مواصلة متابعة الكتابة عن هذه الشهادات وتدوينها بكل حذافيرها 2- الى الموقع ... تخصيص خانة عن الشهادات لمجازر حماة وتشجيع كا اهل حماة الكتابة عما اصابهم 3- الى المخرجين العمل على استخراج هذه الماسي الى افلام ومسلسلات حتى تعي الامة ما حل بالسوريين من ويلات على يد هذا النظام الذي فاقت وحشيته الفاشية والنازية باشواط كبيرة.

    ديري/شاوي/ ثورجي

    ·منذ 11 سنة 3 أشهر
    علينا ان نطبع هذه الشهادة على ورقة لكي نعرضها على الجبناء والخانعين الأنذال اللذين كانوا يرددون بأنهم عايشين مبسوطين وبأمان ولايهمهم من يحكمهم بل اللذي كان يهمهم فقط ان العلف كان متوفراً وانا اقول للجميع ان المشكلة في سورية ليست مع القصابة العلوية فقط بل ان مشكلتنا الكبرى هي مع هؤلاء الأنذال اللذين لولاهم لما استطاعت العصابة العلوية ان تحكمنا كل هذه السنين وانا اطلب من كل سوري حر ان يوثق كل مارأه وماسمعه من هؤلاء الأنذال لكي نقوم بعمل الواجب لهم وعلى كل من يقول لي ان اللحمة الوطنية اهم من الثأر اوقل له طز فيك وفي اللحمة الوطنية اذا اجبرتني ان اتقاسم العيش مع المجرمين والقتلة من العصابة العوية ومع الجبناء الخانعين الأنذال وان لم تكن تهمني الحرية ولاحتى العيش الكريم انا كل ماكان يهمني ان أثأر لأهالي حماة وسجن تدمر وحي الأزبكية ومجازر العصابة في جبل الزاوية

    سوري ثائر

    ·منذ 11 سنة 3 أشهر
    نعدك باننا سنثأر لكم ليس كما يقولون العين بالعين والسن بالسن بل العين بعشرة امثالها والسن كذلك

    عبد الله

    ·منذ 11 سنة 3 أشهر
    ثلاثون عاماً مضت على جريمة ومجزرة حماة, وهاهو الابن يعيد مسيرة أبيه في تثبيت حكمه من خلال القتل والاغتصاب والسرقة والتدمير والوحشية العنيفة....لكن الزمن تغير...حافظ أسد وأخيه رفعت وحكمهم الدموي نفذوا جرائمهم بصمت وخفية وتشويه اعلامي وقلب للحقائق..والظروف المحلية والدولية ساعدتهم في تنفيذ حقدهم ولؤمهم..لكن محاولة بشار وآل الاسد في السير على نفس المنوال سيدمر سورية وسيبوء بالفشل وستنتصر الثورة وسيحاكم القتلة ويفتضح أمر كل من تلطخت ايديه بالدماء بإذن الله...وما أشبه اليوم بالبارحة...بالنسبة لكتابة القصة هذه فكان رائعاً وضرورياَ لفضح كل ماخفي والله عدل وجبار ومنتقم....ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب..وشكرا لك أخ خالد على جرأتك وأسلاوبك وقلبنا معك...

    شبل الأسد

    ·منذ 11 سنة 3 أشهر
    هنت واحد طائفي حاقد وكذاب... والقائد الخالد الله يرحمو عرف يتعامل معكن... وربى الحمويين والكلاب كلهن

    د. عبد الله الأسمر

    ·منذ 11 سنة 3 أشهر
    هذا نص للتاريخ... يجب أن يكتب بماء الذهب. شكرا أورينت.. شكرا خالد الخاني لقد أوجعتنا وأذهلتنا... ما أمر أن يكون الذهول والمفاجأة من وحشية بهذا الحجم ... هؤلاء يحتاجون لمئة سنة تحضر كي يصبحوا بشرا!

    شبل عمر بن الخطاب

    ·منذ 11 سنة 3 أشهر
    دم أهل حماة لن يذهب سدى ان شاء الله ، والله سنثأر من كل مجرم شارك بهذه المجزرة من أصغر مجند الى أكبر ضابط، وسنري هؤلاء الحثالة ما نتيجة التطاول على أعرض أهل السنة , والله سوف يتمنون لوأن حافظ المقبور لم يستلم الحكم ولوأنهم بقوا في جبالهم يجترون حقدهم على البشر

    Reem

    ·منذ 10 سنوات 9 أشهر
    يحترق دمي من القهر ويصيبني أرق كلما سمعت عن المجازر المفجعه التي كان ومازال يمارسها سفاحين وطواغيت آل الاسد وزمرته الحقيره اللهم نصرا عاجلا يفتك بحكمة الزائل مثل الحكام من قبله

    سوريا حرة

    ·منذ 9 سنوات شهرين
    على كل حموي مسؤولية امام التاريخ والاجيال القادمة أن يدون شهادته بالكتابة حتى ولو بأسماء مستعارة تُحفظ وتبقى في ذاكرة الشعوب... حماة .. لن ننساك ابداً.. انت باقية وهؤلاء الوحوش الى زوال

    يوسف

    ·منذ 8 سنوات 10 أشهر
    العلوية الانجاس الخنازير والله والله لمرتبة الحيوانات مابيوصلو ليصيرو بشر اقذر حيوان اشرف منهن لازم كل سوري يفهم ازا مابدات معركة الساحل ماراح تنتهي الجازر الساحل الساحل الساحل نبع الارهاب ونبع الاجرام ونبع القذارة

    عابر ....

    ·منذ 8 سنوات 7 أشهر
    قصص مروعة رحم الله اباك ورحم جميع الشهداء .. كل ما اريد قوله وكل ما آمله منك ... كونك معني بما بهذه الحادثة المروعة ..ان تترجم هذه القصص حرفيا وان تحاول رفعها الى جميع المختصة والى جميع مواقع رؤساء العالم ... الى كل مكان ممكن ...باي طريقة كانت .. راجيا لك التوفيق من الله ولن ازيد اكثر .

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات