بالأرقام.. هكذا أثّر اللاجئون السوريون في الاقتصاد اللبناني

بالأرقام.. هكذا أثّر اللاجئون السوريون في الاقتصاد اللبناني
ما فتئ السياسيون في لبنان يدعون أن اللجوء هو العامل الأبرز الذي سارع ويسارع في تدهور الاقتصاد اللبناني، حتى باتت مسألة ترحيل اللاجئين يتصدر أجندات السياسة اللبنانية، دون غيره من الملفات المصيرية، إما بهدف الضغط على المجتمع الدولي بغية الحصول على المزيد من المساعدات مقابل استضافة اللاجئين، أو من أجل زيادة القاعدة الشعبية الهزيلة لهؤلاء.

ومع غياب فرص العمل، والتقنين الكهربائي الذي يرتفع عدد ساعاته يومياً، وازدياد الضرائب وغياب الخدمات، إلا أن الموت السريري لمرافق الدولة اللبنانية ليس وليدة سنوات اللجوء، فمع انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية، وانعقاد اتفاق الطائف، وبدء مسيرة إعادة الإعمار، لم تستطع الدولة النهوض بالمرافق الحيوية وتأهيل البنى التحتية بشكل كاف، فما هي التأثيرات الفعلية للجوء على الاقتصاد اللبناني؟

شماعة للسياسيين

يرى الخبير الاقتصادي، عمر المحمد، أن ملف اللاجئين في لبنان شائكاً ومعقداً، وأن اللاجئين أصبحوا يشكلون مادة دسمة ليس في لبنان فحسب، بل في معظم بلدان اللجوء، قائلاً إن "الأحزاب السياسية في لبنان وجدت في ملف اللاجئين فرصة لتعليق المشاكل والأخطاء التي تحصل، ولعل أبرز من استغل هذا الملف هو وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل، الذي ربط ارتفاع معدل الجرائم، والأمراض، والبطالة باللجوء، إلا أن الأرقام تثبت عدم صحة ادعاءات باسيل".

واستغرب المحمد تصرفات المسؤولين اللبنانيين الذين فتحوا الحدود منذ البداية، وادعوا حرصهم على حقوق اللاجئين، في حين أنهم يستخدمونهم اليوم كشماعة عند كل استحقاق، لافتاً إلى أن الدولة اللبنانية تريد فقط أن تحصل على مزايا اللجوء من مساعدات وهبات، ولكنها ترفض تحمل تبعات اللجوء.

اللجوء وحركة الاقتصاد اللبناني 

وبحسب الخبير الاقتصادي فإن اللجوء انتج عدة عوامل، كانت كفيلة بتحسين الاقتصاد اللبناني، أبرزها اليد العاملة السورية الماهرة والرخيصة، والتي استفاد منها أرباب العمل اللبنانيون، خصوصاً أنها مدربة، وتعتبر من أفضل الأيادي العاملة على صعيد العالم العربي.

وأضاف المحمد أن المساعدات التي وزعتها الأمم على اللاجئين هي للاستهلاك، وليست للادخار، ما يعني أن أصغر دكان أصبح يبيع اليوم أضعاف ما كان يبيعه في السابق نتيجة حركة الاستهلاك التي ترافق وجود اللاجئين.

ويشر إلى أن "وسائل المواصلات والتواصل، كالإنترنت والهواتف، واستهلاك المياه، والكهرباء، والأطعمة كلها عوامل تشكل حركة للاقتصاد اللبناني، ولا يجب أن ننسى أن قطع طرق المنتجات الزراعية بين لبنان، وسوريا، والأردن، والخليج عوضه استهلاك مليون شخص لتلك المنتجات، ما يعني أن اللاجئين أزالوا عجز الفائض في إنتاج الحمضيات وغيرها من المزروعات".

ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن عدداً كبير من السوريين المتواجدين في لبنان ميسوري الحال، ولهم أرصدة مهمة في البنوك اللبنانية، وقد حول عدد كبير منهم إيداعاته للبنوك اللبنانية بعد الأزمة التي عصفت بالليرة السورية، ناهيك عن النشاطات التجارية التي يقودها رجال أعمال سوريين في لبنان.

لغة الأرقام

المحمد اعتبر أن اللاجئين لعبوا دوراً إيجابياً في مسالة تحسين الاقتصاد اللبناني، وأشار إلى أنهم أنقذوه من كارثة محتمة، وكانوا جرعة فيتامينات له، وهذا الأمر أكده تقرير الجامعة الأميركية في بيروت، والذي أكد أن نسبة اللاجئين السوريين المسجلين في لبنان لا تتجاوز 16%، وأن عدد الولادات التي تعود للاجئين بلغت 25 ألفاً منذ انطلاقة الثورة حتى نهاية عام 2018، كما أكد التقرير أن 86% من الشباب اللاجئين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 يعملون في البناء، والزراعة، وخدمات أخرى، وأن نسبة السوريين الذي قبض عليهم لارتكابهم جرائم قتل لم تتجاوز 5%، وأن كل فرد سوري يتلقى شهرياً 27 دولاراً أميركياً فقط.

يذكر أن عدد اللاجئين السوريين المتواجدين في لبنان، والذي بلغ حوالي مليوني لاجئ بعد انطلاقة الثورة في سوريا، وتدفق اللاجئين إلى لبنان بلغ اليوم حوالي 800 ألف لاجئ بحسب تقارير أممية نتيجة الممارسات العنصرية التي تعرضوا لها في لبنان بشكل أكبر من أي بلد آخر.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات