لماذا أعادت واشنطن النظر بقرار الانسحاب من سوريا؟

لماذا أعادت واشنطن النظر بقرار الانسحاب من سوريا؟
بعد أيام من الاتفاق التركي - الروسي في سوتشي حول "المنطقة الآمنة" شرق الفرات، والذي سبقه اتفاق تركي - أمريكي حول نفس المنطقة، كثّرت التصريحات الروسية فيما يخصّ النفط السوري هناك، متهمةً الولايات المتحدة الأمريكية بسرقته، وداعيةً لضرورة عودة النفط لحكومة أسد، الأمر الذي ترفضه أمريكا بذريعة ضمان عدم سيطرة الأسد أو التنظيمات الإرهابية، وكذلك القوات المدعومة من تركيا على حقول النفط في المنطقة.

وجاءت تصريحات المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، الجنرال إيغور كوناشينكوف، الذي اتّهم أمريكا بأنهم "قطّاع طرق دوليين" بعد ساعات من تأكيد وزير الدفاع الأمريكي، مارك إسبر، على ابقاء المئات من قواته لحماية حقول النفط في شرق الفرات، ومنع وصول تنظيم داعش لهذه الحقول، بالإضافة لمنع سيطرة نظام أسد والميليشيات الإيرانية عليها.

سيطرة أمريكية

وأكّد البنتاغون الأمريكي، أن الولايات المتحدة أرسلت منذ بضعة أيام أكثر من 13 سيارة عسكرية كدفعة ثانية بهدف حماية حقول النفط شرق الحسكة، وأتى ذلك بالتزامن مع تصريحات "ترامب" حول بقاء المئات من جنوده لحماية النفط في شرق الفرات وضمان أمنه.

وبهذا الجانب، يقول الخبير الاستراتيجي، بسام اللّافي، لأورينت نت: "دائماً ما كانت حروب أمريكا من أجل الثروات الباطنية في تلك البلدان المستهدفة، وسوريا عامة وشرق الفرات خاصة هو هدف للعديد من القوى المتصارعة لما يحويه من مخزون نفطي كبير. سيطرت عليه أمريكا منذ ما يقارب السنتين عبر ميليشيات قسد، وبالتالي أحكمت سيطرتها على 90 بالمئة من موارد النفط والغاز في سوريا".

ويُضيف اللافي "يبدو أن الأمريكان أفهموا رئيسهم أصول الخطة الأمريكية طويلة الأمد، عندما أجبروه على التراجع عن قرار الانسحاب الكامل من سوريا، فقرر ابقاء مئات الجنود لحماية المنشآت النفطية، ومنع وصول مواردها لأيدي داعش أو حكومة الأسد ومن خلفها إيران وروسيا، وبالتالي يسيطرون بشكل كامل على نفط شرق الفرات".

وحسب اللافي فإن "الولايات المتحدة الأمريكية لن تسيطر على حقول النفط المتواجدة في أقصى الشمال الشرقي من سوريا فقط؛ وإنما ستُبقي سيطرتها على كامل الحقول المتواجدة جنوب الحسكة وشرق دير الزور، أي ضمن المناطق التي دخلت عليها ميليشيا أسد والقوات الروسية، وبالتالي ستكون السيطرة تامة ولن تقبل أمريكا بأقل من ذلك لتفاوض بهذا الملف لاحقاً حول مصير الحكم في سوريا وبعض الميزات الأخرى".

وأشار اللافي إلى أن انتشار ميليشيا أسد والقوات الروسية كان ضمن مناطق قليلة الحقول النفطية؛ ولكن في حال اقتربوا من موارد النفط الأساسية فسيجدون بوجههم المارد الأمريكي، على حد وصفه.

فُتات للأسد وروسيا

وكانت وسائل إعلام أسد تغنّت بانتشار ميليشياتها حول حقول النفط بريف الرقة، حتى وصل الأمر بمسؤولي الأسد للإعلان عن موعد "تصفير" فاتورة استيراد النفط البالغة 2,4 مليار دولار سنوياً، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه المادة، فهل سيتحقق هذا الحلم أم يبقى وهماً؟

وحول هذا الجانب، أكّد الخبير الاقتصادي، ابراهيم حمادي، لأورينت نت، أن "الانتشار العسكري للقوات الروسية وميليشيا أسد حول موارد النفط شرق الفرات دون الاقتراب منها بشكل مباشر، هو دليل على أن هذه الموارد خارج السيطرة التامة لهذه القوات، وبالتالي لن ينوبهم سوى الفتات من تلك الحقول النفطية المنتشرة هناك".

وتابع حمادي "هناك عقوبات اقتصادية على نظام أسد، وهذا لن يسمح له باستخدام تلك الحقول بشكل مباشر؛ وإنما من الممكن استخدام بعض الشركات الأجنبية وخاصة الروسية وكذلك بعض الطرق البدائية للاستفادة بشكل غير مباشر من النفط الخام، بعكس ما صرّح به مسؤولو الأسد وضباطه بأنهم سيطروا على كل منابع النفط شرق الفرات، فلو كانت سيطرتهم حقيقية للمسنا الواقع الاقتصادي والمالي عكس ما هو عليه".

مُولد بلا حمّص

و"لكن أكثر المتضررين اقتصادياً مما جرى شرق الفرات بعد معركة نبع السلام، هم الأتراك ومعهم فصائل الجيش الوطني"، بحسب كلام الدكتور حسين المحمد، خبير الجيولوجيا والتنقيب، والذي أضاف لأورينت نت قائلاً: "المناطق التي سيطرت عليها تركيا وفصائل الجيش الوطني إثر معركة نبع السلام خالية تماماً من حقول النفط، فالمنطقة الممتدة من تل أبيض حتى رأس العين مع منطقة الدوريات الروسية التركية المشتركة، لا حقول نفط فيها أبداً".

وأكمل المحمد "حسب الاتفاق التركي الأمريكي ومن بعده الاتفاق التركي الروسي، لم يتم التفاوض والافصاح حول حقول النفط، وبالعكس تماماً فتركيا تعهدت لأمريكا بأحقية الاستفادة من حقول النفط مقابل ‘قامة المنطقة الآمنة على الحدود الشمالية السورية، ولذلك تكون تركيا وفصائل الجيش الوطني قد خرجت من المولد بلا حمّص فيما يخصّ الاستفادة والسيطرة على حقول النفط الموجودة ضمن المنطقة الآمنة، والتي انتاجها يومياً أكثر من 150 ألف برميل يومياً".

ويرى المحمد أن "توزّع السيطرة على حقول النفط شرق الفرات سيكون لصالح الأمريكان أولاً وآخراً دون غيرهم، فالأمريكان سيضعون يدهم على أكثر من 70 بالمئة من الثروة الباطنية في سوريا، ولن يتخلوا عنها للروس أو غيرهم دون مقابل، مهما نشرت روسيا من قواتها وادّعت سيطرتها هي وميليشيا أسد على أجزاء واسعة من شرق الفرات، فالنفط لأمريكا وأما القمح والقطن وغيره لمن يُسيطر على أراضيه".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات