مذكرات مثيرة لأحد ضباط الانفصال: لهذا كره السوريون الوحدة.. وهكذا دمّر البعث الجيش!

مذكرات مثيرة لأحد ضباط الانفصال: لهذا كره السوريون الوحدة.. وهكذا دمّر البعث الجيش!
لعله من المثير للاهتمام بالنسبة لكثير من السوريين اليوم، أن يطلّعوا على مذكرات ضابط من الضباط الوطنيين الذين  تم تسريحهم من الجيش السوري بعد انقلاب البعث الأسود في الثامن من آذار عام 1963، في تلك الحملة الإقصائية الوقحة التي خطط لها علويو اللجنة العسكرية لحزب البعث وعلى رأسهم صلاح جديد، والتي أسهمت فيما بعد بتكريس الصبغة الطائفية للجيش السوري، وحولته في عهد الأسد الأب ثم الابن إلى جيش لحماية النظام لا الوطن، وجيش لسحق إرادة الشعب متى أراد الحياة! 

مذكرات ضابط هجر السياسة!

كتاب (رحلة العمر) للأستاذ أحمد راتب عرموش، يسجل كما هو واضح من عنوانه، مذكرات وسيرة حياة مؤلفه، وجزءا من التاريخ السياسي السوري الذي عاصره المؤلف كضابط سابق في الجيش، تم تسريحه بعد انقلاب الثامن من آذار، وتعرض للسجن عدة مرات قبل أن يغادر سورية عام 1965، ثم يغادر العمل السياسي برمته عام 1970 حين انصرف هذا الضابط العريق إلى تأسيس دار نشر باسم (دار النفائس) عرفت بكتبها المتميزة فكان لها من اسمها نصيب!.

ولعل العديد ممن كان يقرؤون كتب هذه الدار التي اهتمت بالتاريخ العربي الإسلامي،  لكنها لم تغفل التاريخ السوري المعاصر في جانب معتبر من منشوراتها، لم يكونوا يعرفون أن مؤسسها سوري الهوى والهوية، وخصوصا أنها مرخصة كدار نشر لبنانية مقرها في بيروت، وصاحبها يحمل عضوية اتحاد الكتاب اللبنانيين. 

وكتاب (رحلة العمر) لا ينصرف فقط لرواية سيرة الضابط أحمد راتب عرموش الذي انتسب إلى الكلية العسكرية سنة 1955 وتخرج برتبة ملازم عام 1957 والأحداث التي عاصرها حتى تسريحه بالقوة بعد انقلاب البعث، بل يقدم لنا جانبا هاما ومفتقدا من التاريخ الاجتماعي لريف دمشق الشام، كون الكاتب من مواليد (جديدة الوادي) في منطقة وادي بردى عام 1936 ولهذا يرفق عنوان كتابه الرئيس بثلاثة عناوين فرعية تلخص محاور هذه المذكرات وهي: (القرية الشامية – الحياة العسكرية – الوحدة والانفصال).

ثقافة الحياة النظيفة في ريف دمشق!

القرية التي ولد بها المؤلف والتي كانت تحمل اسما آخر هو (جديدة الشيباني) نسبة إلى رجل صالح من بني شيبان من تغلب دفن فيها، كانت جديدة كما يدل اسمها إذ يعود تاريخ بنائها إلى مطلع القرن الثامن عشر الميلادي كما يذكر المؤلف، بعد ان انتقلت من موقعها القديم الذي كان يسمى (عين الماذنة)  إثر جفاف عين الماء التي كانت تروي القرية والتي سميت باسمها. ولا يتوقف المؤلف عند السرد التاريخي والوصف الجغرافي فحسب، بل يقدم لنا تعريفا شاملا بأنماط البناء وطبيعة المزروعات وأساليب الري، ووسائل المواصلات والإنارة والألبسة والحياة الاجتماعية وتقاليد الخطبة والزواج ويدخل إلى البيت الريفي فيصف لنا الطعام وبيت المونة وحتى أدوات المطبخ، قبل أن يتنقل ليسرد سيرة عائلته التي كان والده أول من أحضر مذياعا إلى القرية في خمسينيات القرن العشرين، وفي الفترة ذاتها اشترى سيارة ماركة (جيب ويللس) كان شكلها "كاريكاتوري كالصندوق الذي يجره محرك" كما يقول، مشيرا إلى أن والده في طريقه باتجاه دمشق التي تبعد القرية عنها أقل من عشرين كيلو مترا، كان "لا يشير إليه أحد من أهل القرية إلا توقف وحاول حشره معنا، حتى إذا ما أصبحنا كالسردين، وصعب إضافة راكب جديد، وكان الجو دافئا، أصعد بعض الشباب وقوفا على الرفرافين يمينا ويساراً".

ومن التفاصيل الهامة التي يتوقف عندها المؤلف في حياة هذه القرية الشامية، ثقافة الحفاظ على نظافة المياه وسلامة البيئة، والتي تعكس وعيا اجتماعيا متقدماً ميّز الكثير من البيئات السورية المشتركة بالمرجعيات الدينية ذاتها يقول:

" كان لمفهوم الطهارة والنجاسة في الإسلام أثر واضح في نظافة الماء والحفاظ على البيئة. فمعظم السواقي كانت نظيفة لدرجة يستطيع الإنسان أن يشرب من مائها وهو مطمئن إلى نظافتها، لأن الناس كانوا إذا احتاجوا إلى استعمال الماء للغسيل يديرون فرعاً صغيرا من الساقية نحو بستان يغسلون فيه ما يرغبون في غسله من ثيابهم وحاجياتهم، ولا يوّسخون ماء الساقية، ولا يلقون فيها أوساخاً، وإن رأوا قذارة أزالوها منها. ولا يدَعون أولادهم يبولون فيها أو في النهر، ويعلمون أن ذلك حرام يعاقبهم الله عليه، فالعبث بالماء حرام وتوسيخه حرام، وعى ذلك ينشا الأطفال، ويكبرون حاملين هذه المفاهيم فأين أولانا اليوم منها؟ ومازلت أذكر جارنا (أبو عبد الله) العجوز الطويل، ذا اللحية البيضاء، الذي كان مع إطلالة الربيع، يحمل مجرفته، ويسير بمحاذاة الساقية التي كانت مياهها تنساب أمام منزلنا ومنزله، مبتدئا من النبع، فلا يترك في الساقية ورق أشجار تالفاً أو عالقا بعائق، أو طائرا ميتاً، أو ما يعيق انساب الماء إلا أزاله، حتى ينساب الماء نظيفا رائقاً من منبعه ولغاية منزله وما بعده بقليل".

 

ثراء التوثيق الاجتماعي وسياسي!

يطول هذا الحديث الشيق الممتع عن تفاصيل قرية من قرى ريف دمشق في النصف الأول من القرن العشرين، وهو حديث ممتلئ بأدق التفاصيل المتدفقة من نبع الذاكرة الصافية العميقة الزاخرة بالصورة والمعلومة والإحساس في لحظة تشابكها وامتزاجها... لكن يبقى الجانب السياسي وسيرة المؤلف في الجيش السوري وأحداث الوحدة والانفصال عن مصر ثم انقلاب حزب البعث هو الجانب الأكثر أهمية في الكتاب برأيي، وإن لم يكن الأكثر ثراء بالضرورة، لأن الكاتب كان يهتم بإشباع كل جانب من جوانب كتابه بما في ذلك سيرة عائلته.. وهذه ميزة الكتابة التوثيقية الجيدة التي لا تعاني شح المعلومات في فصل على حساب آخر، أو تناثرها في سياق مبتور وغير مكتمل لا يساعد القارئ على معرفة تفاصيل الحدث وتصور الحالة.  

ويحرص الأستاذ أحمد راتب عرموش على أن يغني سرده المعلوماتي للوقائع التي عاصرها بالوثائق والبيانات الرسمية، وآراء صناع الحدث، والواقع أن ما يورده عن فترتي الوحدة والانفصال ثري جدا... وخصوصا أن الوحدة مع مصر أعلنت بعد أشهر من تخرجه من الكلية العسكرية عام 1957 برتبة ملازم، أما الانفصال فقد شارك فيه مع كتلة الضباط الدمشقيين الذين كانوا صناع الانفصال وقادته، وبهذه الحجة تعرضوا فيما بعد لأقسى حملات التمييز والاضطهاد بحجة معاداتهم للوحدة وقيامهم بالانفصال، مع ان الانقلاب الذي أنهى الوحدة جاء تلبية لرغبة نخبة اقتصادية وسياسية واجتماعية كبيرة، بما فيها مؤسسي حزب البعث نفسه، فقد كان صلاح الدين البيطار موقعا على الميثاق الوطني الذي كرس الانفصال، كما أيده زعماء وطنيون كبار أمثال فارس الخوري وسلطان باشا الأطرش، لكن الإعلام الناصري كان يزعم أن سلطات الانفصال زوروا برقيات التأييد تلك بأسماء هؤلاء.

لهذا كره السوريون الوحدة!

يسهب المؤلف من واقع مشاهداته، في سرد مظاهر تمييز الضباط المصريين في جيش الإقليم الشمالي أيام الوحدة، ويشير إلى أن كثير من قادة الوحدات العسكرية يسيئون التصرف مع العساكر والرتباء، فقد كانوا يطلبون من حجابهم مثلا مسح أحذيتهم، أو خدمات في منازلهم وهذه أمور لم يكن يألفها العساكر السوريون في ذلك الوقت، حتى أن بعضهم كان يتمرد.. ويروي في هذا السياق حادثة جرت معه فيقول:

"كنتُ في كتيبة استلم قيادتها مصري مدة من الزمن.. ولاحظت أن رقيبا في إحدى السرايا يعاقبه قائد الكتيبة بالسجن كل بضعة أيام، ولم يكن ذلك الرقيب تابعا لي. وصدف أن خرجت من غرفتي التي أنام فيها في المعسكر، فوجدت ذلك الرقيب بعيدا عني زهاء مئة متر، وكان الجو بارداً، ما جعله يرفع قبة معطفه. فناديته بصوت عال "ولك أحمد تعال لهون" فإذا به يضبط قبته ويأتي راكضا، ويحييني تحية نظامية ويقف أمامي في وضعية الاستعداد. فسألته: لمَ عاقبك قائد الكتيبة بستة أيام سجن؟ فأجاب: "كنت رافعا قبتي ومررت بجانبه فلم أحييه، فناداني وأنزل بي عقوبة" استغربت الأمر فسألته: "طيب أنا لست رئيسك، وهو رئيسك، وناديتك من بعيد فأسرعت وقلبت قبة معطفك وحييتني بكل انضباط؟ فقال: أنت تحبني وتحترمني أما هو فيحتقرني. قلت: وما يدريك؟ قال: الدليل أنك ناديتني لتسألني عن سبب عقوبتي فأنت مهتم بي".

الجيش السوري: قبل انقلاب البعث وبعده!

 ليس من المفيد تلخيص الوقائع الدقيقة لكيفية تشكيل العقيد عبد الكريم النحلاوي تنظيمه الذي أطاح بالوحدة، والذي يسهب المؤلف في سردها باعتباره كان قريبا منه، مثلما يُسهب في تحليل شخصية النحلاوي بموضوعية ونزاهة... فهذه التفاصيل يمكن الاطلاع عليها في هذه المذكرات الثرية لأنها جزء من مرحلة هامة من التاريخ السوري المعاصر، لكن أهم ما يقدمه هذا الكتاب للسوريين اليوم، الصورة التي رسمها المؤلف للجيش السوري قبل انقلاب البعث، والتي نسجها من واقع تفاصيل عاشها، وسير شخصيات عاصرها داخل المؤسسة العسكرية وتحدث عنها..  ثم صورة الجيش نفسه بعد انقلاب البعث حيث سيطر الطائفيون المملوؤن بمشاعر الدونية والانتقام، وبفكرة الاستيلاء العنفي على الدولة بكل مفاصلها.

ولأن الكاتب لم يقدم هذه الصورة ولا تلك المقارنة في فصل معين، فإنني سأحاول أن أنقلها إلى القارئ من خلال الاقتباسات التالية:

يذكر المؤلف عن النقيب عدنان حمدون الذي كان رئيسه في الكتيبة السادسة ص (164) ما يلي:

"لم يكن رخوا مع الجنود، واتفق معي على ضبط العساكر وتعليمهم الانضباط بفرض عقوبات قاسية عليهم، ولكن من دون تسجيلها في سيرهم الذاتية، أو إعلام القيادة بها، حتى لا يحسم من رواتبهم مدة العقوبة، وكان يقول: ما ذنب العائلة أن يقل دخلها إن أخطأ معيلها؟!".

يكشف المؤلف ص (164) عن القواعد الصارمة التي كانت سائدة في الجيش السوري فيما يتعلق بزواج الضباط فيقول واصفا ما حدث معه بعد خطبته على أمية سنوبر التي أصبحت زوجته فيما بعد:

"تمت مراسم الخطبة كالمعتاد، واستغرقت الموافقة من قيادة الجيش ستة أشهر، لأنها تحتاج إلى توقيع قائد الجيش، وقد كان زواج الضابط مشروطا بموافقة القيادة وكان يجري التحري عن خطيبة أي ضباط قبل منحه الموافقة، فهي ستطلع على أسرار يجب أن تكون أهلا لكتمانها. وأعرف ضباطا تزوجوا من أجنبيات أثناء التحاقهم بدورات في الخارج، فلم يستطيعوا حتى إدخالهن إلى سورية، وأذكر واحدا ترك زوجته في لبنان وكان يزورها في الإجازات".

يتحدث المؤلف ص 374  عن تقاليد الإبعاد عن الجيش فيقول:

"كان ضباط الجيش السوري على الرغم من تفرق بعضهم في تكتلات إقليمية أو سياسية أحيانا، كأفراد أسرة واحدة يتنافسون فيما بينهم، ولكنهم يحترم بعضا بعضهم، ولا يخرج اختلافهم عن التنافس على السلطة وإن اقتضى الأمر إبعاد أحدهم من الجيش، ونادرا ما كان يحصل ذلك، يبقى زميلا محترما ويُؤمّن له عيشه في وظيفة لا قوة َفيها يُمكنه استغلالها".

أما الوجه الآخر،  فيكفي أن نقرأ ما كتبه المؤلف نقلا عن كتاب (البعث) لسامي الجندي عن النية المبيتة لدى البعثيين، لتصفية الجيش الوطني وتدميره واستبداله بجيش عقائدي لا يحتاج السوريون اليوم لشرح مواصفاته كي يعرفوا مساوئه،  يقول:

"لم تكن المفاوضات سهلة بين الوحدويين والبعثيين <قبل انقلاب 8 آذار 1963> أصر الأولون على أن تعلن الوحدة مع إعلان الانقلاب،  فلا بد قبل إعلان الوحدة من تصفية الجيش وإيهام الكثير من العناصر أن الحركة ضد العقيد النحلاوي فقط..".

ويعلق المؤلف: هكذا بالحيلة والخداع تمت تصفية الجيش السوري.  بيد أن وصف المؤلف لقرار تسريحه بعد انقلاب الثامن من آذار، يكشف الأجواء الانتقامية التي باتت تعصف بروح هذه المؤسسة العسكرية في لحظات تدميرها وتصفيتها فيقول:

"كانت إحالتي إلى التقاعد في الحقيقة طردا من الجيش الذي أحببته وانتسبت إليه بدوافع وطنية، ولم أقصّر في خدمته. وشعرت بظلم كبير إذ رفّع أبناء دورتي إلى رتبة نقيب بمفعول رجعي لأكثر من سنة، وكان من المفروض أن يشملني الترفيع لأنني من أوائل دورتي، وشمل الترفيع الدورة التي تلت دورتي.  وللرتبة أهمية لا يعرفها إلا العسكريون، ومن حقي أن يحسب راتبي على أساس رائد، فالقانون يعطي المحال على التقاعد بقوة القانون ومن دون سبب، معاش الرتبة الأعلى من رتبته، وهكذا فقد ظلمت ماديا ومعنويا. ولما ناقشت المقدم <البعثي> أحمد سويداني لاحقا في السجن، في الموضوع، وكان قد تسلم الشعبة الثانية، لم يجد ما يرد به إلا قوله: انت هنا في السجن تناقش بهدوء وقانونية، أما عندما تكون على ظهر دبابتك فستختلف طريقتك. فإن استطعتم العودة إلى الحكم، عاملونا بالطريقة اذتها، وكرر الموقف ذاته عبد الكريم الجندي".

بين الرؤية الذاتية والموضوعية!

إن مذكرات الضابط السوري السابق أحمد راتب عرموش (رحلة العمر) كتاب جدير بالقراءة والاقتناء، ويمكن للمرء أن يلمس خلال رحلة قراءة وتحليل فصوله التي تمتد عبر أكثر من (500) صفحة من القطع الكبير، مدى حرص الكاتب على مقاطعة  مذكراته مع ما ورد في مذكرات شهود عيان آخرين، ومدى حرصه أيضا على أن يوازن بين الرؤية الذاتية التي تقوم عليها المذكرات عموما، وبين الرؤية الموضوعية التي يسعى الكاتب من خلالها لإكمال قراءته للمرحلة التاريخية التي عاشها، وعبر عنها بلغة سليمة وواضحة، قوتها في بساطتها وخلوها من الإنشاء في الأسلوب، والاستطراد النافل في القول،  وأمراض تمجيد الذات في المحتوى.. ناهيك عن البنية الدرامية والقصصية في سيرة هذا الضابط الذي أدرك سريعا أنه لم يفت الأوان لكي يبدأ من جديد، ففي اليوم التالي لتسريحه الظالم من الجيش، دوام في معمل البلاط الذي كان يملكه والده، ثم تابع دراسته في كلية الشريعة بجامعة دمشق.. وبعد حصوله على الإجازة الجامعية تابع دراساته العليا فحصل على ماجستير دراسات إسلامية... وبعد أن ودع الجيش، ودع سورية ثم ودع السياسية مثل كثير من النخب السورية بعد أن أصبح العمل السياسي في عهدة الوحوش وجلادي أجهزة المخابرات... ولا أجد ما أختم به هذا العرض لمذكرات هذا الصوت الوطني الذي يدون بدقة ويبوح بصدق، سوى هذه السطور التي يصف فيها شوارع دمشق التي كان يراها من نوافذ الباص الذي كان ينقله مع الضباط إلى الكتيبة قبل أن يسرح بسنوات: 

"كان علينا أن نتجول في الباص بعيد الفجر، وأذكر شوارع دمشق فارغة إلا من عمال التنظيفات، وهو يغسلون شوارع المدينة بالماء والصابون، فقد كان يجمعون القمامة ليلا، ويكنسون الشوارع والحارات، ويغسلون الرئيسة منها، فكانت دمشق من أنظف مدن العالم، وكانت المياه في ذلك الوقت تفيض عن الحاجة"

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات