كيف أفشل "صقور" إدارة ترامب خطط الانسحاب من سوريا؟

كيف أفشل "صقور" إدارة ترامب خطط الانسحاب من سوريا؟
كشف تقرير مطول لفورن بولسي عن الفوضى التي لحقت باستراتيجية إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وذلك عقب استقالة وزير الخارجية السابق، ريكس تيلرسون، ومستشار الامن القومي، هربرت ماكماستر، وذلك بناء على لقاءات أجريت مع عدد كبير من المسؤولين الأمريكيين.

تم تعيين جون بولتون كبديل لماكماستر، ومدير الاستخبارات الامريكية، مايك بومبيو، كوزير للخارجية، فيما تم تعيين جيمس جيفري وجويل رايبورن للعمل على الملف السوري، خطوة أدت إلى طغيان ما يعرف باسم صقور إيران على قرار البيت الأبيض.

وقال مسؤول كبير في الخارجية الامريكية: "بسبب الفوضى في الإدارة، أصبحت الإرشادات العامة للسياسية مبهمة للغاية خلال هذه الفترة.. لقدا بدا الأمر وكأنه فوضى عارمة".

مع وصول صقور إيران، تحولت سياسة ترامب في سوريا بالتوازي مع حملة الضغط القصوى التي فرضتها إدارة ترامب على إيران. بدأ جيفري العمل لوضع خطط للبقاء شمال شرق سوريا لأجل غير مسمى لمنع الأسد من الاستلاء على البلاد، وعمل فريقه على حرمان النظام والإيرانيين من حقول النفط عبر العمل مع قسد.

ولأن الولايات المتحدة كانت قد بدأت حملة الضغط القصوى، تم الإيعاز لقسد بضرورة وقف المفاوضات مع النظام، وقالوا لهم سنسحب كل الدعم إذا ما وصلتم لتسوية مع النظام.

سوء تقدير الموقف

تعارضت استراتيجية صقور إيران مع رغبة ترامب المعلنة بالانسحاب من سوريا. وقال عدد من المراقبين، إن هذا سيؤدي إلى صدامات كارثية لسبب مهم، لا تستطيع الولايات المتحدة البقاء في سوريا لأجل دون مسمى دون مساعدة من قسد وتركيا لن تلتزم الصمت بعد إعلان النصر على داعش.

في هذه المرحلة، يقول المسؤولون، إن جيفري أخطأ التقديرات. كان يرى أن تركيا تفضل وجود الولايات المتحدة وقسد على طول الحدود ولأجل غير مسمى على أن ترى على حدودها نظام الأسد وإيران.

وقال المسؤول: "أساء جيفري فهم الموقف تماماً وأساء تقدير الموقف التركي على طول الطريق.. أسائنا فهم موقف تركيا بشكل كبير. لم ندرك أولويات المصالح التركية والنتائج المقبولة لها في سوريا".

وأشار إلى أن الموقف الأمريكي كان مبنياً على موقف سابق لتركيا تراجعت عنه بشكل كبير خلال السنوات الماضية، خصوصاً مع انتخابات إسطنبول التي أجريت هذا العام. 

وقال، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تعرض لـ "ضغط سياسي هائل" وكان عليه أن يعالج وجود ملايين اللاجئين السوريين في تركيا، ولكن مع كل هذه التغيرات أخطأ الأمريكيون فهم الموقف التركي، وظنوا أن تركيا لن تغامر بعملية عسكرية في سوريا.

فخ منبج

كانت الولايات المتحدة تتطلع لدور تركي في الحملة المناهضة لإيران. ولتخفيف التوتر بين واشنطن وأنقرة تم التوافق في تشرين الثاني 2018 على تسيير دوريات مشتركة في منبج التي سيطرت عليها قسد في 2016.

كان وجود قسد في منبج انتهاكاً للخط الأحمر التركي، ونقطة خلاف بين الطرفين. وقال أحد ضباط الجيش الأمريكي الذي كان في سوريا: قالوا لنا أن خريطة طريق منبج لمنع تركيا من المطالبة بالمزيد" وأضاف "كانت طريقتنا لإيقاف تركيا إلى أن يتمكن النظام وروسيا وقسد من التوصل إلى تسوية سياسية.. عندما أنظر إلى الوراء، أرى أنها كانت وسيلة تشتت انتباه قسد لتركز على معركة داعش بدل من أن تقلق حول الوجود التركي".

لحث أردوغان على عدم الدخول في سوريا قال له جيفري إن الولايات المتحدة ستسحب جميع قواتها من البلاد وتترك أنقرة لمواجهة روسيا وقوات النظام بمفردها. كانت هذه غلطة ارتكبها جيفري، بحسب المسؤولين، إذ كشف عن المخطط الأمريكي الذي عمل أردوغان بناء عليه لينطلق داخل سوريا بعد 10 أشهر.

في 14 كانون الأول 2018، أتصل أردوغان بترامب وأخبره أنه سيدخل إلى سوريا. قرر ترامب سحب جميع القوات خلال 30 يوماً. وراء الكواليس كان جيفري يخطط لاحتواء الضرر، قال بحسب شخص قريب منه، إنه ضغط على قسد لمنعهم من التفاهم مع روسيا والنظام. قال لهم "سنعطيكم صفقة أفضل".

الفرصة الأخيرة

وقال جيفري للكونغرس في 22 تشرين الأول: "قدمنا لهم ضمانات بالوقوف معهم عسكرياً ضد النظام وضد المرتزقة الروس وغيرهم ولكن ليس ضد تركيا، حليفنا في الناتو.. في الواقع، معظم محادثاتنا مع الأكراد كانت لحثهم على إيجاد نوع من التسوية السياسية مع تركيا لأنهم لا يستطيعون الاعتماد علينا لإبعاد تركيا".

نجح المسؤولون بإقناع ترامب بالبقاء وعكس قراره جزئياً، حيث قرر الإبقاء على قوة عسكرية صغيرة تضم 200 جندي شمال شرق سوريا و200 آخرين في التنف، كحاجز ضد النفوذ الإيراني. ولكن هذه الخطة كانت مرهونة بوجود قوات أوروبية تنشأ منطقة عازلة تحول بين الأكراد وتركيا.

وقال المسؤول الأمريكي البارز: "أخبرنا الرئيس أن الخطة لا تعمل.. لم يكن لترامب أي نية للتخلي عن القتال شمال شرق سوريا. ظن أنه يستطيع فعل ذلك من خلال وجود تحالف شامل على الأرض" وعندما فشلنا قال "حسناً، سنحتفظ بالقوة المتبقية".

بحلول صيف 2019 بدأ الاتراك ينفذ صبرهم، وقال أردوغان إنه سيبدأ بعملية عبر الحدود، وبينما كان المسؤولون الامريكيون يقولون، إن "الآلية الأمنية" تعمل بشكل جيد، بمن فيهم وزير الدفاع مارك إسبر، كان أردوغان يعبر عن غضبه من الإجراءات بشكل علني. وأعلن صراحة عن "الفرصة الأخيرة" لإقامة المنطقة العازلة.

ويعمل حالياً صقور إيران على إقناع ترامب بالاحتفاظ بوجود دائم في سوريا كطريقة لمنع النظام وداعش من السيطرة على حقول النفط، طريقة تبدو جذابة أكثر ومقنعة بالنسبة لترامب.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات