تسريب المئات من الوثائق السرية التي تكشف أسماء المسؤولين العراقيين المتعاملين مع إيران

تسريب المئات من الوثائق السرية التي تكشف أسماء المسؤولين العراقيين المتعاملين مع إيران
تمكنت صحيفة نيويورك تايمز بالتعاون مع موقع انترسبت الإخباري من الحصول على المئات من الوثائق السرية الإيرانية التي تكشف الدور الذي لعبته إيران في العراق بعد الغزو الأمريكي في 2003.

وتعتبر الوثائق المسربة الأولى من نوعها التي تكشف بوضوح تورط إيران الكبير في العراق والممتد على مدى سنوات طويلة جندت فيها إيران العديد من العملاء العراقيين للعمل لصالحها فيما أغرت السياسيين بالأموال لتبديل مواقفهم المؤيدة للولايات المتحدة وللتأثير في مختلف المجالات العراقية سواء الدينية، أو الاقتصادية، أو السياسية بطبيعة الحال.

وتشير الوثائق إلى الطابع الاستخباراتي للعمل الإيراني، حيث يتم ترتيب الاجتماعات بشكل سري جداً داخل الأزقة، ومراكز التسوق، أو تحت غطاء نشاطات اجتماعية مثل رحلات الصيد أو حفلات عيد الميلاد. 

ويعمل المخبرون الإيرانيون داخل مطار بغداد لمراقبة حركة الجنود الأمريكيين، والتقاط صورهم، وتسجيل الرحلات الجوية العسكرية للتحالف والتكاليف بسيطة في بعض الأحيان ولا تتجاوز هدايا من الفستق وعطر الكولونيا يتم تقديمه للمسؤولين العراقيين إذا لزم الأمر.

وتحتوي الوثائق كذلك على مصاريف إيرانية أنفقتها على ضباط في الاستخبارات العراقية، بما في ذلك تقرير مخصص لمبلغ 87.5 يورو، قدمت لقيادي كردي.

العمل الاستخباراتي الخارجي

عمل عادل عبد المهدي عن كثب مع إيران أثناء وجوده في المنفى اثناء فترة حكم صدام حسين وتشير إحدى الوثائق إلى "وجود علاقة خاصة" بينه وبين إيران، عندما كان وزير النفط في 2014. ولم توضح الوثائق نوع العلاقة الخاصة هذه، إلا أنها تعني الكثير من  الأشياء، ولا تدل بالضرورة على أنه عميل للحكومة الإيرانية، وذلك على حد قد قول مسؤول أمريكي سابق حيث يعتبر عبد المهدي الذي تسلم رئاسة الوزراء في 2018، مرشح توافقي بين إيران والولايات المتحدة.

وتقدم الوثائق المسربة لمحة استثنائية عن طبيعة المهام الإيرانية داخل العراق، وتورد تفاصيل في غاية الأهمية عن سقوط العراق تحت النفوذ الإيراني منذ الغزو الأمريكي في 2003 والذي أخضع العراق للسيطرة الإيرانية.

وتؤكد هذه الوثائق ما هو معروف حالياً، حول قبضة إيران الحازمة، وإدارتها لشؤون العراق إلا أنها تقدم لمحة عن الحرب الخفية بين الولايات المتحدة وإيران حيث يستخدم كلا الطرفين العراق كساحة للتجسس.

تم كتابة هذه التقارير بشكل كبير ما بين عامي 2014 إلى 2015 من قبل الضباط الميدانيين التابعين للاستخبارات الإيرانية التي تعرف بنشاطها القوي والمتشعب إلا أن ما يطغى عليها الحرس الثوري، الذي يحدد في العراق وسوريا ولبنان السياسات المناسبة عبر تعيين وكلاء تابعين له ومعظمهم من الرتب العليا بإشراف قاسم سليماني.

وتشير بعض المصادر إلى أن وزارة الاستخبارات تعمل بالتوازي مع الحرس الثوري حيث تقدم تقاريرهم إلى المقر في طهران لتقدم بعدها إلى المجلس الأعلى للأمن القومي.

700 وثيقة من مجهول

ركز عملهم على تجنيد المسؤولين العراقيين والتحالف مع القيادات المعارضة لنظام صدام حسين. وأقام عدد كبير من المسؤولين السياسيين والعسكريين والأمنيين في العراق علاقات سرية مع طهران، وذلك بحسب ما تظهر الوثائق.

وتظهر الوثائق، أن إيران أضافت مخبرا سابقا في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية على جداول الرواتب وذلك بعد انسحاب القوات الأمريكية في 2011. وتظهر وثائق أخرى غير مؤرخة تجنيد إيران لجاسوس يعمل في وزارة الخارجية الأمريكية.

ومن غير الواضح نتائج العمل الاستخباراتي الإيراني داخل الحكومة الأمريكية ولكن وفقاً للوثائق كانت إيران تلتقي في المخبر وتعرض عليه مكافئات، وعملات ذهبية، وهدايا أخرى. ولم تذكر الوثائق اسم الجاسوس داخل الخارجية، ولكنها وصفته على أنه شخص قادر على تقديم "رؤى استخباراتية حول خطط الحكومة الأمريكية في العراق".

وكانت الصحيفة وموقع انترسبت قد حصلا على 700 صفحة من الوثائق الشخصية من شخص مجهول، حيث تم تشكيل فريق مشترك لترجمة الوثائق من الفارسية إلى الإنجليزية، ومن ثم تم التحقق من صحتها من دون الوصول إلى الجهة المرسلة.

ورفض المرسل الكشف عن هويته، أو إجراء أي لقاء صحفي، وقال إن هدفه "إطلاع العالم عما تفعله إيران في بلدي العراق".

تجنيد عملاء أمريكيين

وتظهر بعض الوثائق الفشل في جمع المعلومات الاستخباراتية، مثل دخول الجواسيس الإيرانيين للمعهد الثقافي الألماني في العراق ليجدوا أن الرموز التي بحوزتهم خاطئة ولا يمكنهم فتح الخزائن. وتكشف وثائق أخرى عن تعرض ضباط إيرانيين للضرب من قبل رؤسائهم في طهران بسبب التقاعس أو لأن تقاريرهم تعتمد على الأخبار.

وتظهر الوثائق الفشل الأمريكي في إدارة العراق بعد الغزو في 2003، وكذلك التراجع في 2011، حيث بدأت الولايات المتحدة بالانسحاب تاركتا وراءها كل عملائها السريين عاطلين عن العمل في بلد محطم نتيجة للغزو ويخشون على حياتهم بسبب صلاتهم بالولايات المتحدة. استغلت إيران هذه النقطة، وقامت بتجنيد البعض منهم، وبالطبع أخبروا إيران كل ما يعرفونه عن النشاطات الاستخباراتية الأمريكية في العراق.

وفي تشرين الثاني 2014، أنتقل أحد عملاء الاستخبارات الأمريكية، والذي كان يعمل بالاسم المستعار دوني براسكو، للعيش في إيران حيث قامت إيران بتأمين الحماية له لقاء الكشف عن كل ما يعرفه عن الاستخبارات الأمريكية في العراق، بما في ذلك الأماكن الآمنة للاستخبارات، وأسماء الفنادق التي تتعامل مع عملائها، والأسلحة والتدريب التي يتلقاها عملاؤها في العراق والكشف عن أسماء المخبريين العراقيين التابعين لها.

وكشفت أحد الوثائق عن عميل تابع للاستخبارات الأمريكية من 2008، في عقد استمر لمدة 18 شهر في برنامج يستهدف تنظيم القاعدة. حصل العميل على 3,000 دولار شهرياً، ومكافأة لمرة واحدة قدرها 20,000 دولار، وسيارة.

رئيسا البرلمان والاستخبارات

وتكشف وثيقة في 2014، عن اجتماع اللواء حاتم المكصوصي مدير الاستخبارات العسكرية العراقية الأسبق مع الاستخبارات الإيرانية حيث قال "إيران هي بلدي الثاني وأحبها" وذلك في اجتماع استمر لمدة ثلاث ساعات. وقال المكصوصي للضابط الإيراني "أخبرهم (في طهران) أننا في خدمتكم. كل ما تحتاجونه هو تحت تصرفكم، نحن شيعة ولدينا عدو مشترك".

وتابع قائلاً "كل المعلومات الاستخباراتية التي يمتلكها الجيش العراقي، اعتبرها ملككم.. إذا كان لديك جهاز كمبيوتر محمول جديد، أعطيني إياه لأحمل المعلومات".

كانت حينها قد بدأت الولايات المتحدة بتقديم نظام جديد استخباراتي يمكن الحكومة العراقية من التنصت على الهواتف المحمولة، علق حينها المكصوصي للضابط الإيراني قائلاً "سأضع تحت تصرفكم أي معلومات مخابراتية ترغبونها".

نفى المكصوصي، المتقاعد الآن عمله مع إيران، وقال "عملت من أجل العراق ولم أعمل لأي دولة أخرى.. لم أكن مدير الاستخبارات الشيعية، بل مدير الاستخبارات لكل العراق". ولكن مسؤول أمريكي سابق قال إن الولايات المتحدة اكتشفت علاقة ضباط الاستخبارات العراقي بإيران ووصوله لمعلومات حساسة.

وتكشف الوثائق عن العلاقة الإيرانية بسليم الجبوري الذي كان رئيساً للبرلمان العراقي حتى العام الماضي. الجبوري، وعلى الرغم من كونه سنياً كان معروفاً بعلاقته الوثيقة مع إيران. وقال أحد العملاء الإيرانيين "أحضر إلى مكتبه بشكل يومي، وأتابع اتصالاته بعناية مع الأمريكيين".

دعم نظام الأسد

ويكشف تقرير آخر عن علاقة نيجيرفان بارزاني، الرئيس الحالي لكردستان العراق، ورئيس وزراء الإقليم سابقاً بإيران، حيث قال التقرير إن بارزاني توجه على الفور للقاء مسؤول إيراني وأخباره عن محتوى اجتماع أجراه مع كبار المسؤولين الأمريكيين والبريطانيين.

ومن بين المسؤولين ايضاً الذين تم كشف عن أسمائهم باقر جبر الزبيدي، الذي تولى حقائب وزارية عديدة، وشغل منصب وزيراً للنقل في 2014 عندما التقى بسليماني لبحث مرور الطائرات العسكرية الإيرانية في الأجواء الإيرانية باتجاه سوريا.

التقى سليماني بجبر الزبيدي في مكتبه، وقال له سليماني إن إيران بحاجة إلى الدخول إلى المجال الجوي العراقي لنقل الأسلحة والامدادات لدعم بشار الأسد في معركته ضد الثوار المدعومين من الولايات المتحدة كان حينها يسعى المسؤولون في إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما لوقف الرحلات الجوية الإيرانية عبر الأجواء العراقية.

لم يتردد وزير النقل، وضع يده على عينه وقال "من عيني!" أعجب سليماني بالرد، حيث نهض واقترب منه وقبله من جبهته، وذلك بحسب ما جاء في الوثائق.

للاطلاع على التقرير من المصدر

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات