ما أسباب التنافس الروسي الإيراني على الساحل السوري؟

ما أسباب التنافس الروسي الإيراني على الساحل السوري؟
تسعى كلٌ من روسيا وإيران للسيطرة على الساحل السوري تحت ما يسمى "استثمار"، والذي تجلى عبر التنافس المحموم بينهما خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ومحاولة كل طرفٍ لتوقيع مع نظام أسد على "معاهدات" تخوّله الاستفادة من هذه المنطقة لأطول مدة ممكنة، وبالتالي مزاحمة كل دولة نفوذ الأخرى، حتى وإن وصل ذلك للمواجهة المباشرة عبر وكلائهم من ميليشيات الساحل.

وكانت روسيا وضعت يدها على مطار اللاذقية "حميميم" الذي حوّلته لقاعدة عسكرية، كما بدأت باستثمار ميناء طرطوس البحري وبعض القواعد العسكرية في جبلة وإسطامو، بالإضافة للمياه الإقليمية السورية من أجل استثمارها فيما بعد؛ بينما تحاول إيران السيطرة على ميناء اللاذقية البحري ومرسى بانياس، بالإضافة لبعض القواعد العسكرية بالقرب من بانياس وفي جبل التركمان.

أهمية اقتصادية

وبحسب تقارير دولية، فإن سوريا ستكون من الدول الأكثر إنتاجاً والأكثر احتياطياً في العالم من حيث مادة الغاز البحري الموجود ضمن المياه الإقليمية السورية.

وحول أسباب التنافس بين المحتلين الروسي الايراني، يقول الكاتب والباحث الاستراتيجي، الأستاذ أحمد الرمح: "وصلت روسيا للمياه الدافئة في البحر المتوسط بعد سيطرتها ووضع يدها على أهم المواقع في الساحل السوري، وهذا ما كانت تتمناه سابقاً؛ فيما تسعى إيران لفتح منفذ بحري اقتصادي لها في المنطقة، بسبب منع بواخرها المحملة بالنفط أو السلاح من عبور باقي المنافذ البحرية الدولية، ولكن هذا التنافس محسوم للجانب الروسي فلن تسمح بالسيطرة الاقتصادية لغيرها حتى وإن كانت ايران".

بينما يرى الخبير الاقتصادي، الدكتور ابراهيم خطيب، أن "أهم ما في الساحل السوري هو الغاز البحري الذي قدّرته بعض الدراسات الجيولوجية بأنه أكثر من 1100 مليار متر مكعب، ودراسات أخرى قدرته بحوالي 700 مليار متر مكعب، وهو ما يزيد عن خمسة أضعاف احتياطي البر السوري، ولهذا عملت روسيا على إبرام عدة اتفاقيات طويلة الأمد من أجل التنقيب عن هذا الغاز، بالإضافة للأهمية الثانية ألا وهي الآثار المدفونة بالمنطقة ويُضاف لها استثمار الموانئ الساحلية".

وأوضح الخطيب في حديثه لأورينت نت أن "هناك عقود استثمار طويلة الأمد لموانئ اللاذقية وطرطوس، أحدها من قبل إيران وأخرى لروسيا، بالإضافة لعقود انشاء مدن سياحية بشركات روسية، بالتزامن مع طمع ايراني بالسيطرة على بانياس الساحلية لتصدير منتجاتها عبر هذا المرسى، وفي كل مرة يزيد التنافس على الاستثمار الاقتصادي نجده ينعكس على الحالة العسكرية والأمنية على الأرض".

طوق النجاة الإيراني

من جهته، اعتبر الحقوقي والمعارض الإيراني، عبد المجيد محمد، أن الساحل السوري هو طوق النجاة بالنسبة لإيران، مفصلاً ذلك بقوله لأورينت نت: "وقّعت إيران عدة اتفاقيات مع نظام الأسد خلال السنة الماضية، تهدف لاستثمار الساحل السوري والاستفادة منه، كاستئجار وإدارة ميناء اللاذقية والذي كان يدرّ للخزينة السورية ما يُقارب ملياريّ دولار، وبالتالي سيكون هذا الميناء بمثابة تعويض مادي عمّا استدانه نظام أسد من إيران".

وأضاف محمد "بالإضافة لميناء اللاذقية، تري إيران ميناء بانياس وذلك عبر اتفاقية السكك الحديدة التي تربط موانئ طهران بالساحل السوري، والتي بدأ تنفيذها مؤخراً، وبالتالي سيكون لميناء بانياس دوره الاقتصادي الهام بربط إيران بالدول الأوربية، وكذلك إيصال النفط والسلاح الإيراني إلى خارج حدودها المُعاقبة اقتصادياً من أغلب هذه الدول، وهذا ما يجعل ايران تُنافس روسيا على هذين المرفأين بالإضافة للطرق الموصلة إليهما".

ويشير المعارض الإيراني إلى أن "نظام طهران جنّد ميليشياته الموالية من أبناء تلك المنطقة ومعهم حزب الله اللبناني وبعض عناصر الحرس الثوري للاصطدام مع الطرف الروسي أو ميليشياته الموجودة بالمنطقة كذلك، بحال رأت أن مصالحها بالمنطقة مهددة من جانبهم، وهذا ما حصل بعدة قرى العام الماضي".

أهم عقدة ربط دولية

غير ذلك، يقول الدكتور إبراهيم خطيب: "طالما سمعنا بحلم قياصرة الروس بالوصول للمياه الدافئة في البحر المتوسط، وهذا ما حققه الرئيس الروسي بوتين مؤخراً بوصوله للسواحل السورية، التي تُعتبر أهم السواحل المتوسطية كوْنها تربط القارات الثلاث (آسيا وأوربا وأفريقيا) وكذلك حلم الفرس القديم بالوصول للسواحل السورية لتكون منفذاً لهم بعيداً عن مياه المحيطات، وهذا ما تسعى إليه إيران حالياً بربط شرق آسيا خاصةً الصين بأوروبا عبر أراضي إيران وسواحل سوريا".

وبسبب هذه الأهمية الاستراتيجية للسواحل السورية زاد التنافس الروسي الايراني، وجعل كل واحدٍ منهما يضع يده على ما يُمكن من الموانئ السورية والمياه الاقليمية، وحمايتها بالقواعد العسكرية القريبة منها، مما يُنذر أن يتحول الساحل السوري لساحة صراع دولية في المستقبل القريب، ربما يُضاف إلى الروس والإيرانيين متصارعين جُدد، حسب كلام الخطيب.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات