لماذا تهتم روسيا بالطرق الدولية المتواجدة في سوريا؟

لماذا تهتم روسيا بالطرق الدولية المتواجدة في سوريا؟
تُولي روسيا اهتماماً كبيراً بالطرق الدولية الممتدة على طول الأراضي السورية، من شمالها حتى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، وأهم هذه الطرق هو الطريق الدولي M5 الذي يوصل جنوب سوريا بشمالها، بالإضافة للطريق M4 الذي يوصل شرق سوريا بغربها، وتجلّى اهتمام الاحتلال الروسي بهذه الطرق عبر اقحامها بكلّ الاتفاقات السياسية والمعارك العسكرية.

وكانت روسيا قد ذكرت صراحةً أهمية هذه الطرق الدولية بالنسبة لها ولنظام أسد منذ اتفاق سوتشي أواخر عام 2018 واجتماعات أستانا التي قسّمت مناطق المعارضة حسب هذه الطرقات، وتلاها محاولات الاحتلال الروسي للسيطرة على هذه الطرق بكافة الوسائل الممكنة، منها المصالحات والتهجير القسري جنوباً والمعارك المُحتدمة شمالاً، وحتى أن شرق الفرات لم يسلم من نوايا روسيا بالسيطرة على هذه الطرق والأتوسترادات عبر التفاوض مع تركيا.

مليارات "الترانزيت"

وبحسب الخبير الاقتصادي مازن الصمادي فإن واردات تجارة الترانزيت قبل عام 2011 كانت تصل لأكثر من 3 مليار دولار سنوياً وهذا ما تطمع به روسيا، وأضاف الصمادي لأورينت نت قائلاً "هناك أكثر من 150 ألف شاحنة تعبر الطرق الدولية في سوريا سنوياً، قادمةً من دول الجوار ودول العالم أجمع، ولذلك تُعتبر سوريا عقدة العالم التجاري بين الشمال الأوربي والجنوب الآسيوي والخليجي".

وتابع الصمادي تحليله لأهم أسباب اهتمام روسيا بالطرق الدولية السورية بقوله، "بحال تمكّنت روسيا من الإشراف والسيطرة على الطرق الدولية الموجودة في سوريا، ستتمكن من إنعاش تجارتها الدولية وتصدير واستيراد البضائع الخاصة بها، كما ستتمكن من استثمار هذه الطرق داخل وخارج سوريا وفرض الرسوم والتحكم بتجارة الترانزيت الدولية المار ة بسوريا، والتي قدّرها البعض بأكثر من 5 مليار دولار سنوياً".

كما أكّد الناشط الاعلامي معاذ العباس لأورينت نت أن، "الطرق الدولية (M4،M5) المارّة بمحافظة ادلب هي صلة الوصل للطريق البري الأطول عالمياً، وهذا الطريق مقطوع حالياً بسبب سيطرة فصائل الثوار عليه، ولذلك يسعى الاحتلال الروسي للسيطرة على باقي هذا الطرق بكل الوسائل الممكنة عسكرياً أو سياسياً، لما لها من أهمية تجارية واقتصادية عند الروس".

فيما أشار الصمادي أن "وزير النقل التابع لنظام أسد صرّح سابقاً أن نظامه سيقوم بمنح بعض الشركات الروسية ميزة استثمار هذه الطرق، وبالتالي فإن سيطرة روسيا على هذه الطرقات هي رسالة للعالم أجمع أنها هي الراعي والمُشرف والمستثمر لهذه الأتوسترادات الدولية".

وصول روسيا للمياه الدافئة

وأما المهندس سليم الحسن رأى أن اهتمام روسيا بالطرق الدولية يعود لتحقيق حلم روسيا بالوصول للمياه الدافئة بالبحر المتوسط ولن يكتمل هذا الحلم بدون السيطرة على الطرق الدولية التي تربط روسيا بموانئ هذه المياه.

وقال الحسن لأورينت نت: "التجارة البرية أقل تكلفة من التجارة البحرية أو الجوية ولذلك تسعى روسيا للسيطرة على الطرق الدولية السورية لأنها تصل روسيا بمياه البحر المتوسط عبر شبكة طرق دولية أخرة بدول مجاورة، فمثلاً الطريق الدولي M4 يصل موانئ اللاذقية وطرطوس بشرق سوريا ثم العراق ومنها إلى دول الاتحاد الروسي عبر بضعة دول، كما الطريق M5 يصل أغلب دول الخليج والبحر المتوسط بتركيا ثم روسيا".

وأكمل المهندس موضحاً، "سيطرة روسيا على الطرق الدولية ومن قبلها على الموانئ البحرية والجوية، يعني سيطرة روسيا على أهم العقد التجارية والاقتصادية في المنطقة، مما يقوّيها اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً في قادم الأيام".

ضمانة دولية لإعادة الإعمار

من جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي مازن الصمادي أن "سيطرة روسيا على الطرق الدولية وإشرافها وحمايتها هو رسالة لدول العالم المهتمة بشأن سوريا واعادة إعمارها والاستفادة من مواردها، لكي تقوم هذه الدول بإعادة اعمار سوريا بعد ضمان الطرق الواصلة إليها والتي تُفيد كافة الأطراف الدولية لما لها من أهمية".

وأضاف لأورينت نت أن "الواردات والاستثمارات الواردة لخزينة نظام أسد ستزيد من فرص إعادة إعمار سوريا عبر حكومته، وبالتعاون مع حكومات دول أخرى لم تقطع علاقاتها بشكل كامل مع هذا النظام، بالإضافة للضمانة الروسية لباقي الدول الأوروبية والخليجية بضرورة إعادة إعمار سوريا والاستفادة من عقدة الطرق الدولية التي تخدم جميع هذه الدول، وأنها ستكون تحت الوصاية والضمانة الروسية، وبذلك تكون روسيا تملّصت من إعادة إعمار سوريا على نفقتها كما وعدت نظام أسد سابقاً".

تأمين استقرار نسبي للنظام

من جانب آخر، أشار الكاتب والمحلل الاستراتيجي وائل علوان إلى أهمية الطرق الدولية بالنسبة لروسيا وجميع الأطراف الدولية، ووفق علوان فإن "روسيا تسعى لتحقيق استقرار نسبي للنظام السوري بغضّ النظر مَن على رأس هذا النظام، وهذا يهمّ روسيا من حيث استقرار التعامل الدولي مع هذا النظام".

وذكر علوان بسياق حديثه مع أورينت نت أن، "روسيا تُريد الاستقرار الخدمي والتجاري والاقتصادي للنظام السوري، وبالتالي تسويقه دولياً حتى وإن لم يكن بشار الأسد على رأسه، وبالتالي ينعكس ذلك إيجاباً على روسيا لأن من مصلحتها حالياً هذا الاستقرار في سوريا، ولن يتحقق دون السيطرة على الطرق الدولية لضمان التعامل الدولي مع النظام، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي".

ولفتَ الاعلامي معاذ العباس إلى أن، "سيطرة الاحتلال الروسي على الطرق الدولية سيؤمن سهولة الحركة التجارية والنقل العسكري لنظام أسد، بالإضافة إلى سيطرته على أهم معاقل الثورة السورية في إدلب، وبالتالي سيصل أهم مدنه بسهولة أكبر بدلاً من قطع مسافات كبيرة تستغرق عشرات الساعات أحياناً، وهذا كله لضمان استقرار نظام أسد وتحقيق المكاسب له".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات