القادم أسوأ.. خبير اقتصادي يعدد أسباب فشل نظام أسد في مواجهة الكارثة

القادم أسوأ.. خبير اقتصادي يعدد أسباب فشل نظام أسد في مواجهة الكارثة
يتصدر الانهيار المتسارع وغير المسبوق لليرة السورية والارتفاع الجنوني للأسعار حديث الشارع السوري في مناطق سيطرة نظام أسد، الذي لجأ إلى أسلوب التهديد والترهيب والعقاب وحملات الرقص والغناء لمواجهة ذلك، كعادته طوال سنوات الثورة السورية المستمرة منذ تسع سنوات ضد حكمه.

ورغم أن أزمة تدهور الليرة والاقتصاد السوري ليست جديدة، غير أن المعطيات الداخلية والخارجية تشير إلى أن العام 2020، سيكون الأسوأ والأكثر كارثية، على نظام أسد ورموز حكمه، وعلى الشعب السوري المقيم في مناطق سيطرته، وهؤلاء المتضررين الأكبر بحسب خبراء اقتصاديين ومسؤولين سياسيين.

القادم أسوأ

ورجح الباحث الاقتصادي السوري خالد تركاوي أن يكون العام 2020، أسوأ من أي عام مضى على الاقتصاد السوري مرجعا ذلك إلى أسباب داخلية وخارجية.

ولخص الباحث الأسباب الداخلية في أمرين رئيسين هما؛ الدمار والفساد.

وفيما يتعلق بالأمر الأول قال الباحث الاقتصادي تركاوي،" الاقتصاد السوري تدمر بكل ما تعنيه الكلمة من معنى, ومقوماته أصبحت ضعيفة للغاية، ولا حوامل له، بمعنى أن شبكة التجار والمواطنين المنتجين تضررت بفعل الحرب فوجود 6.5 مليون خارج سورية وتشريد مثلهم جعل الجزء الأكبر من المعامل والمؤسسات التجارية تنتقل للخارج".

وأضاف أن "موارد سوريا الطبيعية مسيطر عليها من قبل قوات أجنبية روسية وإيرانية بالدرجة الأولى ومن ثم أمريكية ولا أمل باستعادتها قريباً كون العقود الموقعة مع هذه الجهات لسنوات طويلة".

وتابع "شبكات التجار الناشئة حديثاً والتي سمح نظام أسد بنموها مرتبطة بتمويل حربه ضد معارضيه والثائرين عليه ,لا تذهب مواردها للناس ولتعزيز الاقتصاد، بل تذهب لتمويل كتائب وفصائل وجماعات وميليشيات تعمل للقتل".

الفساد

وفيما يتعلق بالفساد أكد تركاوي أنه مستشر حتى النخاع في مؤسسات نظام أسد أكثر من أي وقت مضى وكل من بيده سلطة أو جزء من سلطة يسيطر على الموارد التي يريد.

وضرب الباحث الاقتصادي مثالا عن الفساد بمادتي المازوت والغاز، فوفقا للحسابات النظرية ينبغي أن توصلهما مؤسسات نظام أسد إلى الجميع، غير أن الأرقام تشير إلى أنهما لا يصلان لأكثر من 25% من الناس وبكميات محدودة، وفي المقابل تتوفر المادتان في السوق السوداء بكميات كبيرة لمن يستطيع أن يدفع مبالغ كبيرة لشرائها.

وأما فيما يخص الأسباب الخارجية فيرى خالد وغيره من الاقتصاديين أنه سيكون لقانون "قيصر" الأمريكي الأثر الكبير في إطلاق رصاصة الرحمة على الليرة السورية والاقتصاد السوري بشكل عام.

وهذا الأمر أكده المبعوث الأمريكي إلى سوريا في مؤتمر صحفي له في اسطنبول في 11/01/2020.

وقال المسؤول الأمريكي عن الملف السوري حينئذ ، "إن مفاعيل قانون قيصر على الاقتصاد والليرة السورية ستبدأ بالظهور بشكل واضح خلال الأسابيع القادمة"، مشيرا إلى أن هناك جهودا كبيرة تبذل لوضع حزم عقوبات اقتصادية على نظام أسد بشكل يتناسب مع القانون وآلياته".

إنكار وتجاهل 

وعلى الجانب الآخر واجه ومايزال نظام أسد ما يحدث للاقتصاد والليرة السورية من انهيارات متتابعة بالشعارات وحملات الرقص والغناء على مواقع التواصل والتهديد والترهيب بدلا من البحث عن مخارج اقتصادية أو سياسية، استكمالا لشعار الأسد أو نخرب البلد بداية انطلاق الثورة ضده ومطالبتها بالتغير والإصلاح السياسي والاقتصادي.

وفي هذا الإطار حصر الباحث الاقتصادي تركاوي استراتيجية نظام أسد في 3 نقاط تجاه الوضع الكارثي الذي تتعرض له البلاد وخاصة لناحية الاقتصاد.

وتتمثل النقطة الأولى في الإنكار وقد خصص لهذه المسألة مقالات وصحفيين ووجوه معروفة تنكر ارتفاع الليرة، وكان آخرهم المستشارة الشخصية لبشار أسد  بثينة شعبان التي أكدت أن الاقتصاد في سوريا حاليا أفضل بخمسين مرة من أي وقت سابق وأن ارتفاع الليرة وهمي ولا أثر له على أرض الواقع، بينما كانت الليرة تسجل سعرا قريب من 1200 لليرة للدولار الواحد أثناء حديثها.

وأما النقطة الثانية فتمثلت بالإجبار والترهيب، حيث يجبر النظام الجميع على التعامل بالليرة بقوة السلطة الأمنية وبموجب تشديد العقوبات والقوانين، وكان آخرها المرسوم التشريعي رقم (3) الصادر مؤخرا وينص على منع تداول الأخبار المتعلقة بالليرةعلى مواقع التواصل تحت طائلة الاعتقال المؤقت والغرامة حتى 5 ملايين ليرة.

في حين أن النقطة الثالثة في الاستراتيجية هي التجاهل حيث يصور نظام الأسد الأزمة بأنها أزمة مضاربة على الليرة وأن المضاربين من مكاتب صرافة وبنوك هم السبب لذلك نجد المصرف المركزي يجتمع مع من تبقى من مكاتب وساطة مالية وشركات صرافة ولكن الجميع في النظام يتجاهل الحقيقة التي تنص على أن الاقتصاد السوري تدمر بواقع تسخير موارد الدولة لصالح الحرب ضد السوريين.

الثمن الأكبر 

لاشك أن نظام أسد ورموز حكمه سيدفعون جزءا من ثمن الانهيار الاقتصادي للبلاد، حيث أن مؤسساته لم تعد قادرة على أداء وظائفها الطبيعية ولن تكون في المستقبل من باب أولى كون الظروف تذهب للأسوأ، إلا أن السوريين المقيمين في مناطق سيطرته سيدفعون الثمن الأكبر.

ويرى معظم الخبراء ممن تم التواصل معهم أن الحلول لإنقاذ السوريين واقتصادهم وليرتهم ضيئلة جدا في ظل استمرار نظام أسد في السلطة وأن ما يمكن فعله لا يتعدى أن يكون "بحصات صغيرة"، مقدمين بعض النصائح للسوريين المقيمين في مناطق نظام أسد للتخفيف ما أمكن من آثار الكارثة التي يمرون بها.

ومن أبرز تلك النصائح هو اعتماد الأسر السورية على تنمية مواردها الذاتية عن طريق الزراعة وتربية الحيوانات والأشغال الداخلية، وإنشاء جماعات تكافل اجتماعي بين مجموعات من الناس يعرفون بعضهم في الخارج والداخل ومقاطعة المؤسسات والبضائع والتجار والأشخاص المرتبطين بإيران وميليشياتها لأنهم سيزيدون من مواردهم وتقويتها على حساب فقرهم ومأساتهم.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب وقع نهاية العام المنصرم 2019، قانونًا أطلق عليه اسم (قانون قيصر)، يتعلق بحماية المدنيين السوريين من بطش نظام أسد، حيث يفرض عقوبات جديدة على نظام أسد ومن يدعمه ماليا أو عينيا أو تكنولوجيا.

واسم قيصر مأخوذ من لقب أطلق على منشق عن صفوف نظام أسد وتمكن من مغادرة سوريا ومعه آلاف الصور الفوتوغرافية الموثقة لما يتعرض له آلاف السجناء المعتقلين المعارضين لنظام الأسد من تعذيب وتنكيل وسحق بشع وشرس وغير مسبوق في أقبية مخابراته وأفرعه الأمنية.

ويذكر أن حملات دعم الليرة السورية التي أطلقها موالون لنظام أسد على مواقع التواصل خلال الأيام الأخيرة أثارت انتقادات وسخرية واسعة لدى شرائح مختلفة من السوريين ،  وخاصة حملتي "ليرتنا عزتنا"، و"خبز حاف"،  حيث ماتزال الليرة تحلق فوق حاجز الـ1150.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات