ما الهدف وراء شن تركيا معارك محدودة في إدلب؟

ما الهدف وراء شن تركيا معارك محدودة في إدلب؟
شاركت مؤخراً القوات التركية المتواجدة في محافظة إدلب ببعض العمليات العسكرية المحدودة مع الجيش الوطني السوري ضد ميليشيا أسد الطائفية التي تدعمها القوات الروسية، وجاءت تلك العمليات قبل انتهاء المهلة التي حددها الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" لانسحاب ميليشيا أسد حتى حدود اتفاق سوتشي وإلا البدء بمعركة أوسع نطاقاً مع نهاية شهر شباط/ فبراير الحالي.

وكانت آخر تلك المعارك المحدودة معركة بلدة النيرب يوم الخميس الماضي، والتي استخدمت فيها القوات التركية عدداً من جنودها وآلياتها التي استقدمتها لداخل محافظة إدلب في الآونة الأخيرة، وكانت القوات التركية مساندة للجيش الوطني السوري، وبحسب وزارة الدفاع التركية قُتل بتلك المعركة جنديان تركيان وأُصيب خمسة آخرون بقصف الطيران الحربي، ورجّح ناشطون أن الطيران الحربي الذي استهدف القوات التركية هو طيران روسي مما يؤكد المشاركة الروسية بحال شاركت القوات التركية أو لم تُشارك.

اختبار قوة العدو

وبحسب الخبير العسكري العميد أحمد رحال فإن المعارك المحدودة التي شنّها الجيش الوطني والقوات التركية في محيط إدلب هي عبارة عن استطلاع ما قبل الضربة الكبرى.

وأضاف العميد رحال لأورينت نت، "بأدبيات العمليات العسكرية الكبرى هناك ما يُسمى الاستطلاع والاختبار ما قبل الضربة، وما حدث بمعركة النيرب الأخيرة كان استطلاعاً عسكرياً وسياسياً، وبالتالي كشف قوة الطرف الثاني من ميليشيات أسد والقوات الروسية، بالإضافة لكشف خطوط الدفاع الخاصة بهذه الميليشيات، ويمكننا التأكيد أن هذه العمليات حققت الإفادة المرجوة من دروسها وليس من نتائجها، وهذا ما تُريده تركيا من مثل هذه المعارك".

وهذا ما أكّده كذلك القيادي في الجيش الوطني النقيب عبد السلام عبد الرزاق لأورينت نت بقوله، "الهجمات التي شنّها الجيش الوطني بدعم وتمهيد القوات التركية كانت تهدف لاستطلاع القوة العسكرية لميليشيا أسد وللقوات الروسية المشاركة معها، وكذلك اختبار قوات العدو وقدراته الدفاعية في المحاور الأكثر أهمية، بالإضافة لمنع تلك الميليشيات من إقامة خطوط دفاعية جديدة في هذه المنطقة".

اختبار التنسيق مع الحليف

عززت القوات التركية قواتها بعتادٍ يُستخدم بعضه للمرة الأولى وبعضها الآخر كان بعيداً عن الاستخدام العملياتي في معارك درع الفرات وغصن الزيتون، مما يحتاج بعضاً من التنسيق بين هذه القوات وحليفها المتمثل بالجيش الوطني واختبار مدى التنسيق بين الجانبين.

وبهذا السياق، يُكمل العميد رحال حديثه قائلاً "تحتاج القوات التركية لاختبار وكشف حجم التنسيق العملياتي بين القوات التركية وقيادة الجيش الوطني على الأرض خاصة وأن هناك سلاح جديد دخل ساحة المعركة، وبالتالي كشف بعض العيوب التي من الممكن تلافيها في المعارك القادمة بحال حصلت".

ومن جانبه، أشار الخبير العسكري المقدم أحمد العطار خلال حديثه مع أورينت نت إلى أن، "تركيا تحتاج لاختبار مدى التنسيق والتعاون بين قواتها وقوات الجيش الوطني ضمن غرفة عمليات مشتركة، وهذا يتطلب مثل هكذا معارك محدودة بادئ الأمر، وإلا ستكون الخسائر أكبر مما نتوقع وبالحقيقة بدا ذلك واضحاً بنوع التنسيق وكيفيته خلال معركة النيرب وميزناز الأخيرتين".

كسب المواقف الدولية

خلال المهلة التي حددها الرئيس أردوغان لنظام أسد وميليشياته بالانسحاب لما بعد النقاط التركية المحاصرة وحدود اتفاقية سوتشي، زادت تركيا من حشد التأييد الدولي وخاصة دول حلف الناتو وأمريكا لدعم الموقف التركي وأي عملية عسكرية قادمة.

وبهذا الجانب، يقول النقيب عبد الرزاق "خلال العمليات العسكرية التركية المحدود وبعدها تكسب تركيا بعضاً من التضامن الدولي لما تقوم به، وخاصة من الناتو والاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية بالإضافة لبعض الدول الإقليمية، وبذلك تتمكن تركيا من تقدير الموقف الدولي بدقة وجديّة أكبر، ومنها تنطلق للعمل العسكري الأكبر".

ووفق العميد رحال فإن "الولايات المتحدة الأمريكية أعطت تركيا موقفاً إيجابياً من خلال هذه العمليات وبنفس الوقت حلف الناتو، وبالتالي حققت بعض الرسائل التضامنية معها، وهذا ما سعت إليه تركيا من جعل وزارتيّ الدفاع والخارجية كخلية نحل في الأيام الأخيرة للسعي إلى كسب المواقف الدولية المؤيدة لها بالعمل العسكري داخل إدلب ضد ميليشيا أسد وتطبيق الاتفاق الدولي، ولذلك تركيا تحتاج لهذا الموقف الدولي الداعم لها عسكرياً وسياسياً".

رسائل وجسّ نبض

وتابع رحال قائلاً "أرادت تركيا من هذه العمليات إرسال رسائل عدة لروسيا وجسّ نبضها ومعرفة ما إذا القوات الروسية ستشارك وتُساند ميليشيا أسد بكامل قوتها في حال بدء العمل العسكري التركي ضد هذه الميليشيات أم لا، وبالتالي وصلت تركيا لنتيجة مهمة أن قوات الاحتلال الروسي ستُشارك بكل ما أوتيت من قوتها ضد العملية العسكرية التركية ولذلك استخدمت روسيا طائراتها ضد القوات التركية في إدلب".

وبنفس الإطار، اعتبر النقيب عبد الرزاق أن "القوات التركية جسّت نبض روسيا بهذه العمليات وتأكدت من مدى التمسّك الروسي بنظام أسد وميليشياته في إدلب، حيث كانت تظن تركيا أن القوات الروسية لن تُشارك بتغطية المجال الجوي لميليشيا أسد، ولكن العمليات الأخيرة أثبتت العكس وذلك من خلال اشتراكها بكامل قدراتها الجوية والعملياتية ضد فصائل الجيش الوطني والجيش التركي في إدلب".

وهذا ما أكده المقدم العطار بقوله، "استطاعت تركيا من تمرير بعض الرسائل العسكرية والسياسية لكل من روسيا والمجتمع الدولي، والعمل على الضغط أكثر على روسيا من أجل تطبيق الشروط التركية قبل انتهاء مهلة شهر شباط/ فبراير التي حددها الرئيس أردوغان كشرط أساسي لانسحاب ميليشيا أسد حتى حدود اتفاق سوتشي وإلا المعركة الكبرى ستنطلق حينها".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات