في شهادات خاصة لأورينت نت: رحيل عبد الحليم خدام بين البعث والتوريث والثورة!

في شهادات خاصة لأورينت نت: رحيل عبد الحليم خدام بين البعث والتوريث والثورة!
أعلنت وكالات الأنباء اليوم الثلاثاء 31 آذار 2020، وفاة عبد الحليم خدام نائب رئيس نظام أسد (الأب والابن) عن عمر ناهز الـ 88 عاماً في العاصمة الفرنسية باريس.. والرجل الذي مثل الواجهة الديبلوماسية لنظام حافظ الأسد منذ مطلع السبعينيات وحتى منتصف الثمانينات.

وولد خدام الذي انشق عن نظام أسد عام 2005، يوم 15 سبتمبر/أيلول 1932 في بانياس بطرطوس على الساحل السوري، وهو من الطائفة السنية، درس وتخرج من كلية الحقوق في جامعة دمشق في خمسينيات القرن العشرين.

 

علي فرزات: أداة بعثية لعقود! 

ورغم أن خدام يحسب نفسه على المعارضة السورية، غير أن العديد من المعارضين يرون أنه في مسيرته يمثل نظام البعث وفترة الأسد أكثر مما يمثل حالات التمرد والثورة عليه بأي مرحلة من المراحل. 

وفي هذا الصدد، يقول الرسام الفنان السوري (علي فرزات) في تصريخ خاص لأورينت نت: "انتقل خدام إلى ربه وهو من سيحاسبه في الآخرة، ولكن.. خدام كان أداة في حزب البعث لعقود والذي كان بدوره أداة لمافيا النظام العالمي وارتكب أخطر الجرائم في الشرق الأوسط وسوريا منذ 1963 وحتى الآن".

ولفت فرزات إلى دور خدام المعروف مع حافظ الأسد وغيرهم في تحويل سوريا إلى مكب لنفايات النظام العالمي، في إشارة إلى (قضية دفن النفايات النووية في تدمر السورية).

د. عبد العزيز ديوب: لم يكن الفاعل في موضوع النفايات! 

القيادي البعثي المنشق د. عبد العزيز ديوب، يختلف مع الفنان، علي فرزات، في تحميل قضية دفن النفايات النووية لخدام، ويوضح: "لم يكن عبد الحليم خدام الفاعل في موضوع النفايات؛ إنما ابن اخت علي دوبا رئيس فرع القوات في شعبة المخابرات، وألصقت التهمة بوكيل أعمال خدام  في بانياس وجرت محاكمته ك كبش فداء". 

لكن الدكتور ديوب الذي عاصر بدايات انقلاب البعث يضيء على تاريخ خدام بالقول: "كان محامياً مغمورا في اللاذقية بعيد انقلاب البعث عام 63.  في بداية عام  1964 أصبح محافظا لحماة. لم يصدق أحد. وكانت نكتة الموسم.. أخيرا تأكدت الإشاعة وعرف لنا من زكاه للمنصب المقدم حافظ الأسد. بعد توليه بأشهر ولرعونته في التعامل مع مشكلة طالب حدثت ثورة حماة.. وعندما كان وزيراً للخارجية حصل أبناؤه على جنسية أميرية من السعودية".

ويرى الدكتور، عبد العزيز ديوب، أن عبد الحليم خدام كان جزءاً من نظام حافظ الأسد بكل قيمه، وأن أولاده "أمراء ولديهم كل الامتيازات" ولهذا لم يستطع أن يكون وجها للثورة على هذا النظام. 

خدام في ظل البعث: من محافظ إلى نائب رئيس!

تولى عبد الحليم خدام أول مناصبه محافظا لمدينة حماة عام 1964 وخلال ذلك تفجرت في المدينة أول انتفاضة شعبية ضد حكم البعث، ومثل عبد الحليم خدام حينها، الوجه الحقيقي لسلطة البعث القمعية التي كسرت إضراب أهالي حماه السلمي بالقوة، واستخدمت الجيش لقمع الانتفاضة الشعبية، وقامت بقصف جامع السلطان الشهير بحماه وقتل عشرات من المعتصمين فيه. 

بعد هزيمة حزيران 1967 وخسارة سوريا لهضبة الجولان الاستراتيجية حين كان حافظ الأسد وزيرا للدفاع، عين عبد الحليم خدام محافظاً لدمشق بعد أن بدا جزءاً من محور وزير الدفاع الذي كان يسعى لتشكيل كتلة له داخل الحكم لمواجهة منافسة أستاذه صلاح جديد وهيمنته، ولهذا قام بزجه في السجن بعد انقلاب السادس عشر من تشرين الثاني عام 1970 الذي استولى فيه حافظ الأسد على الحكم.. حيث تم تعيين عبد الحليم خدام وزيراً للخارجية في الحكومة التي شكلها حافظ الأسد بعد انقلابه.. واستمر كذلك حتى ثم عُيِّن نائباً لحافظ أسد "نائب رئيس الجمهورية"، عام 1984 بعد مرض حافظ الأسد ومحاولة شقيقه رفعت الانقلاب عليه. 

ارتبط عبد الحليم خدام بعلاقة عدائية مع رفعت الأسد، الذي اتهم بالوقوف وراء محاولة اغتياله في الثمانينات.. ولهذا عندما تم نفي رفعت إلى موسكو بعد المحاولة الانقلابية، استعاد عبد الحليم خدام مركز الأقرب من حافظ الأسد.. واستمر دعامة من دعامات النظام.. حين أمسك بالملف اللبناني كما كان له حضور في الشوؤن الداخلية.  

خدام ومهمة التوريث: منفّذ تحت سلطة المخابرات! 

تسلم خدام مهام رئيس النظام - بحسب الدستور السوري - في مرحلة انتقالية بعد وفاة حافظ الأسد في 10 يونيو/حزيران 2000، استمرت 37 يوما، وكان منوطاً به، إقرار تعديل المادة 83 من الدستور حول سن أهلية رئيس الجمهورية والتي كانت تنص أنه (40) عاماً، لتلائم ترشيح بشار الأسد الذي كان حينها في الرابعة والثلاثين من العمر.

وفي اليوم التالي، أصدر خدام تحت سلطة أجهزة المخابرات الطائفية، القانون رقم 9 بتاريخ 11 يونيو/حزيران 2000 القاضي بتعديل المادة المذكورة التي تحدد عمر المرشح لرئاسة الجمهورية بإتمامه الرابعة والثلاثين من العمر، بعد أن قام بترقية بشار الأسد من رتبة عقيد إلى رتبة فريق، وتعيينه قائداً عاما للقوات المسلحة أيضا.

واستمر خدام في عهد بشار الأسد في منصب نائب الرئيس، وأمسك الملف العراقي، وحذّر قبل شن الحرب على العراق من رسم خريطة جديدة للمنطقة، وقال "إذا نشبت حرب فإن ذلك سيرسم خريطة جديدة للشرق الأوسط، ولكن ليس بالشكل الذي تسعى إليه الولايات المتحدة".

خدام المنشق: لم يضر النظام ولم ينفع الثورة! 

في ديسمبر/كانون الأول 2005 أعلن انشقاقه، بعد أن تدهورت علاقته مع بشار، وبعد انتقاده سياسة سوريا الخارجية لا سيما في لبنان، بعد اغتيال رئيس الوزراء حينئذ رفيق الحريري.

واختار خدام باريس منفى له، ودعا إلى العمل على التغيير السلمي بإسقاط النظام الدكتاتوري، وبناء دولة ديمقراطية حديثة في سوريا تقوم على أساس المواطنة.. ما دعا جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في سوريا إلى عقد لقاء سياسي معه، والإعلان عن تحالف سرعان ما ظهرت صيغته الشكلية غير الفعالة.

وبعد لجوئه إلى باريس، أكد  عبد الحليم خدام أنه على قناعة تامة بأن بشار الأسد هو من أعطى أمرا للمخابرات السورية باغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في شباط/فبراير 2005.

يشار إلى أن المحكمة العسكرية التابعة لنظام بشار الأسد، قضت بالحكم غيابياً 13 حكماً بالسجن لمدات مختلفة أشدها الأشغال الشاقة مدى الحياة، بعد إعلان خدام انشقاقه ومعارضته للنظام، حيث عقدت جلسة لما يسمى (مجلس الشعب) نقلها التلفزيون السوري على الهواء مباشرة، وتبارى فيها النواب في كيل الشتائم والاتهامات لخدام. 

رحل عبد الحليم خدام عن 88 عاماً، قضى أكثر من سبعة عقود منها في خدمة نظام البعث.. ولهذا بدا أن حياة خدام السياسية في ظل المعارضة لم تكن ذات فعالية تذكر قياسا للأدوار التي أداها في ظل السلطة! 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات