قصة الصحفي الأمريكي الذي دفع ترمب للقول للأسد: لقد فعلنا الكثير من أجل سوريا

قصة الصحفي الأمريكي الذي دفع ترمب للقول للأسد: لقد فعلنا الكثير من أجل سوريا
قال متحدث باسم الخارجية الأميركية لـصحيفة «الشرق الأوسط» السعودية، إن "استعادة الرهائن الأميركيين أولوية قصوى لهذه الإدارة ويواصل الرئيس ترمب تأمين سراح الرهائن الأميركيين بنجاح". وأضاف: "نحن نعمل بلا كلل، على كل حالة لأميركي محتجز كرهينة في الخارج وسنستمر في ذلك في حالة أوستن تايس حتى يعود إلى عائلته ووطنه".

جاء ذلك في أعقاب دعوة وزير الخارجية الأميركي (مايك بومبيو) للنظام السوري إلى الإفراج عن جميع السوريين المحتجزين تعسفاً والمواطنين الأميركيين، وسط مخاوف من تفشي وباء «كورونا» وانتشاره في سوريا، حيث كرر بومبيو في لقاء مع الصحافيين، مساء الثلاثاء الماضي، مطالب الرئيس، دونالد ترمب، بالإفراج عن الصحافي الأميركي (أوستن تايس) المحتجز في سوريا منذ عام 2012.

كيف دخل أوستن تايس سوريا؟

تبدو قصة الصحفي الأمريكي (تايس) هي الأكثر إثارة وغموضا بين الأمريكيين المحتجزين في سوريا،  فقد اختفى تايس الذي كان صحفياً مستقلا يتعاون مع العديد من الصحف ووكالات الأنباء كـ "واشنطن بوست" وشبكة "CNN" ووكالة الصحافة الفرنسية.. اختفى أثناء توجهه من ريف دمشق إلى لبنان، للمغادرة من بيروت. 

وفي التفاصيل: توجه (اوستن تايس) البالغ من العمر (31) عاماً، والذي كان طالبا بجامعة (جورج تاون) وجنديا سابقا في البحرية الأمريكية، توجه في 30 أيار/ مايو 2012 إلى سوريا عبر الحدود التركية، حيث عبر إلى الشمال السوري ليتوجه بعد ذلك إلى مناطق ريف دمشق. كان اوستن يطمح للعمل كصحفي مستقل في تغطية أحداث الثورة السورية،  ولكن بعيد دخوله بأشهر قليلة فقد الاتصال معه في 13 آب 2012 حيث كان متوجهاً إلى لبنان.

وكانت شبكة "CBS News" قد ذكرت في شهر تشرين الثاني 2012 أن السلطات الأمريكية تعتقد بأن تايس موجود لدى النظام السوري، ومما عزز هذا الاعتقاد الشريط المسجل الذي ظهر على يوتيوب في تشرين الأول 2012 والذي كان يهدف لتوجيه الاتهام للقاعدة ومن يسميهم النظام السوري بـ "الإرهابيين"، والذي نشرته إحدى الصفحات التابعة للنظام على شبكة الإنترنت. 

في الفيديو يظهر  "تايس" معصوب العينين وحوله خاطفون يرتدون ملابس تدل على أنهم ينتمون لتنظيم إسلامي.. ما دعا للاعتقاد  أن "تايس" كان أسيراً لدى تنظيم إسلامي واتهم تنظيم القاعدة باختطافه..  وكانت الشبكة قد نقلت عن أحد المسؤولين الأمريكيين تعليقه على الفيديو حينها بأنه: "يبدو كأن أحدهم شاهد الكثير من الأفلام المصنوعة في أفغانستان، ثم قام بمحاولة تقليدها، لكنه فعل ذلك بطريقة سيئة للغاية. في الواقع كان هذا الفيديو هو أحد الأدلة على أن النظام السوري قام باختطاف الصحفي".

بداية الاتصالات مع نظام الأسد!

صحيفة (لو فيغارو) الفرنسية  أشارت في تقرير مطول لها عام 2015 إلى أن اتصالات سرية تتم بين الحكومة الأمريكية ونظام الأسد، لتأمين الإفراج عن صحفي أمريكي اختفى في سوريا، والذي أنكر نظام أسد على الدوام وجود الصحفي في معتقلاته.

الصحيفة أوضحت حينها، أن الاتصالات بين الطرفين بدأت قبل أن يدلي وزير الخارجية الأمريكي السابق، جون كيري، ببيانه عن ضرورة التفاوض مع الأسد، مما يفسر محاولة زيادة فرص إطلاق سراح "أوستن تايس" وبحسب المعلومات التي جمعتها الصحيفة، فالاتصالات كانت تتم بين مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأمريكية ومسؤول من النظام حول مصير الصحفي، وتحدثت الصحيفة عن دور مهم لسفارة دولة التشيك في دمشق التي تعتبر ممثل للمصالح الأمريكية بدمشق. 

ووفقاً لدبلوماسي أوروبي فقد تمكن مبعوث حكومي أمريكي من رؤية الصحفي "أوستن تايس" وأوضح الديبلوماسي إياه بأن تصريحات كيري حينها، جاءت ضمن المساعي التي تبذلها الإدارة الأمريكية لإطلاق سراح "تايس"، بحسب  (لو فيغارو) التي أشارت إلى أن هذه المفاوضات تذكر بحوادث الخطف التي تعرض لها العديد من الرعايا الغربيين في لبنان في ثمانينات القرن الماضي حيث كانت مرتزقة (حزب الله) يقومون بعمليات الخطف في لبنان بينما يقوم الأوروبيون بالمفاوضات الطويلة والحساسة في دمشق وطهران، وكان يتم الاستلام والتسليم في إحدى العاصمتين وغالبا في دمشق، حيث كان الأسد الأب كما هو حال الابن يعشق رؤية الوفود الأوروبية تأتيه، ويتفاخر بها، حتى لو كانت تأتيه لتفاوضه على رعاياها.

المفاوضات والاتصالات تتواصل 

تجددت المفاوضات والمحاولات بعد وصول ترمب إلى البيت الأبيض في يناير/ كانون الثاني عام 2017 ففي حزيران/ يونيو من العام نفسه نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريراً يكشف عن تواصل سري جرى بين رئيس المخابرات الأميركية ومكتب الأمن القومي التابع لنظام أسد، بغية إطلاق سراح   (أوستن تايس). وأشار التقرير إلى أن إدارة الرئيس دونالد ترمب، سعت منذ أيامها الأولى للبحث حول طرق من شأنها الوصول إلى "تايس" وتحريره، إلا أن قضيته أحبطت المحققين والدبلوماسيين كونه اختفى بشكل مفاجىء أثناء قيامه بمهمته الصحافية. وذكرت الصحيفة الأميركية أن مسؤولين سابقين مطلعين على القضية قالوا إنّ تواصل وزير الخارجية (مايك بومبيو) مع علي مملوك، في شباط/ فبراير 2017، حمل رسالة إيجابية لإمكانية الإفراج عن تايس، إلا أن الهجوم الكيماوي الذي نفذه نظام أسد في خان شيخون بريف إدلب، في نيسان/ أبريل 2017، وما استتبعه من ضربة أميركية  إلى مطار الشعيرات في ريف حمص، أدّى إلى إخفاق هذه العملية وحال دون استكمال المحادثات بين الطرفين!

وفي شهر تموز يوليو من العام نفسه عقدت في نادي الصحافة بواشنطن مؤتمرا صحافيا تحت عنوان "أطلقوا سراح أوستن تايس"، لتجديد الدعوة لإطلاق سراح (أوستن تايس)، وذلك بدعوة من منظمة "مراسلون بلا حدود" ومركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية "سكايز"، ووالدي الصحافي المختطف مارك وديبرا تايس. 

وقال والدا تايس "نحن مستمران بالقيام بكل ما هو ممكن للحصول على معلومات عن مكان وجود ابننا، وما هو مطلوب لتأمين عودته سالماً. ومستعدان للتواصل مع أي حكومة أو مجموعة، أو شخص يستطيع أن يساعدنا في جهودنا لإطلاق سراحه". ولم يستثنِ والدا تايس من يحتجزون ابنهم من حديثهم إذا توجها إليهم بالقول "تواصلوا معنا مجددا وأعطونا فرصة التفاعل الجدي والبناء بهدف إطلاق سراح ابننا".

مليون دولار لمن يدلي بمعلومات! 

أمام هذا الإخفاق أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي "إف بي آي" عام 2018 عن رصد مبلغ مليون دولار لمن يدلي بمعلومات لإنقاذ الصحافي الأميركي، (أوستين بينيت تايس)، المختطف في دمشق. وفي آذار/ مارس من عام 2019 أعربت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، عن اعتقادها بأن الصحفي الأميركي المفقود في سوريا (أوستن تايس) لا يزال على قيد الحياة، بعد مرور ست سنوات على اختفائه. وقالت (هيذر ناورت)، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية: "ما زلنا نشعر بقلق عميق حول حالته، ونعمل بجهد من أجل إعادة تايس إلى الوطن".

ترمب لنظام الأسد: تذكروا ما فعلناه من أجل سوريا!

وكانت آخر المناشدات وأغربها ما صدر عن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في شهر آذار/ مارس المنصرم، حيث دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مجددا، النظام السوري إلى الإفراج عن الصحفي الأمريكي (أوستن تايس)،. وقال ترمب في مؤتمر صحافي في الثامن عشر من آذار/ مارس 2020  "إن الحكومة الأمريكية ”تبذل قصارى جهدها“، وأنها وجهت مؤخراً رسالة إلى النظام السوري، من أجل الإفراج فوراً عن تايس.

وكان لافتاً مخاطبة ترمب لنظام الأسد بلهجة تنطوي على نبرة استعطاف مثيرة للاستغراب حين قال: ”نأمل أن تتعاونوا معنا.. إذا فكرتم في ما فعلناه من أجل سوريا، لقد فعلنا الكثير.. وتخلصنا من خلافة داعش.. لذا، إذا أفرجتم عن أوستن تايس على الفور، فسيكون ذلك موضع تقدير كبير“. إضافة إلى ذلك حثت الولايات المتحدة روسيا على استخدام نفوذها في الضغط على نظام أسد للمساعدة في قضية إطلاق سراح تايس. 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات