جمع النفايات.. لقمة أطفال مغمسة بالدم والمرض شمال سوريا

جمع النفايات.. لقمة أطفال مغمسة بالدم والمرض شمال سوريا
لم تكن عبارة "أموت وما أشحد أنا" التي أطلقها مؤخراً طفل سوري يعمل في جمع النفايات الانعكاس الوحيد لمعاناة أطفال تجرعوا مرارة الحياة بنعومة أظفارهم في الشمال السوري، بعدما ولدوا وسط قتل وتهجير لم توقفه الميليشيات الطائفية بحقهم منذ 9 سنوات.  

فعبارة الطفل السوري التي أشعلت مواقع التواصل الإجتماعي، تخفي خلفها تفاصيل أخرى من المعاناة لا يعلمها العالم عن كثير من الأطفال المهجرين إلى الشمال السوري، جراء الحرب التي يشنها نظام أسد على السوريين.

 

فقر وتعب

وسط أكوام النفايات قرب مخيمات دير حسان بالقرب من الحدود السورية التركية، يقلب الفتى، عماد الحسن، أكياس القمامة بقضيب معدني بحثاً عن مواد بلاستيكية يمكنه بيعها والاستفادة من ثمنها.

ينطلق الفتى البالغ 13 عاماً من العمر، بثياب رثة متسخة كل يومي لأداء عمله، ويعود نهاية اليوم بقرابة 5 كغ من النايلون (البلاستك) كما يقول، وبذلك يتمكن من شراء الخبز اليومي لعائلته المؤلفة من أمه وأخوته الخمسة.

وكان الصغير نزح منذ عامين إلى المنطقة مع أسرته بعد أن هدمت ميليشيات أسد منزلهم واستولت على بلدة أبو ضهور بريف إدلب الجنوبي، ولم يجد سبيلاً للحياة سوى بجمع القمامة لإعالة عائلته كونه أكبر أشقائه سنناً.

"لا أحب هذا العمل" يقول عماد، ولا فقرهم (يقصد عائلته) مفضلاً متابعة دراسته، التي باتت أبعد إليه ببعد المدرسة عن مكان سكنه، في خيمة بالية على أطراف الحدود السورية التركية.

مخاطرة ولكن!

يعمل في جمع النفايات أطفال من مختلف الأعمار هنا. تبدأ بعمر خمس سنوات وتنتهي بعمر 15 عاماً، حيث يبحث هؤلاء بشكل يومي في المكبات والحاويات عن خردوات ومواد بلاستيكية، والأسلاك النحاسية، وكل مايمكن استخدامه سواء للحرق أو لإعادة التدوير، غير آبهين بما يمكن أن تسبب لهم عملية البحث تلك من أضرار جسيمة على صحتهم.

سليم البالغ من العمر ١٠سنوات، كان قد أصيب بالربو وبأمراض جلدية، نتيجة عمله بالتنقيب في النفايات، ومع ذلك لم يتوقف عن هذا العمل، يقول: "مابعرف شغل غيره وإذا وقفت منموت من الجوع"، في إشارة للوضع المادي الصعب الذي تعيشه أسرته.

والدة سليم الأربعينية، تقول بعبارات يطغى عليها الألم والحسرة: "كنت أحلم أن ينال أطفالي كل الرعاية والاهتمام والتعليم، لكن الحال الذي بتنا عليه في النزوح والفقر والحاجة وخاصة بعد إعاقة زوجي بعد إصابته بالقصف جعلنا نقبل مرغمين بارسال أبنائنا لهذه الأعمال".

قتلتهم القمامة

وليست وحدها الأمراض والأوبئة ما يشكل الخطر الأكبر على هؤلاء الأطفال هنا، فقد تعرض أقران لهم لحوادث مؤلمة. ففي الـ 6 من يناير الفائت لقي ثلاثة أطفال مصرعهم، أثناء جمعهم مخلفات البلاستيك، حين انهار مكب النفايات فوقهم على أطراف مدينة معرة مصرين قرب مدينة إدلب.

وقال مصدر في الدفاع المدني حينها، إن "فرق الدفاع المدني استغرقت في محاولة إنقاذهم من تحت القمامة أكثر من أربع ساعات، بعد أن أبلغ عنهم زملاؤهم، وتمكنا من إنقاذ اثنين منهم، فيما أخرج الثلاثة الباقون جثثا هامدة".

وفي أحدث تقرير لها، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، إن "الأطفال يدفعون ثمن اشتداد العنف في محافظة إدلب، وإن حمايتهم إلزامية وليست خياراً" معتبرة أن "الأطفال في سوريا يتعرضون لعنف لايمكن وصفه، وأن أكثر من 500 طفل قتلوا أو أصيبوا خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2019".

فرق الدفاع المدني تحاول انتشال جثث أطفال من تحت القمامة

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات