المونيتور: "الأخطبوط يطوي أذرعه".. هل بدأت إيران بإعادة النظر في وجودها بسوريا؟

المونيتور: "الأخطبوط يطوي أذرعه".. هل بدأت إيران بإعادة النظر في وجودها بسوريا؟
 لم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن الغارة الجوية التي نفذت في موقع غير معتاد بالقرب من حلب على هدف سوري استراتيجي في الليلة ما بين 4 و 5 مايو/أيار. وألقى السوريون باللوم على القوات الجوية الإسرائيلية في الهجوم والذي، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام الأجنبية، استهدف مركز الدراسات والبحوث العلمية في حلب، الذي يعتقد أنه متورط في مشروع للصواريخ الدقيقة المدعوم من إيران.

 واتُهمت إسرائيل بشن هجمات مماثلة أخرى في السنوات الأخيرة. على عكس الغارة التي حصلت هذا الأسبوع، والتي تصدرت عناوين الصحف في المنطقة، يبدو أن هناك عددًا متزايدًا من الغارات الجوية بطائرات مجهولة على أهداف داخل سوريا في الأشهر الأخيرة. يعزوها المحللون إلى تسارع كبير في النشاط الإسرائيلي ضد تحصينات القوات الشيعية الإيرانية في أرض تُسيطر عليها ميليشيا أسد.

تصرح مصادر أمنية إسرائيلية رفيعة المستوى أنه لأول مرة منذ عام 2011 والجهود الإيرانية الموازية لتحويل سوريا إلى منصة انطلاق لنشاطها الإرهابي ونقطة عبور للأجهزة العسكرية المتطورة، هناك مؤشرات على أن إيران بدأت بالانسحاب من الأراضي السورية. فقد صرح مصدر أمني إسرائيلي رفيع للمونيتور شريطة عدم الكشف عن هويته: "توقف النشاط على جبهة التهريب". "هناك أيضا انخفاض كبير في الوجود العسكري للقوات الإيرانية والميليشيات الشيعية المتحالفة معها".

ووفقًا للتقديرات الإسرائيلية، فإن إيران بدأت بالتخلي عن استثمارها الضخم في سوريا في السنوات الأخيرة. وحسب التقديرات الغربية، فإن إسرائيل استغلت أزمة فيروس كورونا لتكثيف نشاطها ضد المصالح الإيرانية في سوريا وضغوطها على طهران. خلافاً للهجمات السابقة، قلما تم الحديث عن معظم الغارات الأخيرة من قبل وسائل الإعلام الإخبارية التي تركز بشكل كامل على الوباء. فلقد أتاح الفيروس لإسرائيل مساحة غير مسبوقة للمناورة وصعدت إسرائيل بقيادة وزير الدفاع نفتالي بينيت نشاطها الذي بدأ يؤتي ثماره لأول مرة منذ تفشي الوباء.

وتأتي الهجمات المتصاعدة على البنية التحتية  في سوريا في الوقت الذي يتعافى فيه الإيرانيون من صدمة مقتل الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإسلامي الإيراني. ووصفت مصادر الاستخبارات الإسرائيلية الاغتيال في العراق بأنه حدث قد يكون الأهم في العقد الماضي. فسليماني بحسب خبراء الدفاع الإسرائيليين والأجانب كان لا غنى عنه. وقال مسؤول استخباراتي رفيع سابق للمونيتور شريطة عدم الكشف عن هويته: "كان الرجل يتمتع بشخصية كاريزمية استثنائية ومتعصباً دينياً ".  وأضاف "كان يقف على تلة بعمامته، يقود الميليشيات  وهو حاضر بينهم، ويصدر الأوامر، ويشرف شخصياً على الأنشطة، وهذا هو سبب حدوث الأشياء".

تم تقسيم مسؤوليات سليماني بين مجموعة من كبار المسؤولين والنتيجة أصبحت ملموسة. فتشير الدلائل الأولية إلى تراجع موقف إيران الحازم الذي لا هوادة فيه، والذي ألهب دفعها عبر سوريا نحو لبنان في تحد للعقوبات الغربية واقتصادها المعطل. وقال مصدر أمني آخر رفض الكشف عن هويته "إنهم الآن مترددون ويدركون أن الثمن الذي يدفعونه مرتفع للغاية".

و بشكل أكثر تحديداً ووفقاً لبعض التقديرات، تم تقسيم مسؤوليات سليماني الرئيسية على ما يبدو بين أربعة أشخاص: أحدهم زعيم ميليشيا حزب الله حسن نصر الله شخصياً المشارك في محور الضاحية - طهران (الشراكة بين مقر حزب الله في حي الضاحية في بيروت مع إيران) فقد تمت ترقيته بشكل ملحوظ. والآخرون هم ثلاثة مسؤولين إيرانيين كبار، العميد الجنرال محمد حجازي، نائب قائد فيلق القدس الجديد والذي تم تكليفه بالارتباط بحزب الله وبمشروع الصواريخ الدقيقة. وعلي شمخاني رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني. وأمير علي حاجي زادة قائد القوات الجوية في الحرس الثوري الإسلامي. 

تعتبر الأجهزة الأمنية الغربية حاجي زاده "قنبلة موقوتة" والرجل المسؤول عن إسقاط طائرة الركاب الأوكرانية عن طريق الخطأ فوق إيران في يناير/كانون الثاني الماضي وعن تحديات أخرى موجهة إلى الولايات المتحدة والغرب.

إن تقسيم مسؤوليات سليماني لم يخفف التهديد الحقيقي لمستقبل إيران: تراجعها الاقتصادي. جرّت أزمة "كوفيد -19" والهبوط الكبير لأسعار النفط العالمية إيران إلى الهاوية التي سيصعب عليها الخروج منها. وتقول مصادر استخباراتية غربية إن الميزانية السنوية لإيران وصلت إلى أدنى مستوى لها منذ عشر سنوات بعد أن استندت إلى توقعات خاطئة تبلغ 60 مليار دولار في صادرات النفط.

"الأخطبوط يطوي أذرعه"

وقال محلل غربي لـ "المونيتور" شريطة عدم الكشف عن هويته: "في الواقع صدّرت إيران العام الماضي نفطاً بقيمة 20 مليار دولار فقط".  مضيفاً "لن يزيد المبلغ هذا العام وهذا سيجبرهم على استخدام احتياطياتهم المتبقية من العملات الأجنبية للنجاة هذا العام." وبحسب تقديرات مختلفة في  صحيفة "القدس"، سيصلي الإيرانيون من أجل هزيمة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في نوفمبر/تشرين الثاني. على الرغم من أنهم غير متأكدين من أن خليفته سيرفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية على الفور، إلا أن ذلك هو أملهم الوحيد الآن.

"إنهم يحاولون النجاة من نوفمبر/ تشرين الثاني" وفق مسؤول رفيع في الاستخبارات الإسرائيلية رفض الكشف عن هويته. وأضاف "كانت سياستهم هي توجيه ضربة ضد ما وصفوه بحملة إقليمية ضد البنية التحتية للنفط في الشرق الأوسط، لكن  ما حدث هو العكس وانهار سعر النفط".

يأمل الإيرانيون في تحول الحملة الأمريكية ضدهم "الضغط للدرجة القصوى". إلا أنه لا أساس لهذا الأمل حتى الآن. كما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس الموساد يوسي كوهين وكبار المسؤولين الآخرين على اتصال دائم بالقادة في واشنطن بما فيهم ترمب شخصياً ووزير الخارجية مايك بومبيو، الذين يؤكدون لهم أن الولايات المتحدة لا تنوي تسهيل الأمور على إيران.

وصرح مصدر أمني إسرائيلي آخر لـ "المونيتور" شريطة عدم الكشف عن هويته: "بدأ الأخطبوط يطوي أذرعه". وأضاف "أنه واضح على الأرض". ويبدو أيضاً  أن الأسد قد سئم من الثمن الباهظ الذي يدفعه لاستمرار الوجود الإيراني. في كل مرة تقريباً يستخدم فيها بطارياته المضادة للطائرات ينتهي به الأمر بفقدانها. في الوقت نفسه، تزيد روسيا ضغوطها على دمشق. فلطالما اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الإيرانيين عبئاً وليس رصيداً وفقاً لمصادر استخباراتية.

تتبنى إسرائيل تفاؤلاً حذراً في ضوء هذه التطورات. وقال مسؤول كبير في صحيفة "القدس" طلب عدم الكشف عن هويته "الأمر لم ينته، لكنهم بدؤوا يتعبون". وعندما سُئل مسؤولون أمنيون إسرائيليون عن الأسباب قالوا ببساطة  "إننا نحاول جاهدين". ووفقاً لهذه النظرية، فإن التوغل الإيراني في سوريا أصبح ترفاً لطهران، والذي كان ممكناً في البداية عندما كانت الظروف مختلفة، بينما بالنسبة لإسرائيل كان دائماً مسألة بقاء. فضلاً عن أنه تعدى الساحة السورية  بالنسبة لإسرائيل "منطقة قتل" سهلة للأهداف الإيرانية. يشار إلى أن إسرائيل تتفوق بشكل كبير كيفياً من حيث الاستخبارات والتفوق الجوي الكامل في هذه المنطقة.

"الإيرانيين مكشوفون تماماً على بعد كيلومترات من منازلهم" وفق مصدر أمني رفض الكشف عن هويته وختم قائلاً "لقد بدؤوا يفهمون أن الأمر لا يستحق حقًا".

رابط المادة الأصلي

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات