مع انهيار الليرة السورية.. عمال الشمال السوري ضحية ثبات الأجر وارتفاع الأسعار

مع انهيار الليرة السورية.. عمال الشمال السوري ضحية ثبات الأجر وارتفاع الأسعار
لايعلم الشاب ماهر اليوسف كيف لأجرته التي لا تتجاوز 3000 ليرة سورية يومياً  (ما يعادل الدولارين) والتي يتقاضاها مقابل عمله في البناء، أن تسد نفقات أهله النازحين في مخيمات دير حسان الحدودية شمال إدلب، خاصة بعد الارتفاع الكبير في الأسعار مؤخراً.

يشكو أصحاب الأيدي العاملة في مناطق عدة من ريف إدلب من تدني أجورهم وتقاضيهم بالليرة السورية مع الارتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار الأمريكي الذي وصل حد 1800 ليرة سورية وارتفعت معه أسعار مختلف السلع، ما زاد وضعهم المعيشي سوءاً يوماً بعد يوم.

يقول ماهر: "أكثر مايؤلمني هو أن ارتفاع الدولار وارتفاع الأسعار لايقابلها ارتفاع في الأجور، فكيف لنا نحن العمال أن نتدبر أمورنا بأجرة لا تكاد تكفي فقط لشراء الخبز وبعض الخضار" مشيراً إلى أن سعر كيس الخبز وصل مؤخراً إلى 500 ليرة سورية وكل عائلة بحاجة وسطياً لكيسين من الخبز في اليوم.

من جهته يرى عامل التمديدات الصحية، صلاح الشايب، بأن الأجرة التي يتقاضاها مقابل عمله لم تعد تكفي لسد قسم يسير من نفقات أسرته، ولذا فهو عازم على زيادة أجرته تماشياً مع ارتفاع الدولار، وإن كنت متيقناً أن ذلك سيؤثر سلباً على عملي، فالكثير من زبائني سيعزفون عني ويبحثون عن أسعار أقل، ويتابع "ماذا أفعل ليس لدي خيار آخر، لن أعمل طوال اليوم بأجرة لم تعد تكفي فقط لشراء طعام غداء لعائلتي".

أما بالنسبة لمناف الجسري، فهو يعمل بخسارة يومية لا تقل عن 5000 ليرة سورية، والذي يعمل ببيع المشروبات الغازية التي يشتريها بالدولار ويبيعها بالليرة السورية. يقول الجسري: "يستغرق بيعي الحمولة حوالي الأسبوع وفي هذه الفترة يطرأ ارتفاع جديد على سعر صرف الدولار، فيكون كل ماربحته قد ذهب خسارة فروقات التصريف"، ولذا يستعد مناف لتصفية بضائعه كون المهنة غدت ”مصدر خسارة أكثر منها للربح" وفق تعبيره.

يبدو أمر الغلاء مأساوياً بالنسبة للعمال الذين يتقاضون أجرتهم بالليرة السورية التي انخفضت قيمتها مؤخراً بشكل كبير، فكيف الحال بالنسبة لشريحة واسعة من الأهالي العاطلين عن العمل ممن لايجدون من يهتم بهم أو يقدم لهم أي مساعدات، علماً أنهم المعيلون لأسر كبيرة ومعظمهم نازحون.

سامر الأبرش الثلاثيني، وهو نازح في مخيمات قاح، يعيش مع عائلته المؤلفة من زوجته وخمسة أولاد، يقول: "نزحت عن مدينتي معرة النعمان منذ أكثر من عام ومنذ ذلك الحين وأنا عاطل عن العمل رغم أني مستعد للعمل بأي مجال كان رغم صعوبته وبأزهد الأجور فقط لأستطيع تغطية بعض نفقات عائلتي التي تعيش على مجرد المعونات الشهرية القليلة والمتقطعة".

كثيراً ما يعمل الأبرش كعامل بناء إن توفر له ذلك العمل وأحياناً يلجأ لبيع المثلجات على دراجته النارية، ويكاد عمله المتقطع والمعونات التي يحصل عليها لاتكفيه ولو جزء يسير من مصروف عائلته وخاصة بعد الارتفاع الجنوني في الأسعار.

ثمة علاقة مضطربة بين خطى الأسعار والأجور والفرق بينهما يبدو كخندق يقع فيه الكثيرين مرغمين لعدم قدرتهم على الموازنة بين الإثنين، فقد مس ارتفاع الأسعار جميع فئات المجتمع وإن كان العمال والعاطلين عن العمل الأكثر تأثراً، وهو مادفع الكثيرين للتركيز فقط على الاحتياجات الأساسية والتي لا يمكن حتى تلبية بعضها رغم كل المحاولات.

ويؤكد فريق منسقو استجابة سوريا، بأن نسبة الفقر في الشمال السوري المحرر وصل إلى 80 بالمئة، وأغلب العمال في الشمال لا يتجاوز دخلهم اليومي 5000 ليرة سورية، وهي غير كافية لسد احتياجات العائلة اليومية والتي تحتاج لـ20 ألف ليرة سورية وسطياً في ظل الغلاء الكبير مؤخراً.

من جهة أخرى، دعت نقابة الاقتصاديين الأحرار وكحل لمشكلة قلة الأجور وارتفاع الأسعار إلى إلغاء التعامل بالليرة السورية والاستعاضة عنها بالليرة التركية أو الدولار الأمريكي في محاولة لتخفيف الضغط عن محدودي الدخل المتضررين الأساسيين من الوضع الحالي.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات