أورينت تفتح ملف معاناة طلاب الجامعات في الشمال السوري

بات الخروج من الخيمة حلماً يراود الكثير من الشباب في الشمال السوري المحرر بعد أن خرجوا من ديارهم ومنازلهم مجبرين إلى مخيمات عشوائية تفتقر لأدنى مقومات الحياة، فالبعض منهم حلمه كان يكمن على مقاعد الدراسة ولكن الخيمة حرمته من كل أشكال الحياة، والبعض الآخر كان حلمه الوحيد هو إكمال جامعته بعيداً عن جميع مظاهر الحرب والنزوح والعيش داخل المخيمات.

وعلى الرغم من مرارة النزوح في الشمال المحرر إلا أن الطلاب لايزالون يتابعون جامعاتهم ومعاهدهم سواء بدراسة الاختصاصات التي يفضلونها أو الاختصاصات المطلوبة في سوق العمل اليومي، لكن هناك الكثير من المشكلات والصعوبات التي تقف حاجزاً أمام تحقيق رغباتهم وطموحاتهم.

مقعد الدراسة كان حلماً

يقول الشاب نافع وهو طالب جامعة في إدلب خلال حديثه لـ أورينت نت إن مقعد الدراسة كان حلماً بالنسبة له، لكن بسبب الحرب والنزوح أجبر على السكن بخيمة وانحرم من كل أشكال الحياة الطبيعية، وهو اليوم عاجز عن دفع أقساط جامعته والاستمرار بدراسته، ويبقى التخرج وإخراج عائلته من المخيم حلمه الوحيد.

في حين يتابع الطالب أحمد دروسه من بقايا خيمة بدائية الصنع على أمل أن يذهب ويمارس دروسه في جامعته كغيره من الطلاب لكن لا يملك اليوم ثمن الرسوم المترتبة على جامعته ولم يحصل على فرصة عمل تمكنه من ذلك لاسيما أنه من عائلة فقيرة وتقطن في أحد المخيمات العشوائية شمالي إدلب.

أما خديجة فتقول لـ أورينت نت إنها كانت تحمل كتبها عندما يحصل قصف على قريتها وتضطر عائلتها للنزوح مجدداً على أمل أن تكمل دراستها الجامعية لكن عائلتها المكونة من ثمانية أشخاص غير قادرة على دفع أقساط جامعتها، بينما تؤكد سجى طالبة أخرى أنها فقدت والدها وبيتها وليس لدى عائلتها الصغيرة مصدر دخل سوى عمل والدتها في مجال الخياطة والذي لا يكفي ثمن مصروفها الجامعي.

الصعوبات والمعاناة التي تواجه الطلاب

لعل أهم الصعوبات التي تعترض الطلاب هي عدم القدرة على تأمين أقساط ورسوم الجامعة بالإضافة إلى الظروف المعيشية الصعبة التي يمرون بها، وبعد المسافات بين أماكن السكن والجامعات، وإغلاق الطرقات في أحيان كثيرة بسبب الظروف الأمنية.

وتكمن معاناة الطلاب في ظروف حياتهم اليومية من تهجير ونزوح وأوضاع مادية سيئة، علاوةً على عدم توفر اعتراف دولي بالشهادات الصادرة عن هذه الجامعات، إذ لا يوجد اعتراف رسمي بها  إلا بـ “أكاديمية العلوم الصحية” المرخصة من الاتحاد الأوروبي، لذلك ينحصر عمل خريج الجامعة في المناطق المحررة فقط، لكن مع ذلك يعطى الخريج فرصة كبيرة في العمل، وتعطي بعض المؤسسات، وفق سياساتها، الأولوية لخرجي الجامعات الثورية في العمل بسبب الظروف التي عاشوها.

منحة حلم (منحة دراسية)

تقول تيما مسؤولة التعليم في فريق ملهم التطوعي العامل في الشمال السوري المحرر خلال حديثها مع أورينت نت أن بعض الطلاب الذين تم قبولهم في الجامعات من خلال منحة حلم المقدمة من الفريق يتم دفع أقساطهم الجامعية عن طريق جمع التبرعات التي يقوم بها الفريق، مشيرة إلى أن بعض الطلاب الآخرين ممن لم تسمح لهم الفرصة بالقبول في المنحة فهم بحاجة ماسة لدفع أقساط الجامعة لكي يتمكنوا من متابعة دراستهم الجامعية وأغلبهم يقطنون في مخيمات عشوائية شمالي إدلب ويعانون من انقطاع التعليم بسبب عدم قدرتهم على تأمين هذه الأقساط وسط انعدام فرص العمل بشكل كلي.

جهات داعمة 

لا توجد أي جهة رسمية تدعم تعليم الطلاب والجامعات في الشمال السوري المحرر لاسيما في ظل هذه الظروف الصعبة فالكثير منهم بحاجة لدعم ومساعدة ليكونوا قادرين على متابعة تعليمهم ورسم مستقبلهم الذي طالما حلموا به لكن شاءت الظروف، وحالت بهم وجعلت البعض منهم ينقطع عن التعليم بسبب أوضاعهم المادية السيئة في حين تعجز الكثير من المنظمات الإنسانية عن دعمهم نظراً لضعف إمكانياتها المادية.كما أن الجامعات بشكل عام في المناطق المحررة تعاني من قلة التمويل، وتعتمد إلى حد ما على رسوم الطلاب في تغطية بعض المصاريف، وإن الدراسة الجامعية لا تلقى دعماً مادياً مقارنة بالدعم المقدم لمشاريع الدعم النفسي.

تركوا جامعاتهم من أجل العيش

يضطر الكثير من الطلاب الذين فقدو آباءهم ومنازلهم ولا يوجد لديهم أي مدخول شهري إلى ترك جامعاتهم أو إيقاف تسجيلهم والعمل في شتى المجالات بغية تأمين لقمة عيش لعائلاتهم لاسيما سكان المخيمات الذين تهجروا مراراً وتكراراً بحثاً عن مناطق آمنة، والذين يعانون من قلة الدعم وضعف استجابة المنظمات الإنسانية والإغاثية لهم.

هذا هو حال الكثير من الطلاب في الشمال السوري المحرر الذين يعيشون أوضاعاً مادية صعبة جعلتهم بعيدين كل البعد عن استكمال دراستهم الجامعية لاسيما في ظل ندرة فرص العمل وقلة الدخل الشهري لعائلاتهم لعل الأيام القادمة تكون مليئة بالفرح وأفضل لهم.