أبناء السويداء يكتبون لأورينت نت -2: حراك السويداء بين روح الجماعة ومحاولات الخلاص الفردية!

أبناء السويداء يكتبون لأورينت نت -2: حراك السويداء بين روح الجماعة ومحاولات الخلاص الفردية!
لم تنفصل السويداء في حراكها عن شقيقاتها الثائرات في سوريا منذ انطلاق الشرارة الأولى في درعا، الشقيقة الأقرب للسويداء. شاركت السويداء منذ العام 2011 في الحراك ضد نظام الأسد دون انقطاع (لكن على طريقتها).

•المزرعة وحركة مشايخ الكرامة!

في العام 2011 حضرت السويداء بقوة في الحراك الثوري وصل عدد المتظاهرين ضد النظام في بعض الأحيان إلى أكثر من 45000 متظاهر، تركز الحراك في السويداء المدينة، مدينة القريّة، مدينة شهبا ومدينة صلخد الرئة الشرقية للمحافظة، وساهمت بلدات كثيرة في رفد الحراك الثوري كل على طريقته وبأسلوبه الخاص.

كان من أهم هذه البلدات، بلدة (المزرعة) الواقعة على طريق دمشق- السويداء الغربي وهي البلدة التي برز منها الشيخ وحيد البلعوس ورفاقه حيث شكلوا حركة مشايخ الكرامة وكان شعارها "حماية الأرض والعرض" ولم توفق الحركة في إحداث تغيير جذري في سير الحراك الثوري بسبب سطوة ما يسمى بمشايخ العقل المسيطَر عليهم أمنياً من قبل أجهزة النظام والمتنفعين من السلطة. 

•كتائب في الجيش الحر!

في بداية ال 2011 ومع انطلاق الشرارة الأولى كان للسويداء ثلاث كتائب انضوت تحت قياد الجيش الحر، وهذه الكتائب كانت فاعلة في الجنوب جنبا إلى جنب مع باقي الكتائب والسرايا المحلية التي شكلها أهالي المنطقة، وكان من أبرز القادة فيها الملازم أول خلدون زين الدين الذي استشهد فيما بعد مع مجموعة من رفاقه في مدينة السويداء، وبالتحديد فوق ثرى الجبل الذي تفاخر به المدينة و المحافظة بشكل عام.

•السويداء والحراك المدني

 تتمتع السويداء بخزان بشري (مثقف) يعد من النخب السورية التي يمكنها إحداث تغيير حقيقي على مسار الأحداث، هنا انتبهت الماكينة الأمنية للنظام لهذه النقطة وعمدت إلى اغتيال قادة الحراك المدني قبل أن يشتد عوده ويستقطب الآلاف من المتظاهرين، كان هذا نقطة تحول مهمة في المدينة وأثر على تقدم الحراك وتحقيقه نتائج عملية تعود تخدم الثورة و تحقق أهدافها.

بدأت معاناة المحافظة الثائرة بعد انتقال كل الأجهزة الأمنية في مدينة درعا (تحت ضغط الجيش السوري الحر) للعمل في السويداء ، فترتب على المدينة، غير المهيئة أصلاً للمواجهة الأمنية، خاصة بعد اغتيال القادة المحتملين للحراك، توجب على المدينة مواجهة أجهزة أمنية كانت تعمل في المحافظتين، حيث استلم الجيش الأسدي ملف مدينة درعا، وتفرغت الأجهزة الأمنية في كلا المحافظتين (درعا و السويداء) للعمل بحرية في محافظة السويداء ضد الحراك الثوري والكيد والتخطيط بحرية لمنع المحافظة من الخروج من القبضة الأمنية.

•تفجير رجال الكرامة! 

نشطت حركة رجال الكرامة، حيث دعمت قرار أكثر من 40000 شاب من المحافظة بالامتناع عن الالتحاق بالجيش الأسدي، لكن الخطأ الذي ارتكبته الحركة هي أنها توقفت عند هذا الحد، ولم تنتقل للمرحلة الثانية التي كانت متوقعة منها وهي المواجهة مع نظام أسد وتحرير المحافظة من دائرة سيطرة النظام. هنا أدرك النظام أن أفق الحركة ضيق و تمكن من اختراقها واستدراج قادتها إلى كمين محكم على طريق ظهر الجبل -السويداء حيث قام بتفجير قادة الصف الأول جميعهم، وأتبعه بتفجير آخر للباب الرئيسي للمستشفى الوطني ليضمن موت الجرحى (في حال نجا أحد المستهدفين من التفجير الأول).

أصيب الحراك الثوري في المحافظة بنوع من الشلل الجزئي (كانت الحركة قد أرسلت رسائل خاطئة للمجتمع المحلي فحواها أنها القائد المخلص الوحيد للمحافظة وأنها ستتكفل بتحقيق أهداف الثورة في المدينة) لم تصرح الحركة بهذا بشكل واضح لكن من خلال مسيرتها ونشاطاتها أوحت للجميع بما هو ليس صحيحاً.

 كان يجب إعادة ترتيب الأوراق، لكن النظام كان أسرع، حيث عين قادة يتبعون له على رأسهم المدعو أبو حسن يحيى الحجار على رأس الحركة، والذي أحكم سيطرته على حركة رجال الكرامة التي أنشأها وحيد البلعوس وقام الحجار – سراً- بتوجيه نشاط الحركة لخدمة النظام، تماماً كما فعل النظام مع معظم التشكيلات الثورية النشطة منذ العام 2011.

•حراك الامتعاض والرفض!

بين 2015 و 2020 شهد حراك السويداء الثوري حالة من الهدوء، ثبت هذا الهدوء وعود المجتمع الدولي، واجتياح النظام لمدينة درعا. لم يتوقف الحراك الثوري و لكنه اقتصر على الامتعاض والرفض و النشاط السياسي، لم تشهد الشوارع حركة للمتظاهرين لكن كل البيوت كانت ساخطة على الوضع الراهن، وكان التذمر واضحا في الممارسات اليومية للمدينة.

 كانت السويداء دائما ممر النظام لمدينة درعا، ومنه انطلقت عملياته العسكرية وتحشداته ضد الجارة درعا، لكن هذا كان يحدث رغماً عن إرادة سكان المدينة، حيث كانت القوة البشرية للمدينة، شبه مشلولة، نتيجة تمزيق المدينة إلى قطاعات أمنية، وهجرة الناشطين والفاعلين، وموجة الاغتيالات أو الاعتقالات، أو التهديد بالاعتقال، والتي  طالت ناشطي الحراك ومن أٌنيطت بمهام مسؤوليات العمل الثوري. بالإضافة إلى الهجرة الإجبارية لمعظم القادرين على مقاومة النظام.

•ثقافة الاتكال والحذر والخوف! 

في السويداء شريحة واسعة رافضة للنظام ولحلفائه، لكن هذه الشريحة الواسعة لم تنخرط في العمل الثوري لأسباب عديد قد يكون أهمها ثقافة "الاتكال" حيث آمنت هذه الشريحة بأن مجموعة صغيرة من المتظاهرين قادرة على إسقاط النظام. بالإضافة للاعتقاد "الخاطئ" أن المدن الثائرة الأخرى ستسقطه وبالتالي مشاركتنا لن تقدم ولن تؤخر. هذا أيضاً أحد الأخطاء الجسيمة التي ارتكبها سكان المدينة.. ولا يلام هنا السكان وحدهم بل يقع اللوم على النظام الذي قمع بوحشية أيضا المدن الثائرة وسحق قرى بأكملها هنا، كانت السويداء حذرة وخائفة من نفس المصير!

•سيطرة أمنية.. وحراك.. ومكابرة! 

الواقع اليوم في السويداء هو كالتالي:

- غضب عارم وسخط على النظام وأجهزته الأمنية ومحاولات فردية - تقريباً - للمقاومة والخلاص.

 - سيطرة أمنية كاملة على المدينة (في النهار فقط) و في الليل لا حول للقوى الأمنية و لا قوة.

- تجدد الحراك الثوري ونزول المتظاهرين للشوارع.

- فقر وجوع وحالة اقتصادية مزرية، حيث وصل الحال إلى حد أن حليب الأطفال لم يعد بالمقدور شراؤه، مع هذا يكابر سكان المدينة ولا يعترفون بهذا الواقع ويتوقعون أن الأمور تسير إلى انفراج قريب.

- آلاف الشباب في حالة سبات، حيث هم إما مطلوبون للخدمة أو للأجهزة الأمنية، أو مهجر أو مقيم في دول الجوار.

ومع كل هذا، الثورة مستمرة في السويداء.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات