ألباني يرعى مُسنة صربية تعيش في قرية مهجورة

ألباني يرعى مُسنة صربية تعيش في قرية مهجورة
لم تقو الصراعات السياسية على محو الإنسانية، فلولا رعاية مواطن ألباني لمُسنة صربية تعيش وحيدة في قرية مهجورة لتعذرت عليها الحياة.

ودأب الألباني الأربعيني فاضل راما، على رعاية مُسنة صربية تُدعى بلاغيكا ديغيتش (92 عامًا) مقيمة بمفردها في قرية مجاورة مهجورة، دون الالتفات لسنوات النزاع العرقي بين الألبان والصرب في كوسوفو.

باتت رفقة راما لـ ديغيتش، مصدرًا لإلهام صنّاع الأفلام والروايات، إذ صم المواطن الألباني أذنيه وأغمض عينيه عن الخلافات، ليمنح مُسنة صربية قبلة الحياة بالعون والرعاية والخدمة.

أجرت "الأناضول" زيارة للقرية المهجورة "فاغانيش"، حيث تعيش المُسنة الصربية الوحيدة، لتعايش تفاصيل تلك القصة الإنسانية الملهمة.

**مسافة الخير

سيرا على الأقدام، يقطع راما مسافة نحو 3 كيلومترات بين قريته "ستريزوتش" شرقي كوسوفو، وقرية "فاغانيش" الصربية المهجورة، حيث تقطن المسنة ديغيتش، ملبيًا احتياجاتها اليومية من الطعام والدواء.

وعادة ما تستقبل ديغيتش، زيارة راما بالسعادة والدعاء، إذ تعيش وحيدة في قريتها المهجورة، بينما يعيش أبناؤها (ولدان و3 فتيات) في صربيا، وفق الأناضول.

تقول ديغيتش للأناضول: "كنت أعيش في القرية مع ابني سلوبودان حتى العام الماضي، لكنه اضطر للانتقال والاستقرار في صربيا بعد مرض زوجته".

وتضيف: "ادعو إلى الله أن يوفق راما وأن يسدد خطاه ويحميه من أي مكروه، فهو يواظب على إحضار الطعام والدواء واحتياجاتي الأساسية".

ومضت قائلة: "يواظب على زيارتي. دائما يحضر معه احتياجاتي ويملأ الثلاجة بالطعام. أحيانًا تأتي زوجته وابنه أيضًا لزيارتي. إنه يرعاني كما لو أنه يرعى والدته".

وتؤكد المسنة الصربية: "لست خائفة من العيش في قريتي المهجورة. الأمر صعب قليلاً لأنني وحيدة، لكني اعتدت على ذلك".

وتقول: "اعتبر راما مثل ابني تمامًا (..) لن أنسى حجم المساعدات التي قدمها لي ما حييت. لقد اعتنى بي وساعدني. إنه ابني".

** ابن بديل

وبدوره، يقول راما إنه لا يستطيع أن يأكل وهو يعلم أن شخصًا آخر يبيت جائعًا، بغض النظر عن انتمائه الديني أو العرقي، وإنه يعرف أن المسنة الصربية تُركَت وحيدة في القرية المجاورة وأنه ما من أحد يستطيع مساعدتها هناك.

ويضيف أنه كان يزور ديغيتش مرة كل يومين أو ثلاثة أيام على الأكثر، خاصة خلال فترة تفشي وباء فيروس كورونا، ليزودها بالطعام والدواء والاحتياجات الأساسية.

ويذكر راما أن الوضع المادي لـ "سلوبودان" نجل ديغيتش، سيء للغاية وأنه لا يستطيع زيارة والدته بسبب قيود التنقل وتدابير مكافحة كورونا.

ويشير إلى أن سلوبودان كان يزور والدته مرة كل 10 أيام قبل تفشي كورونا، غير أنه لم يتمكن من زيارتها بعد الوباء، لذلك تحمل مسؤولية زيارتها وتفقد أحوالها.

ولا تزال العلاقات بين الصرب وألبان كوسوفو مشوبة بالتوتر منذ حرب الاستقلال في أواخر تسعينيات القرن المنصرم.

ومنذ انفصال كوسوفو عن صربيا، غادر العديد من الصرب، ويعيش معظم من بقي منهم في مساكن صغيرة تسكنها غالبية من الألبان.

وتأبى "ديغيتش" أن تتخلى عن منزلها بقرية فاغانيش النائية في شرق كوسوفو، رغم تقدمها بالعمر، إذ باتت الساكنة الوحيدة التي تختتم سيرة حياتها بنموذج فريد للإنسانية والتعايش.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات