كيف استغلت ميليشيا أسد الهدنة من أجل تخريب اقتصاد مناطق استولت عليها بالشمال السوري؟

كيف استغلت ميليشيا أسد الهدنة من أجل تخريب اقتصاد مناطق استولت عليها بالشمال السوري؟
تعمل ميليشيا أسد على استغلال الوضع الهادئ بعد اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع في آذار/ مارس الماضي من أجل سرقة ما تبقى من منازل المدنيين في المناطق التي سيطرت عليها خلال العام المنصرم، عدا عن عمليات حرق كل ما يُمكن حرقه من أشجار ومنازل ونهب كل ثروات تلك المناطق وتدمير كامل بُنيتها التحتية بعد نهبها.

وبحسب بعض المصادر لأورينت نت فإن ميليشيا أسد سيطرت خلال قرابة العام من التصعيد العسكري الأخير على أكثر من 3100 كم مربع من أصل 6400 كم مربع من كامل مساحة المناطق المحررة في إدلب وما حولها، أي قرابة نصف المناطق التي كانت محررة قبل نيسان/ أبريل من عام 2019، موعد بدء الحملة العسكرية الأخيرة، وتحتوي هذه المنطقة على أهم اقتصاد المنطقة المحررة من أشجار مثمرة وأراضي زراعية وبنية تحتيّة تُعتبر الأفضل في المحرر، وجميعها باتت تحت سيطرة هذه الميليشيات.

حرائق ممنهجة

وأظهرت بعض الصور الجويّة حرق مساحات شاسعة من بساتين الأشجار المثمرة والأراضي الزراعية في أرياف حماة وإدلب وحلب التي استولت عليها ميليشيا أسد مؤخراً.

وهذا ما أكده عضو هيئة القانونيين السوريين، المحامي عبد الناصر حوشان لأورينت نت بقوله: "نظام أسد وميليشياته لم ولن يدّخروا جهداً بمعاقبة الشعب السوري عامة والذي ثار ضده خاصة, واستعملوا بحق هذا الشعب كافة الأسلحة العسكرية والنفسية والاقتصادية، وآخرها وبعد الهدنة المزعومة، قامت ميليشيا أسد بقطع عشرات آلاف الأشجار المثمرة وحرق آلاف الهكتارات من أشجار الفستق الحلبي والزيتون والتين والتي تُعتبر هذه الأشجار مصدر الرزق الأهم لأبناء تلك المناطق وأهم اقتصاد للمنطقة".

وتابع حوشان مبيّناً طرق تخريب ميليشيا أسد لأهم الموارد الاقتصادية في المناطق التي سيطرت عليها مؤخراً, وقال: "بسبب خلاف بسيط بين حواجز طريق المحردة- السقيلبية على ثروات أبناء ريف حماة الشمالي, أقدمت ميليشيا تلك المنطقة على حرق أكثر من 12000 دونماً من الشعير والقمح والفستق الحلبي بتلك المنطقة, وقبلها بأيام حرقوا آلاف الهكتارات من بساتين ومحاصيل بلدات مورك وعطشان والتمانعة وخان شيخون والسكيك".

ووفق دكتور الهندسة الزراعية خالد العبد الله، حرقت ميليشيا أسد ما يُقارب 60% من أشجار الفستق الحلبي بريفيّ حماة وإدلب والتي يتجاوز عددها الإجمالي 4 ملايين شجرة وهذا يعني حرق محاصيل بملايين الدولارات، بالإضافة لحرق ما يقارب 40% من أراضي المحاصيل الزراعية التي كانت تُعتبر السلة الغذائية للمدنيين في المناطق المحررة وربع سوريا تقريباً.

وأضاف العبد الله لأورينت نت، "كما حرقت هذه الميليشيات عشرات الآلاف من أشجار الزيتون والتين لقطعها وبيعها لاحقاً قبل قدوم فصل الشتاء من أجل استخدامها بالتدفئة، وعدا عن حرق الأشجار والأراضي كانت هناك حرائق استهدفت المنازل والمرافق العامة مما يجعل من هذه الحرائق حرائق ممنهجة بهدف تخريب وتدمير اقتصاد تلك المناطق مستقبلاً".

ونوّه العبد الله إلى أن، "ميليشيا أسد قامت بحصد المحاصيل الزراعية للأراضي التي احتلتها بريف إدلب الشرقي وريف حلب الغربي, خاصة أن تلك الأراضي زُرعت قبل السيطرة عليها, مما رفد خزائنهم بعشرات آلاف الأطنان من القمح والشعير والكمّون وبعض المحاصيل الأخرى".

نهب وتخريب

من جانب آخر، أكد المحامي حوشان أن ميليشيا أسد صادرت كافة أراضي المطلوبين لديها وتسليمها لمكتب ما يُسمى "مكتب الشهداء" الخاص بقتلى هذه الميليشيات.

كما عملت ميليشيا أسد على نهب اقتصاد تلك المناطق المُسيطر عليها خلال العام الماضي وذلك حسب ما أكده الناشط علاء فطراوي بقوله لأورينت نت، "أول فعل تقوم به ميليشيا أسد عند دخولها البلدات التي سيطرت عليها مؤخراً هو نهب كل ما تجده أمامها, وهذا ما فعلته بكامل البلدات ورأيناه بعد استعادة السيطرة على بعض هذه القرى بعد أيام من احتلالها, فكانت تلك البلدات خلال أيام منهوبة بشكل كامل فكيف الآن وبعد التهدئة, لذلك سيكون النهب كاملا وشاملا لكل شيء".

وتابع فطراوي قائلاً: "استغلت هذه الميليشيات وقف إطلاق النار الأخير لتفكيك منازل المدنيين وتجريدها بشكل كامل, فأسقف المنازل تم هدمها وإخراج الحديد منها لتقوم ببيع طن الحديد بمبلغ 200 دولار بأسواق التعفيش الخاصة بهم, كما لدى هذه الميليشيات ورشات مختصة بخلع بلاط المنازل ومطابخها والتمديدات الصحية والكهربائية, وكل ورشة مختصة بنهب شيء من هذه المنازل أو المرافق العامة التي نهبوا منها حتى وصلات الكهرباء ولوحاتها من الجدران".

وأشار فطراوي إلى أن، "ميليشيا أسد نهبت الآبار الارتوازية في تلك المناطق والتي يزيد عددها عن بضعة آلاف بئر مع كامل معداتها, بالإضافة لنهب المستودعات التي لم يتمكن أصحابها من تفريغها بسبب تقدم هذه الميليشيات والقصف الممنهج, كما أنشؤوا مراكز تجميع لكل ما يتم تعفيشه ونهبه وسرقته من منازل المدنيين والمرافق العامة بساحات كل بلدة ليتم نقلها لأسواق التعفيش الخاصة بهم".

من المسؤول؟

وبحسب ما تمّ رصده وتوثيقه من قبل عضو هيئة القانونيين السوريين, المحامي عبد الناصر حوشان فإن المسؤول عن عمليات تخريب اقتصاد أرياف حماة وإدلب وحلب التي سيطرت عليهم ميليشيا أسد مؤخراً هي ميليشيات أجهزة المخابرات بشكل عام.

وعددها حوشان بقوله: "خلال الرصد والمتابعة لجرائم النهب والتخريب والحرق التي قامت بها ميليشيا أسد بالمناطق التي احتلتها مؤخراً, كانت ميليشيا أجهزة المخابرات الجوية المتمثلة بشبيحة العميد سهيل الحسن بالإضافة لميليشيا شعبة الأمن العسكري والأمن السياسي وأمن الدولة وشبيحة الفرقة الرابعة وكذلك شبيحة فرع حزب البعث هي أهم الميليشيات التي شاركت بهذه الجرائم ".

وأما المحامي علي البكور، ذكرَ أهم الميليشيات التي خربت اقتصاد المناطق المستولى عليها مؤخراً بقوله: "كل بلدة أو مجموعة بلدات يتم السيطرة عليها من قبل ميليشيا أسد يستلمها ضابط من هذه الميليشيات, وبعدها يقوم هذا الضابط بتعهيد هذه البلدات لمجموعة من الورشات التابعة لهذه الميليشيات بمبالغ مالية ضخمة, وبالتالي تقوم هذه الميليشيات بخلع ونهب الأخضر واليابس لتحقيق الربح الأكبر, ومن بين هذه الميليشيات ميليشيا الطراميح والحيدرات والطه التابعة لسهيل الحسن, وأيضاً ميليشيات الفرقة 25 الموالية لروسيا بالإضافة لفوج الغيث التابع للفرقة الرابعة".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات