ما هي أسباب ازدياد حالات الانتحار بحبوب الغاز في الشمال السوري؟

سُجلت حالات انتحار في الشمال السوري، بحبوب "فوستوكسين" التي توجد في الصيدليات الزراعية؛ وتستخدم لتعقيم المخازن الفارغة أو المواد المخزنة بعد إدخالها الى المستودعات وإحكام إغلاقه تماما؛ أو تستعمل في الحفاظ على المواد الغذائية من الحشرات.

حيث تم تسجيل 8 حالات انتحار في الشمال السوري في الآونة الاخيرة بينهم أطفال ونساء؛ وتقتل الحبة من يتناولها خلال أقل من عشر دقائق وتستخدم في الزراعة ويتراوح سعرها بما يقارب 100 ليرة سورية دون وجود رقابة على بيع هذه الحبوب.

وقد سجلت مدينة بنش بريف إدلب الشمالي، قبل أسبوع حالة انتحار بـحبة الغاز لرجل متزوج نتيجة سوء الأوضاع المعيشية وانتشار الفقر في الشمال السوري.

يقول الصيدلاني الزراعي نجيب طراف لأورينت نت: "الحبوب موجودة في الصيدليات البيطرية في الشمال السوري بكميات كبيرة؛ ويصل سعرها نحو مئة ليرة سورية؛ وتأتي عن طريق الاستيراد من تركيا أو الصين وتستخدم للتعقيم؛ وخصوصا الحبوب والمستودعات وهي تباع وفق شروط معينة من خلال عدم بيعها لغير البالغين وغير الأسوياء، منعا لاستخدامها في الانتحار".

وحول خطورة نوع هذه الحبوب يضيف الطراف" تعتبر هذه الحبة من أكثر المبيدات الحشرية ضررًا بصحة الإنسان، وقد سُجلت في سنة 2018 عدة حالات انتحار بين الشبان والمراهقين عبر تناولها وخصوصا أن الأوضاع المعيشية في هذه الوقت تشجع الناس على الانتحار؛ لذلك يجدون في هذه الحبوب الطريقة الأسهل لقتل أنفسهم".

ويشير إلى أن" حالات الانتحار بهذه الحبوب تكثر بين النساء والأطفال، و لا يتجاوز معدل النجاة منها 5 بالمئة في حال تم إسعاف المريض إلى المشفى فورا؛ وتم عملية غسيل للمعدة قبل أن تأخذ الحبة مفعولها لأنها تقوم بتعطيل كافة الأجهزة في الجسم وخصوصا الكلى والرئتين والأمعاء".

ويمنع بيع هذه الحبوب في بعض الدول إلا ضمن إجراءات شديدة؛ وذلك لكونها باتت طريقة سهلة للانتحار لدى الأطفال والنساء ونسبة قليلة من الرجال؛ في حين أن الشمال السوري باتت يحوي آلاف الحبوب منها دون وضع إجراءات رقابية لاستخدامها.

 يقول المهندس الزراعي مروان صهيوني لأورينت نت:" الحبوب لها أضرار صحية إذا تم استخدامها بشكل عشوائي أو خاطئ؛ ومن قبل أشخاص عديمي الخبرة لأنها مواد سامة غازية تتحول من الحالة الصلبة (أقراص) الى الحالة الغازية في جو المخزن؛ ولكنها الوسيلة الوحيدة للتعقيم الغازي الموجودة حاليا لعدم وجود البديل؛ وبكل الحالات جميع السموم الغازية المتعلقة بالتعقيم تعتبر سامة للحشرات وذوات الدم الحار".

وحول آثار الحبوب على الإنسان يوضح صهيوني" تسبب الحبة بعد انحلالها في المعدة وانطلاق غاز (فوسيد الهيدروجين) شعورًا بالغثيان والإقياء، لتنتقل منها إلى الجهاز التنفسي مسببًة حرقة بالقصبات الهوائية؛ وشعورًا بالاختناق وعطبًا بالجهاز العصبي المركزي؛ يتبعه غيبوبة كاملة؛ تعرقل عمل كريات الدم الحمراء وتؤدي لانهيار نسب الأوكسجين في الدم ثم الوفاة، ولا يمكن إبطال هذه التأثيرات بأي مركب دوائي".

وحول الحلول لمواجهة هذه الظاهرة يشير صهيوني"يجب أن يكون هناك مراقبة شديدة من قبل وزارة الزراعة على الصيدليات؛ والطلب منهم عدم بيع الحبوب إلا للرجال وخصوصا البالغين أو الواثقين منهم أو إلى المهندسين الزراعيين ليستخدموها في الزراعة؛ وتغريم أي صيدلي يبيع هذه الحبوب بشكل عشوائي بمبالغ كبيرة وسجنه وذلك كعقوبة لهذا التصرف الذي بات يهدد حياة البشر".

ويعتبر الانتحار بتناول حبوب الغاز من الأمور الشائعة في المدن والقرى السورية منذ وقت بعيد؛ وخصوصا الشبان والفتيات في سن المراهقة والذين يتعرضون لصدمات نفسية أو ضغط من أهاليهم بأمور تتعلق بالدراسة أو الإجبار على الزواج أو حتى الفقر.

محمد أحمد شقيق أحد الشبان الذين قاموا بالانتحار في ريف إدلب الجنوبي يقول لأورينت نت" كان أخي يعاني من الاكتئاب بسبب الخوف المستمر من القصف والوضع العسكري الذي تعاني منه المنطقة؛ وعدم استطاعته إكمال تعليمه؛ حيث لم يتحسن وضعه الصحي رغم المحاولات لعرضه على الأطباء النفسيين؛ وكان يجلس لوحده ساعات طويلة دون التحدث مع أحد".

ويضيف" في أحد الأيام ذهب إلى أحد الصيادلة وحصل على حبة غاز وقام بتناولها وبعد إحساسه بالذنب قام بالذهاب للمسجد؛ وأخبر الإمام ولكن بعد أن تم اسعافه إلى المشفى لم يستطع الأطباء إنقاذه فقد مر على تناوله الحبة أكثر من ربع ساعة ما كان كفيلا بإنهاء الأجهزة في جسده".