وفي معرض حديث بشار أسد عن الواقع المعيشي الصعب الذي فرضته سياساته الاقتصادية الفاشلة، دعا أسد لإشعال شمعة بدلاً من لعن الظلام، تلك الشمعة التي يحتاجها السوريون ليخففوا ظلمة انقطاع الكهرباء لساعات طويلة يومياً، يقترحها أسد كخطة إنقاذ لشعب يتهاوى تحت ضربات الفقر وارتفاع الأسعار الجنوني أمام راتب لا يسد الرمق.
ويعيش أكثر من 90% من السوريين تحت خط الفقر بحسب "أكجمال ماجتيموفا" ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا، كما يفتقر أكثر من تسعة ملايين سوري للغذاء الكافي، وذلك حتى أواخر حزيران الماضي تبعاً لتحذيرات أطلقتها وكالات إغاثة تابعة للأمم المتحدة.
الأولوية لرغيف الخبز
أبو مجدي مواطن سوري يقيم في دمشق تحدث لأورينت نت عن فداحة الوضع المعيشي الذي يعانيه السوريون، فالسنوات الأخيرة برأيه ساهمت بسحق الطبقة الوسطى في سوريا على يد من أسماهم "أمراء الحرب". وأوضح الرجل أن المواطن بات مضطراً لممارسة عملين أو أكثر إذا اتسع الوقت لتأمين ما يسد رمق أسرته فقط ، لافتاً إلى أن الناس استغنوا عن كل شيء من ملابس أو فواكه في سبيل تأمين رغيف عيشهم.
وينفق أبو مجدي أكثر من نصف معاشه الشهري ثمناً لحليب الأطفال ولوازم ضرورية لطفليه الصغيرين، إذ بلغ سعر علبة الحليب تسعة آلاف ليرة وكيلو، والحفاضات عشرة آلاف ليرة، وباتت وجبة اللحم حلماً بالنسبة للأسرة السورية التي بات هاجسها الخوف من الجوع.
يشرح محمد العبدو لأورينت نت عواقب تدهور الوضع الاقتصادي الخانق محمّلاً نظام أسد مسؤولية ما آل إليه حال السوريين، فالفساد المتمكن بكل مفاصل الدولة وقطاعاتها أضرّ بالاقتصاد أكثر من العقوبات الاقتصادية بما فيها قانون قيصر بحسب رأيه.
ولفت العبدو إلى أن التجار وسّعوا عمليات احتكارهم للسلع لتشمل أسطوانات الأكسجين التي تدخل في نطاق الضروريات الطبية سيما في ظل تفشي كورونا، حيث بلغ سعر أسطوانة الأكسجين الفارغة نصف مليون ليرة سورية، مؤكداً: "أنهم يتاجرون بدقات قلب المواطن، ولا يمكن لذلك أن يحصل دون إشراك النظام في الأرباح".
ويستبعد العبدو إمكانية الوصول لتحسن معيشي ملموس قبل تحقيق تغيير سياسي شامل يقتلع جذور الفساد ويرد المال المنهوب من الشعب إلى الشعب.
لا حل اقتصاديا في ظل غياب الحل السياسي
الباحث الاقتصادي أسامة القاضي شكك بجدوى التحسن الطفيف في سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار بعد خطاب أسد في "قصر الشعب"، موضحاً أن ارتفاع سعر صرف الليرة قبل شهر لم يحقق أي انخفاض بأسعار السلع الغذائية حتى باعتراف إعلام النظام نفسه.
ونوه القاضي إلى أن هذا الارتفاع جاء لأسباب سياسية ولم تتدخل به أي عوامل اقتصادية، وهذا يعني أنه ارتفاع وهمي لن يلمس المواطن انعكاساته على لقمة العيش.
وفي الحديث عن حلول إسعافية تنتشل المواطن من قاع التدهور المعيشي قال: "لا وجود لحل اقتصادي ما لم يتم طرح حل سياسي وإبرام صفقة تضع حداً لهذا الوضع، وذلك بمعزل عن الحلول الأولية التي لا تحقق للمواطن اي جدوى اقتصادي ملموس".
وأكد المتحدث أن أهم شروط انتعاش الاقتصاد استتباب الأمن ووجود حكومة شفافة صريحة مع شعبها وتقيم علاقات حسن جوار من حولها، كما أشار لمسؤولية النظام عن إفقار السوريين، بالإضافة إلى تباطؤ المجتمع الدولي في وضع نقطة نهاية لعذابات السوريين.
التعليقات (0)