من المستفيد من الدوريات الروسية التركية شمال غرب سوريا؟

من المستفيد من الدوريات الروسية التركية شمال غرب سوريا؟
بقلم: حسان عرفة

أبرمت روسيا وتركيا "اتفاق سوتشي" في مدينة سوتشي الروسية، بالقرب من البحر الأسود في أيلول 2018، ومن أهم بنوده "إنشاء منطقة منزوعة السلاح في محافظة إدلب شمال غرب سوريا"، لوقف الاشتباكات بين ميليشيا أسد وفصائل المعارضة.

ومع ذلك، لم تصمد هذه الاتفاقية لفترة طويلة، إذ شن نظام أسد أواخر نيسان/ أبريل 2019 مدعوماً بغطاء جوي روسي هجوماً على شمال غرب سوريا.

تمكن النظام من التقدم إلى معرة النعمان في جنوب محافظة إدلب، في انتهاك واضح للمادة الثانية من اتفاق سوتشي، التي تنص على أن "روسيا ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان تجنب العمليات العسكرية والهجمات على إدلب، وأن الوضع الراهن سيتم الحفاظ عليه".

تسبب التصعيد في نزوح أكثر من 400 ألف شخص بين أبريل/ نيسان وأكتوبر/ تشرين الأول 2019، وبحلول مارس/ آذار 2020، ارتفعت هذه الأعداد إلى أكثر من 1.3 مليون نازح.

في 3 آذار/ مارس، اتفقت أنقرة وموسكو على وقف إطلاق نار جديد في شمال غرب سوريا، وبدأ الطرفان تسيير دوريات مشتركة في 15 آذار/ مارس. وتجري الدوريات الروسية التركية على الطريق السريع M4 الذي يربط مدينة حلب شمال سوريا باللاذقية.

يحظى هذا الطريق السريع بأولوية قصوى لدى نظام أسد وحلفائه، كونه طريقاً حيوياً بين مدينتين رئيسيتين يسيطر عليهما النظام.

صرح فراس فحام، الباحث في مركز جسور للدراسات والتنمية لـ "المونيتور" أن: "الدوريات المشتركة أوقفت التصعيد العسكري الذي استهدف بشكل أساسي المناطق السكنية بضربات جوية فاقمت الوضع الإنساني من خلال التسبب في موجات كبيرة من النزوح باتجاه الحدود التركية. وأدت الدوريات إلى انخفاض تدريجي في العنف".

كما صرح الناطق باسم "الجبهة الوطنية للتحرير"، ناجي مصطفى لـ "المونيتور" بالقول: "لقد شهدنا خروقات من قبل ميليشيا أسد منذ بدء اتفاق وقف إطلاق النار. فشلت مليشيا أسد والقوات الروسية في احترام وقف إطلاق النار، ورافقت الخروقات محاولات تقدم على عدة محاور، مثل محاولة التقدم على محور حدادة في جبل الأكراد وقرى دير سنبل وبنين وحرش بنين وفطيرة وفليفل جنوب إدلب".

وأشار مصطفى إلى أن وقف إطلاق النار قلل من وتيرة القصف. إذ توقف القصف عن استهداف المدنيين باستثناء الانتهاكات التي ترتكبها العصابات والميليشيات الطائفية. والمنفعة الوحيدة كانت تخفيف معاناة أهلنا لأن ميليشيا أسد قللت من استهدافها للمستشفيات والأسواق والقرى.

لكن مع استمرار الهجمات والقصف، كانت الدوريات المشتركة موضع انتقاد من مختلف السكان والجماعات في المنطقة.

يرى عدنان الإمام، وهو ناشط إعلامي يعمل في مدينة إدلب وريفها، ويتابع عن كثب الأحداث في هذه المنطقة رفضاً واسعاً للدوريات المشتركة في المناطق المحررة، لا سيما في مناطق جبل الزاوية وجبل الأربعين وجبل شحشبو وغيرها. وشهد الطريق M4 عدة احتجاجات ضد هذه الدوريات.

كما احتج بعض الأهالي على الدوريات الروسية التركية التي يعتقدون أنها لم توقف هجمات النظام، حيث استهدفت جماعات مجهولة الدوريات المتفرقة بشكل متكرر.

توقفت الدوريات المشتركة إثر ذلك نهاية شهر آذار الماضي، لتستأنف في 22 تموز، لكن المنطقة شهدت خلال هذه الفترة اعتصاماً نظمه مجموعة من الشباب على الطريق السريع M4 في مناطق شرق إدلب لإجبار الوحدات الروسية على الانسحاب باتجاه منطقة الترنبة جنوب شرق إدلب.

كما واجهت الدوريات المشتركة العديد من التحديات، كان آخرها في 25 أغسطس/ آب الماضي، عندما استهدف انفجار قافلة روسية ممّا أسفر عن إصابة جنديين روسيين, كما تعرضت دورية مشتركة في 18 أغسطس/ آب لهجوم من قبل مجموعة مجهولة.

يبدو أن ميزان القوى على الأرض يميل نحو نظام أسد,و نشر مركز جسور خارطة توزيع السلطة في كانون الثاني 2019، تبين أن نظام أسد يسيطر على 60.3٪ من سوريا. وفي آخر تحديث لهذه الخريطة نُشر في أيار الماضي، سيطر النظام السوري على 63.38٪ من الأراضي بعد سيطرته الكاملة على ريف حماة الشمالي وعدة مناطق بريف إدلب الجنوبي، بما في ذلك معرة النعمان.

يشكل هذا دليلاً على أن الاتفاقات والدوريات لم تمنع نظام أسد من التقدم شمال غرب سوريا. و قد يعني ذلك أن النظام نفسه لم يكن الهدف الرئيسي للدوريات - بل كان الهدف منها منع أي اشتباكات بين القوات التركية والروسية.

وقال فحام: “يمكننا القول إن الدوريات المشتركة هي خطوة أولية للتهدئة وتجنب الاشتباكات المباشرة بين الجيش التركي الذي انتشر بكثافة في شمال غرب سوريا، وبين الميليشيات المدعومة من روسيا. ومع ذلك، فإن الدوريات المشتركة حتى الآن تتعرض لعقبات".

بعد هجوم 18 أغسطس/ آب على الدورية الروسية، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن روسيا علقت الدوريات المشتركة مع القوات التركية على الطريق السريع M4 بسبب "الاستفزازات المسلحة". لكن الدوريات استؤنفت في 25 أغسطس، حيث استهدفت مرة أخرى.

وقال مصطفى: "نلاحظ دائما أن روسيا تتذرع بالحجج والأكاذيب باستخدام الدعاية والمعلومات المضللة التي تقوم بها الفصائل الثورية باستفزاز الدوريات. غالباً ما يشن نظام أسد غارات جوية على مناطق قريبة من الطريق السريع M4. ولهذا يحاول الجانب الروسي الالتفاف على الاتفاق رغم التزام الفصائل به. نحن نرد فقط على الانتهاكات، ويحق لنا القيام بذلك".

وحتى الآن لا يوجد اتساق في أداء الدوريات المشتركة التي جرت آخرها في 25 آب/ أغسطس، ومعظم الناس غير واثقين تماماً من الوضع الأمني.

بحسب الإمام: يأمل معظم الناس أن تنسحب ميليشيا أسد من المناطق التي دخلت إليها مؤخراً وأن يعود النازحون إلى ديارهم, إذا حدث ذلك فسيكون تسيير الدوريات على ما يرام، لكن إذا استمرت الدوريات وسيطر النظام على مناطق جديدة فسيفقد الناس ثقتهم بتركيا، التي تعد دائماً بأن ميليشيا أسد لن تتقدم إلى مناطق جديدة وأن النازحين سيعودون.

في غضون ذلك، يعيش آلاف النازحين في شمال غرب سوريا - الذين أجبروا على ترك منازلهم في المناطق التي سيطر عليها النظام في السنوات الماضية، مثل حمص والغوطة الشرقية وبعض مناطق ريف دمشق - تحت سيطرة فصائل تقيد الحريات في مناطق سيطرتها. ففي الآونة الأخيرة، اعتقلت هيئة تحرير الشام مدير معهد القبالة في إدلب مصطفى الجازي في 17 آب لتنظيمه معرضاً لرسومات طالبة، تصور فيه الوضع في إدلب ونضال السوريات والمدنيين في مناطق الصراع, قد تكون هذه الرسائل قد أغضبت هيئة تحرير الشام, التي ما لبث أن أطلقت سراحه في 22 أغسطس / آب.

مترجم عن المونيتور

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات