من دمشق إلى لندن.. رحلة لجوء سورية بصندوق سيارة تتكلل بالنجاح

من دمشق إلى لندن.. رحلة لجوء سورية بصندوق سيارة تتكلل بالنجاح
في قصة معاناة سورية جديدة تكللت بالنجاح في بلاد الشتات، سلط موقع "I NEWS" الضوء على عماد الرناب ورحلته الممتدة بين مطعمه السوري "الحاتم" والمطعم الجديد الذي سيفتتح في "كينغلي كورت" الشهر المقبل، في قصة شاقة ومؤلمة.

بنى عماد الرناب أحد مطاعمه الثلاثة بالقرب من أسوار قلعة دمشق في العاصمة السورية مطعم كوستيلو، حيث يقدم البيتزا والمعكرونة والبرغر وسندويش الدجاج والبطاطا. يصف الرناب مطعمه بملتقى الشرق والغرب، مضيفاً أن الإقبال على مطعمه كان كثيفاً.

يقول الرناب إن مطعمه الآخر "بانيني" أحد المطاعم الشرقية الأخرى كان يقدم الشاورما والفلافل والدجاج المشوي مع الأرز وغيرها من الأطباق السورية. وكون عائلته تعمل في المنسوجات والموضة، لطالما أحب إيطاليا واستلهم منها، لذلك أضاف لمطعمه أيضاً أطباقاً إيطالية كونه يحب الثقافة الإيطالية. 

"كان من الشائع جدًا في سوريا تناول المعكرونة والبيتزا، ولكن مع التوابل مثل الزعتر وجبن الحلومي بدلاً من جبن الموزاريلا. يمكنك أن تسميها طعاماً مدمجاً، يمزج بين تقنيات البحر الأبيض المتوسط ونكهات الشرق الأوسط ".

الطريق إلى لندن

سيكون أحدث مطاعم الرناب الذي سيفتتح في لندن الشهر المقبل مشابهاً لمطعمه الثالث في دمشق "الحاتم" الذي كان بجوار أحد المساجد التاريخية في المدينة يقدم أطباقاً دمشقية تراثية  كالخبز الطازج مع الحمص وبابا غنوج.

القصة بين الحاتم ومطعمه الجديد "مطبخ عماد السوري" الذي سيفتتحه في كينجلي كورت في سوهوز الشهر المقبل قصة شاقة ومؤلمة. ففي عام 2012 عندما اندلعت الحرب في سوريا تعرض مطعما حاتم كوستيلو وبانيني للقصف، وسرعان ما أصبح من المستحيل على الرناب العودة إلى الحاتم مطعمه الوحيد الذي بقي له في وطنه.

 

الآن لا يستطيع الرناب البالغ من العمر 42 عاماً واللاجئ في بريطانيا زيارة وطنه: "سيكون ذلك مخاطرة كبيرة بالنسبة لي، من الخطير جداً التحدث عن السبب" قال الرناب.

بعد ثلاث سنوات من الوظائف الغريبة وغير المستقرة في دمشق العمل في شركة محاماة كسائق تكسي مهما كان من شأنه أن يكسبه بعض المال، أصبح الرناب لاجئاً ترك زوجته وبناته الثلاث في عام 2015 وسافر إلى المملكة المتحدة، مر عبر لبنان وتركيا واليونان ومقدونيا وصربيا والمجر والنمسا وألمانيا وفرنسا. عبر الرناب خلال رحلته الحدود في صندوق سيارة، ونام على درج كنيسة كاليه وعبر بحر المانش في صندوق شاحنة.

يقول الرناب: "غسلت السيارات عندما وصلت" ثم تمكنت من لم الشمل مع عائلتي في تموز/ يوليو 2016 بعد أقل من عام منذ آخر لقاء لي معهم كان الأمر صعباً للغاية لا أستطيع أن أصف كم افتقدتهم.

يضيف الرناب "كان مخططي الوصول إلى المملكة المتحدة، درست والدتي اللغة الإنجليزية في الجامعة وتأكدت من أننا تعلمنا اللغة وقرأت لنا شكسبير".

نجاح العائلة

يستذكر الرناب بعض كلمات وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل التي فكرت بإرسال أشخاص مثله وزوجته وبناته المراهقات إلى جزيرة أسنسيون البريطانية التي تبعد أكثر من 4000 ميل في عمق المحيط الأطلسي، لحسن الحظ قررت وزارة الخارجية عدم المضي قدماً - لكن "النقل إلى الخارج" كما أطلق عليه كان احتمالاً حقيقياً.

"كيف تجرأت الوزيرة؟" يقول الرناب. حصلت ابنتي الكبرى على أعلى الدرجات في شهادة الثانوية العامة، كما فازت ابنتي بمسابقة تهجئة، علماً أن اللغة الإنجليزية هي لغتها الثالثة!

"إنه أمر لا يصدق أن ترى هذه الخطط، ما أرادته <وزيرة الداخلية> أنا لا أفهم. لماذا تريد إرسال اللاجئين إلى المخيم مثل الحيوانات البرية؟ ما هي بريطانيا التي تقدمها لهم؟"

"أنا أعيش في لندن لا أشعر بأنني دخيل. نحن جميعاً هنا معاً. يبدو أنها تريد تفكيك التنوع الذي يجعل البلاد رائعة للغاية".

لحسن الحظ، رفضت الوزارة فكرة باتيل السخيفة.

على أي حال، استطاع الرناب أن يؤسس لحياة كريمة في بريطانيا، سواء أرادته وزيرة الداخلية هنا أم لا. بحلول عام 2017، كان يدير نوادي العشاء التي شهدت تدافع سكان لندن المتحمسين لتجربة لحم الضأن المطبوخ على نار هادئة المعطرة بالتوابل.

لطالما كان حلمي

كان الرناب مصمّماً على افتتاح مطعم مناسب، مطبخ يستطيع فيه أن ينسج سحره، حيث يمكنه طبخ الأرز الشهي، وطهي الفتوش وتقديم الطعام السوري الشهي.

يقول الرناب: "أشعر بالامتنان للفرصة التي أتيحت لي.. كان الناس داعمين ومتعاونين للغاية" لطالما كان الطبخ حياتي، أحب الطعام، أحب إطعام الناس أكثر من أي شيء آخر.

“كان إطلاق المطبخ السوري شيئاً مميزاً - رؤية صفوف طويلة من الناس يأكلون. ساد مثل هذا الجو الإيجابي وسوف أتذكر دائماً شعور الليلة الأولى. أنا متحمس جداً للمطعم - لقد كان حلمي دائماً".

تم اختيار الموقع المناسب للمطعم وبدأ جمع تمويل جماعي للمساعدة في تمويل المعدات باهظة الثمن من الثلاجات إلى الأفران في غضون ذلك، ستكون قائمة الطعام سورية بامتياز. ترقبوا الحمص اللذيذ.

يقول الشيف: سيكون مطعماً أصيلاً - طعام سوري، وفي الغالب طعام دمشق. ستتغير القائمة كل أسبوعين وستكون موسمية.

"زوجتي تعمل معي - لقد فعلت ذلك دائماً. إنها ممتازة في تنظيم الأشياء ودعمي في الأعمال والإشراف. إنها أفضل بكثير في ذلك. لكني أترك مهمة تذوق الأطباق لبناتي اللواتي يبلغن الآن 17 و 14 و 10 سنوات. زوجتي لطيفة للغاية. بناتي ناقدات وصريحات، ويخبرنني إن كانت الأمور بحاجة إلى التحسين. إنه جهد جماعي".

يتابع الرناب: "أحب كل شيء في هذه الوظيفة. أحب أن يتعرف السكان المحليون على الطعام السوري. لقد مرت ثماني سنوات منذ أن قمت بالطهي في مطبخي الخاص - لقد كنت أبحث عن مكان دائم منذ أن بدأت. الرغبة لم تختفِ أبدا".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات