محاولات اغتيال وقتل وقطع ألسن شعراء وانتقام بدوافع عائلية: جرائم أسد بحق العلويين!

محاولات اغتيال وقتل وقطع ألسن شعراء وانتقام بدوافع عائلية: جرائم أسد بحق العلويين!
على شاكلة كثير من اللبنانيين ممن خرجوا يعتذرون من "صبّاط" السيد حسن نصر الله، بعدما كالوا له ولميليشياته من السباب والشتائم على وسائل الإعلام ما لا مجال لذكره الآن، أطل "الدّراج" السوري والبطل في الرياضة رامي الخطيب في مشهد مماثل، صاغراً على وسائل التواصل الاجتماعي، عقب أن هدد وفضح المدعو "وسيم أسد"، وقد استولى الأخير باسم "أسد" على كافيه كان قد عرض بمزاد علني للبيع في مدينة طرطوس.

وكان الخطيب وثق بالفيديو استيلاء "وسيم أسد" على المطعم/كافيه بـ"التشبيح" متسائلاً إذا ما كان أسد "أكبر من الله والرب؟"، منذراً وسيم بأن يترك "التشبيح" باسم بشار أسد "وإلا سنزعجه" في رسالة تهديد واضحة، ليخرج بعد 24 ساعة فقط مكذّباً نفسه بـ"عظمة لسانه"، واصفاً ما جرى بـ"سوء التفاهم المهني" مع وسيم أسد الذي وصفه بـ"الأخ" مباركاً له استيلاءه على الكافيه!

بالرغم من أن حادثة "وسيم الخطيب" ليست جديدة ولا الأولى من نوعها؛ إلا أنها تضاف إلى سلسلة من "انتهاكات" عائلة أسد بحق أبناء الطائفة العلوية ربما قبل ومنذ أن استولى حافظ أسد على السلطة بانقلاب على زملائه (ثلثهم من أبناء طائفته) وانتهى المطاف بهم إما إلى السجن حتى الموت كصلاح جديد أو الإبعاد والتصفية بالاغتيال كمحمد عثمان.

قبل أيام بثت شبكات إخبارية موالية لأسد وميليشياته شريطاً مصوراً لحفل أقامه "عماد أسد" في قصره، حيث يطلق أحد عناصر الأخير قذيفة "آر بي جي" تحية لعماد، قيل إن القذيفة تسببت بمقتل طفلة، سبقها قبل أعوام مقتل ضابط كبير على يد "سليمان" ابن هلال الأسد لأن الضابط لم يفسح له المجال للمرور بسيارته، وما بين الحادثتين لا مجال لحصر اعتداءات آل أسد أو من كُني بكنيتهم على العلويين على وجه الخصوص.

تاريخ طويل من الإجرام على نخب العلويين؟

يقال إن حافظ أسد عندما كان ضابطا برتبة ملازم سُجن وخرج بكفالة عام 1957، بناءً على شكوى من عائلة أنيسة مخلوف (زوجته) لـ"جرم" غير معروف – وفقاً لوثيقة منشورة في كتاب "تاريخ سوريا الحديث: عهد حافظ أسد" للكاتب هاشم عثمان – حادثة تشير إلى أن بلطجة عائلة أسد سابقة لاستيلاء حافظ على السلطة بالقوة في سوريا.

الكاتب والباحث السوري، محمد منصور، يؤكد أن إجرام هذه العائلة بحق العلويين وخصوصاً النخبة منهم له باع طويل، فأولى حوادث اعتداء أسد على النخب العلوية وإلحاق الأذى بها، تعود إلى عام 1967 حين كان حافظ أسد وزير الدفاع الذي صنع الهزيمة (هزيمة الخامس من حزيران عام 1967 التي خسرت فيها سوريا الجولان) وحينها كتب الشاعر "العلوي"، محمد سليمان الأحمد، الشهير باسم "بدوي الجبل" قصيدة طويلة بعنوان (من وحي الهزيمة) هجا فيها البعث وحافظ أسد، وعيّره بفراره من المعركة، فما كان من الأخير إلا أن أرسل له من يحاول اغتياله، فاختُطف وضرب ضربا مبرحا بآلة حادة على رأسه، ثم رمي في أحد شوارع دمشق لينزف قبل أن يتمكن بعض المارة من إسعافه وإنقاذ حياته.. وقد زوّر جهابذة الكذب والتضليل البعثي فيما بعد قصة لتبرئة حافظ أسد، حين زعموا أنه هو من هدد خاطفي بدوي الجبل، إن لم يكشفوا عن مصيره، ثم زعموا أن بدوي الجبل كتب قصيدة (من وحي الهزيمة) وهو يحلم بأبطال تشرين!

أيضا تعرض الشاعر العلوي وابن مدينة القرداحة (حسن الخيّر) لأبشع عملية انتقام جراء قصيدته الشهيرة (ماذا أقول) التي كتبها عام 1979 وهجا فيها استبداد حافظ أسد وفساد نظامه ودوس الحريات تحت أرجل أجهزة مخابراته حين كتب يقول: 

ماذا أقول وقول الحق يعقبه جلد السياط وسجن مظلم رطب 

فإن صمتُّ فإن الصمت ناقصة إن كان للصمت نور الحق يحتجب 

وإن كذبتُ فإن الكذب يقتلني معاذ ربي أن يعزى لي الكذب 

لكنني ومصير الشعب يدفعني سأنطق الحق إن شاؤوا وإن غضبوا

وقد دفع حسن الخير ثمن قول الحق بقطع لسانه ثم قتله.. ثم إخفاء كل آثاره الشعرية وعلى رأسها قصيدته التي أودت بحياته. 

ولم يكن ابن الشاعر بدوي الجبل، الإعلامي (منير الأحمد) صاحب البرنامج الإذاعي الشهير في إذاعة دمشق في الثمانينات (مرحبا يا صباح) ووالد وزير الثقافة السابق، محمد الأحمد، الذي باع دم جده وأبيه بنذالة لا مثيل لها، لم يكن بمنأى عن المصير الذي لاقته بعض نخب الطائفة العلوية على يد نظام أسد، حين اعتقل ومات تحت التعذيب في فرع المنطقة بدمشق، لاتهامه بالتواصل مع بعث العراق.. والواقع – كما يؤكد الكاتب السوري - أن وضاعة أصل عائلة أسد، جعلها تحاول الانتقام من كل العائلات العلوية البارزة، فطال آل الخير وآل اسماعيل العديد من الحوادث المشابهة، كان آخرها اختفاء المعارض عبد العزيز الخيّر بعد اختطافه بتاريخ العشرين من أيلول 2012 على حاجز للمخابرات الجوية على طريق مطار دمشق الدولي بعد عودته من رحلة إلى جمهورية الصين ضمن وفد من هيئة التنسيق الوطنية، ناهيك عن شراء ذمم من رمى فروض الطاعة، وإغراقه بالمناصب والرشى وتمكينه من النهب والإثراء غير المشروع، كي لا تبقى عائلة أسد وحدها تحمل وزر هذا الفساد، وتنفرد بممارسته ضمن الطائفة العلوية. 

ماذا يقول العلويون اليوم؟

بعد بدء الثورة السورية في آذار 2011، ظهرت بعض ردود الفعل من أبناء الطائفة العلوية على بلطجة عائلة أسد ليس ابتداءً بالمظاهرات في اللاذقية التي اعقبت مقتل الضابط على يد ابن هلال أسد 2015 وليس انتهاءً بحادثة الخطيب ووسيم أسد، ما يثير التساؤل حول حجم الرعب الذي يشكله اسم "أسد" لأبناء الطائفة على وجه الخصوص؟ وتمسك هؤلاء باستثناء بشار أو ما يصفونه بـ"الرئيس" كصمام أمان وحام لهم من أبناء عائلته الذين ما فتئوا يمارسون البلطجة و"التشبيح" عليهم، دون أن يحكى أن بشار لجم أحدهم (وفقاً لاستمرار الانتهاكات وليس افتراضاً).

يؤكد من قبلوا التحدث لأورينت نت من أبناء الطائفة العلوية، شريطة عدم الكشف عن هويتهم لأسباب أمنية، أن الخوف من اسم "أسد" يرجع لمعرفتهم الحقيقية والمباشرة بحجم إجرام عائلة أسد وشبيحتهم، ومنهم (ب . م) المقيمة خارج الأراضي السورية، والتي تعتقد أن مرد خوف العلويين هذا سببه أنهم في تماس مباشر مع عائلة أسد والمتنفذين باسمهم وشبيحتهم، رغم أن الكثير منهم "شبيحة في قلب شبيحة" (تقصد الموالين من العلويين)، وبالتالي هؤلاء يعلمون جيداً حجم بطش عائلة أسد أكثر من غيرهم، وقد أضاف الإجرام غير المسبوق خلال السنين العشر الماضية بحق المعارضين من هذا الخوف والرعب.

"عائلة الأسد استطاعت إقناع العلويين أن مصيرهم مرتبط بمصيرها وأنهم سيختفون باختفائها" تقول (ب . م)، إلا أنّ ردات الفعل المناهضة لبعض من الطائفة على انتهاكات عائلة أسد، فمرده – ووفقاً لـ(ب . م) - حجم المأساة التي يعيشونها الآن بعد مقتل وجرح الآلاف منهم في الحرب، ضاربة مثال حجم الإذلال التي يتعرض لها أهالي القتلى وغيرهم ممن "يعانون" في صفوف الاحتياط، بينما يحصد "الرؤوس الكبار" ثمار هذه الحرب.

(د . ح) وهو أحد المقيمين في الساحل السوري، يؤكد ما قالته (ب م) بقوله: "العلقة مو سهلة ومنا قد البهدلة"، في إشارة ضمنية إلى عائلة أسد وشبيحتهم، إذا ما تجرأ أحد على معارضتهم أو الإساءة لهم، ويضيف "لأن نحنا إذا صار شي مادياً قاصر وما في مكان نروح.. وين نروح؟".

ورغم ما يقدمه (د . ح) من انتقاد لشبيحة وعائلة أسد الذين يصفهم بـ"الخونة"، إلا أنه يستثني "بشار" من هذه الصفة، لأنه "رب الأسرة بالبيت ما عم يقدر يسيطر على أهل بيتو.. فما بالك بدولة؟" على حد تعبيره.

هذا الاستثناء الذي يظهر جلياً لدى أبناء الطائفة على وسائل الإعلام غالباً، والذي يتحول في جل ردات الفعل المناهضة لعائلة أسد إلى أشبه بـ"مناجاة" أو "محاولة نجاة"، تفسره (ب . م) بـ"لعبة" لعبها نظام أسد منذ بدء الثورة السورية هدفها "تصوير بشار كمخلص لهم"، وأنه منحهم حرية التعبير، وبالتالي التنفيس عن الفقر المدقع والخوف والبطش والقتل الذي يعيشونه، خاتمة: "هذا الخوف الذي لن ينتهي أبداً".

لماذا مازالت الطائفة ملتفة حول عائلة أسد رغم كل ما نالها من أذى؟!

بحسب الكاتب والباحث السوري، محمد منصور، عمل حافظ أسد على تجهيل الطائفة، ومنع سبل التنمية والتطوير في قراها وأريافها الفقيرة، واستسلم قسم كبير من أبناء الطائفة بوحي من نشوة النفوذ ودغدغة "مشاعر المظلومية الطائفية الكاذبة" إلى ما أراده لها حافظ أسد.. فصار المشروع في النهاية يمثل – بنسبة أو بأخرى – رضا الطرفين؛ الأسد الذي أراد الطائفة التي تؤلهه عنوانا لعصبية حكمه، رغم إشراك باقي المكونات شكليا وكومبارسيا.. والطائفة التي تعتبر أن حافظ أسد أسس لها دولة ومكنها من رقاب الآخرين.. طبعا هناك أصوات ترى الأذى العميق الذي أحدثه آل الأسد في جسم الطائفة وحاضرها ومستقبلها، لكن هذه الأصوات معزولة وليس لها شعبية واسعة داخل الطائفة التي تلتف اليوم حول جلادها ومنقذها بفعل الخوف... والخوف الطائفي الذي يملأ نفوس الكثير من أبنائها.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات