مصير إدلب "المجهول" بين التحليلات والواقع الميداني

مصير  إدلب "المجهول" بين التحليلات والواقع الميداني
عادت التساؤلات مجددا حول احتمالية شن الاحتلال الروسي وميليشيا أسد عملية عسكرية واسعة في محافظة إدلب بهدف السيطرة على الطريق الدولي "M4" والوصول إلى أوتستراد باب الهوى الاستراتيجي بالقرب من الحدود التركية، وذلك مقابل إصرار تركي يرفض ذلك السيناريو عبر التعزيزات العسكرية المتواصلة إلى عمق الجبهات الساخنة.

وعزز تلك التساؤلات ماورد في موقع "واشنطن أكزامينر" الأمريكي، والذي تحدث عن احتمالية شن الاحتلال الروسي وميليشيا أسد لعملية عسكرية في إدلب، مستبقين تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدين بشكل رسمي في السلطة الأمريكية الشهر المقبل.

وبحسب الموقع فإن العملية العسكرية تهدف للسيطرة على الطريق الدولي "M4"، ومن ثم التقدم نحو طريق "A 60" الواصل بين مدينة إدلب وأوتوستراد باب الهوى وحتى إلى المعبر الرئيسي والحدودي مع تركيا، وهو ما ترفضه الوقائع الميدانية والسياسية ليكون مجرد تكهنات تحليلية وفق بعض المحللين.

وعزا التقرير الأمريكي أسباب الروس لاختيار هذا التوقيت لنية الرئيس الأمريكي جو بايدن بتوسيع العقوبات على حكومة أسد وعدم السماح بشن عمليات عسكرية جديدة شمال سوريا، إضافة للخلافات الروسية التركية في إقليم قره باغ بمنطقة القوقاز.

واقع ينافي التحليلات

يرى المحلل العسكري العقيد أحمد حمادي، في حديثه لأورينت نت أن "الروس والنظام وداعموهم  يعتمدون على التغيرات التي قد تحصل، وعلى عامل الزمن لتمرير أهدافهم المتمثلة بالسيطرة الميدانية على كامل الجغرافيا السورية والقضاء على آخر معقل للثورة".

ويستبعد حمادي صحة تلك التكهنات والتحليلات الواردة في التقرير الأمريكي، سيما وأن إدلب تضم أكثر من أربعة ملايين لاجئ يشكلون خطرا محليا وإقليميا، الأمر الذي طالما حذرت منه تركيا والدول الأوروبية والمنظمات الدولية بشكل خاص.

وإلى جانب ذلك فإن الدعم التركي للفصائل المقاتلة في إدلب بشكل لافت، ووجود أكثر من 15 ألف مقاتل تركي مدججين بالسلاح، لا يجعل من المنطقة لقمة سائغة أمام الحليفين (روسيا وأسد)، فضلا عن "اعتبار إدلب بالنسبة لتركيا عمقا إستراتيجيا ومرتبطة بالأمن القومي، وهي رافضة للطروحات الروسية التي ترغب بمصالحة على قياس محافظة درعا سابقا"، بحسب حمادي.

وخلال الأسابيع الماضية عزز الجيش التركي نقاطه في منطقة جبل الزاوية جنوب إدلب خلال الأيام والأسابيع الماضية، وذلك عقب سحب نقاطه من مناطق سيطرة ميليشيا أسد بريفي حماة الغربي والشمالي في إطار إعادة التموضع الجديد لتلك القوات، والذي أثار تساؤلات عديدة في ظل أنباء عن خلاف روسي تركي تجاه ملف إدلب، وأعقب ذلك تصعيد روسي غير مسبوق على المنطقة.

وتعتبر منطقة جبل الزاوية الجبهة الساخنة بين الأطراف في منطقة إدلب، والتي تسعى موسكو وأسد للسيطرة عليها كخطوة أولية للوصول إلى الطريق الدولي "M4"، والتي تشهد تصعيدا متواصلا مع ميليشيا أسد عبر استهداف بلداتها وقراها بشكل يومي كان آخره اليوم، وأسفر عن مقتل مدني على الأقل في بلدة البارة.

اتفاقيات بتوقيع المعارضة

ومع زيادة تعقيدات الملف في محافظة إدلب والمخاوف المتكررة حول هجمات روسية، يميل المحلل العسكري والاستراتيجي العقيد خالد المطلق، إلى أن سياسية الروس وميليشيا أسد قائمة على أسس اتفاقات أستانة والتي سيطرت بموجبها على مناطق استراتيجية بريف حماة وإدلب خلال الأعوام الماضية عبر سياسة قضم المناطق بعمليات عسكرية متكررة.

ويؤكد المطلق في حديث لأورينت نت، أن ما يحصل في إدلب "هو تكرار لما حصل في باقي المناطق والهدف النهائي فتح كل الطرق باتجاه باب الهوى وحتى طريق حلب دمشق وطريق (M4) والسيطرة على أريحا وجسر الشغور جنوب وغرب إدلب بهدف حصر (هيئة تحرير الشام) ومخيمات النازحين في شريط حدودي لا يتعدى خمسة كيلو مترات باتجاه نهر الفرات إلى جرابلس"، بحسب قوله.

كما يستبعد المحلل الاستراتيجي أن تكون أي عملية عسكرية روسية في إدلب مرتبطة بوجود بايدن أو ترامب في الرئاسة الأمريكية كونها مرتبطة سابقا باتفاقات (أستانة) بين الأطراف الدولية والمحلية بما فيها المعارضة السورية الموقعة على تلك الاتفاقات، وبرضى أمريكي وعربي، مضيفا  أن "آليات تنفيذ تلك الخطط شبه متطابقة مع خطط السيطرة السابقة على مناطق ريف حماة الشمالي والريف الجنوبي والشمالي لإدلب في الأعوام الماضية".

وسيطرت ميليشيا أسد بدعم الاحتلال الروسي على مناطق ومدن استراتيجية في ريفي حماة الغربي والشمالي وريفي إدلب الجنوبي والشرقي خلال الأعوام الماضية عبر عمليات عسكرية متكررة، ضيّقت من خلالها مساحة سيطرة الفصائل العسكرية والتي اتهمت أيضا بتسليم عشرات القرى والبلدات خلال تلك العمليات.

ويتخوف المجتمع الدولي والمنظمات الدولية من عمليات عسكرية جديدة في إدلب بسبب وجود أربعة ملايين مدني بينهم نازحون، الأمر الذي قد يؤدي لمجازر واسعة في صفوف هؤلاء المدنيين الذي تلاحقهم الآلة العسكرية بإصرار متواصل رغم التحذيرات الدولية والإنسانية.

كما أن تركيا تصر على منع العمليات العسكرية في إدلب بسبب المخاوف من موجات نزوح جديدة تجاه أراضيها من جهة، وبسبب المخاوف الأمنية على حدودها لوجود فصائل تصنفها إرهابية في تلك المناطق من جهة أخرى، ما دفعها لتعزيز قواتها بشكل ملحوظ خلال العامين الحاليين للتصدي لأي عمليات أو هجمات متوقعة.

وتخضع إدلب إلى اتفاق تركي- روسي منذ مارس/ آذار الماضي ينص على وقف إطلاق النار وتسيير دوريات مشتركة على طول الطريق الدولي حلب- اللاذقية إلا أن روسيا وميليشيا أسد تخرقان الاتفاق بشكل متكرر، في ظل أنباء متكررة حول وجود خلاف بين أنقرة وموسكو حول ملف إدلب بشكل خاص والخلاف حول ملفات إقليمية أبرزها إقليم قره باغ بمنطقة القوقاز.

كما أن موسكو تعتبر الوجود التركي في سوريا "مؤقتا" وتطالبها بتسليم جميع الأراضي السورية لميليشيا أسد باعتبار ذلك الوجود "غير شرعي"، الأمر الذي ترفضه أنقرة حتى الوصول إلى اتفاق سياسي وتسوية سلمية للنزاع المتفاقم منذ عام 2011، والتخوفات التركية والدولية مع تصعيد جديد في إدلب آخر معاقل الفصائل والتي تحتوي أكثر من أربعة ملايين مدني بما فيهم النازحون.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات