قاتلا معا في سوريا: الحشد الشيعي ينقلب على "سرايا خراسان" فما هو سر الغضب الإيراني؟

بدأت بوادر الصراع الداخلي ترتسم في صفوف "الحشد الشيعي" في العراق، بعد جملة اعتقالات هي الأولى في صفوفه طالت قياديين بارزين ومقربين من إيران إضافة لعشرات العناصر، ضمن ما يعرف بميليشيا "سرايا خراسان" التي شاركت بالقتال في سوريا سابقا.

وخلال اليومين الماضيين، اعتقلت ميليشيات الحشد الشيعي شخصيات بارزة في "سرايا خراسان" المحسوبة على إيران والمتهمة بارتكاب جرائم تجاه المدنيين في العراق وخاصة قمع المظاهرات، والتي شاركت في القتال إلى جانب ميليشيا أسد في سوريا سابقا، والتي كان آخرها اعتقال أمين الميليشيا علي الياسري برفقة 30 عنصرا، في حملة شنتها ميليشيات "الحشد الشيعي"، للقبض على الياسري الذي كان يحاول الفرار إلى سوريا وفق وسائل إعلام عراقية منها "بغداد اليوم".

كما اعتقلت ميليشيا "الحشد الشيعي" النائب والقيادي السابق في الميليشيا حامد الجزائري وبعض مرافقيه، دون توضيح أسباب الاعتقال، بعد أيام على إعفائه وشخصيات قيادية أخرى من مناصبهم في "سرايا الخراساني" وفق أمر صادر عن رئيس ميليشيا "الحشد الشيعي" فالح فياض.

ويُعرف الجزائري بقربه من قائد ميليشيا "فيلق القدس" السابق قاسم سليماني الذي قتل بغارة أمريكية في العاصمة بغداد مطلع العام الحالي رفقة القيادي في الحشد الشيعي أبو مهدي المهندس، ولمع الجزائري خلال التشييع بعد تصدره المشهد حينها بشكل مقصود.

إجراءات روتينية أم ترتيب صفوف

وتحت ضغط التساؤلات أصدرت ميليشيا "الحشد" بيانا للإيضاح حول عمليات الاعتقال وقالت إن "الإجراء يعتبر روتينيا ويأتي ضمن توجيهات قيادة الحشد الشعبي التي تدعو إلى متابعة ومحاسبة كل من يخالف النظام"، واصفة تلك العمليات بأنها "انضباطية فقط"، وفق تعبيرها.

وعقب ذلك أصدرت "سرايا الخراساني" بيانا تتبرأ فيه من الجزائري، وقالت إن "حامد هادي الجزائري بعد إقالته من منصب آمر اللواء الثامن عشر في الحشد الشيعي قد ظهر بعنوان نائب الأمين العام لسرايا الخراساني، وهنا نؤكد عدم منحه هذه الصفة لا سابقا ولا لاحقا"، متوعدا بتقديم شكوى قضائية ضد أي قناة فضائية تمنحه تلك الصفة.

صحيفة "الشرق الأوسط" نقلت عن مصدر قريب من أوساط ميليشيات الحشد أن تلك الإجراءات الأخيرة تهدف إلى تفكيك الميليشيا (سرايا الخراساني) وإعادة ترتيب الصفوف الداخلية للحشد الشيعي بأوامر إيرانية لا تعرف أهدافها وغايتها.

وقال المصدر إن "القرار صدر بإرادة إيرانية، ورئيس أركان (الحشد) عبد العزيز المحمداوي، ولقبه (أبو فدك)، يشرف بشكل مباشر على عملية التفكيك، لأسباب غير معروفة، أو على الأقل غير معلنة"، مضيفا بحسب الصحيفة، "يبدو أن قرار التفكيك يحظى بمباركة فصائل أخرى في (الحشد) وترحيب الحكومة العراقية؛ نظراً لما ارتبط بهذا الفصيل من سمعة سيئة على الصعيد المحلي".

وبررت ميليشيات "الحشد الشيعي" حملات الاعتقال الأخيرة بأنها تستهدف المخالفين للأنظمة والقوانين"، ومشيرة في الوقت ذاته إلى أنها أغلقت ستة مقرات تابعة لها على الأقل في مناطق الكرادة والجادرية في العاصمة بغداد.

 

جرائم في سوريا والعراق

 و ميليشيا "سرايا خراسان" المعروفة بولائها الإيراني ومشروعها الطائفي، ساهمت في قتل وقمع المئات من المتظاهرين العراقيين خلال الاحتجاجات الشعبية المندلعة منذ أكتوبر عام 2019.

كما شاركت "سرايا خراسان" إلى جانب ميليشيا أسد في سوريا وخاصة في مدينة حلب خلال السنوات الماضية، وهو أمر اعترف به أمين الميليشيا علي الياسري عام 2017، في مقابلة مع قناة "المنار" التابعة لميليشيا "حزب الله" اللبناني بقوله: "كنا في معركة حلب والحاضر والعيس والكثير من المناطق، وكان هناك 1500 مقاتل من السوريين يقاتلون ضمن السرايا داخل الأراضي في سوريا بتنسيق مع الحكومة السورية".

وتأتي تلك التطورات في وقت تتعرض فيه إيران لضغوط وعقوبات دولية مشددة بسبب تدخلاتها العسكرية في المنطقة العربية، وتمثلت تلك الضغوط بعقوبات اقتصادية الأولى من نوعها، إضافة لملاحقات وضربات جوية على ميليشياتها والعقوبات الدولية على الدول المتعاونة مع المشروع الإيراني.

 كما وردت أنباء عديدة عن خلافات في البيت الداخلي الإيراني وراء التغيرات الأخيرة، خاصة مع الحديث عن خلافات كبيرة بين الفصائل الموالية للمرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي وعصائب أهل الحق وكتائب حزب الله العراقية.

وتعتبر ميليشيات "الحشد الشيعي" الأذرع العسكرية الإيرانية المسيطرة على القوات العراقية والأداة الأكبر لتنفيذ مشروع خامنئي في العراق والبلاد المحيطة وخاصة سوريا، وباتت في الآونة الأخيرة تعاني من مناهضة الشعب العراقي لوجودها بعد المظاهرات الشعبية المطالبة بإبعاد القبضة الأمنية وتغيير الطبقة السياسية الحاكمة.