لماذا يدفع الروس ثمن قصف المدارس في سوريا؟

لماذا يدفع الروس ثمن قصف المدارس في سوريا؟
تستعرض الكاتبة بلقيس ويلي في موقع Open Democracy استخدام روسيا أموال دافعي الضرائب الروس لقصف المدارس والمستشفيات في سوريا مع دخول المشاركة الروسية في سوريا عامها السادس، وتناقش حق دافعي الضرائب الروس في التساؤل عن سبب استخدام ضرائبهم لتمويل عمليات القصف هذه.

وترى الكاتبة أنه رغم إحياء الجيش الروسي الذكرى الخامسة لتدخله في النزاع المسلح في سوريا في 30 سبتمبر، فقد كانت عواقب هذا التدخل وخيمة على العديد من المدنيين السوريين، حيث قُتل مئات الآلاف وأجبر ملايين آخرون على الفرار من ديارهم؛ بينما ارتكبت أطراف النزاع انتهاكات جسيمة لقوانين الحرب، اتسم التدخل الروسي بالقصف العشوائي للمدارس والمستشفيات والأسواق التي تعدّ البنية التحتية المدنية الضرورية لبقاء المجتمع. 

يتكبد السوريون خسائر لا تصدّق وهم الذين فقدوا أحباءهم واقتلعت حياتهم بأكملها - غالباً للمرة الثانية أو الثالثة أو الرابعة منذ بدء الحرب، لكن دافعي الضرائب الروس قد لا يدركون أنهم يمولون هذه الانتهاكات.

مع دخول روسيا في سوريا عامها السادس - أي أكثر من نصف طول حرب الاتحاد السوفيتي في أفغانستان - وبينما تعاني البلاد من التداعيات البشرية والاقتصادية لوباء كورونا، يحق لدافعي الضرائب الروس التساؤل عن سبب استخدام ضرائبهم في قصف المدارس والمستشفيات في سوريا.

يتناول تقرير جديد لـ هيومن رايتس ووتش الهجوم الأخير لنظام أسد وحليفته روسيا ضمن عملية عسكرية استمرت 11 شهراً لاستعادة محافظة إدلب، أحد آخر معاقل المعارضة السورية، من أبريل / نيسان 2019 إلى مارس / آذار 2020. استعرض التقرير بالتفصيل 46 هجوماً غير مشروع أسفر عن مقتل مدنيين وإلحاق أضرار بالبنية التحتية المدنية وتدميرها. 

في الوقت الذي دخل فيه وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في إدلب في آذار/ مارس، يجب على الروس أن يضغطوا على حكومتهم للحصول على إجابات قبل استئناف أي قتال.

تضمن التدخل العسكري الروسي في سوريا نشر طائرات هجوم ونقل وطائرات استطلاع بدون طيار وأفراد من القوات المسلحة، بما في ذلك المستشارون العسكريون والمراقبون الجويون المتقدمون للمساعدة في تنسيق وتوجيه الضربات الجوية والقوات الخاصة والشرطة العسكرية. 

ودعمت هذه القوات الروسية ميليشيا أسد بضربات جوية، كما قدمت دعماً جوياً وثيقاً لوحدات النظام خلال العمليات البرية؛ وانضمت لوحدات النظام على الخطوط الأمامية، كما قدمت التدريب والمشورة بشأن التكتيكات والتخطيط.

في حالة واحدة على الأقل، قاد ضابط عسكري روسي مؤقتاً فيلقا كاملاً من ميليشيا نظام أسد، وشمل تنسيق هذا الدعم أعلى مستويات الجيش الروسي ووزارة الدفاع والرئيس فلاديمير بوتين.

في الأشهر الستة الأولى فقط من التدخل الروسي في سوريا، قال الرئيس بوتين إن الحرب كلفت البلاد حوالي 33 مليار روبل، وقدرت دراسة أخرى تكلفة العمليات بين 2.4 و 4 ملايين دولار في اليوم، مع الأخذ في الاعتبار تكاليف الطلعات الجوية والضربات الجوية، والأفراد، وإمداد القواعد الجوية الروسية. 

قال مسؤول حكومي روسي لوسائل الإعلام الروسية في أواخر عام 2015 إن روسيا كانت تنفق في البداية 244 مليون روبل يومياً، لكن المبلغ تضاعف تقريباً إلى 444 مليون روبل يومياً.

ووجد تحليل مفصل في عام 2015 أن كل غارة جوية تكلف ما يصل إلى 5.5 مليون روبل نظراً للعدد الكبير من الطلعات الجوية والغارات الجوية التي نفذتها الطائرات الحربية الروسية، خلص التحليل إلى أن روسيا أنفقت أكثر من مليار روبل أسبوعياً على الضربات الجوية وحدها. 

في الآونة الأخيرة، وجدت دراسة أجراها يابلوكو عام 2018 أن الحرب كلفت روسيا ما يصل إلى 245 مليار روبل من سبتمبر 2015 إلى مارس 2018، وبلغ إجمالي الضربات الجوية والصاروخية وحدها 209 مليارات روبل.

ماذا يموّل هذا المال؟ 

وصفت معلمة من أريحا في إدلب كيف أطلق التحالف العسكري الأسدي الروسي صاروخاً بجوار مدرسة خالد بشير حلبية الابتدائية، حيث تدرس، حوالي الساعة 1 ظهراً في 5 كانون الثاني/ يناير 2020. 

وقالت إنها عندما خرجت مسرعة من المدرسة مع طلابها "كانوا جميعاً يصرخون بدافع الخوف وأنا مثلهم كنت عاجزة، لم يكن هناك شيء يمكنني القيام به من أجلهم، نظرت إليهم ولم يكن هناك شيء يمكنني القيام به سوى تهدئتهم، أخبرتهم ألا يخافوا، أخبرتهم أن يصلّوا، أخبرتهم أن الأمر سينتهي قريباً". 

كانت خائفة بشكل خاص لأن أطفالها كانوا من بين 445 طالباً يذهبون إلى المدرسة، واعتقدت أنهم ربما قتلوا، حطم الانفجار النوافذ وألحق أضراراً بأبواب مدرستها، كما ألحق أيضاً أضراراً بمدرسة ابتدائية أخرى ومدرسة تمهيدية قريبة، فضلاً عن العديد من المنازل المجاورة، قتلت الغارة 13 مدنياً وجرحت 25 آخرين، ولحسن الحظ نجا أطفال المعلمة. وصفت كيف سارع المعلمون لإصلاح الأضرار فور الهجوم إذ سيحتاج الطلاب إلى الجلوس لامتحانات منتصف الفصل بعد خمسة أيام.

ما لم تفهمه هو سبب إطلاق التحالف العسكري الأسدي الروسي صاروخاً على مدرستها نظراً لعدم وجود مقاتلين أو قواعد عسكرية في المنطقة، قال مسؤولون روس ومسؤولو نظام أسد إن هجماتهم في إدلب تستهدف الإرهابيين، لكن مقابلاتنا مع أكثر من 100 ضحية وشاهد، وتحليل العشرات من صور الأقمار الصناعية وأكثر من 550 مقطع فيديو، لم تظهر أي دليل على وجود مقاتلين أو أهداف عسكرية في محيط هذا الهجوم أو أي من الهجمات الـ 45 الأخرى التي وثقناها.

تشير أبحاثنا إلى أن هذه الهجمات المتكررة على البنية التحتية المدنية في المناطق المأهولة بالسكان - حيث لم تكن هناك أهداف عسكرية ظاهرة - كانت متعمدة، وربما كان الهدف هو حرمان المدنيين من وسائل إعالة أنفسهم وإجبارهم على الفرار. 

تخلص الكاتبة إلى أنّه مع وجود أكثر من 20 مليون روسي يعيشون في فقر وكثير منهم يكافحون للحصول على الرعاية الصحية الأساسية والغذاء والتعليم، يجب على المواطنين الروس القلقين أن يتحدثوا ويقولوا كفى، لا ينبغي للروس أن يمولوا قتل المدنيين في سوريا.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات