هجمات بمثابة " إعلان حرب".. تصعيد أمريكي تجاه روسيا وبايدن يتوعد

هجمات بمثابة " إعلان حرب".. تصعيد أمريكي تجاه روسيا وبايدن يتوعد
اتهمت الولايات المتحدة الأمريكية روسيا بالوقوف وراء الهجمات السيبرانية الإلكترونية "الخطيرة" على مواقع حكومية أمريكية، والتي اعتبرتها واشنطن بمثابة "إعلان حرب" على البلاد، فيما تعالت الدعوات الرسمية الغاضبة للرد بشكل حاسم وسريع على الفاعلين، الأمر الذي نفته موسكو بتصريحات متكررة.

وجاء الاتهام على لسان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، أمس الجمعة، بقوله إنه "من الواضح جدا أن روسيا تقف وراء الهجمات الإلكترونية الكبيرة"، موضحا في تصريحات لبرنامج "ذي مارك ليفين شو": "كانت هناك جهود كبيرة لاستخدام جزء من برنامج معلوماتي لطرف ثالث لدس رمز أساسي داخل أنظمة الحكومة الأميركية" مضيفاً "الآن يمكننا أن نقول بشكل واضح جدا أن الروس يقفون وراء ذلك الهجوم".

سبق ذلك إشارة الوزير الأمريكي إلى تورط موسكو بتلك الهجمات، خاصة وأن الحكومة الروسية نفذت محاولات متكررة لاختراق شبكات الحكومة الأمريكية، وفق تعبيره.

وكانت مصادر أمريكية قالت "إن مجموعة تسلل إلكتروني عالية المستوى مدعومة من حكومة أجنبية سرقت معلومات من وزارة الخزانة ومن وكالة مسؤولة عن تحديد سياسة الإنترنت والاتصالات"، بحسب وكالة "رويترز" التي نقلت عن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون أوليوت، قوله "إن حكومة الولايات المتحدة على علم بتلك التقارير ونحن نتخذ كل الخطوات الضرورية لتحديد وعلاج أي مشكلات محتملة مرتبطة بهذا الموقف".

وبحسب مواقع أمريكية فإن القراصنة نجحوا في اختراق الرسائل الإلكترونية الداخلية لوزارة الخزينة ووزارة التجارة الأميركية، وسط احتمالات خطيرة تفيد بوصولهم إلى وزارة الطاقة التي تدير الترسانة النووية الأمريكية.

هجوم واسع

وأعلنت شركة "مايكروسوفت"، أمس، أنها أعلمت أكثر من 40 زبونا تضرروا من خطر البرنامج الذي استعمله القراصنة أثناء الهجوم الأخير، مشيرة إلى أن ذلك البرنامج يتيح لهم الوصول إلى شبكات الضحايا.

وقال رئيس الشركة براد سميث على مدونة الشركة، إن "نحو 80 بالمئة من هؤلاء الزبائن يوجدون في الولايات المتحدة، لكننا تمكنا أيضا في هذه المرحلة من تحديد ضحايا في عدة دول أخرى"، مشيرا إلى الدول المعنية هي المملكة المتحدة وإسرائيل وكندا والمكسيك وبلجيكا وإسبانيا والإمارات.

ولا يقتصر الهجوم كونه تجسسا روتينا، ولكن سميث نوه إلى ذلك يخلق هشاشة تكنولوجية خطيرة في الولايات المتحدة والعالم، ومؤكدا في الوقت ذاته أن عدد ضحايا الهجوم سيواصل الارتفاع في الدول المتضررة، وفق تعبيره.

وتشير التحقيقات الأمريكية إلى أن الهجوم بدأ في شهر آذار الماضي، لكن الحكومة الأمريكية لم تكتشف ذلك إلا مؤخر، ودون تحديد الجهة المسؤولة عن الهجمات بشكل مؤكد.

تهديد خطير بمثابة حرب

وأثار الهجوم الأكبر الذي يستهدف المواقع الحكومية الأمريكية، غضبا واسعا في الأوساط السياسية والحزبية في الولايات المتحدة باعتباره "تهديدا خطيرا" ويوازي حربا عسكرية واسعة على البلاد خاصة وأن الهجوم وصل إلى وزارة الطاقة التي تدير الترسانة النووية، وسط دعوات رسمية للرد بحزم على الفاعلين وتوجيه أصابع الاتهام إلى روسيا.

وقال رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي ماركو روبيو لتلفزيون "فوكس نيوز" أمس، إنه "هجوم كبير وأرجح أنه ما زال متواصلا"، مضيفا أن ذلك يشكل "تهديدا خطيرا على (أجهزة) الدولة الفيدرالية والمجتمعات المحلية والبنى التحتية الحيوية للقطاع الخاص".

كما اعتبر السيناتور ماركو روبيو الهجوم يوازي عملا حربيا باعتباره عملا مقعدا ووممولا بشكل جيد دون اتهام جهة بعينها، لكن التصعيد الأكبر كان على لسان السيناتور الجمهوري ميت رومني باعتباره أن الهجوم مماثل لـ"تحليق طائرات روسية حربية فوق بلدنا بأكمله بشكل متكرر دون أن تُرصد"، مديناً في الوقت نفسه ما وصفه "صمت البيت الأبيض وتقاعسه غير المبررين".

وقال الخبير في مجموعة "دينيم غروب" الأمنية جون ديكسون في تصريحات نقلتها وكالة "فرانس برس"، إن "الهجوم كبير إلى درجة أن الجميع يقيّم الأضرار حاليا"، معتبرا أن ذلك وجه "ضربة قوية إلى الثقة في الدولة والبنى التحتية الحساسة".

وبحسب ديكسون فإن عدة شركات خاصة يحتمل أن تكون عرضة للهجوم الأخير، "تقوم بكل ما في وسعها لتعزيز حمايتها إلى درجة أنها تفكر في إعادة بناء خوادمها الإلكترونية".

كما دعت وكالة الأمن القومي المشرفة على الاستخبارات العسكرية الأميركية إلى "اليقظة" لمنع وصول القراصنة لأنظمة حكومية هامة تابعة للجيش أو الدولة في الولايات المتحدة على وجه الخصوص.

بايدن يتوعد 

بدوره توعد الرئيس المنتخب جو بايدن أن يجعل الرد على الهجمات السيبرانية أولوية مع تسلمه لمنصب الرئاسة بشكل رسمي في 20 من الشهر المقبل، وقال في بيان: "إن الدفاع الجيد لا يكفي، نحن بحاجة لأن نعطل ونوقف أعداءنا عن تنفيذ هجمات إلكترونية ضخمة، وسوف نقوم بذلك عبر فرض تكاليف كبيرة على المسؤولين عن عمليات كهذه، بالتعاون مع حلفائنا وشركائنا".

وأضاف بايدن خلال تصريحاته، "على أعدائنا أن يعلموا أني بصفتي رئيساً لن أقف ساكتاً بوجه الاعتداءات الإلكترونية على بلادنا"، بحسب تعبيره.

روسيا متهمة

وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" ذكرت قبل أيام أن الاستخبارات الروسية تقف وراء القرصنة التي تعرضت لها الأجهزة الحكومية الأمريكية،  فيما سبقتها صحيفة "واشنطن بوست" بالقول إن جواسيس الحكومة الروسية الذين اخترقوا شركة للأمن السيبراني سابقا، يقفون وراء تلك الهجمات التي استهدفت موقع الخزانة الأمريكية ووكالات حكومية أمريكية أخرى.

ولفتت الصحيفة إلى أن المجموعة الروسية المتهمة تعرف باسم " APT29  أو Cozy Bear"، وهي التي اخترقت سابقا وزارة الخارجية والبيت الأبيض خلال إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) يحقق في تلك الهجمات.

وبحسب المصادر الأمريكية فإن الاختراق كان "خطيرا"، ما دفع لعقد اجتماع مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض أمس، خاصة مع تخوفات لدى المخابرات الأمريكية من أن المتسللين "الجواسيس" استهدفوا المواقع الأخيرة (وزارة الخزانة والإدارة الأمريكية للاتصالات والمعلومات) عبر استخدام أداة مشابهة لاختراق وكالات حكومية أخرى.

بدوره قال الخبير في "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" جايمس أندرو لويس إنه "يوجد عدد قليل من الدول التي لديها الخبرة والموارد الكافية لشن هجوم مماثل، وبينها روسيا".

فيما قال السيناتور الأمريكي المستقل أنغوس كينغ الذي إن "غياب الرد غير مناسب، أريد لأحد من الكرملين أن يقول للرئيس الروسي بوتين، إذا فعلت ذلك، فسوف نعاقب بطريقة أو بأخرى، ونحن لا نقوم بذلك حالياً".

ونفت السفارة الروسية في واشنطن، قبل أيام علاقتها بتلك الهجمات وقالت في بيان، "تحاول مرة جديدة، وسائل إعلام أمريكية مختلفة اتهام روسيا بالهجمات السيبرانية على مختلف المواقع الأمريكية وآخرها موقع وزارة الخزانة, وأن هذه المعلومات ليست دقيقة وعارية عن الصحة تماما".

وأضاف البيان الروسي "نعلن أن الهجمات في الفضاء المعلوماتي تتعارض مع مبادئ السياسة الخارجية لبلدنا ومصالحها الوطنية ولمفهوم بناء العلاقات بين الدول"، بحسب زعمه.

وعانت الولايات المتحدة من هجمات إلكترونية خلال الأعوام الماضية ما دفعها لإقامة دفاعات محكمة ضد أي قراصنة محتملين، إضافة لتعزيز قدرات الكشف عن التهديدات المتعلقة بالهجمات الإلكترونية بهدف تأمين تبادل معلومات آمن بين القائمين على مشاريع البنية التحتية الحساسة في وزاراتها.

وتركزت الاتهامات الأمريكية السابقة لإيران وروسيا في أكثر الهجمات السيبرانية التي عانتها مواقعها الحكومية، خاصة مع تزايد تلك الهجمات بسبب اعتماد واشنطن بشكل أساسي على شبكات الإنترنت في أسواق المال بشكل خاص في تسيير أعمالها الإدارية والمالية.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات