تأهب أمريكي غير مسبوق لمواجهة إيران في الخليج.. تعرف إلى الغواصة النووية "جورجيا"

عززت الولايات المتحدة الأمريكية قواتها العسكرية في منطقة الخليج العربي بشكل لافت ومتسارع، خاصة مع استقدامها للغواصة النووية (جورجيا) رفقة حاملتي طائرات، في تأهب عسكري واضح يرسم ملامح عملية عسكرية محتملة ضد إيران بمساندة إسرائيلية، وذلك بالتزامن مع اقتراب الذكرى الأولى لمقتل قاسم سليماني، والتهديدات الإيرانية المتكررة تجاه المصالح الأمريكية والعربية في المنطقة.

وقالت البحرية الأمريكية في بيان أمس الاثنين إن الغواصة الأمريكية النووية (يو.اس.اس) "جورجيا" عبرت مضيق هرمز رفقة الطرادين (بورت رويال) و(فيليبين سي) إلى مياه الخليج العربي، "كقوة مناورة مرنة بطبيعتها، قادرة على دعم العمليات الروتينيّة والطوارئ، يوضح وجود الغواصة جورجيا، التزام الولايات المتحدة بالشركاء الإقليميين والأمن البحري، مع مجموعة كاملة من القدرات للبقاء على استعداد للدفاع ضد أيّ تهديد في أيّ وقت".

والغواصة "جورجيا" قادرة على حمل 154 صاروخا موجها من طراز "توماهوك" إضافة لـ 77 عنصرا من القوات الأمريكية بحسب بيان البحرية، الذي أكد أن تلك الخطوة اللافتة "تؤكد حق الإبحار للأسطول الخامس الأمريكي في أي مكان يسمح به القانون الدولي"، مرفقة صورا تظهر الغواصة "جورجيا" والسفن الحربية المرافقة أثناء عملية العبور.

إرسال الغواصة النووية يأتي بعد أيام على من إعادة واشنطن حاملة الطائرات الأمريكية "يو إس إس نيميتز USS" إلى منطقة الخليج رفقة مجموعة من السفن الحربية والذي تزامن أيضا مع تحليق قاذفتين أمريكيتين من طراز (B -52) قبل أسبوعين فوق مياه الخليج العربي، وعلى بعد نحو 150 كيلومترا من المجال الجوي الإيراني وفق مصادر عسكرية إيرانية، في إطار الاستعداد الأمريكي للتصدي لأي هجمات إيرانية متوقعة بعد جملة من التصعيد في المنطقة.

وفي خطوة موازية أكدت وسائل إعلام إسرائيلية أمس، عبور غواصة عسكرية إسرائيلية قناة السويس إلى البحر الأحمر الأسبوع الماضي، وذلك بالتنسيق مع السلطات المصرية بسبب التوتر بين إسرائيل وإيران ولمنع أي محاولة رد إيرانية، حيث نقلت قناة "كان" عن مسؤولين استخباراتيين قولهم إن "إسرائيل حاولت من خلال هذا الوجود البحري نقل رسالة إلى طهران".

 

وزاد التوتر عقب مقتل العالم الإيراني فخري زادة الشهر الماضي، بعملية اغتيال وسط طهران، وتوعدت إيران برد "حاسم ومزلزل" على قتلة زادة بعد أن وجهت أصابع الاتهام لواشنطن وحليفتها تل أبيب بالوقوف وراء العملية.

وحذرت الإدارة الأمريكية حينها من ردة فعل إيرانية قد تطال جنودها في الشرق الأوسط وخاصة في العراق، وبحسب صحيفة "واشنطن بوست" فإن ترامب أبلغ مستشاريه استعداده إصدار أوامر برد مدمر إذا قتل أي أمريكي بهجمات منسوبة لإيران بالعراق، تزامنا مع نقل حاملة الطائرات "يو إس إس نيميتز" إلى منطقة الخليج مع سفن حربية أخرى.

تنسيق عربي أمريكي

وكان رئيس هيئة الأركان العامة السعودي فياض الرويلي، بحث مع قائد القوات البحرية بالقيادة المركزية الأمريكية سامويل بابارو الأسبوع الماضي في العاصمة الرياض، "التنسيق المشترك بين البلدين خاصة في الشؤون الدفاعية والعسكرية، بما يضمن أمن واستقرار المنطقة"، وذلك على ضوء التصعيد الإيراني المتزايد تجاه المصالح السعودية في مياه الخليج.

وتركز التصعيد من قبل جماعات الحوثي المرتبطة بإيران في اليمن باستهداف ناقلات نفط ومنشآت نفطية ومواقع أخرى داخل الأراضي السعودية، بالتوازي مع التهديدات الإيرانية في الأراضي العراقية والمياه الإقليمية، ما يجعل المصالح الخليجية والأمريكية ضمن خطر تلك التهديدات المتزايدة.

تهديد أمريكي متكرر

رفعت القوات الأمريكية والإسرائيلية تأهبها العسكري خلال الأيام الماضية تحسبا لأي هجمات إيرانية متوقعة على مواقعها العسكرية والدبلوماسية، مع اقتراب الذكرى الأولى لمقتل قائد ميليشيا فليق القدس الإيراني قاسم سليماني بغارة أمريكية في بغداد، وفي الأيام الأخيرة لحكم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتصعيد الذي تعيشه المنطقة العربية بسبب نشاط إيران العسكري.

وتوعد قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط الجنرال فرانك ماكينزي أمس بالرد على أي هجمات إيرانية تطال قواته في المنطقة، وقال في تصريحات صحفية خلال زيارة مفاجئة للعراق وسوريا، "نحن مستعدون للدفاع عن أنفسنا وأصدقائنا وحلفائنا في المنطقة، والرد على الهجمات المتوقعة إن اقتضى الأمر"، مضيفا "أرى أننا في وضع جيد جدا وأننا سنكون مستعدين مهما قرر الإيرانيون وحلفاؤهم أن يفعلوا".

وتزامنت التصريحات مع استهداف السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء بالعاصمة العراقية بغداد بالصورايخ من ميليشيات إيرانية أول أمس وأسفرت عن أضرار مادية، ليكون الهجوم الثالث على مبان عسكرية ودبلوماسية أمريكية في العراق منذ توقيع (هدنة) مع الميليشيات العراقية الموالية لإيران في تشرين الأول الماضي.

تلك التطورات تأتي في سياق ضغوط أمريكية وإسرائيلية تجاه إيران وميليشياتها المتوزعة في دول عربية وخاصة سوريا والعراق، وذلك بسبب نشاطها النووي والصاروخي والتدخلات العسكرية في المنطقة العربية والتي تثير المخاوف الإسرائيلية، وخاصة مع توقعات أمريكية بشن إدارة الرئيس دونالد ترامب عملية عسكرية موسعة ضد إيران في الأيام الأخيرة لولايته الرئاسية.

ما هي ميزات الغواصة "يو إس إس" (جورجيا)

تتميز الغواصة "جورجيا" (يو أس أس) بقدرتها على حمل صواريخ من طراز كروز موجهة بسعة 154 صاروخ في وقت واحد والتي تعمل بالطاقة النووية، وهي الآلة الحربية القوية القادرة على التسلل والهجوم وتغيير مسارها بشكل سريع وسلسل، 

وبحسب الموقع الرسمي للغوصات الأمريكية فإن تلك الغواصة التي تحمل اسم "SSBN 729" تعتبر الرابعة من فئة (أوهايو) والثالثة التي تحمل اسم ولاية جورجيا، والتي دشنها الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر في عام 1982، وفي مطلع عام 1985 أجرت تلك الغواصة أول مهمة لها حين استخدمت ضمن دوريات الردع، لتعود بعدها إلى مكان تمركزها في مدينة بانغور بولاية واشنطن.

كما تمتاز بقدارت اتصالات عالية جدا، وأجرت عملية إطلاق صورايخ بالستية من فئة أوهايو في عام 1985 في إطار الاختبارات التشغيلية حينها، إلى جانب قيامها بأكثر من 56 جولة ردع استراتيجية روتينية في مياه المحيط الهادئ أيضا.

تعرضت الغواصة "جورجيا" لبعض التحسينات والتعديلات في عام 2004، بعد إجرائها تدريبات "سايلنت هامر" البحرية، وأثبتت في ذلك الوقت قدرتها على المناورة والتخفي بشكل جيد، وأصبحت الغواصة ضمن فئة " SSGN" في عام 2005 بعد إجراء أعمال صيانة في ميناء نورفولك بمدينة فيرجينا، لتصبح بذلك  غواصة حاملة لصورايخ من طراز كروز موجهة بسعة 150 صاروخا تعمل بالطاقة النووية، بدلا من حملها لصواريخ بالستية بسعة 24 صاروخا.

انتقلت في نهاية عام 2007 إلى القاعدة البحرية في ولاية جورجيا الأمريكية بعد انتهاء أعمال التعديل عليها في ذلك الوقت، حيث أصبحت تضم أنظمة إطلاق عمودية بقاعدة سعة 24 أنبوبا للصواريخ، إلى جانب قدرتها على قطع مسافة 1200 كيلومتر في اليوم الواحد فضلا عن امتلاكها أجهزة استشعار متطورة تساعدها على التخفي وعلى جمع البيانات أثناء عملية الغوض، وقد بلغت تكلفة التعديلات وقتها بنحو 400 مليون دولار.

nE5LBWdlXtg